وسط ترقب الدوري السعودي.. ميلان يضع بن ناصر على لائحة البيع    حنكة دبلوماسية..دور حكيم ثابت وقناعة راسخة للجزائر    أكنّ للجزائر وتاريخها العريق تقديرا خاصا..وكل الاحترام لجاليتها    مهرجان عنابة..عودة الفن السابع إلى مدينة الأدب والفنون    إبراز البعد الفني والتاريخي والوطني للشيخ عبد الكريم دالي    التراث الثقافي الجزائري واجهة الأمة ومستقبلها    مطالبات بتحقيقات مستقلّة في المقابر الجماعية بغزّة    تقرير دولي أسود ضد الاحتلال المغربي للصّحراء الغربية    استقالة متحدّثة باسم الخارجية الأمريكية من منصبها    تكوين 50 أستاذا وطالب دكتوراه في التّعليم المُتكامل    ثقافة مجتمعية أساسها احترام متبادل وتنافسية شريفة    العاصمة.. ديناميكية كبيرة في ترقية الفضاءات الرياضية    حريصون على تعزيز فرص الشباب وإبراز مواهبهم    وكالة الأمن الصحي..ثمرة اهتمام الرّئيس بصحّة المواطن    تحضيرات مُكثفة لإنجاح موسم الحصاد..عام خير    تسهيلات بالجملة للمستثمرين في النسيج والملابس الجاهزة    المسيلة..تسهيلات ومرافقة تامّة للفلاّحين    استفادة جميع ولايات الوطن من هياكل صحية جديدة    قال بفضل أدائها في مجال الإبداع وإنشاء المؤسسات،كمال بداري: جامعة بجاية أنشأت 200 مشروع اقتصادي وحققت 20 براءة اختراع    الشباب يبلغ نهائي الكأس    بونجاح يتوّج وبراهيمي وبن يطو يتألقان    خلافان يؤخّران إعلان انتقال مبابي    بعد إتمام إنجاز المركز الوطني الجزائري للخدمات الرقمية: سيساهم في تعزيز السيادة الرقمية وتحقيق الاستقلال التكنولوجي    سوناطراك تتعاون مع أوكيو    الأقصى في مرمى التدنيس    حكومة الاحتلال فوق القانون الدولي    غزّة ستعلّم جيلا جديدا    جراء الاحتلال الصهيوني المتواصل على قطاع غزة: ارتفاع عدد ضحايا العدوان إلى 34 ألفا و356 شهيدا    الأمير عبد القادر موضوع ملتقى وطني    باحثون يؤكدون ضرورة الإسراع في تسجيل التراث اللامادي الجزائري    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    بن طالب: تيسمسيلت أصبحت ولاية نموذجية    هذا آخر أجل لاستصدار تأشيرات الحج    المدرب أرني سلوت مرشح بقوّة لخلافة كلوب    جامعة "عباس لغرور" بخنشلة: ملتقى وطني للمخطوطات في طبعته "الثالثة"    "العميد" يواجه بارادو وعينه على الاقتراب من اللّقب    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    أمن دائرة عين الطويلة توقيف شخص متورط القذف عبر الفايسبوك    سيدي بلعباس : المصلحة الولائية للأمن العمومي إحصاء 1515 مخالفة مرورية خلال مارس    أحزاب نفتقدها حتى خارج السرب..!؟    مشروع "بلدنا" لإنتاج الحليب المجفف: المرحلة الأولى للإنتاج ستبدأ خلال 2026    بطولة العالم للكامبو: الجزائر تحرز أربع ميداليات منها ذهبيتان في اليوم الأول    حوالي 42 ألف مسجل للحصول على بطاقة المقاول الذاتي    هلاك 44 شخصا وإصابة 197 آخرين بجروح    حج 2024 :استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    الجزائر العاصمة.. انفجار للغاز بمسكن بحي المالحة يخلف 22 جريحا    من 15 ماي إلى 31 ديسمبر المقبل : الإعلان عن رزنامة المعارض الوطنية للكتاب    المهرجان الوطني "سيرتا شو" تكريما للفنان عنتر هلال    شهداء وجرحى مع استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة لليوم ال 202 على التوالي    إستفادة جميع ولايات الوطن من خمسة هياكل صحية على الأقل منذ سنة 2021    السيد بوغالي يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    حج 2024: آخر أجل لاستصدار التأشيرات سيكون في 29 أبريل الجاري    رئيس الجمهورية يترأس مراسم تقديم أوراق اعتماد أربعة سفراء جدد    خلال اليوم الثاني من زيارته للناحية العسكرية الثالثة: الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي    شلغوم العيد بميلة: حجز 635 كلغ من اللحوم الفاسدة وتوقيف 7 أشخاص    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أجنحةٌ لتمثالِ السيّاب
نشر في النصر يوم 25 - 03 - 2013


شعر: عبد القادر رابحي
- 1 -
وَ كَأَنَّنَا كُنَّا عَلَى ثِقَةٍ.. نَرَى فِي الحُلْمِ عُشَّاقًا تَلُوكُ الأَرْضُ أَجَسَامًا لَهُمْ.. وَ تَجُوعُ..هَلْ كَانَتْ سُقُوفُ الرِّيحِ نَيِّئَةَ الخِصَالِ..وَ آخَرِينَ يُعَلِّقُونَ الجُرْحَ فِي المِرْآةِ.. يَسْتَوْفُونَ عُمْرًا كَامِلاً مِنْ أَجْلِ تَحْرِيرِ القَصِيدَةِ مِنْ مَغَبَّةِ مَا يُوِزِّعُهُ الجنُودُ الوَافِدُونَ عَلَى ضَحَايَا نَكْسَةٍ أُخْرَى.. تَجَاسَرَ طَائِرٌ رَخْوٌ.. وَ غَادَرَ سَرْبَ أَجْنِحَةِ الظَلاَمِ.. تَكَوَّنَتْ فِي رَحْمِ مِرْآةِ التَّجَمْهُرِ حِكْمَةٌ تَحْمِي قَطَا الأرْحَامِ مِنْ بَارُودَةِ الثَّوَراتِ..نَامَ الشِّعْرُ فِي لَيْلِ القَطَا.. و تَرَادَفَتْ خَيْمَاتُ بَعْضِ الأَثْرِيَاءِ عَلَى ضِفَافِ الحَرْفِ.. كُنَّا صَامِدِينَ.. وَ جَاءَنَا السَّهْمُ القَتِيلُ مِنَ الرِّقَابِ..كَأَنَّمَا كُنَّا عَلَى ثِقَةٍ تُرَابِطُ قُرْبَ أُغْنِيَةٍ تُحِيلُ إِلَى ذَوِي القُرْبَى مِنَ الأَجْسَادِ وَ الخَيْلِ المُسَوَّمةِ الحَزِينَةِ وَ البَنِينِ.. وَ فَرَّ غَيْمُ الفَيْضِ مِنْ أَعْمَاقِنَا..وَ بَكَتْ سُقُوفُ الرِّيحِ بِالأَشْجَارِ.. تَابَ النَّهْرُ عَمَّا كَانَ يَحْفِرُ مِنْ صَدًى..لاَ مَاءَ فِي بِئْرِ الفُتُوَّةِ..لاَ سَوَاعِدَ فِي جِرَاحِ السَّيْرِ.. قَافِلَةٌ وَ مَمْشَى.. وَ اسْتِكَانَةُ وَرْدَتَيْنِ عَلَى ضَرِيحٍ تَحْمِلُ الرَّايَاتُ فِي أَعْلَى مَسَاكِنِهِ الوَدِيعَةِ سِرَّ نَصٍّ لَمْ يَفِقْ مِنْ صَدْمَةِ القَصْفِ المُكَثَّفِ لَيْلَةَ الغَزْوِ التِي كَانَتْ بِهَا بَغْدَادُ أَقْرَبَ لِلسُّقُوطِ الحُرِّ مِنْ مَرْمَى حَدَاثَةِ جَمْرَةٍ تَلْهُو بِأَشْكَالِ القَصِيدَةِ كُلَّمَا غَنَّى لَهَا الشُّعَرَاءُ..تُهْنَا فِي صَحَارَى هَذِهِ المُدُنِ الشَّبِيهَةِ بِالصَّدَى..وَ كَأِنَّمَا كُنَّا عَلَى أَنْقَاضِ قَافِيةٍ تُذَكِّرُنَا بِمَا آلَتْ إِلَيْهِ سُقُوفُ أَوْدِيَةٍ تُطِلُ مِنَ البَهَاءِ عَلَى تَوَتُّرِنَا الجَمِيلِ ...
- 2 -
لَهُ الحَقُّ فِي أَنْ يُغَادِرَ ..
أَنْ يَخْتَفِي فِي الجُمُوعِ الحَزِينَةِ
أَوْ أَنْ يَمُرَّ مُرُورًا سَرِيعًا
عَلَى مَا تَبَقَّى مِنَ الحُلْمٍ فِي لَحْظَةٍ..
أَوْ يَنَامْ..
لَهُ الحَقُّ أَلاَّ يَرَى فِي المَطَارَاتِ وَكْرًا فَسِيحًا لَهُ
سَيُعَوِّضُهُ عَنْ حَنَانِ السَّمَاءِ
وَ عَمَّا تَسَاقَطَ فِي النَّهْرِ مِنْ أَنْجُمٍ تَتَمَايَلُ بَيْنَ الرُّصَافَةِ وَ الجِسْرِ..
عَمَّا تَخَثَّرَ فِي قَرْيَةٍ لاَ تُحِبُّ النِّظَامْ..
لَهُ الحَقُّ أَنْ يَرْتَدِي مِعْطَفًا بَارِدَ الوجْهِ
أَنْ يَخْتَفِي خَلْفَ نَظَّارَةِ الشَّمْسِ فِي قَيْظِ هَذَا الزِّحَامْ..
- 3 -
وَ كَأَنَّنَا كُنَّا عَلَىَ ثِقَةٍ بِأَنَّ الأَرْضَ تَحْضَنُ هَذِهِ المُدُنَ الحَزِينَةَ ذَاتَ يَوْمٍ.. مِثْلَمَا تَنْسَاقُ فِي الشَّجَرِ الثِّمَارُ.. وَ يَسْتَرِيحُ الفَصْلُ مِنْ أَعْبَاءِ دَهْشَتِهِ..حُفَاةً.. لَمْ يَكُنْ فِي الأَرْضِ مَنْأًى لِلْغَرِيبِ ..وَ لاَ مَزَارٌ نَابِتٌ فِي جُبَّةِ الأَلْقَابِ.. يَحْثُو مِنْ تَرَاتُبِ صَمْتِهِ عَشَاقُ هَذَا العَصْرِ.. مَنْ تَرَكُوا صَدَى أَحْزَانِهِمْ يَوْمًا عَلَى أَسْمَالِ طِينٍ لَمْ يَبُحْ.. وَ حُرُوفِ أَلْوَاحٍ..وَ أَتْرِبَةٍ يُطَرِّزُهَا البَهَاءُ.. وَ عَلَّقُوا شُرُفَاتِ أَقْمَارٍ عَلَى عَتَبَاتِ هَذَا النَّصِّ حُزْنًا طَازجًا..وَ شُقُوقَ خَامِسَةٍ عَلَى شَجَرِ اليَقِينِ ..
-4-
يَشْرَبُ سَعْدي يُوسُفُ قَهْوَتَهُ المَوبُوءَةَ فِي رَدَهَاتِ السَّاحَةِ فِي بِيجِينَ ..
- قُبَالَةَ قَصْرِ المَلِكِ المَقْلُوبِ عَلَيْهِ..-
(تَيَانْ نَانْ مَنْ).. آخِرُ بُؤْرَةِ حُزْنٍ تَحْضُنُ غُرْبَتَهُ
وَ كَعَادَتِهِ سَيُحَاوِلُ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَنْ كُلِّ الشُّعَرَاءِ..
وَ يَكْتُبَ نَصًّا أَحْدَثَ مِنْ ذِي قَبْل..
وَ أَجْمَلَ مِمَّا دَبَّجَهُ فِي لُنْدُنَ قَبْلَ سُقُوطِ البَعْثِ المَيِّتِ فِي بَغْدَادَ..
يُحَاوِلُ أَنْ يَتَحَلَّى فِيهِ بِمِقْدَارٍ مِنْ حِكْمَةِ مَنْ هُزِمُوا فِي الحَرْبِ..
يُحَاوِلُ أَنْ يَتَخَطَّى فِيهِ حُدُودَ الذَّاتِ المَأْسُورَةِ بَيْنَ المِطْرَقَةِ المَصْلُوبَةِ وَ المِنْجَلْ..
سَعْدِي يُوسُفُ – مُنْذُ قُرَابَةِ قَرْنٍ-
حُرٌّ فِيمَا يَكْتُبُ..
حُرٌّ فِيمَا يَفْعَلْ..
- 5 -
وَطَنٌ لِكُلِّ حَقِيبَةٍ..وَ قِطَارُ حُزْنٍ يَحْتَمِي بِدُمُوعِ أَرْمَلَةٍ تُرَابِطُ فِي الصَّدَى.. وَ رَحِيلُ أَشْجَانٍ مِنَ البِئْرِ العَتِيقَةِ.. وَ اسْتِفَاقَةُ غَفْلَةٍ تُدْلِي بِمَأْتَمِهَا المُسَجَّى فِي ِتُرَابِ الرِّيحِ.. أَرْضٌ تَنْحَنِي..وَ ِبُذُورُ تُفَّاحٍ لِكُلِّ العَائِدِينَ إِلَى الفُرَاتِ عَلَى جَنَاحَيْ طَائِرٍ أَعْمَى.. وَ حَلْوَى لِلْمَرَارَةِ فِي سَلاَلِمِ نَجْمَةِ التَّتْوِيجِ..قَدْ تَلْهُو الفَرَاشَةُ بِالرَّغِيفِ.. وَ قَدْ يَمُوتُ العَاشِقُ الوَهْمِيُّ قَبْلَ وُصُولِهِ سِرًّا إِلَى مِينَاءِ جُرْحٍ نَازِفٍ.. لاَ وَقْتَ فِيمَا خَبَّأَتْهُ الوَجْنَتَانِ.. وَ لاَ ضَمَائِرَ فِي مُتُونِ الجُمْلَةِ الخَرْسَاءِ.. قَدْ نَصْطَادُ مِنْ كَعْبِ الغَزَالِ دَمًا يُلَطِّفُ مِنْ حَرَارَةِ حَرْفِنَا الذَّاوِي.. وَ عِرْضًا لاَ تُدَنِّسُهُ الكِتَابَاتُ التِي تَنْجَرُّ خَلْفَ تَوَاتُرٍ أَعْمَى وَ أَضَغَاثٍ تُطَرِّزُهَا الحَدَاثَةُ بِاشْتِعَالٍ غَامِضٍ..وَ لَهِيبِ أَسْعَارٍ يَعُودُ عَلَى المُؤَوِّلِ بِالرَّمَادِ..لَعَلَّ فِينِيقَ التَّحَوُّلِ يَسْتَعِيدُ غُرُورَهُ.. وَ يُعِيدُ عُشَّاقًا تَلُوكُ الأَرْضُ أَجَسَامًا لَهُمْ..مِنْ ذَرَّةِ المَعْنَى إِلَى جَنَّاتِ رَمْلٍ تَسْتَحِي حَبَّاتُهُ مِمَّا يُطَرِّزُهُ الشُّعَاعُ مِنَ احْمِرَارٍ خَارِقٍ وَ بَنَفْسَجٍ ذَاوٍ عَلَى جَسَدٍ يَمُوتُ مِنَ الصَّهِيلْ..
- 6 -
لاَ شِعْرَ فِي نَخْلِ الفُرَاتِ ..وَ لاَ قَصَائِدَ فِي جِرَاحِ العَابِرِينَ مَعَ الحُدُودِ.. وَ قَدْ يَكُونُ النَّصُّ نَظْمًا يَائِسًا فِي مَرْبَدِ المَعْنَى..وَ لاَ يَقْتَاتُ مِنْ ثَدْيِ الخَيَالِ..فَكَيْفَ يُمْكِنُ لِلَّذِي يَمْشِي عَلَى سِجْنٍ جَمِيلٍ أَنْ يُغَنِّي..كَيْفَ يُمْكِنُ لِلْجَرِيحِ المُصْطَلِي بِلَهِيبِ نَارٍ أَنْ يَرَى أَرْضًا تَضِيعُ وَ لاَ يَثُورْ..
- 7 -
يَتسَكَّعُ السَّيَّابُ فَوْقَ جَمَاجِمِ المَوْتَى..وَ يَقْطَعُ بَحْرَ مَنْ قَتَلُوا غََضَاضَةَ حُلْمِهِ مَشْيًا عَلَى أَنْغَامِ مُوسِيقَى عَسَاكِرِ هِذِهِ الأَيَّامِ فِي أَرْضِ الخَلِيجِ.. يَصِيحُ مُفْتُونًا بِمَا لَمْ تَسْتَسِغْهُ قَصَائِدُ الشِّعْرِ الرَّكِيكَةُ..يَسْتَعِيرُ العِبْرَةَ الخَرْسَاءَ مِنْ تِمْثَالِهِ فِي سَاحَةِ السَّيَابِ..أَيْنَ السُّلُّ فِي صَدْرِ المَرِيضِ الشَّهْمِ.. أَيْنَ الجُوْعُ فِي غَيْمِ العِرَاقِ..وَ أَيْنَ هَذَا الحُبُّ فِيمَا لَمْ تَقُلْهُ المُومِسُ العَمْيَاءُ فِي جِيكُور للِطَّيْرِ الكَسِيحِ.. وَ أَيْنَ حَفَّارُ القُبُورْ...
- 8 -
كُنْ وَفِيًّا
يَا عَظْمَ شَاقٍ
لِبَاقٍ
وَ تَمَتَّعْ.. يَا أَيُّهَا المُسْتَرِيحُ
يَهْجَعُ الجُرْحُ فِي سُبَاتِ النَّوَايَا
وَ تُغَنِّيِ فِي جَانِبَيْهِ القُرُوحُ..
- 9 -
وَ كَأَنَّنَا نِمْنَا عَلَى خَزَفِ السُّؤَالِ.. وَ لَمْ تَذُقْ أَسْمَالُنَا شَيْئًا مِنَ اللُّغَةِ البَرِيئَةِ.. كُلُّنَا جِئْنَا مِنَ الصَّحْرَاءِ..أَجْلاَفًا..دَخَلْنَا فِي تَوابِيتِ الحَدَاثِةِ..دُونَ وَعْيٍ..لَمْ يَنَمْ مِنَّا مَثَارُ النَّقْعِ ..لَمْ تَرْسُخْ عَلَى أَجْفَانِ سَيِّدَةِ الرَّحِيلِ خُيُولُنَا..وَ كَأنَّنَا كُنَّا عَلَى ثِقَةٍ بِأَنَّ الأَرْضَ تَغْفِرُ لِلَّذِينَ تَرَاكَمُوا فِي هَامِشِ المَعْنَى..وَ صِرْنَا جُثَّةً تَحْنُو عَلَى طَيْرِ المَسَاءِ.. هُنَا مَقَاسٌ ضيِّقُ الكَتِفَينِ.. مُنْحَازٌ لِطُولٍ ضَامِرٍ..وَ هُنَاكَ عَرْضٌ شَاسِعٌ يَحْتَاطُ مِنْ جِيرَانِهِ فِي لَحْظَةِ الإِصْغَاءِ ..بَعْضُ غَرَابَةٍ فِي الخَطْوِ.. مَنْأَى خِفَّةٍ فِي رُكْبَةِ القَدَمَيْنِ..ثِقْلٌ فِي البُطُونِ.. وَ لَمْ يَعُدْ فِينَا دَمٌ شَهْمٌ.. وَ شَيْءٌ مِنْ بَقَايَا نَخْوَةٍ تَحْمِي هَشَاشَةَ حُلْمِنَا الذَّاوِي..وَ هَا..صِرْنَا قَلِيلاً مَا تَثُورُ عَلَى رَدَاءَةِ هَذِهِ الأَوْضَاعِ.. لَمْ نَجْرَحْ فَمًا.. لَمْ نَكْتَنِزْ مِنْ رِيحِ هَذَا العَصْرِ.. لَمْ نَعْتَبْ عَلَى أَحَدٍ.. وَ لَمْ نَهْضمْ خُرُوجًا كَالذِي ذُقْنَاهُ مِنْ فَصْلٍ شَبِيهٍ بِالمُغَامَرَةِ اليَتِيمَةِ فِي قَصِيدٍ دَامِسِ الرِّئَتَينْ...
-10-
تَدُورُ بِنَا فِي الرِّيحِ دَوْمًا كَأَنَّنَا
كُؤُوسٌ تَجُوبُ المَاءَ
وَ المَاءُ رَاكِدُ..
أَثَلْجٌ لِهَذَا الصَّيْفِ .. نَاءٍ بِحَرِّهِ..
أَحُبٌّ لِهَذَا القَلْبِ
وَ القَلْبُ فَاسِدُ
-11-
دُخْنَا كَثِيرًا فِي صَرِيرِ القَيْظِ.. وَ انَْهَارَتْ مَلاَمِحُ حَرْفِنَا الذَّاوِي.. وَ لَمْ يَرْأَفْ بِنَا مَاءُ القَصِيدِ المُرِّ.. لَمْ يَحْفَلْ بِنَا بَيْتٌ مِنَ الوَقْتِ الحَزِينِ.. كَأَنَّنَا كُنَّا عَلَى ثِقَةٍ بِأَنَّ الأَرْضَ تَغْفِرُ لِلَّذِين تَزَاحَمُوا فِي هَامِشِ المَعْنَى.. ذِرَاعٌ تَسْتَحِي مِنْ سُلْطَةِ التَّهْرِيجِ.. نِصْفُ حَشِيشَةٍ تَحْمِي مَعِيشَتَهَا بِمَا لَمْ تَرْوِهِ الأَضْدَادُ عَنْ جُرْحِ المُتُونِ..كَأنَّنَا لَمْ نَأْلَفِ البَلْوَى.. وَ لَمْ نَحْفَرْ صَدَى بَارُودَةٍ فِي جَذْوَةِ الأَنْسَاقِ.. هَلْ كُنَّا دَمًا مُرًّا لِنَحْزَنَ ..هَلْ تَغَاضَتْ عَنْ تَبَاطُئِنَا الحُرُوفُ لِنَسْتَغيثَ..كَأنَّمَا شَجَرٌ يَبُوحُ..كَأَنَّمَا أَجْوَافُ أَعْشَاشٍ تُغَادرُ..مِثْلَمَا كُنَّا..سَنَبْقَى..فِي مِمَرٍّ ضَيِّق الفَحْوَى.. وَ نَحْثُلُ فِي طَوَابِيرٍ مِنَ النَّقْعِ المُخَضَّبِ بالرَّجَاءْ..
-12-
أَبَيَاضُ مِتْرٍ وَاحِدٍ يَكْفِي لِتَرْسِيخِ الشَّمَاتَةِ فِي العَزَاءِ..أَصُرَّةٌ أُخْرَى مِنَ القَمْلِ الشَّرِيدِ.. أَغُربُةٌ.. أَصيَاحُ دِيكٍ غَامِرٍ.. أَخُرُوجُ حَبٍّ فِي وُجُوهِ العَائِدِينَ مِنَ الرَّدَى..أَعِتَابُ أُغْنِيَةٍ تَمُوتُ مَعَ القَتِيلْ..
-13-
يَعِيشُ مُظَفَّرُ النَّوَّابُ مُنْذُ نُعُومَةِ الحَرْفِ المرَابِطِ فِي تَلَكُّئِهِ عَلَى حُزْنٍ دَفِينٍ سَابِحٍ فِي حُمْرَةِ المَعْنَى..كَأَنَ الأَرْضَ لَمْ تَفْهَمْ تَحَجُّرَهُ الفَظِيعَ عَلَى مَرَافِئِ قِمَّةٍ نَامَتْ وَ لَمْ تُصْدِرْ بَيَانًا وَاحِدًا يَأْوِي إِلَيْهِ الشَّاعِرُ المَعْدُومُ فِي تَأْثْيثِ نَكْسَةِ حُزْنِهِ القَانِي وَ حُرْقَةِ صَمْتِهِ المُحْتَلِّ مُنْذُ هُرُوبِهِ لَيلاً مِنَ السِّجْنِ/المَدَى..وَ خُرُوجِهِ مُتَسَتِّرًا بِسَوَادِ مَنْ فَتَحُوا لَهُ جِسْرًا إِلَى سَعَةِ الكَلاَمِ..وَ بَعْدَ ذَلِكَ.. هَلْ يَحِقُّ لِغَيْرِهِ تَبْرِيرُ كَيْفَ يُغَادِرُ الشُّعَراءُ مِنْ مُتَرَدِّمِ النَّصِّ المُكَبَّلِ بِالهِجَاءْ..
-14-
وَ كَأَنَّنَا حِكْرٌ عَلَى جِهَةِ السُّؤَالِ..سَنَحْتَفِي بِعُبُورِ أَنْسَاقٍ عَلَى نَافُورَةِ المَعْنَى.. وَ نَصٍّ مِنْ فُتَاتِ الآخَرِينَ..كَأَنَّنَا كُنَّا عَلَى ثِقَةٍ بَأَنَّ النَّهْرَ أَطْوَلُ مِنْ بقَايَا غَيْمَةٍ عُلْيَا.. وَ كَأْسٍ مِنْ طَوَاسِينِ البَهَاءِ ..كَأَنَّنَا لَمْ نَقْتَرِفْ يَومًا أَسَاوِرَ مِنْ هُيَامِ العَاشِقِينَ.. وَ لَمْ نَذُبْ فِي جَذْوَةِ الصَّمْتِ المُخَضَّبِ بِالمَرَايَا ..كُلَّمَا مَرَّتْ بَشَائِرُ قَطْفِهِ الدَّانِي َتَثَاءَبَ فِي قَصَائِدِنَا الثَّوَاءُ.. وَ لَيْسَ فِينَا مَنْ يَبِيعُ السَّهْمَ بِالأَنْوَاءِ.. نَبْكِي تَارَةً سِرًّا.. وَ أُخْرَى نَهْتَدِي بِكُؤُوسِ لَيْلٍ دَامِسِ العَتَبَاتِ فِي أُرْجُوزَةٍ ثَكْْلَى.. هُنَا مَنْفَى صُخُورٍ رَخْوَةٍ.. وَ هُنَاكَ.. فِي أُفُقٍ حَزِينٍ ..جَذْوَةٌ لِخُطَى غُبَارٍ مَلَّ مِنْ تَجْرِيبِ غَرْبٍ مَاتَ هَذَا الجِيلُ فِي أحْضَانِهِِ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.