عادت القضية الصحراوية خلال الشهرين الأخيرين من السنة المنقضية الى الصعود بقوة الى واجهة الأحداث مكتسبة تضامنا وتعاطفا دوليا كبيرين في أعقاب المجزرة التي ارتكبتها القوات المغربية فجر الثامن من نوفمبر الماضي ضد النازحين الصحراويين الذين كانوا معتصمين بمخيم " أكديم أزيك" على بضعة كيلومرات من مدينة العيونالمحتلة احتجاجا على أوضاعهم الاجتماعية المزرية في ظل الإحتلال. المجزرة التي خلفت بحسب مسؤولي البوليزاريو عشرات القتلى بين المدنيين الصحراويين العزل وأكثر من أربعة آلاف جريح وألفي مفقود نفذت في عملية عسكرية استعملت فيها المروحيات التي كانت تلقي بالقنابل المسيلة للدموع بينما كانت قوات المشأة والدرك الملكي بقيادة ضباط سامين تقوم بحرق جميع الخيم ولاتتردد في اطلاق النار بالذخيرة الحية على الصحراويين الذين أبدوا مقاومة لهذا الهجوم.وفي اليوم الموالي شرعت الجرافات في طمر جثث الضحايا لإخفاء آثار المذبحة.وبهدف حجب الحقائق والتعتيم على حقيقة ما جرى خلال هذه المجزرة قامت السلطات المغربية بأمر من المخزن بمحاصرة مدينة العيون ومنع الصحافيين الدوليين والنشطاء الحقوقيين من التنقل الى المدينة المنكوبة التي ظلت لأيام مسرحا لعمليات قمع واعتقالات واسعة واعتداءات على منازل الصحراويين شاركت فيها ميليشيات من المدنيين المغربيين قامت بالإعتداء حتى على أطفال المدارس بمدن العيونالسمارة والدخلة وفي تلك الأثناء توالت إدانات المجموعة الدولية وطالبت العديد من الهيئات على غرار برلمان الاتحاد الأوروبي بإيفاد لجنة أممية للتحقيق في المجزرة وهو ما رفضه المغرب الذي ظل يواصل أعماله القمعية في حق الصحراويين.ولذر الرماد في العيون ومحاولة تضليل المجموعة الدولية والرأي العالمي لجأت المخزن الى افتعال مظاهرات للدفاع عن الطروحات الاستعمارية المتعلقة بالمغربية المزعومة للصحراء الغربية ومقترح الحكم الذاتي وتم توجيه هذه المظاهرات لتأخذ شكل تحامل شرس على الجزائر التي لم تغير موقفها الثابت في القضية الصحراوية ودعمها لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وعلى الحزب الشعبي الاسباني الذي أدان بشدة مجزرة العيون، التي فضحت السياسة الاستعمارية للسلطات المغربية داخل الأراضي الصحراوية. ورغم كل ذلك فإن البوليزاريو لم تنسحب في المسار التفاوضي وشاركت في الجولة الرابعة من المفاوضات غير الرسمية التي جرت من 16 إلى 18 ديسمبر من سنة 2010 بمانهاست قرب نيويورك تحت إشراف المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الى الصحراء الغربية كريستوفر روس، وهي الجولة التي تكرر فيها سيناريو التعنت المغربي المعهود حيث انتهت المفاوضات كما بدأت دون الوصول الى أي نتيجة عدا اتفاق شكلي للإلتقاء مجددا في جانفي ومارس من السنة الجديدة 2011 على شاكلة ماكان يتفق عليه في الجولات السابقة.وأقر المبعوث الأممي كريستوفر روس أن مواقف الطرفين مازالت متباينة بشكل حاد وأن كلا من المغرب والبوليزاريو مازالا عند رفض كل منهما لمقترح الطرف الآخر كقاعدة للتفاوض.وأمام هذا الوضع حذر قادة البوليزاريو من احتمال عودة التصعيد العسكري، فالعودة الى خيار حمل السلاح واردة وصبر الصحراويين لا يمكن أن يستمر الى مالا نهاية.