أخفق مجلس الأمن الدولي، أمس الأربعاء، في اتخاذ إجراءات ملموسة بشأن الوضع في الصحراء الغربية التي تشهد عودة للحرب بعد انتهاك المغرب لاتفاق وقف اطلاق النار في نوفمبر الفارط. وأبان موقف المجلس خلال جلسة المشاورات المغلقة بشأن بعثة المينورسو، عن " تقاعس وتخاذل" الهيئة الأممية في معالجة الوضع المتردي في الصحراء الغربية ، باعتبار أن "الفرصة كانت مواتية للمجلس لإبداء التزامه الفعلي بالحل السلمي والعادل والدائم لمسألة إنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية، وترجمة هذا الالتزام إلى عمل حقيقي" حسب ممثل جبهة البوليساريو لدى الاممالمتحدة، سيدي محمد عمر. وأضاع تقاعس مجلس الامن "فرصة أخرى لوضع الأمور في نصابها الصحيح"، حسب سيدي محمد عمار، كون المجلس لم يقم حتى بصياغة بيان حول الاجتماع المنعقد. ويفتح موقف المجلس، الباب واسعا لمخاطر حقيقية تهدد مستقبل مسار التسوية، الذي ما فتأت الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، تدعو إليه، بينما يتملص له المغرب. وفي تكريس للأمر الواقع، وعوض إدانة العدوان العسكري الذي شنته القوات المغربية على مدنيين صحراويين عزل في منطقة الكركرات، في 13 نوفمبر الماضي، وخرقها لقرار وقف اطلاق النار، الموقع من لدن الطرفين (البوليساريو والمغرب) سنة 1991، لم يأت مشروع البيان المقتضب الذي صاغته الولاياتالمتحدة، بأي جديد، كونه لا يدعو سوى إلى "تفادي التصعيد " الراهن، وهو الأمر الذي يؤدي إلى إفراز نتائج عكسية بشأن تفعيل مسار التسوية في الصحراء الغربية. إقرأ أيضا: الصحراء الغربية: تقاعس مجلس الأمن يترك الباب مفتوحا أمام تصعيد الحرب الجارية ونص مشروع البيان الأمريكي الذي عارضته كل من روسيا وايرلندا وكينيا على ضرورة الاسراع في تعيين مبعوث شخصي جديد إلى الصحراء الغربية، وهو المنصب الشاغر منذ سنتين، في وقت تؤكد جبهة البوليساريو أن "تعيين مبعوث شخصي جديد للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية ليس غاية في حد ذاته، وإنما هو مجرد وسيلة لتيسير عملية سلام محكمة ومحددة زمنيا، تقود إلى ممارسة الشعب الصحراوي لحقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال بحرية وديمقراطية". ورفضت روسيا مشروع البيان الأمريكي، بينما طلبت كينيا بإلحاح أن يتولى الاتحاد الإفريقي الوساطة في الملف، فيما أعربت إيرلندا عن دعمها الكامل لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وهي المواقف التي أتت داعمة للصحراويين، ومستنكرة لغض الطرف عن حقيقة ما يقوم به الاحتلال المغربي من عدوان وانتهاكات مستمرة في حق الشعب الصحراوي. وقد أظهرت التجارب السابقة، ان المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية، لا يملك مفاتيح الحل بيده، وأنه دون دعم مجلس الأمن الدولي له لا يمكن الوصول إلى حل للقضية، وهو ما تجلي في رمي المبعوثين السابقين للمنشفة، على غرار السفير الأمريكي سابقا كريستوفر روس والرئيس الألماني السابق هورست كوهلر. وفي الوقت الذي يطالب مجلس الأمن كلا من جبهة البوليساريو والمملكة المغربية الى الانخراط في مفاوضات دون وضع شروط مسبقة، يصر الاحتلال المغربي على موقفه المتعنت بفرض مقترح "الحكم الذاتي" كشرط لاستئناف التفاوض، في وقت أن مخطط التسوية في مواده 4 و5 و6 ينص على أن "الاستفتاء يعتبر الحل التوافقي والواقعي لإرساء السلام في الصحراء الغربية". إقرأ أيضا: أبي بشرايا البشير: لا ينبغي اختزال القضية الصحراوية في تعيين مبعوث أممي وينتظر الجانب الصحراوي تحديد موعد وآليات تنظيم استفتاء، وتسهيل اعتراف منظمة الأممالمتحدة بالجمهورية الصحراوية كعضو كامل الحقوق. ولا تعد مسألة تعيين مبعوث شخصي جديد جوهرية في حد ذاتها، بقدر ما يكتسيه تنظيم الاستفتاء، في موعد معلوم وحماية المدنيين الصحراويين بالمدن "المحتلة" من الصحراء الغربية من أهمية. وأمام "تخاذل وتقاعس" مجلس الأمن وكذا الأممالمتحدة، عن تحمل المسؤوليات كاملة لما يحدث في الصحراء الغربية، ولمواجهة العمل العدواني المغربي المستمر، يقول سيدي محمد عمر "ليس أمام الشعب الصحراوي أي خيار سوى ممارسة حقه المشروع في الدفاع عن النفس، ومواصلة كفاحه التحريري للدفاع عن سيادته، وتحقيق تطلعاته الوطنية في الحرية والاستقلال".