إحتضن المسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي بالجزائر العاصمة سهرة الجمعة إلى السبت حفلا تكريميا على شرف كل من الفنانين المسرحيين حميدة آيت الحاج وعمر فطموش والمطرب مجاهد حميد عرفانا بمسيرتهم وبأعمالهم الفنية ومساهمتهم في إثراء الساحة الفنية الجزائرية. و قد تميز هذا التكريم الذي بادرت بتنظيمه الجمعية الفنية والثقافية للألفية الثالثة بمساهمة المسرح الوطني و الديوان الوطني لحقوق التأليف والحقوق المجاورة بأجواء احتفالية بحضور عديد الأسماء الفنية تقديرا واعترافا بعطاء هؤلاء الفنانين في مجال الكتابة والإخراج المسرحي والتمثيل وكذا الأغنية. و اعتبر رئيس الجمعية سيد علي بن سالم بهذه المناسبة أن هذا التكريم "بمثابة تقدير للفنانين الذين ساهموا على مدار أزيد من نصف قرن على الارتقاء بالعمل المسرحي و التمثيل و الإخراج والكتابة الدرامية و الأغنية الجزائرية الأصيلة مشيدا بالتاريخ المشرف و الحافل بالأعمال". و وصفت من جهتها المخرجة و المؤلفة المسرحية حميدة آيت الحاج هذا التكريم بالالتفاتة الطيبة تجاه الفن الرابع و الإبداع المسرحي و بلحظة نادرة اجتمعت فيها الأسرة الفنية لاسترجاع ذكريات تعج بالجمال و الفن مبرزة أنها تستحضر أسماء فنية كبيرة رافقت مسيرتها في عالم الإخراج المسرحي وشجعتها في بدايتها باعتبارها من الأسماء الإخراجية النسوية الجزائرية التي اقتحمت عالم الإخراج المسرحي مبكرا. و بدوره، أعرب الممثل و المخرج المسرحي عمر فطموش عن سعادته لهذه الالتفاتة التي تعد وقفة عرفان وتكريم لأجيال فنية عديدة ساهمت في الحفاظ على الثقافة و الفن الرابع الجزائري مضيفا أن لهذا التكريم طعم خاص على خشبة المسرح الوطني الجزائري محي الدين باشطارزي الذي شهد مرور عمالقة ومؤسسة المسرح الجزائري. من جانبه، أشار الملحن الفنان مجاهد حميد المعروف بأداء الأغنية القبائلية هذه المناسبة سانحة جمعته بالكثير من الأصدقاء الذين تقاسم معهم العمل الفني لأكثر من 40 سنة متذكرا بكثير من الحنين أسماء فنية كبيرة عرفها خلال مسيرته. و بمناسبة هذا التكريم نشط مجموعة من المطربين حفل غنائيا ثريا بطبوعه أمتع الحضور من بينهم الفنانة راضية عدة، حكيم العنقيس، طارق عياد، بور نسيم، عبد الرحمن القبي إلى جانب نغمات عاصمية لفرقة الزرنة. و تعتبر الكاتبة والمخرجة المسرحية حميدة آيت الحاج من أبرز التجارب الإخراجية النسوية في المسرح الجزائري حيث امتلكت منذ نعومتها موهبة فنية وبعد إستكمال دراستها في باريس نهاية ال70 في مجال الفلسفة و علم النفس انتقلت إلى الاتحاد السوفيتي سابقا، أين درست الاخراج المسرحي والسينمائي لمدة ست سنوات في المعهد العالي للمسرح والسينما بكييف. و في رصيد آيت الحاج التي تدرس منذ 1985 في المعهد العالي للفنون العرض والسمعي البصري برج الكيفان بالعاصمة العديد من الأعمال المسرحية كتابة و اقتباسا واخراجا على غرار "أغنية الغابة"، "يوميات مجنون"، "خنجر في الشمس"، "الغنيمة"، "8 قصص لتشيخوف" وغيرها إلى جانب حضورها في التلفزيون من خلال إخراج فيلم "ترامواي الرغبة" (1993)، وإنتاج حصص للأطفال سنة 1994، فضلا عن السينما من خلال إسهامها في فيلم "ماشاهو" لبلقاسم حجاج (1994) كما شاركت في فيلم "العائلة" للمخرج مرزاق علواش. كما افتكت آيت الحاج عشرات التتويجات، منها الجائزة الثالثة لفن الحكي في "كييف" (1983)، جائزة أفضل مسرحية مغاربية (2000)، الجائزة الكبرى للمهرجان الوطني الثاني للمسرح المحترف عن "النهر المحول" (2007)، جائزة أفضل عرض في مهرجان المسرح التجريبي بالأردن (2008). بدوره يعتبر المؤلف والممثل المسرحي عمر فطموش من ابرز التجارب المسرحية في الجزائر حيث وبعد أن أنهى دراساته الأساسية في مسقط رأسه التحق بجامعة الجزائر حيث حصل على درجة الماجستير في الأدب الفرنسي كما أنشأ جمعية لتشجيع مواهب مسرح الهواة عام 1976 ليؤسس بعدها التعاونية المسرحية "السنجاب" 1990 ليتم انتخابه عام 1998 أمينا عاما للشبكة الجزائرية للمعهد الدولي لمسرح البحر الأبيض المتوسط إلى جانب تقلده العديد من المناصب الفنية وكعضو ضمن لجان تحكيم مهرجانات وطنية و متوسطية وعربية. و بحوزة الفنان عمر فطموش عدة نصوص مسرحية على غرار "اتهمونا"، "ستة ودامة"، "حرف بحرف"، "حزام الغولة"، "رجال يا حلالف"، "عويشة والحراز"، "عالم لم البعوش"، "فاطة نسومر"، "النهر المحوّل"، "صحا لارتيست" وغيرها. بدوره، يعد الملحن والفنان مجاهد حميد من أهم الموسيقيين والمؤدين الذين قدموا الكثير لإثراء الأغنية القبائلية حيث ولع منذ طفولته بمختلف طبوع الأغنية الجزائرية على غرار أغنية الشعبي و المنوعات كما عاصر كبار الفنانين الجزائريين ضمنهم كمال حمادي الذي استضافه سنة 1967 في حصة إذاعية بالقناة الثانية اين اكتشف موهبته التي عمد على صقلها بالتكوين والممارسة كما أشرف بعدها على مدار سنوات طويلة على حصة "فناني الغد" حيث ساهم في اكتشاف العديد من الأصوات الفنية في مجال الأغنية القبائلية وكانت بمثابة مدرسة فنية.