جدد رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, اليوم السبت, التأكيد على حتمية إصلاح الجامعة العربية وتكييفها مع التحديات الجديدة والتطورات المتسارعة والرهانات غير المسبوقة التي تفرضها المرحلة, داعيا إلى تعزيز الالتفاف العربي حول القضية الفلسطينية المركزية. وفي كلمة وجهها إلى أشغال الدورة العادية ال34 للقمة العربية بالعاصمة العراقية بغداد, ألقاها نيابة عنه وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية, السيد أحمد عطاف, قال رئيس الجمهورية: "إننا بالفعل أمام مرحلة مفصلية ومصيرية, مرحلة لن يكون لنا فيها أي قول فصل ما لم نعد الاعتبار لما يجمعنا تحت قبة منظمتنا هذه من قواعد ومبادئ وطموحات نتقاسم بها وفيها حاضرنا ومستقبلنا". وأضاف قائلا: "إننا في الجزائر نعتقد أن مثل هذا الوضع لا بد وأن يعيد إلى واجهة أولوياتنا المشتركة حتمية إصلاح جامعتنا العربية, وهي التي تأسست في زمن غير زماننا هذا, وفي سياق غير سياقنا هذا, وفي محيط غير محيطنا هذا, وهو ما يؤكد ضرورة تكييفها مع ما يفرضه عصرنا من تحديات جديدة وتطورات متسارعة ورهانات غير مسبوقة". واستطرد رئيس الجمهورية بالقول: "على ضوء هذه الحتمية, نحن مطالبون اليوم بتعزيز التفافنا حول قضيتنا المركزية, لأن دفاعنا عن هذه القضية ليس جودا أو تكرما منا, بقدر ما هو وفاء تجاه أمانة تاريخية تحملها الأمة العربية في أعناقها, وتجاه مسؤوليات قانونية وأخلاقية وحضارية تتحملها الإنسانية جمعاء". وحذر رئيس الجمهورية من أن القضية الفلسطينية تشهد "مخططات التصفية تنهال عليها, وسط إصرار الاحتلال الإسرائيلي على فرض رؤيته العبثية لسلام لا يمكن أن يتصوره إلا على مقاسه ... يقوم على أنقاض القضية الفلسطينية, وسلام تحرم فيه دول الجوار من أبسط مقومات أمنها وطمأنينتها واستقرارها". وفي سياق ذي صلة, أكد رئيس الجمهورية بأن الدول العربية مطالبة اليوم "بقدر أكبر من التضامن مع أشقائنا في لبنان وفي سوريا, لأن وحدة وسيادة وسلامة هذين البلدين تظل جزءا لا يتجزأ من مسألة الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط برمتها". كما أنها مطالبة أيضا باستدراك ما فاتها من "جهود ومساع ومبادرات لحل الأزمات المستعرة في السودان, وفي ليبيا, وفي اليمن, وفي الصومال, لأن غياب الدور العربي هو من فتح المجال واسعا أمام التدخلات الخارجية التي رهنت, دون وجه حق, حاضر ومستقبل هذه الأقطار العربية الجريحة". و أشار رئيس الجمهورية إلى تدهور الأوضاع في العديد من الأقطار العربية "بشكل متسارع, أمنيا وسياسيا واقتصاديا, وسط تكالب التدخلات الخارجية عليها لبث الشقاق والفرقة والتناحر بين أبناء الوطن الواحد والأمة الموحدة", وذلك في سياق "مناخ دولي جديد يتهدد الجميع دون استثناء, في خضم التوجه نحو طمس معالم أركان منظومة العلاقات الدولية المعاصرة, وتكريس منطق الغلبة للقوة, ومنطق الحق مع القوة, ومنطق الاحتكام والتسليم والإذعان للقوة". واختتم رئيس الجمهورية كلمته بالتأكيد على أن الجزائر استندت إلى كل هذه الركائز في اضطلاعها بعهدتها العربية في مجلس الأمن الأممي, وتابع قائلا: "ونحن نواصل الوفاء بهذه العهدة في عامها الثاني والأخير, فإننا نتمنى أن نكون قد وفقنا في طرح هموم وشواغل أمتنا, وفي الدفاع عن تطلعاتها وطموحاتها بكل تفان وأمانة وإخلاص".