سعداوي يعطي إشارة انطلاق امتحانات إثبات المستوى    برنامج خاص إحياء للذكرى الثمانين لمجازر 8 ماي 1945    أطلقنا"برنامجا هاما" لتثمين وتطوير القدرات المنجمية الوطنية    6000 ناجح في مسابقة توظيف المهندسين والتقنيين    الجوية الجزائرية تلغي رحلتين على خط الجزائر-تولوز    تأتي في سياق الانجازات التي تحققها اليوم الجزائر المنتصرة "    ما يحدث في غزة "إبادة تشن ضد الشعب الفلسطيني"    19 جريحا ببلدية ولتام في ولاية المسيلة    على الحجاج شراء سندات الهدي من الجهات الرسمية    تحسبا لدوريات لجان التفتيش والرقابة    الاحتلال المغربي يواصل استهداف الحقوقيين الصحراويين    20 مليار دولار خسائر الجزائر من الشراكة مع الاتحاد الأوروبي    الجزائر-عمان: التأسيس لشراكة اقتصادية واعدة مربحة للطرفين    دعوة لتنظيم ورشات تكوينية دورية في المؤسسات    دعوة لرص الصفوف لتكوين جبهة موحدة    الوفد الحقوقي الصحراوي يتعرّض للتضييق والإهانة    "حماس" ترفض اتهامات ترامب وتطالبه بتصحيح موقفه    لا وجود لمقاتلين صحراويين في سوريا    الجزائر تبهر تنظيميا وتبعث جيلا رياضيا واعدا    قمة تنافسية على اللقب بين بلوزداد والمولودية في أجواء "باردة"    مكافحة الفساد مسؤولية جميع الهيئات    تحذير من السباحة في السدود والبرك والمجمّعات المائية    وهران تنظم ثاني عملية إعادة إسكان بأرزيو    استقرار أسعار الخضر والفواكه بأسواق الجملة والتجزئة    صناديق توظيف جماعي لتمويل المشاريع قريبا    شراء سندات الهدي بالبقاع المقدّسة من الجهات المعتمدة فقط    الكتابة الإبداعية فضاء أقلّ تقييدا    الإعلان عن تأسيس مهرجان للفيلم الوثائقي التاريخي    "لعوينات" تخلد ذكرى مجازر 08 ماي    أشبال بوقرة يدخلون أجواء لقاء غامبيا    ممارسات غير قانونية بصالونات الحلاقة    المهرجان ال9 للفيلم الاوروبي: برمجة 18 فيلما للعرض من 10 الى 19 مايو    شايب يشرف على الانطلاق الرسمي لانخراط وزارة الخارجية في المنظومة المعلوماتية للحج والعمرة    سونارام: وضع التحويل المحلي للمواد المنجمية ضمن أولويات استراتيجية التطوير الجديدة    الجزائر تتوج ب53 ميدالية.. منها 18 ذهبية    وزير الصحة يكرم أعضاء اللجنة العلمية لرصد ومتابعة تفشي وباء كورونا    وهران.. إعادة اسكان 243 عائلة متضررة من حادث انزلاق التربة    بمعهد الآثار يومي 11 و12 جوان .. ملتقى وطني حول الخبرة الأثرية    ممثلا لرئيس الجمهورية..العرباوي يشارك بسيراليون في المنتدى الافريقي رفيع المستوى حول التعاون جنوب-جنوب    تنصيب التشكيلة الجديدة للمجلس الوطني للفنون والآداب..بللو يدعو إلى توفير بيئة مستقرة ومحفّزة لتكوين ودعم الفنان    في ظل التحولات التكنولوجية المتسارعة : يوم دراسي حول أهمية الاستثمار في الذكاء الاصطناعي لحماية التراث الثقافي    الدّورة السّادسة والعشرين لمجمع الفقه الإسلاميّ الدّولي : بحث سبل التّعاون بين مؤسّسات جامع الجزائر ونظيراتها بقطر    المجلس الشعبي الوطني: قويدري يعرض الاستراتيجية الجديدة لقطاع الصناعة الصيدلانية أمام اللجنة المختصة    كأس العرب/ قطر 2025): سحب القرعة يوم 24 مايو الجاري بالدوحة    كرة القدم/أقل من 17 سنة: انطلاق التربص الانتقائي للاعبي منطقتي الوسط والجنوب    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 52615 شهيدا و118752 جريحا    غويري يواصل تألقه    جازي يستثمر 4600 مليار    فضاء عربي أمريكي لاتيني للحوار البرلماني    800 نقطة بيع للأضاحي المستوردة    تأكيد على تعزيز التكفّل بالفئات الهشة    المدية تحيي ذكرى استشهاد العقيد أحمد بوقارة    طلبة من جامعة قسنطينة 3 في زيارة إلى مدينة ميلة القديمة    تصفيات بطولة افريقيا للمحلين 2025: الخضر يستأنفون التدريبات بسيدي موسى    فضل قراءة سورة الكهف    المقصد الإسلامي من السيرة النبوية الشريفة    قبس من نور النبوة    ماذا يحدث يوم القيامة للظالم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العشر الاواخر من رمضان: أبواب العتق من النار تفتح ... و معها ابواب النفقات

تحل العشر الاواخر من رمضان على ملايين الصائمين حاملة معها آمال العتق من نار جهنم في الوقت الذي لا يجد هؤلاء أي وسيلة تعتقهم من جهنم النفقات الخيالية التي طالما ميزت الشهر الفضيل.
فبعد عشرين يوما من الانفاق على مائدة رمضان و مستلزماتها المكلفة التي تبتعد كثيرا عن روتين المائدة الجزائرية يأتي الثلث الاخير معلنا عن فاتورة اثقل تمتزج فيها اسعار اللحم و الدجاج الضروريين لصنع الشوربة و البوراك مع اسعار اللوز و الجوز اللذين يدخلان في صنع حلوى العيد. و لما كان موعد عيد الفطر هذه السنة متزامنا مع الدخول المدرسي و الاجتماعي فان الفاتورة لن تخلو من تكاليف الملابس و الادوات المدرسية و غيرها.
يكفي القيام بجولة قصيرة عبر شوارع الجزائر العاصمة للوقوف على الاقبال اللافت للانتباه لمواطنين خرجوا لشراء ... كل ما يباع اينما يباع و باي سعر يباع. التجار طبعا الحقيقيون و المزيفون لا يسعهم الا ان يكونوا مبتهجين. فالمشروب الذي يعرف ب"الشاربات" مثلا و هو اقل ما يقال عنه خليط مريب يباع في اكياس بلاستيكية عادية غالبا ما تعرض في الشارع تحت شمس اوت الحارقة اصبح مشروب العاصميين المفضل تماما كخبز "المطلوع" الذي يباع على الارصفة و الذي وصل صيته لحد جعل الكثير من ربات البيوت يتراجعن عن عجن هذا الخبر بانفسهن.
و يصرح محمد الذي لا يتعدى الثالثة عشر من العمر بان عائلته هي التي تصنع له الخبز ليبيعه. "ابدا البيع بعد الظهيرة و لا تكاد تاتي السادسة حتى تستنفذ كل الكمية" يقول و هو يرتب سلعته الملفوفة في قطعة قماش داخل قفة مفترشة الارض. و يبدو ان مساعي السلطات العمومية لوضع حد للتجارة الفوضوية و ما ترتب عنها من حالات عديدة للتسممات الغذائية لم تنجح في ايقاف ظاهرة تحول كثير من التجار لبيع المطلوع و "قلب اللوز" و حلوى الفواكه و المشروبات و ماكولات اخرى في ظل انعدام ادنى شروط النظافة و النوعية بل ان هذه الظاهرة تحولت لقاعدة من بين قواعد اخرى غريبة اصبحت تميز شهر رمضان. "يفترض ان رمضان هو شهر الرحمة و الاعتدال في كل شيء لكنه تحول عندنا إلى مرادف للهفة و التخمة و كثرة النفقات. كل شيء يتم باسراف : نشتري احيانا لمجرد الشراء و الباعة لا يفوتون الفرصة طبعا لملء الجيوب" يتاسف عامر في عقده السابع و هو يغادر احد الاسواق.
حاجيات كثيرة و موارد محدودة
لدى لقائها في محل لبيع الاغراض المخصصة للاطفال بدت نصيرة ام لطفلتيتن راضية عن فاتورة مشترياتها او ربما كانت تحول التخفيف عن نفسها قائلة"من حسن الحظ ان تزامن العيد مع الدخول المدرسي لاننا هكذا سنتمكن من شراء بدلة واحدة لكل طفل ليرتديها في المناسبتين". و ان كانت النفقات في شهر الرحمة تفوق بشكل واضح متوسط الانفاق في باقي الاشهر فان حجمها يختلف من عائلة إلى اخرى و يمتد حسب بعض التقديرات من 20.000 دج إلى 100.000 دج. "من الممكن تحضير شربة ب200 غ من الدجاج كما يمكن تحضيرها بكغ من لحم الغنم تماما كما يمكن اقتناء بدلة اطفال ب500 دج او ب 5000 دج" تمازح احدى ربات البيوت في اشارة إلى اختلاف نوعية المنتجات المعروضة بقدر اختلاف المداخيل.
لكن و بأجر وطني ادنى عند 15.000 دج يبقى توفير عدد كبير من الحاجيات في وقت واحد امرا يثقل كاهل اغلب العائلات الجزائرية. "بالرغم من ان لي بنتين تعملان و تشاركان في ميزانية الاسرة الا انني لا استطيع شراء ملابس جديدة لاطفالي الصغار" تشتكي مريم ارملة و ام لسبعة اطفال قبل ان تستدرك بالقول "المهم ان نكون بصحة جيدة و ان نشكر الله على اما اتانا". لكن المشكل هنا هو ان الصحة التي كان يفترض ان تكون تاجا على رؤوس الصائمين -اذ ان الصوم يعطي نظريا الجهاز الهضمي فرصة للراحة و التطهير- هي احد ضحايا السلوكات الخاطئة المصاحبة لشهر رمضان. و قد سمحت زيارة استطلاعية لعيادة احد الاطباء بباش جراح (الجزائر) بتسجيل عدد هام من الاشخاص الذين يعانون من مشاكل في الجاز الهضمي. و يشرح الدكتور علي صياغ هذا الامر قائلا "لنكن صرحاء : طيلة شهر رمضان يبالغ الناس في استهلاك اللحوم التي تعد غذاء صعب الهضم يتناولون كل يوم حساء مصنوعا بمركز طماطم مرتفع الحموضة و ينقضون على شبه عصائر كثيرة السكر و مشروبات غازية... و النتيجة ان المعدة و القولون و كل توازن الجسم تختل".
و كان هذا الطبيب قد انتهى من معاينة مريضة مسنة مصابة بالسكري تعرضت لشلل نصفي بسبب اصرارها على الصوم رغم مرضها و رغم اعفاء الدين المرضى المزمنين من اداء هذه الفريضة. و هكذا حلت محل معاني الصيام السامية سلوكات مشينة و عائلات مهددة في سلامتها و صحتها تلهث طيلة شهر وراء توفير حاجيات لا متناهية في ظل جو عام من الاسراف و القلق.
أما الاطفال فيظلون ببراءتهم و عدم اكتراثهم بالاعباء و تكاليف الحياة خارج هذه الدوامة ... انهم ينتظرون بفارغ الصبر حلول العيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.