وفد برلماني جزائري يشارك في الدورة ال47 للاتحاد البرلماني الإفريقي بكينشاسا    "انطلاق التسجيلات الإلكترونية لامتحاني «البيام» و«البكالوريا» دورة 2026 دون ملفات ورقية"    وزارة الشباب تعتمد خريطة عمليات جديدة لتنشيط الفضاءات البيداغوجية وتعزيز دور الجمعيات"    أمطار رعدية غزيرة على العديد من ولايات الوطن    الأونروا تحذر من تفاقم الاوضاع الانسانية في غزة مع اشتداد الأمطار الغزيرة    قطاع المحروقات حقق نتائج معتبرة خلال السنوات الأخيرة    الوزارة بصدد تعديل القانون المحدد لقواعد منح السكن    نحو قيام دولة فلسطين..؟!    الوساطة الألمانية عجز فرنسا عن إدارة نزاعها مع الجزائر    شروط الصين لتصدير السيارات الأقل من 3 سنوات    خنشلة : توقيف شقيقين وحجز 5200 وحدة كحول    توقيف شخص تورط في قضية سرقة    ارتفاع نسبة اكتشاف حالات السرطان    ها هي الحرب الباردة تندلع على جبهة الذكاء الاصطناعي    عميد جامع الجزائر من بسكرة:رقمنة العربية مدخلٌ لصون الهوية وإرساخ السيادة الثقافيّة    اللغةُ العربية… إنقاذٌ أمِ انغلاق    آية الكرسي .. أعظم آيات القرآن وأكثرها فضلا    فتاوى : أعمال يسيرة لدخول الجنة أو دخول النار    أبو موسى الأشعري .. صوت من الجنة في رحاب المدينة    الجزائر ركيزة إعلان الدولة الفلسطينية    الخضر يستعدون..    شهر للعربية في الجزائر    رفع الحد الأدنى للأجور ومنحة البطالة    الجزائر ملتزمة بالارتقاء بعلاقاتها مع الفيتنام    ترقية 11 مقاطعة إدارية إلى ولايات    ممتنون للجزائر دعمها القوي والحاسم.. ومهتمون بتجربتها التنموية    عودة العائلات المتضررة من الحرائق إلى منازلها    النخبة الوطنية تراهن على جمع نقاط مؤهلة لأولمبياد 2028    افتتاح معرض "لقاء الخط بوهران"    حرائق الغابات بتيبازة:العائلات تعود إلى منازلها    ورقلة.. يوم دراسي لتعزيز ثقافة الاتصال داخل المرافق الصحية العمومية    الجيش الوطني يستفيد من مرافق صحّية جديدة    إحصاء العائلات الحرفية المعوزة    الأستاذ محمد حيدوش : بناء مجتمع متعلم وذكي سبيل حقيقي لتقدم الأمّة    طموح كبير لدورفال    هؤلاء أبرز المرشحين لجوائز الأفضل من فيفا    حنون تشرف على لقاء جهوي    مشاركة جزائرية في الأبطال الخمسون    لاناب ترعى مسابقة وطنية ودولية    طلبة.. مُبتكرون    الثوابتة: الجزائر سند حقيقي    أربعة مبادئ حاكمة ترسم مستقبل غزة    وزير الصحة يبرز جهود القطاع    تكريم الفائزين في الطبعة الخامسة من المسابقة الأدبية الوطنية "أم سهام" للقصة القصيرة    "حرب الشتاء" بلا مغيث في غزة : غرق عشرات الخيام في مواصي خان يونس بمياه الأمطار    حركة تنموية استثنائية بولايات الجنوب    الترجي التونسي يدعم بلايلي ويؤكد بقاءه مع الفريق    اكتشفت سليماني ومحرز وهذا سر تعلقي بالجزائر    يوم تكويني حول الخدمات النفسية في الأزمات والكوارث    فيانسو يرسم جسور الإبداع السينمائي    بحث سبل بناء منظومة متكاملة    دعوة إلى تعزيز حملات التوعية والكشف المبكر    إبراز قدرات الجزائر ودورها في تعزيز الإنتاج الصيدلاني قاريا    بحث سبل تعزيز التعاون الجزائري-الأردني    الطبعة الرابعة لنصف مراطون "الزعاطشة" ببسكرة    دعاء في جوف الليل يفتح لك أبواب الرزق    مؤسسة Ooredoo تبرم شراكةً رسميةً مع نادي مولودية وهران    تحذيرات نبوية من فتن اخر الزمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعادلة الجديدة للسياسة الأمريكية الشرق أوسطية
نشر في الجزائر نيوز يوم 07 - 01 - 2011


إذا كانت إسرائيل تمر حاليا في مفترق طرق يصعب عليها فيه اختيار الواجهة الصحيحة والمنطقية، فإن واشنطن هي الأخرى تمر بمرحلة حساسة لاختيار النوايا والإرادات مع حلفائها العرب والأوروبيين وكذلك مع السوفيات الذين قدموا من أجل السلام في العالم حتى الآن أكثر مما يجب أو أكثر مما كان متوقعا، فالفلسطينيين الذين عانوا كثيرا من انحياز الإدارة الأمريكية هم الآن في انتظار ما سوف تقدمه هذه الإدارة الأمريكية الجديدة لهم، والزعيم عرفات الذي نجح في الحفاظ على مركزه داخل منظمة التحرير، يبدو الآن مشدودا إلى هذه الإدارة أكثر من الماضي، وهو يعتقد إذا ما لم تبذل واشنطن أقصى جهودها لبناء السلاح، فإن كل شيء سيتحطم وسيكون عليه أن يعود إلى لغته القديمة وأساليبه الأخرى التي طالما كانت موضع تنديد من واشنطن· إن الزعيم الفلسطيني يقع الآن بين ضغوط متعددة فهو يواجه من جهة ضغوط المتشددين من شعبه، ومن جهة ثانية يواجه ضغوط سكان الضفة والقطاع الذين يطمحون للسلام ونسيان جراحهم وتعويض خسائرهم وتضحياتهم التي قدموها خلال الانتفاضة السابقة· وإذا لم تقدم له واشنطن العون المطلوب لتخطي هذه الصعوبات، فإنه سيجد نفسه مضطرا لكي يتمنطق بمنطق المتشددين، أما العرب فقد تعبوا هم الآخرون من وعود واشنطن ومن سياستها المنحازة، وكذلك من لغاتها المتعددة وفي الوقت نفسه لم يبق لهم من مبررات لكي يظلوا في المواقع نفسها وحتى لو كان ذلك رغبة من قبل الدولة الرافضة لكي يدللوا على أن أطروحاتهم هي الصحيحة، فإن الدول المعتدلة تبدو متخوفة الآن، وبشكل جدي، من إحباط يعقب ذلك الحماس المتواضع الذي استقبلت به واشنطن خطابات أبو مازن· على الولايات المتحدة الآن ألا تخسر، ولمدة أربع سنوات، قامة مصدقيتهم في الشرق الأوسط أن يغيّروا من لهجتهم وأن يضحوا بقليل من حماسهم لإسرائيل، وهذا ما جعل محافظون معتدلون براغماتيون بهذه الروح تستعد إدارة أوباما الأمريكية لمواجهة ديبلوماسية من النوع الخارق لجدران الصوت في الشرق الأوسط، ومن أجل ألا تغرق هذه الإدارة في تفاصيل الماضي ومحرماته، سيكون عليها أن تقدم مبادرتها قبل أن توضع أمام الأمر الواقع من قبل حليفاتها إسرائيل، فحكومة تل أبيب منهمكة الآن في إنهاك كل المبادرات الأخرى من أجل أن توضع الجميع في الزاوية وتدرك هذه الإدارة التي أعلن عن تشكيلها الرئيس أوباما منذ توليه الحكم، أنها وجدت نفسها أمام خصمين لا يثقان في بعضهما البعض ويحملان إرثا ثقيلا من الكراهية والدم هما منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل· ولكي تثبت إدارة أوباما قدرتها على المناورة والصدق بغية تحقيق السلام في الشرق الأوسط، فإن أول مهامها ستكون التغلب على ردم الهوة التي تفصل بين هذين الخصمين التاريخيين، وهنا ستحاول وزيرة الخارجية الجديدة هيلاري كلينتون، وهي وجه سياسي معروف داخل مربع السلطات الثقيلة في أمريكا منذ كان زوجها رئيسا للولايات المتحدة، أن تخرج عن ديبلوماسية وزيرة الخارجية السابقة المكبوتة والمنحازة، لكنها لن تنجح في مهمتها إلا إذا أقنعت إسرائيل بالتسوية وبجدوى هذه التسوية التي قد تجلب لها مخرجا كريما لعنادها وتعنتها المستمر، لكن هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية سوف لن تتوصل إلى أية نتائج باهرة إذا ما اختارت هي أيضا العمل لوحدها على هذه المرأة التي توصف بالبراغماتية وبأنها قريبة من أوباما أن تتعاون وعلى نحو مفتوح مع المستشار القومي الذي اختاره أوباما الذي يبدو أن هذا المستشار متأثرا بأطروحات كيسنجر القائلة بتقسيم الصراعات والتسويات في الشرق الأوسط، وفيما مضى كان شولتز يعمل لوحده تقريبا في هذه المنطقة ويرفض التعاون مع رجال البيت الأبيض الآخرين إلى درجة كان يتمتع بها بتفوق حتى على رأسه في ذلك الوقت ريغان، بالإضافة إلى أن فترته امتازت بمستشارين للأمن القومي ضعفاء ولا أخلاقيين وغارقين في الشبهات، وهذا ما أدى في أحيان كثيرة إلى تجميد مشاريع كثيرة تارة، وتارة أخرى إلى وضع عدة سيناريوهات متعارضة مرة واحدة وثالثة إلى غموض في الرؤية، وهذا ما مكن أصدقاء إسرائيل في الولايات المتحدة أن يأخذوا من تجربة شولتز هذا التحايل والانحياز الأعمى للأصوات المتطرفة في إسرائيل، حيث خلال فترته ولدت الانتفاضة، ولولا تردده ومشاريعه الخاسرة وغير المقنعة، لكان بالإمكان إبعاد أو تلافي هذه الانتفاضة، كما أنه بسبب تأييده غير المشروط لجنرالات إسرائيل وللأحزاب المتطرفة انتقلت إسرائيل إلى أسوأ مرحلة سياسية في حياتها هي مرحلة حكم رجال الدين الملتحين والملتحقين بالسواد والمصفحين ضد التسامح والسلام من جهة، ومن جهة أخرى تصاعد انتفاضة ما انفكت تتوسع وتعطي ثمارا لم يكن أحد في الإدارة الأمريكية السابقة يتوقعها· ورغم أن وزارة الخارجية الأمريكية كانت تحسب تقليديا على الصف غير المتحمس في الإدارة الأمريكية لإسرائيل، إلا أن وزيرة الخارجية السابقة كانت متأثرة بالسياسات السابقة، هذا مع ضعف آراء بوش وضعف مقدرته على المتابعة والتحليل، إضافة إلى اهتزاز موقع مستشار الأمن القومي قد قلب المعادلة إلى حد أصبحت فيه وزارة الخارجية هي المركز الأساسي للدفاع عن أطروحات تل أبيب· ومن أجل المستقبل والسلام في منطقة الشرق الأوسط على أوباما أن يخترع معادلة جديدة لكي يعطي لسياسته طعما آخر لا يتجلى لا بالمرارة للعرب ولا بالحلاوة لإسرائيل، وهذا ما جعل هذا الطرح لا يبدو جديد على الإطلاق إنه إعادة صياغة لطروحات الماضي التي أسقطتها الأحداث، ثم جاءت الانتفاضة لكي تتولى دفنها مع ذلك، فهؤلاء الإسرائيليين المولعين بقتل الأحياء وأحياء الموتى يريدون الآن من العالم أن يصفق لعبقريتهم في السحر والشعوذة· ورغم أن تل أبيب لم تعط أية إشارات بأن الانتفاضة التي تم قمعها في طريقها إلى التراخي، فهي لازالت مصرة على التمركز في قلب الماضي ونقل المعركة إلى الخارج· إن الحملة الإعلامية التي تقودها إسرائيل ضد الأسلحة الكيميائية في كل من إيران وسوريا ليست إلا محاولة لتحويل الصراع ونقل الأنظار إلى الخارج، وذلك لكي يتم التناسي، تناسي الانتفاضة وحرب الأهالي مع المحتل واستحضار تلك الصور القديمة التي تجعل من إسرائيل محاصرة ومهددة بالمذابح من قبل العرب، ومع ذلك فالفلسطينيون بمهارتهم الديبلوماسية أصبحوا شبه مقتنعين بأن دولتهم أصبحت مرمى حجر أو أدنى، وكأنهم يريدون القول للعامل إنهم ليسوا في حاجة إلى صاروخ كيميائي بل هم في حجر إلى حجر آخر فقط، ودون شك سوف تبقى الحركة السياسية للأشهر القادمة تدور حول هذه الاستراتيجيات المتنافسة والمعرضة التي تنتجها تل أبيب ومنظمة التحرير، وهي استراتيجية موجهة أساسا لواشنطن لدراستها وتمحيصها، ثم لإنتاج ما يسمى باستراتيجية مختلطة تكون مقبولة لدى الخصمين على حد سواء· وحين تفتح إدارة أوباما حوارا رسميا وغير محتشم وثري مع منظمة التحرير، ستكشف أن المسألة ليست معقدة إلا في وعي حاخامات تل أبيب· أما الفلسطينيون فهم إما أطفال دفاعا عن أمهاتهم وإما رجال يتحدثون لغة ديبلوماسية مليئة بإيحاءات التعاون المشترك والتوازن الدولي وراغبون في الجلوس إلى طاولة مستديرة تعطي كل طرف نصيبه التاريخي والجغرافي· إن الأمريكان هم الآن في مرحلة جديدة تجعلهم أكثر قدرة على الاستماع والتفهم وكذلك التحول إذا ما أبدوا رغبة في تضميد الجراح خاصة وأنهم يمتلكون كل المؤهلات للمناورة مع تل أبيب المتشددة، كما هم يمتلكون كل الدلائل والبراهين على أن أبا مازن الذي قد يكون وضع البندقية في مخزنها إلى حين هو غير قادر على أن يصبح سادات آخر، وإذا ما نجحت إدارة أوباما فيما فشلت فيه إدارات أخرى سابقة، فإنها ستفوز بعدة امتيازات لدى عدة أطراف مرة واحدة هي اليهود الأمريكان الذين لا يرغبون في أن تتحوّل إسرائيل إلى مجرد حائط مبكى أو كنيس كبير مليئ بالحاخامات اليهود الداخل الذين يمثلون جناح الحمائم الذين يتخوفون من جحيم مستقبل العرب الذين أعياهم البحث عن الوجه النظيف في السياسة الأمريكية ثم الخط الذي يمثله أبو مازن داخل منظمة التحرير، الذي عليه ألا يفقد ثقته في الماكينة الأمريكية، وأخيرا السوفيات الذين يرغبون في تخطي السنوات الضائعة عن طريق المجازفة بتحطيم أحلامهم المترامية الأطراف، كل هذا سيظل متوقعا على إدارة أوباما التي عليها أن تمتلك المهارة والرؤية الواضحة وكذلك الرجال الذين لا يثقلهم لا الماضي المرير ولا الأفكار الرثة، هذا في وقت يتحرك فيه السوفيات على أكثر من صعيد وبديناميكية لا مثيل لها منذ أن اختارت روسيا طريق السلام والانفراج غير المسلح في العالم· ولكي يكون في مقدور أوباما أن يقود سياسة ناجحة خالية من التوتر، سيكون عليه أن لا يخيب آمال روسيا وذلك بالعمل على تنسيق وجهات النظر فيما يتعلق بملف الشرق الأوسط· إن واشنطن تدرك جيدا حالها حال موسكو، إن الدولة الفلسطينية سيتم تقسيم الجغرافيا بما يليق بالكرامة الإنسانية التاريخية، إن جهود الفلسطينيين قد أعطت ثمارها الملموسة الأولى مرة منذ عقود من الجهاد والنضال وهم الآن مقتنوعون بأن إسرائيل هي العقبة الوحيدة أمام السلام، ففكرة السلام تبدو إحدى المحرمات بامتياز لدى جماعة الليكود في تل أبيب، بل إن هناك جناحا من حزب العمل هو أيضا لا يرغب في الدخول إلى هذه الفقرة، ومع هذا كله فإن الأوروبيين، وهم حلفاء أمريكا في قلب العالم، أصبحوا غير مقتنعين بسياسة واشنطن في الشرق الأوسط، وهم يعتقدون أن قليلا من الصراحة والوضوح يمكن أن ينجز حلم العالم كله هذا في وقت تدلل فيه كثير من العواصم الأوربية مثل أثينا واستوكهولم وباريس ومدريد على أن السلام ليس عملية صعبة ومعقدة إذا ما اقتنعت واشنطن واقتنعت حليفتها إسرائيل بذلك· وقد استطاع أبو مازن أن يهز أركان القناعات القديمة لأوروبا ويبعث بداخلها حساسية جديدة جعلت كل مؤيدي إسرائيل يتوارون إلى الخلف وهم لا يعرفون كيف يدافعون عن دولة أصبحت تحت قبضة الحاخامات المتعصبين، ومثلما تنتظر أوروبا من إسرائيل مواقف أكثر مرونة ينتظر الفلسطينيون من أوروبا أن تتحلى بعقلانية تجعلها قادرة على إقناع واشنطن وإسرائيل في الوقت نفسه بفكرة السلام·

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.