''يشاء القدر أن يرحل عنا واحدا من أبرز زعماء الجزائر المعاصرين وحكيم من صفوة حكماء إفريقيا المتبصرين، المجاهد الرئيس المغفور له بإذنه تعالى أحمد بن بلة، أحسن الرحمان وفادته وطيب ثراه وأكرم مثواه وأنزله في جنات النعيم مع الصادقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا. لقد إقترن إسم الفقيد بتاريخ الحركة الوطنية وثورة التحرير الظافرة، وبناء الدولة الحديثة وترك بنضاله مآثر في مسيرة الجزائر ونهضتها منذ كان على رأس المنظمة الخاصة لحركة إنتصار الحريات الديمقراطية في أربعينيات القرن المنصرم. قد كابد في نضاله الطويل ظلمة السجون وذاق أهوال التعذيب وغربة المنفى، ولكن ذلك لم يزحزحه عن مبادئه قيد أنملة، ولم ينل من صلابة عزيمته وإيمانه بحق شعبه في التحرير وإستعادة السيادة مثقال ذرة بل زاد في تصميمه وإيمانه ببلوغ الغاية القصوى في نضاله. كان من الرعيل الأول الذين خططوا لثورة التحرير، وحملوا مشعلها في الداخل والخارج إلى أن غدرت به إدارة الإستعمار في قرصنة جوية غير مسبوقة، صحبة ثلة من رفاقه الزعماء في 22 أكتوبر من عام ,1956 ليمضي مرة أخرى، أمدا في زنازين المحتل، لكنه ظل على عهده صامدا مسهما من غيابات السجن بأرائه، وحكمته في تسيير شؤون ثورة نوفمبر، إلى جانب رفاق الدرب في جيش وجبهة التحرير، ثم في الحكومة المؤقتة. ولم يكن من المصادفة، أن يرتقي فقيد الجزائر سدة الحكم في الجزائر المستقلة ليتحمل مسؤولية ثقيلة بالنظر إلى ما كان عليه وضع البلاد آنذاك، بعد سبع سنوات ونصف من الدمار الشامل، وعلى خلفية أكثر من قرن وربع قرن من الإحتلال البغيض''.