لم يفشل الرئيس الروسي ميدفيديف في إقناع نظيره الجزائري الرئيس بوتفليقة في ضم فرع «جيزي» الى صفقة اندماج اوراسكوم مع فيمبلكوم الروسية، مثلما تردد، لانه وببساطة لم تشمل محادثات قيادتي البلدين هذا الملف. وفي مقابل ذلك توجت زيارة الرئيس الروسي بابرام عدة اتفاقيات هامة، تخدم المصالح المشتركة بين البلدين وسبل تعزيز التعاون، بعد تجاوز ازمة عام 2008 التي تتسببت فيها صفقة بيع الاسلحة غير الملائمة للجزائر. الرئيس الروسي كان مرفوقا بعدد هام من رجال الاعمال في شتى المجالات، ولاسيما قطاع المحروقات، حيث يبدي الروس اهتماما متزايدا بسوق الغاز في الجزائر وفرص الاستثمار التي تتيحها مختلف المشاريع المتضمنة في الورشات الكبرى للمخطط الخماسي، وفق المصالح المشتركة. وقد سجل خلال الزيارة اصرار رئيس شركة فيمبلكوم الروسية الكسندرايزوسيموف، الانضمام الى وفد بلاده وفي جعبته كلام اراد ان يوصله الى السلطات الجزائرية حول الشركة الجزائرية «جيزي» التي وقع حولها لغط كبير، ومحلها من الاعراب في صفقة اندماج اوراسكوم مع فيمبلكوم، خاصة وان الاعلان عن خبر الاندماج جاء قبل ايام قليلة فقط عن زيارة الرئيس الروسي الى الجزائر ليليه وذلك دائما قبل هذه الزيارة، رد فعل سريع من طرف الحكومة الجزائرية، وعلى لسان وزير الصناعة السيد بن مرادي الذي اكد انه ليس لأي تغيير لمالكي اسهم شركة اوراسكوم تيليكوم القابضة اي تغيير في شيء من الالتزامات التي سبق اتخاذها بشأن التنازل عن اوراسكوم تيليكوم الجزائر للدولة الجزائرية. وفهمت الشركة الروسية ان الجزائر التي سبق لها وان رفضت بيع جيزي الى شركة ''أم.تي.أن'' الجنوب افريقية، لم تتراجع عن موقفها مع الشريك الروسي حتى ولو كان لهذا الاخير ادوات ضغط، مثلما لمحت اليه بعض الجهات، لان القانون الجزائري واضح ولايمكن القفز عليه مهما كانت المبررات حتى لو كانت سياسية، مثلما اراد بارون الاتصالات في روسيا الاستناد إليه في محاولة للي ذراع الطرف الجزائري، ليأتي رد فعله بعيدا عن المنطق عندما يحاول التحدث على لسان ''نجيب ساوريس'' ويفرض سعرا مبدئيا يناهز 8 ملايير دولار إذا ارادت الحكومة الجزائرية شراء «جيزي» وفي وقت يجد فيه مسؤولو الفرع في الجزائر في ورطة قانونية، بعد تجاوزات غير مشروعة في تسيير الشركة طيلة السنوات الماضية من تهرب في دفع الضرائب لم تكتمل بعد فصولها على الرغم من دفع الشركة 600 مليون دولار عن سنوات 2005 الى 2007، وتبقى حصة اخرى لم تسددها عن سنتي 2008 و 2009، تضاف اليها مخالفة قانون الصرف وتحويل الاموال من خلال التوطينات البنكية التي قوبلت بفرض بنك الجزائر على «جيزي» دفع غرامة مالية عقابية بقيمة 193 مليون دولار وقائمة المخالفات لاتزال طويلة وقد تشمل عقوبات اخرى مثلما اشارت اليه برقية لوكالة «رويترز». ويبدو من الغريب ان تتدخل الشركة الروسية في هذا الوقت بالذات وتتحدث عن عملية بيع «جيزي» بشروط وصفت بالتعجيزية، باعتبارها المسير الجديد في اطار الاندماج، في وقت لم يتم فيه بعد تحديد موقع «جيزي» من هذا الاندماج من الناحية القانونية، علما ان عملية التفاوض قد انطلقت قبل الاعلان عن قرار الاندماج، دون استشارة الطرف الجزائري الذي يملك بموجب حق الشفعة احقية امتلاك أسهم الشركة، وبسعر عادل وليس ذلك الذي فرضه الجانب الروسي او حاول فرضه لوضع الجزائر امام سياسة الامر الواقع، فاما ان تشتري الفرع ب 8 ملايير دولار وهو سعر مبالغ فيه وغير واقعي ويريد من وراء ذلك تحقيق ارباح طائلة دون عناء وعلى حساب الدولة الجزائرية مثله مثل ساوريس، الذي تعامل مع الجزائر بكثير من التحايل والاحتيال والغش والتزوير وتعمد مخالفة القوانين الجزائرية كما ورد في سلسلة المخالفات التي رصدها بنك الجزائر، او تحكم الشركة الروسية سيطرتها على فرع «جيزي» بالجزائر، امله في تحقيق نفس الارباح التي جناها ساوريس عندما كان يعبث بالقوانين ويستعمل كل اساليب تهريب الاموال بالعملة الصعبة الى الشركة الأم، مستغلا في ذلك مرونة الطرف الجزائري في تعاطيه مع الاستثمارات العربية، لاعتبارات لاعلاقة لها بالمصالح المشتركة التي يفترض انها تتحكم في التعاملات التجارية والاقتصادية. ساوريس يحلم في انجاز صفقة اخرى مربحة على غرار تحايله في صفقة «لافارج»، لكن يبدو ان الطرف الجزائري لن يمكنه من تحقيق هذا الحلم «الشيطاني» مهما كان شريكه الجديد، ومهما اخذت القضية من ابعاد متعددة الاوجه تعبيرا عن رفض سياسة الامر الواقع ولكن ايضا دفاعا عن المصالح الوطنية.