ستحتضن الجزائر، من 21 إلى 23 جوان الجاري، فعاليات الدورة الثانية من تظاهرة "عاصمة الثقافة الحسانية 2025"، بقصر الثقافة "مفدي زكريا" بالعاصمة. التظاهرة التي يشرف عليها الاتحاد العالمي لأدباء الحسانية، تُنظم بالتناوب بين الجزائر والجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية والجمهورية الإسلامية الموريتانية، في إطار الاحتفاء بالثقافة الحسانية، كقاسم ثقافي مشترك يجمع بين شعوب المنطقة الصحراوية. من المنتظر أن يعرف حفل الافتتاح حضور وزراء الثقافة للدول الثلاث، إلى جانب رئيس الاتحاد العالمي لأدباء الحسانية. ويُفتتح الحفل بقراءات شعرية باللهجة الحسانية، مصحوبة بعروض موسيقية تعتمد على آلات تقليدية أصيلة من الموروث الحساني، مثل "التيدينيت" و«اردين"، ما يضفي على الافتتاح طابعاً فنياً وروحياً، يعكس عمق هذا التراث الصحراوي. وتتضمن التظاهرة افتتاح مجموعة من المعارض المتنوّعة التي تسلّط الضوء على مختلف جوانب الثقافة الحسانية، من بينها معرض للكتاب المتخصّص، ومعرض خاص بالحظيرة الوطنية للثقافة بتندوف، بالإضافة إلى عرض نماذج من العادات والتقاليد والطقوس الموروثة التي تمثّل وجهاً من أوجه الحياة اليومية في المجتمعات الحسانية؛ مثل عادة "تاغنجة"، و«التويزة"، وآليات فض النزاعات في مجلس الجماعة. كما سيتم عرض "المحصر"، المخيم التقليدي للمجتمع الحساني، ليشكل فضاءً حياً للتفاعل مع الزوار. وفي المساء سيكون الجمهور على موعد مع أمسية شعرية وأدبية دولية تنظم في المخيم التقليدي، بمشاركة الاتحاد العالمي لأدباء الحسانية، وبيت الشعر الجزائري، وعدد من الشعراء القادمين من الجمهورية الصحراوية وموريتانيا، على أن تُختتم فعاليات اليوم الأول بسهرة فنية متنوعة، تحتضنها خشبة المسرح الوطني الجزائري "محيي الدين بشطارزي"، وتجمع بين الموسيقى الموريتانية والصحراوية الأصيلة. ومن أبرز محطات التظاهرة تنظيم ملتقى دولي علمي هو الأوّل من نوعه، تحت عنوان "الثقافة الحسانية: هوية وعمق إفريقي مشترك"، يشرف عليه الأستاذ الدكتور عبد الحميد بورايو. وسيناقش هذا اللقاء الأكاديمي قضايا متعدّدة تتعلّق بالمجتمعات الناطقة بالحسانية انطلاقاً من المعارف العلمية والأنثروبولوجية، مروراً بالدراسات التاريخية الخاصة بالمجموعات الحسانية في غرب الصحراء الإفريقية، ووصولاً إلى التحديات الثقافية في مواجهة الهيمنة المعولمة، مع تسليط الضوء على مشروع "أطلس الشعر الجزائري" ، ودور الثقافة الحسانية في ترسيخ العيش المشترك والتنوع الثقافي. ويتوزّع الملتقى على خمس جلسات علمية؛ الجلسة الثانية، برئاسة الأستاذة الدكتورة آمنة بلعلى، تفتح النقاش حول قضايا الأدب النسائي في المجتمع الحساني، من خلال مواضيع مثل "شعر التبراع"، ودراسة سوسيو-ثقافية عن تمثلات الهوية عند المرأة التيندوفية عبر "الملحفة" . كما ستُعرض مداخلة حول حضور أدب المرأة في الحلقات المغلقة. أما الجلسة الثالثة برئاسة عبد الله العشي، فتتناول مواضيع تتعلّق بالفنون الشعبية وطقوس الانتقال، والعلاقة بين الأدب الحساني وامتداده الإفريقي، إلى جانب مسألة المكان في الذائقة الشعرية الحسانوفونية، وتطوّر وسائل الاتصال في المجتمعات البيظانية في ظلّ التحوّلات الثقافية الكبرى. وفي الجلسة الرابعة التي تترأسها الأستاذة الدكتورة فاطمة عبد الوهاب، يتم تسليط الضوء على الامتداد الإفريقي للتراث الحساني المادي وغير المادي، والروابط الثقافية بين شعوب المنطقة، لا سيما التداخل بين التوارق والحسانيين، إضافة إلى مداخلة عن قبيلة "إيرقناتن" ؛ كمثال عن التفاعل الثقافي في الصحراء الكبرى. أما الجلسة الخامسة والأخيرة التي يرأسها الأستاذ الدكتور عاشور فني، فتركز على دور الرواية في توثيق ونشر الثقافة الحسانية، من خلال مداخلات حول التراث الشفوي والروحي في المجتمع البيظاني، وتمثلات الثقافة الحسانية في الأدب الشعبي والنص الروائي، مع عرض خاص لرواية "عيشتو ريم الرقيبات" للكاتب عبد القادر بن جعفر. وفي اليوم الثالث تُختتم التظاهرة بندوة خاصة بالسينما، تحت عنوان "السينما في خدمة الثقافة الحسانية: توثيق التراث وإحياء الهوية"، حيث سيتم التطرق لقضايا مثل البعد اللغوي للهجة الحسانية في السينما، وحضور الثقافة الحسانية في الأعمال السينمائية، إلى جانب عرض مشاريع سينمائية جزائرية، توظف هذه الثقافة كأداة للتوثيق، والحفاظ على الذاكرة. جدير بالذكر أن محطة ثانية ستُقام في ولاية تندوف يومي 22 و23 نوفمبر 2025، ستخصَّص لتنظيم ملتقى دولي حول الإشعاع الثقافي الحساني في غرب إفريقيا (الحركة الصوفية نموذجا). يُذكر أنّ الجزائر تَسلمت، رسمياً، درع "عاصمة الثقافة الحسانية 2025"، خلال حفل أقيم في العاصمة الموريتانية نواكشوط، في شهر ماي الماضي، حيث تسلّمه السفير الجزائري بموريتانيا، أمين صيد، من رئيس الاتحاد العالمي لأدباء الحسانية، الدوه ولد بنيوك.