لايتعدى متعاملو وكلاء بيع السيارات في بلادنا عدد أصابع اليدين مما فرض حالة احتكار غير موضوعية في ظل سوق دسمة ومثيرة للطلب لكنها تفتقر لضوابط وضمانات الشفافية وعقلانية الأسعار المطبقة تماما مثلما تشتكي منه السوق الاستهلاكية برمتها إلى حين أن تنتهي الجهات المعنية من إتمام منظومة الضبط من كافة جوانبها وبالأخص ما يتعلق بهوامش الربح التي تبدو خارج السيطرة ما أعطى لمختلف المتعاملين حرية مفرطة في صياغتها والتلاعب فيها وكانت آخر ما صعقوا به الزبائن المحتملين في سوق السيارات الجديدة ما أوردته مصادر إعلامية من فرض زيادات لأسعار المركبات بدواعي مختلفة يصعب هضمها . لقد استفاد وكلاء بيع السيارات المسوقين لإنتاج مصانع من مختلف جهات العالم من سوق فيها سيولة وارتفاع لحجم الطلب وساعدت الدولة في مرحلة سابقة باعتماد نظام القروض الاستهلاكية واستفادت معها منظومة شركات التأمين بشكل غير مسبوق بفعل اعتماد بوليصة تأمين غالية الثمن تعامل معها الزبائن مكرهين ويمكن القول أن أكثر من طرف قد وجد ضالته حينها على أساس أن يتحول وكلاء البيع المعتمدين في المديين القصير والمتوسط على الأقل إلى مركبين أو صناعيين من الباطن يؤسسون لصناعة إنتاجية محلية ولو تكون متواضعة. وبالطبع لم يتطور أي متعامل من فئة متاجرة التي لا تؤمن سوى بالربح المباشر والسهل الناتج عن احتكار غير معلن ومضاربة مقنعة في سوق متعطشة وكثيرة الإقبال ضمن ديناميكية تنموية استأنفت وتيرتها في أعقاب مرحلة جفاف تنموي سابقا. ويبدو أن دار لقمان لا تزال على حالها اليوم وفي المدى القريب طالما أن الوكلاء وجدوا حساباتهم داخل سوق تفتقر لمنتجين حقيقيين على الرغم مما سبق وان أعلنه ممثلوهم في جمعية الوكلاء من أن لديهم مشاريع إقامة صناعة تركيبية لم يلمس الزبائن مؤشراتها بل من بينهم من تعمق في تطوير الاستيراد وتسويق إنتاج الغير من وراء البحار بإعلان الترويج لاستيراد أنواع فاخرة من المركبات لاستنزاف موارد مالية من السيولة الموجودة لدى بعض الأوساط المثيرة للتساؤل حول مصادر الثروة لديها وهي من ينبغي أن تسلط عليها رسوم مرتفعة على اعتبار تلك المركبات تدخل في خانة الرفاهية وليست مرتبطة بالضرورة أو بأدوات الإنتاج. وجدير بالتذكير أن رئيس جمعية وكلاء السيارات السيد بايري سبق له أن أعلن قبل أشهر مضت وجود نية للانتقال من مستوى التسويق إلى مستوى التركيب أو إنتاج بعض القطع ذات الصلة بصناعة السيارات وذلك غداة تجميد الحكومة نظام قروض الاستهلاك الموجهة لسوق السيارات وهو القرار الذي أثار أكثر على من سؤال على الساحة بين مؤيد ومعارض في ظل احتمال عودة استئناف ذلك النظام التمويلي المفيد لذوي القدرة الشرائية المحدودة وربما سيكون ذلك تزامنا مع تجسيد ما أعلنه وزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة السيد بن مرادي من وجود برنامج لانجاز مركب لصناعة السيارات بعد إتمام تركيب مسار شراكة إنتاجية محتملة مع متعاملين يجري التفاوض معهما ويتعلق الأمر بشركة ''رونو'' الفرنسية و''فولكس فاغن'' الألمانية وذلك لإرساء صناعة تركيبية على مستوى مركب الشركة الوطنية للعربات الصناعية بالرويبة والذي يبقى موقعا مناسبا لخيار صناعي استراتيجي واضح المعالم. ومن شأن تحقيق خطوة بهذا الحجم والنوعية على غرار ما بلغته بلدان أخرى تجاوزت عقدة صناعة من هذا النوع القفز بالسوق المحلية والجهوية إلى درجة متقدمة بل يمكنها أن تكون قاطرة لجر منظومة الصناعة الوطنية المتكاملة بكل ما تحمله من أهداف سوسيواقتصادية ويكفي أن يجيد الطرف الجزائري أبجديات التفاوض وفق ورقة الطريق لمسار التنمية الوطنية الشاملة لمقاصد تتجاوز النظرة الظرفية خاصة وان برنامج التنمية المسطر للخماسي الجاري يخصص عناية للاستثمار المنتج الموجه للسوق المحلية والخارجية ضمن الرهان على خيار الاقتصاد خارج المحروقات القائم على إنتاج القيمة المضافة.