إدانة الاحتلال المغربي و تأكيد حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير    المهرجان الدولي للرقص المعاصر بالمسرح الوطني الجزائري: فلسطين ضيف شرف الطبعة ال13    معرض التجارة البينية الإفريقية: حيداوي يؤكد رهان قطاعه على تعزيز العلاقات بين الشباب الإفريقي    تكوين مهني: نحو مضاعفة المنح الموجهة للشباب الأفارقة بداية من السنة التكوينية المقبلة    حيداوي يستقبل المنشد العالمي ماهر زين عشية احياءه لحفل فني بالجزائر العاصمة    أمطار رعدية مصحوبة بالبرد في عدة ولايات من الوطن يومي الجمعة والسبت    معرض التجارة البينية الافريقية: غريب يؤكد على أهمية مساهمة الجاليات الإفريقية في تنمية القارة    عرقاب يتحادث مع نائبة رئيسة جمهورية ناميبيا حول تعزيز التعاون الثنائي    مصنع سيارات فيات بوهران: الشروع في انتاج طراز جديد في الأيام القادمة    الجامعة العربية: المخطط الصهيوني تجاوز حرب الإبادة إلى محاولة تصفية القضية الفلسطينية    الخارجية الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في وقف ارهاب المستوطنين المنظم    رئيس الجمهورية يقرر تنظيم مسابقة دولية في السيرة النبوية    معرض التجارة البينية الإفريقية بالجزائر: غريب يشرف على افتتاح يوم الجاليات الإفريقية    بداري يبحث مع المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية تعزيز التعاون وإنشاء أكاديمية متخصصة    رئيس المجلس الرئاسي الليبي: معرض الجزائر للتجارة البينية الإفريقية رافعة للتكامل القاري    أوباسانجو: معرض التجارة البينية الإفريقية محطة محورية لنهضة اقتصادية في القارة    الرئيس تبون يجري محادثات مع نظيره التشادي بالجزائر العاصمة    المجلس الشعبي الوطني يشارك في أشغال مؤتمر حول الموارد المائية بأديس أبابا    تصفيات كأس العالم 2026 / الجزائر-بوتسوانا (3-1) : "الخضر" يحققون الأهم ويقتربون من التأهل الى المونديال    تصفيات كأس العالم 2026 /الجولة 7 (المجموعة 7) : المنتخب الجزائري يفوز على بوتسوانا (3-1)    الفوز للاقتراب أكثر من المونديال    ملاكمة/ بطولة العالم-2025 : مشاركة الجزائر بأربعة رياضيين في موعد ليفربول    الإبادة تتواصل بوحشية في غزّة    الاعتداء على فتاة من قبل شابين بدالي ابراهيم: ايداع أحد المتهمين رهن الحبس المؤقت    أسر جزائرية تحيي ليلة المولد النبوي الشريف    مداحي تترأس اجتماعاً تنسيقياً    نحو تحيين مضامين البرامج التعليمية    قالها المغولي ويقولها نتنياهو.. والدهشة مستمرة!    برنامج جديد لخدمة الاتصالات الإلكترونية    ربيقة يدعو الشباب لصون رسالة الشهداء    تنظيم عدة مسارات سياحية للوفود المُشارِكة    الغزو الثقافي والفكري زمن العولمة الرقمية ليس قدرا محتوما الجزء الثالث    هذه دعوة النبي الكريم لأمته في كل صلاة    المغرب يمارس إرهاب دولة مكتمل الأركان    تضع برنامجا يعكس الموروث الثقافي الجزائري وأبعاده الإفريقية    فرصة للترويج للمنتجات الجزائرية و ولوج الأسواق الإفريقية    رئيس أفريكسيمبنك يقف على آخر التحضيرات بقصر المعارض    1100 شهيد في قطاع غزة خلال ثلاثة أسابيع    فتح مناصب بمديرية الشؤون الدينية والأوقاف للجزائر    شراكة بين "صيدال" وشركة "أب في" الأمريكية    الشرطة تستقبل 4670 مكالمة هاتفية    هلاك شخص في حادث دهس    لقاءات مثيرة والقمة في تيزي وزو    سهرة فنية بشطايبي تكشف عن روح البيّض في قلب عنابة    تتويج الفائزين في مسابقة "قفطان التحدي"    المدرب سيفكو يريد نقاط اللقاء لمحو آثار هزيمة مستغانم    حين يُزهر التراث وتخضب الحنّة أجواء الفرح    الخضر يُحضّرون لأهم مواجهتين    الفاف تمدّد الآجال    الإعلان عن قائمة الوكالات المؤهلة    اجتماع عمل تقني بين قطاعي الصناعة الصيدلانية والصحة    أكثر من 300 فلسطيني قضوا جوعاً في غزة    النظام الوطني للتنظيم الصيدلاني: اجتماع عمل تقني بين قطاعي الصناعة الصيدلانية والصحة    نسج شراكات استراتيجية لتعزيز السيادة الصحية للقارة    الإسلام منح المرأة حقوقا وكرامة لم يمنحها أي قانونعبر التاريخ    المولد النبوي يوم الجمعة    يوم الجمعة الموافق ل 5 سبتمبر القادم    ذكرى المولد النبوي الشريف ستكون يوم الجمعة الموافق ل 5 سبتمبر القادم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرمز منعدم في الثقافة الجزائرية
نشر في الشعب يوم 28 - 04 - 2021


شِعْرُنا لم يجد العناية الكافية من النقد
راهن القصيدة الجزائرية ليس تقليديا
في هذا الحوار مع الشاعر والناقد مشري بن خليفة، نحاول تناول الشعرية الجزائرية من منظور تاريخي، ومن خلال مسألة تقسيم تلك التجربة إلى «أجيال» متعاقبة، وما يترتب عن ذلك من إشكالات نقدية و»تاريخية».
ومشري بن خليفة، أستاذ الأدب بجامعة الجزائر، واحد من أبرز الشعراء الذين برزوا في ثمانينيات القرن العشرين، وسبق له أن مارس العمل الصحفي في مجلة «المجاهد الأسبوعي» قبل أن يتفرّغ للعمل الأكاديمي.
- الشعب ويكاند: رغم تعدد المواهب الشعرية في الجزائر، إلا أننا عجزنا عن الاتفاق حول « شاعر رمز». لماذا في رأيك؟
مشري بن خليفة: ينبغي أن نعترف أن الشعر الجزائري حديث عهد في تاريخ الشعرية العربية، على الرغم من امتداده التاريخي إلى تاريخ الدولة الرستمية وبروز شاعرها المتميز بكر بن حماد الذي ترك ديوانا شعريا راقيا «الدر الوقاد» وبروز شعراء في كل المراحل التاريخية التأسيسية للشعر الجزائري إلى غاية المرحلة العثمانية، حيث ظهر شاعر مهم جدا في هذه الفترة وهو الشاعر ابن عمار الجزائري، الذي اعتنى بشعره أبوالقاسم سعد الله عند تحقيقه لمخطوط «أشعار جزائرية».
وفي عصر النهضة، ظهر رمز شعري جزائري هو الأمير عبد القادر الجزائري، وفي المرحلة الاستعمارية، على الرغم من السياسة الاستعمارية التدميرية للثقافة واللغة العربية، إلا أن جمعية العلماء استطاعت أن تؤسس من جديد للشعر الجزائري، طبعا من مرجعية تقليدية إصلاحية، ولكنها قدمت شعراء كثر، وأصبح محمد العيد آل خليفة رمزا شعريا. ثم في مرحلة الثورة أصبح الشاعر مفدي زكريا رمزا شعريا.
بعد هذه البسطة التاريخية أريد أن أؤكد على أمر، أن الثقافة الجزائرية لا تؤمن بالرمز وتروج له، وهذه النزعة متأصلة في الجزائري وهي متأتية من ثقافته المتعددة والمختلفة. الرمز في الثقافة الجزائرية منعدم لعدة أسباب، تاريخية واجتماعية. وعليه، أرى أن الشعر الجزائري، قديما وحديثا، متعدد ومختلف. وانطلاقا من هذا الواقع المتعدد، لا يمكن أن يكون هناك رمز شعري متفقا عليه. إضافة إلى ذلك، أعتقد أن مسألة الرمز والسلطة والرمزية للشاعر قد ذهبت مع التقليدية، لأنها كانت تصنع الرموز حتى تحافظ على وجودها ووجود الشعر العربي في أصوله الأولى، والراهن الشعري الجزائري لا يسمح بوجود رمز شعري واحد ووحيد في ظل التعددية الشعرية والمرجعيات المختلفة، وعلى اعتبار أن الشعر الجزائري قد مر بمراحل مختلفة، لكنه لم يجد العناية الكافية من النقد وتقديمه والتعريف به. للأسف الشديد، ليست هناك دراسات شاملة تدرس الشعر الجزائري وتكتشف رموزه في كل مرحلة من المراحل التي مر بها تاريخيا، وهذا يحتاج إلى جهود النقاد والدارسين الأكاديميين في الجامعات للاهتمام بدراسة الشعر الجزائري قديما وحديثا من الناحية التاريخية والتطورات النصية.
- يقول البعض إن التجربة الشعرية في الجزائر «تقليدية» إلا في حالات استثنائية، ألا ترى أن الأمر يقترب من الحقيقة؟
هذا الحكم هو حكم قيمة وبعيد عن الحقيقة، ولا يستند إلى دراسة موضوعية.
المتأمل والدارس للشعر الجزائري، سيجد أن الشعر الجزائري صحيح بدأ تقليديا وهذا ليس عيبا، بحكم أن الشعر، كما قلت سابقا، أنه حديث عهد، لو نظرنا إلى الخطابات الشعرية في الجزائر منذ تأسيسه سنجد أنه مر بالعديد من المراحل وشهد تحولات بحسب المرجعيات. ولو نظرنا إلى الشعر الجزائري في عهد جمعية العلماء الجزائريين المسلمين، لوجدنا اهتمامها بالشعر وتشجيعها للشعراء في كتابة الشعر، وذلك بحكم دفاعها وتكريسها للثقافة العربية التي كانت مقصاة ومهمشة في الواقع جراء الاستعمار الفرنسي، وقد كان الشعر في مرجعيتها وخطابها جزءا من استعادة الشخصية الجزائرية. وعليه كان الشعر في توجهه تقليديا ويعيد إنتاج الشعر الأصل، ومن ثم نجد الجمعية قد احتفت بالشاعر أحمد شوقي عندما أعلن أنه «أمير الشعراء» في العصر الحديث، وهذا طبيعي لأن مرجعية الجمعية الإصلاحية تفرض عليها هذا التوجه في بناء الشعر وفق شروط الشعرية العربية الشفوية التقليدية، واستمر هذا المسار إلى غاية الأربعينيات من القرن العشرين، ولكن مع ظهور شعراء جزائريين من داخل الجمعية وعلى هامشها اتجه بعض الشعراء الجزائريين إلى الرومانسية لإحداث التغيير في مفهوم الشعر وقوله، ومن ثم ظهر شعراء يعلون من شأن الذات على اعتبار أن الجمعية وشعراءها كانوا وظيفيين في قول الشعر ومرتبطين برسالة وظيفية محددة تربوية وتعليمية وإصلاحية، بينما هؤلاء الشعراء الرومانسيون تمردوا وتوجهوا نحو الذات والطبيعة والكتابة عن واقعهم المزري، الذي اتسم بالسوداوية والحزن، بعد أحداث الثامن ماي 1945، وعليه حدث تحول في الشعر الجزائري وبدأ الشعراء الجزائريون يبحثون عن شكل مغاير يستطيع أن يعبر عن هذه المرحلة.
- كيف نشأ جيل الثورة الشعري؟
بداية من خمسينيات القرن الماضي، التي شهدت تحولا وأزمة حقيقية في الحركة الوطنية وتذمرا كبيرا من الواقع القمعي الاستعماري، برز جيل جديد طموح في كتابة الشعر، من وجهة نظر جديدة تتماشى مع هذا الواقع المتغير. فظهر شعراء شباب استفادوا من ثقافتهم المعرفية والنقدية وتعرفهم على التغير الذي حدث في الشعر العربي وتحوله من الرومانسية إلى كتابة الشعر الحر، من أمثال أبوالقاسم سعد الله ومحمد الصالح باوية وصالح خباشة وصالح خرفي وأبو القاسم خمار وعبد القادر السائحي وغيرهم من الشعراء... وفي مرحلة الثورة عمقت أكثر التوجه نحو الشعر الحر، على الرغم من بروز الشاعر مفدي زكريا بأشعاره الثورية التي اتخذت الشكل التقليدي أداة للتعبير، ولكن في نفس الوقت كان هناك مسار تجديدي هو نتاج الثورة أسس له سعد الله، من هنا بدأ التغيير في الشعر الجزائري في العصر الحديث، واستمر الحال على ما هو إلى غاية سبعينيات القرن الماضي التي شهدت ظهور جيل جديد من الشباب في مرحلة الاستقلال، وهذه المرحلة شهدت صراعا بين التقليديين والمجددين من الشباب الذين كانوا يبحثون عن ذاتهم من خلال كتابة شعر يعبر عن تجربتهم وواقعهم الجديد. ويشير الشاعر أحمد حمدي في كتابه «أحاديث مع رواد وأحاديث عن رواد»، إلى حدث مهم وتأسيسي في الشعر الجزائري الحديث في مرحلة السبعينيات الكثير منا لا يعرفه، وهو «ملتقى الشعراء الشباب» بقسنطينة من 20 إلى 22 أفريل 1972.
ولأول مرة يجمع هذا الملتقى الشعري بين شعراء باللغتين العربية والفرنسية، لمناقشة أهم القضايا التي يطرحها الشعر الجزائري الجديد، حيث ناقشوا أسباب الجمود وفترات الفراغ التي اعترت الشعر الجزائري، وطرحت - حسب الشاعر أحمد حمدي - عديد القضايا، منها على الخصوص «اكتشاف الذات، والعلاقات الاجتماعية، والهجاء الاجتماعي والانتحار والقلق والضجر» التي أصبحت جزءا من الواقع. وقد حضر المهرجان عدد من الشعراء الجزائريين باللغة الفرنسية، منهم على الخصوص جان سيناك ويوسف سبتي. والشعراء باللغة العربية وهما أحمد حمدي وجروة علاوة وهبي، وصدر بيان مهم عن هذا الملتقى الشعري الشبابي يدعو إلى ضرورة التجديد في الشعر الجزائري. وعليه، فإن الشعر الجزائري لم يكن تقليديا وإنما هو حداثي في مساره ومتطور في مفاهيمه وأدواته.
والدارس سيكتشف أن الشعر في الجزائر، ابتداء من مرحلة الثمانينيات، شهد تحولا كبيرا ومازال يشهد تغييرات كبيرة ولم تعد التقليدية هي المهيمنة على نصوصه وإنما انخرط كليا في الحداثة، وينبغي التوكيد أن الشعر الجزائري ليس اتجاها شعريا واحدا، فهو في واقع الممارسات النصية عدة اتجاهات متعددة ومختلفة. ولهذا كنت دائما أدعو إلى ضرورة البحث والدراسة في الشعر الجزائري الحديث والمعاصر وهذا ما نحتاجه في الوقت الراهن، حتى نبين أن الشعر الجزائري مختلف وله خصوصية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.