لابد من التطبيق الصارم للقانون ضد كل من يخوّن الرموز الوطنية تحقيق المشروع التنموي يتطلب العمل بجد أكد المؤرخ والأستاذ بجامعة وهران رابح لونيسي في حديث ل «الشعب»، بمناسبة ذكرى استرجاع السيادة الوطنية، أن هناك حرب إلكترونية تستهدف الجزائر وراءها فرنسا، المغرب والكيان الصهيوني، بهدف ضرب الأسس التاريخية للدولة الجزائرية وإشعال حرب الذاكرة بين الجزائريين يمكن أن تؤدي إلى حرب أهلية، مشيرا إلى أن البناء الوطني يحتاج إلى الاستقرار، وطالب بالتطبيق الصارم للقانون ضد كل تشويه لرموزنا. - «الشعب»: كيف يمكننا أن نحمي ذاكرتنا، خاصة في ظل التشويه الذي يطال الرموز الوطنية مثل الأمير عبد القادر؟ «رابح لونيسي»: لابد أن نفهم مَن وراء عملية تشويه رموزنا الوطنية. هناك حرب إلكترونية تطال الجزائر منذ أربع إلى خمس سنوات، في إطار حروب الجيل الرابع والجيل الخامس، وهي أطراف معروفة: فرنسا والمغرب والكيان الصهيوني، يروجون لبعض التشوهات. بدأوا بتخوين منطقة من مناطق البلاد نعرفها جيدا، ثم سيقع فعل ورد فعل، يعني تشويه رموز مقابل تشويه رموز أخرى على أساس جهوي وتعصب أيديولوجي… كل هذا يدخل في إطار حرب إلكترونية هدفها ضرب الأسس التاريخية للدولة الوطنية، المبنية على هذه الرموز، وإشعال حرب ذاكرة بين الجزائريين، يمكن أن تؤدي إلى حرب أهلية وفق مخطط معروف. ومن وراءه، كما قلت، المغرب وفرنسا والكيان الصهيوني، هذا الأخير هو طرف مخفي، ويعود إلى 1890 يقضي بضرورة تفكيك العالم العربي على أساس طائفي في المشرق وعلى أساس أوهام عرقية في بلاد المغرب، أمازيع وعرب، على أساس أنهما عرقان، وهم في الحقيقة شعوب اختلطت. نحن الآن لا نعرف من هو العربي والأمازيغي، ويبدو لي أنهم فشلوا في هذا، وبالتالي أعادوا ظاهرة أخرى وهي حروب الذاكرة، ونحن نعرف أن أغلب الحروب الأهلية بدأت بحروب الذاكرة، ما يستوجب تطبيقا صارما للقانون الذي وضعه الرئيس تبون وصادق عليه البرلمان على كل من يخون رمزا من الرموز الوطنية، مهما كانت أو يمارس العنصرية أو الجهوية. لابد من التطبيق الصارم لهذا القانون على الجميع دون استثناء. طبعا عندما نقول يخون، لا نقصد المؤرخ الذي ينتقد دون التخوين، لأن التخوين والتكفير أمور خطيرة جدا، لأن ما وقع في التسعينيات من القرن الماضي لا نسمح به اليوم. لابد على الدولة أن تكون قوية، لأن التكفير الذي حدث في الثمانينيات من القرن الماضي، أوصلنا إلى 10 سنوات من الدماء، قتل فيها آلاف الجزائريين. واليوم، ظهرت ظاهرة التخوين وهي مثل ظاهرة التكفير وممكن أن تذهب بنا إلى أمور خطيرة جدا، يمكن أن تهدد التماسك الإجتماعي، وحدتنا الوطنية وضرب الأسس التاريخية للدولة الوطنية وهو مهم جدا، لأنها بُنيت بملايين الشهداء، لا يمكن أن نتلاعب بها ونتصارع بسبب إشعال حروب الذاكرة، يمكن أن تهدد الوحدة الوطنية. - كيف يمكن الاستثمار في المواقع التاريخية، مراكز التعذيب وأماكن المعارك للترويج للذاكرة والتي يمكن أيضا استغلالها اقتصاديا في المجال السياحي؟ اليوم توجد عدة أنواع من السياحة. فالجزائر تتوفر على عدة معالم أثرية وتاريخية، لابد من الاهتمام كثيرا بآثار تخص مقاومتنا ضد الاستعمار الفرنسي، مثلما تخص مقاومتنا لكل استعمار الذي مر على هذه البلاد، لأن الاستثمار فيها يحقق هدفين: الأول، سياحي لكي ترى معالم سياحية. والثاني حرب ذاكرة مع فرنسا بإبراز جرائم الإستعمار الفرنسي في الجزائر، بالنسبة للأجانب وبالنسبة لأبناء بلدنا كي يعرفوا ما دفعه الجزائري من أجل إقامة دولته الوطنية، لأنه وكما يقول ابن خلدون، إذا جاء جيل لا يعرف التضحيات التي أقيمت لبناء الدولة تضيع هذه الدولة. وبالتالي اليوم لابد من ترسيخ هذه الذاكرة الوطنية في أبنائنا، كي يعرفوا حجم التضحيات الكبيرة التي دفعها الشعب الجزائري، وأجدادنا، من أجل إقامة الدولة الوطنية التي يجب الحفاظ عليها بأي ثمن كان. - تمر 59 سنة على عيد الإستقلال والشباب، في نظركم ما هي أهم الإنجازات التي تحققت إلى اليوم وهل فعلا استكملنا المشروع الوطني وما نص عليه بيان أول نوفمبر؟. أولا أنا أرفض كلمة الإستقلال، بل استرجاع السيادة الوطنية، لأننا لم نكن يوما جزءا من فرنسا كي نستقل عنها. نحن ضُربت سيادتنا الوطنية وبالتالي استرجعنا هذه السيادة، لأن الدولة الجزائرية كانت قائمة والأمة الجزائرية موجودة منذ آلاف السنين، ماذا حققنا؟. لابد أن نقول بكل صراحة عبر تاريخنا الطويل، عندما يأتينا استعمار نضحي وندفع ثمنا غاليا، لكن عندما نسترجع السيادة كأنه يحدث لنا نوعا ما إرهاق، لا ندخل في عملية بناء بأتم معنى الكلمة. ولابد من بناء وطني، لأن الدفاع عن سيادتنا يكون بدولة قوية بكل المجالات. نحن منذ 1962 حققنا إنجازات كبيرة جدا جدا لا يمكن إغفالها، بالرغم من النقائص والسلبيات، وجسدنا أول نوفمبر. البناء الوطني يتم لبنة لبنة وليس بين عشية وضعتها. الوطنية اليوم ليست فقط الدفاع عن الجزائر، بل بذل جهد الأكبر لنكون وطنيين بأتم معنى الكلمة، لبناء الجزائر لبنة لبنة مع ضرورة توفير الاستقرار للحفاظ على الدولة الوطنية من جهة، وثانيا لتحقيق المشروع التنموي من أجل تحقيق أهداف شهدائنا الأبرار ومجاهدينا، الذين كان حلمهم أن تسترجع الجزائر سيادتها وتكون قوية عسكريا، علميا، اقتصاديا وفي كل المجالات، وهذا لا يتحقق إلا بالعمل والجد، وهي الرسالة التي أوجهها لأبنائي في الجزائر.