لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الشعبي الوطني تثري برنامج عملها للدورة البرلمانية الجديدة    بوغالي: المجلس الشعبي الوطني ملتزم بتكييف المنظومة التشريعية مع الإصلاحات الوطنية    الخبير الأمريكي جيوف بورتر: الجزائر "جزيرة استقرار" في شمال إفريقيا ووجهة واعدة للاستثمار الطاقوي    بداري يشرف على تنصيب اللجنة الوطنية لمتابعة الابتكار وريادة الأعمال الجامعية وإطلاق تحدي "بروتو ماركت"    جانت.. دورة تكوينية في صناعة السلال التقليدية    الرئيس تبّون يتلقّى رسالة من بن سلمان    نائبان في إسطنبول    الجزائر تواصل ترسيخ موقعها كقطب استراتيجي    المناقصات الأخيرة أكدت الجاذبية الكبيرة للجزائر    الجيش الصهيوني يعترف بمقتل 1152 جندي    غزّة بعد سنتين من الحرب والإبادة    نظام داخلي جديد للبرلمان    بلمهدي: التعليم القرآني ركيزة أساسية    أمن البليدة يستقبل 11 ألف مكالمة    مدارس تمنع الهواتف النقاّلة عن التلاميذ    الأراضي الفلاحية خط أحمر    تهنئة رئاسية لأبطال الجزائر    الجزائر بوابة للسوق الإفريقية بمناخ أعمال جذاب    ممثلة البوليساريو بألمانيا تدعو إلى دعم الجهود الأممية    الرئيس ماكرون في ورطة    الرئيس تبون حريص على ربط الجامعة بالواقع الاقتصادي    تربص "الخضر" ينطلق على وقع هدف التأهل المونديالي    مولوجي تهنّئ أبطال الجزائر    صادي يشارك في اجتماع اتحاد شمال إفريقيا لكرة القدم    تعزيز التعاون الإفريقي خيار استراتيجي للجزائر    الجزائر ترسّخ موقعها كقطب طاقوي استراتيجي    آليات دقيقة لتجسيد اتفاقيات معرض "إياتياف 2025"    الرئيس تبون يتسلم رسالة من ولي العهد الأمير بن سلمان    تكفّل استعجالي باحتياجات مواطني الجلفة    من بؤس الأحياء القصديرية إلى ويلات الحرب    سكيكدة بألوان "أكتوبر الوردي"    نشاطات صحية متنوعة بقالمة    "ماوكلي" و"جومانجي" على شاشة سينماتاك عنابة    التراث الثقافي لمستغانم في ضيافة سطيف    توزيع الجوائز على الفائزين في مختلف المسابقات    مهرجان الجزائر الدولي للفيلم يفتح باب التسجيل للمشاركة في أول دورة من "سوق AIFF" المخصص للسينمائيين    رئيس المجلس الإسلامي الأعلى يبحث مع رئيس مهرجان لحويطات سبل تعزيز التعاون الديني والثقافي    وفرنا أكثر من 385 ألف منصبا تكوينيا عبر مختلف المؤسسات    غوستافو بيترو : "حانت ساعة الحياة أو الموت"    فلسطين : 6 شهداء برصاص وقصف الاحتلال    ربع مليون شهيد وجريح ومفقود فلسطيني    نعمل على توفير جميع الإمكانيات لهيئة التفتيش    الأدب ليس وسيلة للمتعة فحسب بل أداة للتربية والإصلاح    فتاوى : إنشاء صور لذوات الأرواح بالذكاء الاصطناعي    سر عظيم لاستجابة الدعاء الخارق    إبراز أهمية إدارة وثائق البنوك والمؤسسات المالية    دعما لفلسطين.. إيقاف مباراة في إسبانيا    الفاف تُحذّر    تحسبا لمباراتي الصومال وأوغندا.. مفاجآت وأسماء جديدة في قائمة "الخضر"    قائمة المنتخب الوطني للاعبين المحليين : غياب مبولحي ومحيوص وعودة سعيود وبولبينة    عرض تجربة "كناص" في الابتكار بمنتدى كوالالمبور    هذه مخاطر داء الغيبة..    إلتزام الجزائر بترسيخ البعد الإفريقي في سياستها الصحية    ضبط نشاط شركات التنظيف في المستشفيات    أم البواقي : تنصيب أزيد من 100 مستخدم شبه طبي بالمؤسسات الصحية العمومية    الحكمة بين اللين والشدة    فتح التسجيلات في القوائم الاحتياطية للتكوين شبه الطبي    التعارف في سورة الحجرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزائر تلقّن باريس درسا قاسيا
نشر في الشعب يوم 13 - 10 - 2021

تسجل العلاقات الجزائرية - الفرنسية، واحدة من أسوإ الأزمات التي جعلتها، لأول مرة منذ عقود، مفتوحة على جميع الاحتمالات. والمؤكد أنه بات من الصعب للغاية عودتها إلى ما كانت عليه قبل تطاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الدولة الجزائرية، شعبا وحكومة.
حينما قررت الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة المغربية، في 24 أوت الماضي، تفاجأ كثيرون وعلى رأسهم نظام المخزن نفسه من قسوة الرد الجزائري على سنوات طويلة من الاستفزازات والأعمال العدائية.
وعكس ما حاولت الخارجية المغربية ترويجه، تأكد بما لا يدع مجالا للشك، أن إمعان المغرب في "الكيد" للجزائر دون توقف، هو اعتقاده أن التوتر ومهما بلغ لا يمكن أن يصل للقطيعة، لكن الرد جاء حاسما جدا.
وفرنسا مثل المغرب، لم تحسن أبدا قراءة تحولات السياسة الخارجية الجزائرية في السنتين الأخيرتين، لذلك صدمت هي الأخرى من سلسلة القرارات المتخذة من قبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، عقب صدور تصريحات الرئيس ماكرون في جريدة "لوموند".
كان يلزم باريس سنتين كاملتين حتى تفهم أن الجزائر توقفت عن اعتماد مقالات الصحف ومحتويات القنوات الفرنسية في بناء قرارها مع فرنسا، ولا يمكنها أن تقبل استمرار الأخيرة في استغلال وسائل الإعلام لإيفاد رسائل أو ليّ الذراع، مثلما كان عليه الحال في سنوات ماضية.
وسبق أن استدعت الجزائر سفيرها لدى باريس للتشاور العام الماضي، على خلفية وثائقي فرنسي مسيئ للحراك الشعبي. وقبله استدعت السفير الفرنسي لديها للاحتجاج على مضمون وسائل إعلام عمومية فرنسية (فرانس 24). لكن الأمر تطلب سنة أخرى لتفهم أن العلاقة بين البلدين لا تتم عبر هذه الوسائط.
وأكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أن معالجة الملفات المطروحة لا يتم عبر وسائل الإعلام "وحتى وإن كان هناك مشكل، لا ينبغي الثرثرة عبر جريدة من أجل الشعبوية والحملة الانتخابية"، في إشارة إلى محاولة السلطات الفرنسية تبني جزء من خطاب اليمين المتطرف لاستمالته تحسبا للانتخابات الرئاسية المقبلة.
صدمة في فرنسا
من الواضح أن الرد الجزائري الرسمي على تطاول ماكرون، تسبب في حالة ارتباك كبيرة لباريس، بدليل الانقسام الظاهر في التعاطي مع الأزمة الحالية داخل الحكومة الفرنسية نفسها.
فالجناح اليميني، الذي يمثله وزير الداخلية صاحب "الكذبة الكبرى"، جيرالد موسى ديرمانان، يحاول الدفع معركة عظام في ملف الهجرة، والتلويح بمراجعة اتفاقية 1968، في وقت بدا الرئيس ماكرون كمن استفاق من نشوة مغازلة التيار العنصري، ليبحث عن تهدئة.
وخرج، الثلاثاء، أحد أقوى رجالات النظام الفرنسي، في السنوات العشر الأخيرة، جون إيف لودريان، وزير الخارجية، بتصريحات يؤكد فيها أن بلاده "تحترم سيادة الجزائر بما في ذلك مسألة الذكرة".
وقال أمام الجمعية الوطنية (البرلمان): "الرئيس إيمانويل ماكرون عبّر أخيراً عن احترامه الكبير للشعب الجزائري، وهذا يظهر احترامنا الكامل لسيادة الجزائر".
وكان ماكرون، عبر عن رغبته في التهدئة مع الجزائر، بعد الأزمة الحادة التي تسبب فيها، بالتواطؤ مع صحفي بجريدة "لوموند"، محاولا في المقابل التقليل من شأن استدعاء السفير الجزائري للتشاور.
ماكرون الخاسر الأكبر
مع احتدام النقاشات، اكتشف الرئيس المهووس بالعبور إلى عهدة رئاسية ثانية، أنه وقع في قعر عنصرية وضغينة، سحبه إليه محيطه الضيق من أشخاص معروفين بعدائهم لوحدة الجزائر وحقيقة استقلالها عن فرنسا.
وأدانت نخب فرنسية بارزة تصريحات ماكرون، على رأسها المؤرخ بنيامين ستورا، الذي سبق وعيّنه كمكلف بمهمة إعداد تقرير حول ملف الذاكرة مع الجزائر. وقال ستورا: "إن إنكار وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي، كذب. فمن ضرب قنصل فرنسا بالمروحة سنة 1827؟".
المرشح السابق للرئاسيات الفرنسي، ورئيس حزب فرنسا المتمردة، جان لوك ميلونشون، هاجم هو الآخر تصريحات ماكرون، وقال "إنها لا تليق برئيس دولة وإنما برئيس منظمة غير حكومية".
وأكد أنه ينبغي عليه (ماكرون) أن يخاطب الدول الأخرى بطريقة معينة وليس الإدلاء بتصريحات غير مسؤولة".
والخاسر الأكبر من الأزمة الحالية بين البلدين، هو الرئيس الفرنسي، إذ وجد نفسه بين سندان النخب المعتدلة ومطرقة اللوبيات اليمينية المتطرفة، فكلاهما يؤكدان أنه تسبب في الإساءة لصورة فرنسا في الخارج، سواء بتصريحات مسيئة مليئة بالكذب والجهل بالتاريخ، أو بسبب الرد الحازم والقوي للجزائر الذي يوحي بتغير التوازنات في المنطقة الجيو سياسية.
وقالت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، إن "الجزائر سحبت سفيرها ولم تسمح للطائرات العاملة في مالي بالمرور عبر أجوائها... إنها لم تعد تحترم فرنسا"، في إشارة إلى انتهاء صلاحية الهيمنة الاستعمارية.
وقدمت الجزائر ردّا بنّاء، معززا بحقائق التاريخ المشين للاستعمار، على ماكرون وربطت عودة السفير إلى باريس بالاحترام الكامل للدولة الجزائرية، "القوية بجيشها الأبيّة بشعبها الذي لا يرضخ إلا لله".
وتنبع قوة الرد الجزائري، من بعده الشعبي، حيث أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أن "العلاقات مع فرنسا مسؤولية شعب وأمة وتاريخ... والتاريخ لا يزوّر". وسيكون على فرنسا إثبات معاملة جديدة مع الجزائر على أساس الاحترام المتبادل، بعيدا كل البعد عن "شوائب الماضي الاستعماري"، وستكون ذكرى 17 أكتوبر أول اختبار للرئيس الفرنسي وما إذا كان قادرا على إزالة الفوضى التي تسبب فيها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.