اتّسمت الحكومة الإسبانية بخطاب يقترب من الاستعماري في قمة الحلف الأطلسي التي احتضنتها العاصمة مدريد الأيام الماضية فاجأ شركاءها الأوروبيين، ويتسبّب لها في مشاكل مع جيرانها وهذه المرّة مع دولة مالي. استغلت الحكومة الاشتراكية بزعامة بيدرو سانشيز احتضان اسبانيا لقمة الحلف الأطلسي، وسعت إلى تحقيق بعض مطالبها العسكرية والسياسية في التصور الجديد الذي تبناه الحلف الأطلسي. وحاولت الحكومة الاشتراكية إقناع الحلف الأطلسي بالتدخل في منطقة الساحل وبالخصوص في مالي لمواجهة مخاطر التنظيمات الإرهابية، لكن حكومة مالي اعتبرت التصريحات التي صدرت عن وزير الخارجية الإسباني خوسيه ألفاريس، اعتداء على حرمتها لأنّه يحرض على وحدة دولة تواجه الإرهاب. واستدعت وزارة الخارجية المالية السفير الإسباني لديها، خوسيه هورنيرو غوميث، وطلبت تفسيرات حول تصريحات وزير الخارجية بمطالبة الحلف الأطلسي التدخل في مالي. وقال وزير الخارجيّة المالي عبد الله ديوب، خلال مقابلة أجراها معه التلفزيون الرسمي: «استدعينا سفير إسبانيا إلى وزارة الخارجيّة لإبلاغه احتجاجنا الشديد على هذه التصريحات». وأضاف إنّ «هذه التصريحات غير مقبولة وغير ودّية وخطرة» لأنّها تنطوي على «ميل إلى التشجيع على شنّ عدوان ضدّ بلد سيّد ومستقل»، قائلا: «طلبنا تفسيرات وتوضيح هذا الموقف للحكومة الإسبانيّة. نأمل في وصول (التفسيرات والتوضيح) سريعا». تدخّل الناتو في ليبيا وسّع رقعة الإرهاب تابع وزير الخارجيّة «على الوزير أن يتذكّر أنّ انعدام الأمن حاليا، واتّساع رقعة الإرهاب في منطقة الساحل مرتبطان خصوصا بتدخّل الحلف الأطلسي في ليبيا الذي لا نزال ندفع ثمن تداعياته». وللمرّة الأولى، تشير خريطة الطريق الأخيرة للحلف الأطلسي، إلى «مصلحة إستراتيجيّة» تكتسيها بالنسبة إليه مناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والساحل، وأيضا على وجه الخصوص المخاطر التي يشكّلها الإرهاب والهجرة غير النظاميّة. ويبقى في الأخير الإشارة إلى أنّ مخاوف مدريد من أن يؤدّي انعدام الاستقرار في منطقة الساحل إلى ازدياد الهجرة غير النظاميّة، لا يبرّر مطلقا تهديدها بتدخل «الناتو»، ثم ماذا قدّم تدخّل هذا الأخير في ليبيا قبل عقد من الزمن، غير أزمة تتعقّد يوما بعد الآخر، وتمدّدا إرهابيا.