تزخر، العديد من المكتبات بالمسيلة بمختلف الكتب التاريخية التي تروي نضال شعب أعزل ضد المستعمر الفرنسي الغاشم، وتوثق معارك طاحنة التي وقعت فصولها بمنطقة الحضنة التي كانت معقل الثورة والثوار، ورمز من رموز الصمود، دفعت الآلاف من الشهداء ورعيل من المجاهدين منهم من قضى نحبه ومنهم من يزال يستذكر ما فعله به المستعمر الفرنسي بعد مرور ستين سنة من استرجاع السيادة الوطنية. توثق العديد من الكتب والمجلات والأشرطة المصورة، لشهادات حية لمجاهدين لازالوا يستذكرون ما ارتكبه المستعمر الفرنسي من جرائم في حقهم وفي حق مواطنين عزل، لا لشيء سوى أنّهم رفضوا الهمجية الاستعمارية وأراد البحث عن نور الحرية، والاستقلال بدفع أنفسهم فداء للوطن والحرية. تعتبر العديد من الكتب والمجلات التي تروي همجية استعمارية بمنطقة الحضنة العميقة خلاصة ما حفظته الذاكرة الشعبية بصدقها وعفويتها في سرد وتوثيق لأحداث كانت، ولازالت وصمة عار في جبين الاحتلال الفرنسي الغاشم. «القمح المعجون بالدم» هو كتاب للكاتب والباحث في التاريخ «إدريس قطوش» مكون من أكثر من 300 صفحة صادر عن دار الهدى»، يروي ملاحم الحضنة خلال الثورة التحريرية سنوات 1954 إلى 1962 بمقدمة للمرحوم الكتاب «عياش يحياوي» يروي تفاصيل كفاح قرية لقطاطشة التابعة إداريا لبلدية الدهاهنة المتاخمة لجبال برج بوعريريج، وجبال أولاد تبان، والتي كانت مسرحا للعديد من المعارك يرويها الكاتب» إدريس قطوش» عن أبيه. يبدأ المؤلف كتابه بسرد جرائم فرنسا الاستعمارية في حق المجاهدين، انطلاقا من تفجير جسد الشهيد «عامر أحمد بن عبد الله «، وبطولات الشهيد بلال شريف المنحدر من بلدية عين الخضراء والذي جرع الاستعمار الفرنسي الويلات خلال العديد من المعارك. وتحدث مطولا عن الشهيد بوزيدي سعد المنحدر من بلدية برهوم، وحادثة استشهاد قطوش موسى بن الزيتوني « الذي حاول الانضمام إلى الثورة التحريرية، أين تم ضمه لكتيبة بوعجاجة رفقة 110 جنديا خاضوا معركة بجبل قديل بقيادة علاوة هبال رفقة كتيبة البطل عزيل عبد القادر بعد أن كانوا في طريقهم لإستقبال العقيدين «عميروش وسي الحواس «. إلا أنّ بعض الخونة رصدوا تحركاتهم، وأبلغوا الجيش الفرنسي الذي كان في انتظارهم، فاندلعت المعركة التي حمي وطيسها وأستشهد فيها «قطوش موسى بن الزيتوني» وعطوي موسى والكثيرون ممن دفع نفسه فداء للاستقلال. وتناول الباحث «إدريس قطوش» في كتابه نقلا عن والده معركة خسر فيها الجيش الفرنسي 611 عسكري في معركة خاضوها ضد كتيبة الشهيد البطل أحمد بن دريميع، في معارك عديدة منها الهجوم على مركز الحركة في أولاد خلوف، والهجوم على مركز قلال وقتل المستوطن سانبو، والهجوم على مركز مزرعة «فيجي دوار بن ذياب»، وعلى محتشدات بازر سكرة وإعدام العديد من المستوطنين. معركة جبل قديل يروي قطوش في كتابه ما سمعه عن والده حول معركة جبل قديل التي وقعت في ماي 1960، والتي كانت بدايتها حسبه بتنصيب عسكري الناحية الرابعة الملازم الأول» زهيمي السقاي» المنحدر من بلدية عين الخضراء والذي تلقى أمر من قائد الناحية « ناصر عبد القادر» على اللقاء بجبل قديل لأخذ التنظيمات الجديدة الموجهة للتنفيذ بقيادة جلول زهير المدعو لبلاندي، رفقة ثلاثين فردا قدموا عن طريق منطقة بريكة إلى ضفاف جبل قديل. ترجلوا بعد ما ركبوا الخيل من بريكة باتجاه مركز جغبال ببلدية الدهاهنة، وبدأت فرنسا بقنبلة القرية مع بزوغ الفجر بعد أخذهم خبر وجود جيش التحرير بالمنطقة، ومنذ الساعة التاسعة صباحا إلى الرابعة مساءا ولهيب المعركة ملتهب استعملت فيها فرنسا مختلف الأسلحة والطائرات. وأدّت إلى استشهاد حوالي ثلاثين جنديا، وإلقاء القبض على الشهيد بوزيدي بوكامل خبير المتفجرات الذي أعدم دون محاكمة، تلتها مجزرة القطاطشة التي وقعت في 8 و9 ماي استشهد فيها الآلاف من أبناء المنطقة، وأسهب الكاتب في الحديث عن تفاصيلها. وتطرق الكاتب في فصول كتابه إلى العديد من المعارك، التي خاضها الجزائريون لأجل تحرير وطنهم. معارك ومحتشدات التعذيب أولى خطوات المستعمر أشار الدكتور قارة مبروك بن الصالح، في كتابه بعنوان» المسيلة والقديم»، والحديث حول بداية الاحتلال الفرنسي وفي 29 ماي 1840 إلى إنطلاق حملة نيقري بالمسيلة قادمة من سطيف، ودخول فرنسا للمسيلة فعليا في 11جوان 1841 بقيادة الجنرال بيدو وقائد الفرقة المحلية للمسيلة» أيرد «. وقد أسسوا بها المعتقلات والمحتشدات العديدة، ومراكز التعذيب لسجن وتعذيب مواطني المسيلة من بينها مركز التعذيب الثاني بيرو» deusiéme bureau « بشارع عيسات إيدير وسط المسيلة، والذي مازال قائما إلى اليوم، إضافة إلى بناء محتشد التعذيب الخاص ASS بشارع فرنسا العرقوب وسط المسيلة، والذي حول فيما بعد إلى مقرات للإدارة العمومية مازال قائما وإنشاء محتشد التعذيب الخاص بسد واد القصب شمال المسيلة، مازال قائما ومحتشد التعذيب الخاص برج قارة المجاز شمال المسيلة. يذكر قارة مبروك في كتابه أنه، وفي سنة 1958 أسست الثكنة العسكرية بمحطة المسافرين جنوبالمدينة، وأنشئ مطار عسكري بمنطقة الطرقي بالشمال للملاحة الجوية العسكرية، وقد أحدث الاستعمار الفرنسي في المسيلة فسادا في الممتلكات، بمصادرة الأراضي وتسليمها للمستوطنين اليهود وتفقير الشعب، وإحداث خسائر جسيمة في الأرواح سقط خلالها عشرات الآلاف من الشهداء والمفقودين. وكشف الكاتب في كتابه عن وقوع العديد، من المعارك الكبيرة كانت المسيلة مسرحا لها على غرار معركة بوطالب في 1956 بقيادة ساطور أحمد، ومعركة جبل محارقة في 1956، و1957 بقيادة خليف بن قسيم وتومي عاشور سقط فيها 21 شهيدا مع إسقاط طائرة هليكوبتر. ومعركة القطارة في 1958 بقيادة عبد القادر ذبيح وبن قسيم وزلوف عمر، ومعركة لعراب بجبل محارقة في 1960 بقيادة محمد شعباني، لعجال سليمان لكحل عبد القادر، سقط فيها 22 شهيدا مع إسقاط طائرتين بمسيف، ومعركة جبل الزرقة بجبل امساعد في 1957، والعديد من المعارك التي كان أبناء المسيلة يستميتون في الدفاع عن وطنهم بالنفس والنفيس. معركة البناء والتشييد تطرق الدكتور قارة في المؤلف ذاته إلى معركة الاستقلال والبناء والتشييد، منذ خروج الاحتلال الفرنسي مهزوما مدحورا أمام شعب أعزل يعاني الفقر-الجهل- التخلف- الأمراض، بفضل إرادة الرجال والنساء، الذين آمنوا بحياة الوطن، وبأهمية هذا اليوم في حياة شعبنا الجزائري وتقديره من طرف الشعوب العربية والعالمية المحبة للحرية والسلام. ويروي الكاتب أنّه، عشية الاستقلال هبت الجماهير الشعبية عن بكرة أبيها كبارا، صغارا شيوخا وأطفالا نساء ورجالا على حدّ سواء للاحتفال بعيد النصر والاستقلال، حاملين الأعلام الوطنية، مرددين شعارات تدل على الفرح والابتهاج بهتافات « تحيا الجزائر»،» عاشت الجزائر»، «تحيا الحرية»، «يحيا فرحات عباس»، «يحيا بن بلة»، «يسقط الاستعمار»، «تسقط فرنسا». وفي مشهد ضخم تعلوه الزغاريد مع دوي أبواق السيارات، والشاحنات والحافلات بينما الجماهير منهم من كان يمشي، ومنهم من كان بالسيارات والحافلات تحت أنغام ومواكبة الأناشيد الوطنية والثورية، ومن بين الشعارات التي كان يردّدها الشعب والتي تبين مدى عظمة هذا اليوم في حياة أمتنا ووطننا الغالي على غرار «حزب الثوار ومعاهم هانت لعمار يالخاوة». « إيه قداش نفكر في الجزائر عادت حية»،»قسما بالدم لن أنسى الجزائر» ، «أنا جندي ثائر في أرض الجزائر»، «يا أهل الجزائر هلت بشائر للنصر بان لو دليل»،»إخواني لا تنسوا شهداءكم من ضحوا لحياة البلاد»،»حماة الحما هلموا لمجد السماء»، و»قسما بالنازلات الماحقات والدماء الزاكيات الطاهرات». وبالمسيلة بعد الاستقلال شمّر أبناؤها عن سواعدهم، لاستلام زمام الأمور والالتحاق بأماكن العمل التي كان يعمل بها المستوطنون الفرنسيون، وخاصة منهم المستوطنون الحرفيون ومستوطنون فلاحون على غرار مزارع فورني، ومزارع فوريستيو وبونص، ومزارع دورا إضافة إلى مزارع تقتطع كل الأراضي الغربية، إلى حدود أولاد منصور ومزارع أخرى غرب الحي الإداري حاليا مع حي وعواع، وحي الزاهر به أشجار الزيتون، إضافة إلى صقل مواهبهم في مجال الصناعة التقليدية كالحلي والفضة.