ملابس تقليدية للاحتفال بالمؤسّسات التعليمية ودور الحضانة يحتفل الجزائريّون بذكرى المولد النبوي الشريف بتقاليد وعادات مميزة تختلف من منطقة الى أخرى، فإلى جانب الأطباق التقليدية تحرص المؤسسات التعليمية والمساجد على الاحتفال بالمناسبة من أجل ترسيخ السيرة المحمدية في اذهان الأطفال، إلى جانب حضور المناسبة القوي في كل تفاصيل يوميات الجزائريين. في جولة قادتنا إلى الأسواق الشعبية وجدنا نسائم المولد النبوي قوية فرائحة البخور والعنبر والشموع أصبحت المسيطر الأول على أجوائها، وبالرغم من انخفاض الاقبال على شراء المفرقعات والألعاب النارية مقارنة بالسنوات السابقة، إلا أن الأولياء يشترون لأبنائهم ولو كمية قليلة منها فقط ل «الفال». انخفاض كبير هو أحد الباعة الموسميّين الذين يغتنمون المولد النبوي الشريف لبيع المفرقعات والشموع لتحقيق ربحا أكبر، أمين في حديثه إلى «الشعب» أكّد أنّ الإقبال على شراء المفرقعات والألعاب النارية انخفض بشكل كبير مقارنة بالسنوات الفارطة، خاصة وأنّه تزامن مع الدخول المدرسي هذه السنة، مع ما تعرفه القدرة الشرائية من تراجع أصبح شراء مثل هذه السلع غير مقبول ومرفوضا من طرف الاولياء. في الوقت نفسه أكّد أنّ ارتفاع أسعار المفرقعات والألعاب النارية ساهم في عزوف الاولياء الذين وجدوا أنفسهم بين المطرقة والسندان، فأينما ولوا وجوهم تلفحهم نار الأسعار المرتفعة، فمفرقعات «الزندة» مثلا ارتفع سعرها الى 350 دج، أما «البوق» فبلغ سعرها 750 دج، أما «الشيطانة» فب 600 دج، أما «المرقازة» فب 1300 دج. من جهة أخرى، لاحظ أمين أنّ التضييق على مستوى الجمارك منع إغراق السوق بالمفرقات كما تعوّدنا في سنوات ماضية قبل جائحة كورونا، مشيرا إلى أن الشموع والعنبر والبخور أهم ما تقبل عليه العائلات، تقتنيها بكميات محدودة فقط من أجل «الفال» وإحياء المناسبة في أجواء مغايرة عن الروتين اليومي. «اللمّة» المفقودة من جهتها، أبرزت حورية ستيتي ربة بيت وأمّ لثلاثة أطفال، أن المناسبة فقدت الكثير من تقاليدها بسبب التصدع الكبير الذي تشهده العلاقات الاسرية، فلم يعد الأبناء اليوم حرصين على إحياء «عشات المولود» في بيت العائلة الكبيرة، لتفضيلهم البقاء في منازلهم وسط أسرتهم الصغيرة رغم أن مثل تلك المناسبات هي بمثابة فرصة لالتقاء العائلة الكبيرة بأجيالها الثلاث الأجداد الاعمام أو الاخوال والاحفاد، ما يعزّز العلاقات الاجتماعية ويزيدها ترابطا وتماسكا. وقالت في سياق حديثها ل «الشعب»: «تعودت منذ صغري إحياء المناسبات الدينية وسط الاهل والأصدقاء والجيران، لكن اليوم تغيرت الأمور ولم تعد ل «لمة» لعائلة أي أهمية بل أصبحت عند البعض مناسبة لافتعال مشاكل أكبر تزيد الهوة بين أفراد العائلة الواحدة، فقد انتقل صراع الكنة والعجوزة الى مرحلة أخرى أصبح الأبناء طرفا مهما فيه، يميلون في اغلب الحالات الى كفة زوجاتهم على حساب أمهاتهم، حتى أصبحت زيارة الاهل عبئا ثقيلا عليهم، لذلك نشهد اليوم حدوث شرخ كبير بين الأجداد والاحفاد، الذي وصل بهم الامر الى عدم التعرف على احفادهم بسبب انقطاعهم عنهم». واستطردت قائلة: «أتذكر تلك السعادة التي كانت تغمرني عندما أزور جدي وجدتي في المولد النبوي الشريف بحي القصبة، كان له عبق خاص جدا في وسط الدار أين تجتمع النسوة حول سينية الشاي وبعض الحلويات كالصامصة والمقروط والمشوشة وصبيعات لعروسة، كانت النسوة تلتقي بعيدا عن أي ضغائن ومشاحنات، كانت تضعن كل مشاكلهن جانبا للاحتفاء بالمناسبة التي تنتهي بتخضيب أيدي الأطفال بالحناء فرحا بيوم مولد خير الأنام، كنت أتمنى أن يعيش احفادي هذه التفاصيل الدقيقة لكن الزمن تغير وتغير معه ناسه، ولم يعد الامس كاليوم ولم تبق لنا التكنولوجيا سوى الجفاء والقسوة في علاقاتنا الاجتماعية». للتّلاميذ نصيب من الاحتفال تؤدّي المؤسّسات التعليمية خاصة في الطور الابتدائي ودُور الحضانة دورا مهما في ترسيخ المناسبة في ذاكرة الأطفال، حيث تخصّص عشية ليلة المولد النبوي الشريف للاحتفال بالمناسبة من خلال سرد بعض من السيرة النبوية وإشعال الشموع وإحضار بعض الحلويات ك «الطمينة» والمشروبات، حصة بعد الظهر بالنسبة للأطفال فسحة للاحتفال والخروج من الروتين اليومي للدراسة، فيما تفضّل بعض دور الحضانة إلزام الأطفال بارتداء زيا تقليديا يتلاءم مع المناسبة، ما يضفي أبهة وتميزا على الاحتفال. وأكّدت سميرة، أم لطفلتين بحضانة بحسين داي، أنّ بنتيها تسعدان كثيرا بالمناسبة، خاصة وانهما ترتديان زيا تقليديا، كان في العام الماضي جبة فرقاني، بينما كان الكراكو من نصيبهما هذه السنة، وقالت: «يجد بعض الأولياء من شراء هذه الأزياء لأطفالهم الصغار مصروفا إضافيا وغير مبرر، لكنه في الحقيقة أحد أهم الأدوات لترسيخ المناسبة لدى الأطفال، خاصة في السن اقل من الست سنوات»، وأضافت: «على الأقل يحتفلون بالمناسبة بعيدا عن أية أخطار ملازمة للمفرقعات والألعاب النارية، ففي المرة السابقة أصيبت ابنتي بحروق في يديها وهي لا تتجاوز الأربع سنوات بعدما أعطاها ابن خالها مفرقعات انفجرت في يدها، طبعا قال إنه لم يقصد إيذاءها ولكن الأذى وقع رغم تحذيري لهم بعدم اللعب مع ابنتي بهذه الألعاب النارية».