الجزائر تظفر بعضوية أول مكتب تنفيذي للمنظمة العالمية لشباب حركة عدم الانحياز    هاتف نقال: ارتفاع استثمارات "أوريدو الجزائر" الى 6ر8 مليار دج في السداسي الأول    فلسطين: الخارجية تطالب المجتمع الدولي بوضع حد لجرائم المستوطنين الصهاينة ضد الشعب الفلسطيني    الألعاب الإفريقية المدرسية /الجزائر2025/: الجزائر تعزز مركزها الثاني في جدول الميداليات بعد منافسات اليوم الرابع    الألعاب الإفريقية المدرسية /الجزائر2025/: المنتخب الوطني للملاكمة (إناث)، من اجل خطف أكبر عدد من الألقاب    عطلة الأمومة: إجراءات هامة تضمنها قانون التأمينات الاجتماعية الجديد    السيد زيتوني يقف على التحضيرات تحسبا لمعرض التجارة البينية الإفريقية 2025 بالجزائر    السيد عطاف يستقبل وزير خارجية نيجيريا    الصحراء الغربية: الإعلام الدولي يواصل تسليط الضوء على تداعيات تصوير فيلم سينمائي في الداخلة المحتلة    تواصل موجة الحر بجنوب الوطن وارتفاع الامواج بعدد من الولايات الساحلية وأمطار في أخرى    عين تموشنت: مصنع تحلية المياه بشط الهلال يتجاوز مليار م3 من المياه المحلاة منذ بداية الاستغلال    وهران: استزراع 20.000 وحدة من صغار البلطي الأحمر    البطولة الإفريقية للمحليين-2024 (المؤجلة الى 2025) /تحضيرات: المنتخب الوطني ينهزم أمام شبيبة الساورة (0-1)    الرئيس الإيطالي يندد بالوضع الإنساني في غزة ويدين جرائم الكيان الصهيوني في القطاع    زعلاني يرافع لقانون مكافحة الاتجار بالبشر    الجزائر لن تتراجع عن دعم فلسطين    افتتاح صالون دعم الاستثمار    زيتوني يشدد على ضرورة تعزيز آليات التوزيع    خطوة قويّة لتعزيز العلاقات الأخوية    استذكار مواقف أيقونة النضال والتحرر    رئيس لجنة تنسيق اللجان يشيد بالتنظيم المحكم    بوجمعة يُنصّب الرئيس الجديد لمجلس قضاء الجزائر    ناصري يبرز جهود الجزائر لتكريس نظام دولي عادل    الموانئ المغربية في خدمة آلة الإبادة الصهيونية    بللو يؤكّد الدور الاستراتيجي لمركزي البحث    رافد استراتيجي لصون التراث الثقافي الجزائري والإفريقي    البليدة : وضع حد لنشاط عصابة أشرار    9 مراكز لتجميع الحبوب عبر البلديات    تحسين شروط الاستقبال والتواصل مع المواطن    آيت نوري يعود للتدريبات مع مانشستر سيتي    بن ناصر يغير وكيل أعماله    شاطئ "رشيد فلاح" وجهة بحرية من الطراز الأوّل    مليون مسجّل في "عدل 3" اطّلعوا على نتائج دراسة ملفّاتهم    أسوأ سيناريو للمجاعة يحدث في غزّة    هولندا تسعى لفرض عقوبات أوروبية على الكيان الصهيوني    إحباط تمرير 5 قناطير من الكيف المعالج عبر الحدود مع المغرب    5 جرحى في انحراف وانقلاب سيارة    السيطرة على حريق شب بمتوسطة    "نصف دلاعة" لا يزال يغري المستهلك الجزائري    القضية الفلسطينية أخذت حصة الأسد من النّقاش مع الرئيس    فتح باب التسجيل للانخراط في سلك الدرك الوطني    إيقاعات بلا حدود في قلب الجزائر    بين عبق التراث ورهانات المعاصرة    تساؤلات وفرضيات حول خفايا موقعين أثريين    موجة حر    راجع ملحوظ في معدل انتشار العدوى بالوسط الاستشفائي في الجزائر    فتاوى : الترغيب في الوفاء بالوعد، وأحكام إخلافه    من أسماء الله الحسنى.. الخالق، الخلاق    الطبعة الثامنة للمهرجان الثقافي الدولي "الصيف الموسيقي" من 7 إلى 14 أغسطس بالعاصمة    تيسير المعاني باختيار الألفاظ ليس إهانة لها بل وفاء لجوهرها    غزوة الأحزاب .. النصر الكبير    بوجدرة يفتح النار على مُمجّدي الاستعمار    جعل ولاية تمنراست قطبا طبيا بامتياز    تنصيب نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمّع "صيدال"    تمنراست: سيشرع في الأيام القادمة في الإجراءات المتعلقة بفتح مصالح المستشفى الجديد بسعة 240 سرير    السيدة نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمع "صيدال"    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترسيخ المرجعية الدّينية والوطنية في المجتمع..مهمّة تشاركية
نشر في الشعب يوم 29 - 03 - 2023


الوسطية سدّ منيع ضد الآفات الاجتماعية والانحرافات
يعتبر البروفيسور محفوظ بن صغير من المدافعين على المرجعية الدينية والوطنية، فهو صاحب كتاب "الفتوى في الجزائر الواقع والآفاق"، الذي يتناول القيم والمبادئ التي يتأسّس عليها الدين الإسلامي الحنيف، وكيفية ترسيخها في الفرد حتى يشب على المنهاج السليم. وفي هذا الحوار الذي اختصّ به "الشعب"، يتطرّق البروفيسور بن صغير إلى السلوك الحضاري والعيش معا بسلام، وإلى ضرورة التّصدي لغزو الفتاوى التي يحاول أصحابها زرع البلبلة في الوسط الاجتماعي، وضرب استقراره.
- الشعب: يحل علينا شهر الصوم والعبادة، الجزائري متمسّك بالرغم من متغيرات العصر بالمبادئ الإسلامية السمحة، ويحاول إعطاء صورة جيّدة عن سلوكه الحضاري..كيف يتمثّل هذا السلوك في إطار المرجعية الدينية الوطنية؟
البروفيسور محفوظ بن صغير: إنّ السلوك الحضاري موضوع لا يخص فئة دون أخرى، أو عرق محدّد، بل هو يخص الانسانية بصفة عامة، ونحن من منطقتنا كمسلمين، نعيش هذا السلوك الحضاري في حياتنا اليومية انطلاقا من العائلة إلى المحيط المجتمعي إلى المحيط العام الوطني، وهو يتمثل في تعاملنا كمسلمين بصفة عامة، ونقصد هنا الدول الإسلامية والعربية كافة، حتى يمكن لهم تقديم صورة ناصعة عن الإسلام بصفة عامة، والذي هو أصلا إسلام الحضارة والأخلاق الراقية والفضيلة، وإسلام السماحة والوسطية، وإذا كان المجتمع الغربي في تعامله مع الآخر، يتغنى ويدعو إلى احترام حقوق الانسان، فيجب أن لا يخص ذلك فئة دون أخرى، وأن يكون العدل في التعامل باحترام العامل المشترك بين جميع البشر، ففي الغرب عندما يتغنون بحقوق الإنسان، فهم يمثلون السلوك الحضاري الراقي، لكن بالنسبة لنا هذه المعاملة هي حقوق طبيعية أصلية.. نحن نحاور الآخر عن طريق الوسطية التي يدعو إليها الإسلام، والتي تمثل حقيقية السلوك الحضاري الذي تصبو إليه كل المجتمعات، وانطلاقا من الوسطية في للتعامل لأن ديننا يقوم على مبدأ "الدين المعاملة" و«الدين النصيحة"، وانطلاقا من الوسطية في العقيدة التي تقوم على أن "لا إكراه في الدين" واحترام حرية المعتقد، كما يقول الله تعالى "لست عليهم بمسيطر"، وبالتالي فكرة أننا نفرض على الآخر رأينا ومعتقدنا فكرة خاطئة، تتنافى مع السلوك الحضاري الذي يمثل الوسطية وتقبل الآخر..الوسطية في الأخلاق كذلك، وكل هذا وذاك، معالم للسلوك الحضاري التي تفرزها صورة ناصعة كنموذج يحتذى به.
- كيف يمكننا التّأثير إيجابا في الآخر؟
تؤثّر في الآخر عن طريق القدوة وليس عن طريق الأوامر، وهنا يطرح السؤال: هل ننطلق في تعاملنا مع الآخر على أساس الغالب والمغلوب، ومركزية الأنا؟ هل نحن في مركز قوة أم مركز ضعف؟ أنا لا أتكلّم عن السلوك الحضاري الذي تعرف به مجموعة من الشباب المنحرف على سبيل المثال، فهذه لابد في المجتمع من تكاثف الجهود في التوجيه والإرشاد، وتربية الناشئة تبدأ من الطفولة، وكيف يعطي الأبوان صورة حسنة ظاهرا، وهناك أيضا دور المنظومة التربوية بصفة عامة ودور المدرسة بصفة خاصة ودور منظومة الشؤون الدينية، ودور الإعلام، ودور المجتمع في التنشئة الصحيحة للفرد.
- هل يمكن القول إنّه حان الوقت لإعادة النظر في الطرق والأساليب لغرس السلوك الاجتماعي بحكم العصرنة والتطورات التكنولوجية، وما نجم عنها من اللقاءات الافتراضية وشبكات التواصل الاجتماعي وغيرها من الوسائط الإلكترونية؟
إنّ هذا الطرح مهم جدا، لأن التكنولوجيات الحديثة فيها العديد من الجوانب الصحيحة والإيجابية، يبقى لنا أن نعرف كيف نستعملها مع الحرص على تفادي الجوانب السلبية الخفية منها.
وكما سبق وأن قلت، فإنّ المسؤولية هنا تشاركية بين الجميع؛ لأنه من المفروض أن يتحرك المجتمع قبل الكارثة وليس بعدها. فلا بد أن يكون هناك استشراف لتدارك الأمور قبل أن يحيط الخطر بنا...لكن للأسف، دائما ما يتحرك الجميع ليتأسف ويندّد بعد فوات الأوان.
هناك الكثير من المظاهر السلبية في مجتمعنا اليوم..مدمنون على المخدرات لا يحترمون أحدا كما في السابق، ويصلون في بعد الحالات إلى ارتكاب جرائم قتل، تم نتأسف على المجتمع وعن الإهمال وغياب التربية..
- من المسؤول عن هذه الانحرافات الخطيرة في نظرك؟
أكرّر مرة أخرى أن المسؤولية تشاركية..لسنا نعيش في غابة، فعندما يربي الإنسان ولده على الفضيلة في البيت، هناك أسباب تعود إلى المجتمع وأسباب تعود إلى البيئة المحيطة، لا بد ان تكون البيئة صالحة كي يصبح هذا الولد شابا ثم رجلا مسؤولا..
- هل يستدعي الأمر دراسات اجتماعية للإلمام بالمشاكل والآفات ولاستخلاص الحلول؟
لا يتطلّب الأمر دراسات اجتماعية فحسب، بل يحتاج أيضا إلى تكاتف جهود الجميع الإعلامي، المربي، المنظومة الاجتماعية، والتربوية والدينية، فالإنسان ابن بيئته ومجتمعه ولا يعيش بمفرده.
^ كانت الجزائر مؤخرا جامعة ل 40 دولة في إطار المؤتمر الدولي للسلوك الحضاري، وقبلها مؤسّسة لمفهوم العيش معا بسلام، ما هو رأيك في هذه المبادرات؟
^^ من مبادئ الجزائر أنّها دائما تعتمد الوسطية وعدم التدخل في شؤون الغير، إلى جانب تبنيها للقضايا العادلة، ويتجلى ذلك في مواقفها تجاه القضية الفلسطينية وقضية شعب الصحراء الغربية، وهي تبعث دائما برسائل للتهدئة وأخرى للتعايش مع الآخر في إطار الندية والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، هذه من أهم المعالم التي تتبناها في التعامل مع المجتمع الغربي.
أمّا في تعاملاتها مع العالم العربي والإسلامي، فهي تقف دائما إلى جانب القضايا العادلة، فقد ساهمت على مستوى دول الساحل في إنشاء "رابطة دول علماء ودعاة وأئمة الساحل" التي مقرها في الجزائر، وقد ساهمت الجزائر في الماضي القريب في نشر وترسيخ مبادئ الإسلام والوسطية في بلدان شقيقة من خلال علمائها الأجلاء على غرار الشيخ العلامة عبد الكريم المغيلي.
إنّ موضوع الحوار مع الآخر تنطلق فيه الجزائر على أساس التكاتف والمساواة، وعلى أساس أنّها معايير مشتركة مع الآخرين، وبالتالي كان المؤتمر الدولي للسلوك الحضاري مبادرة جاءت في وقتها، في كل التحديات التي نعيشها على الصعيدين الاقليمي والدولي بصفة عامة.
- نعيش منذ سنوات ظاهرة حرب أو غزو الفتاوى التي يراد من خلالها ضرب إيمان المسلم وأمن المجتمعات، فكيف يمكن التصدي لها؟
إن مسالة التنوع الثقافي والمذهبي هي في الأصل ظاهرة صحية، لكن ما نراه في مجتمعنا من فوضى الفتاوى والتعصب المذهبي الضيق الذي أصبح لا يتبنى الأفكار السليمة التي كنا نسير عليها، حيث كنا نعمل على ما نتفق عليه، ويعذر بعضنا البعض الآخر فيما اختلفنا فيه هذا هو الأصل.
إنّ على الأمة اليوم الالتفاف حول مرجعيتها الدينية والوطنية الأصيلة، الأمر الذي سيشكل سدا ومنعا لباب الفتنة وتضارب الفتاوى، وفي استرداد البعض منها من الخارج، والتي لا تتناسب مع واقع مجتمعنا وواقع المستفتي، فعلى المفتي حينما يقدّم فتواه أن يكون على اطلاع على واقع المستفتي، فقد أصبح البعض منا اليوم يترك علماء بلده، ويطلب الفتوى من الخارج، وهذا ما سبّب لنا شرخا في الأمة.
الخطاب اليوم موجّه إلى الأمّة بأكملها كي تلتف حول علمائها وحول مرجعيتها الدينية، عندما نتكلّم على المرجعية الدينية في الجزائر يمكن القول إنّه في زمن الاحتلال الفرنسي الذي كان من أهدافه القضاء على الدين والهوية وعلى الروح الوطنية، لكنه لم يستطع بالرغم من آلياته الفكرية وترسانته العسكرية تحقيق مخططاته الدنيئة لأنّ المرجعية كانت موجودة، وأن العرف يستند الى نظام الأحكام الشرعية خصوصا في مجال العبادات.
الجزائر معروفة بتمسّكها في الأصل بالمذهب المالكي، وعلينا أن نحارب بعض الفرق الضالة التي تتعمد في فكرها وأفكارها العنف وما إلى ذلك من عصبيات، والتبديع والتكفير والتفرقة، حتى لا نصل إلى درجة ما حصل لنا في العشرية السوداء، فلا بد من الرجوع إلى مرجعيتنا الدينية التي تقوم على المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية، وإلى مرجعيتنا الوطنية المتمثلة في العادات والتقاليد والثقافة والأعراف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.