اتقوا الله في هذا المجتمع يا سلفيين الفتوى في الجزائر خطيرة جدا سياستنا في المجال الديني مفروضة فقدنا لذة العبادة داخل المساجد لا يجب أن يتصدر التفسير المشهد القرآني موضوع الفتوى يثير الكثير من الحساسيات كثرة الفتوى في الجزائر تلعب دور الفرقة أكثر من الوحدة المرجعية الدينية أهم أسس الوحدة الوطنية للجزائر17 ألف مسجد و21 ألف مصلى لديّ تصور لإصلاح الشأن الديني ووضعه في السكة الصحيحة فتح الدكتور والباحث في التصوف محمد بن بريكة النقاش طويلا في لقاء مع يومية "الحوار" عن فوضى الفتوى التي تشهدها الساحة الدينية في الجزائر حول الاختراعات الحالية وكيفية التعامل مع هذه الأخيرة، معتبرا بأن مجرد فتح الحديث عن الفتوى في الجزائر يثير الكثير من الحساسيات، كاشفا أن أصحاب الفتاوى المشعلة لنار فتنة العشرية السوداء جددوا اليوم تشكلهم بمظاهر جديدة فأمسكوا بالجمعيات الدينية في المساجد وجلسوا على منابر الخطابة، واصفا شأن الفتاوى في الجزائر بالخطير جدا متحججا في ذلك بثلاثة أسباب رئيسية تقف وراء هذه الخطورة، كما فتح بن بريكة قلبه ل"الحوار" عن التخوفات الطارئة على الجزائر في شقها الديني على غرار الأمية المفقعة التي باتت تفتح الأبواب أمام الفتوى النازحة من الخارج، والمسجد الكبير ما إن اقتحمته أفكار بعض المدارس. * تعاني الجزائر على غرار باقي الدول الإسلامية من فوضى الفتوى والخطاب الديني، هل يمكن وضع حل لهذا المشكل الخطير، ماذا تقترحون ؟ – سؤال وجيه وحساس في ذات الوقت، وجيه لأنه يتكلم عن واقع نعيشه يوميا أضر بحياتنا كأفراد، كأسر، كجماعات وكجامعات خاصة أن موقع الجزائر في مجال العطاء الديني الذي كان عبر قرون حساسا لأنه يتكلم عن مشكلة ما جاء الإنسان ليتحدث فيها إلا وأثار الكثير من الحساسيات التي قد تتفق معك أو تختلف معك ولكنها في كثير من الأحيان قد تتسبب في الفرقة أكثر من التسبب في وحدة هذا الشعب في المجال الديني خاصة، نحن نعلم أن الفتوى الدينية هي التي قتلت ثلاثمائة ألف جزائري في التسعينات في عشرية لا أقول عنها بأنها سوداء إنما هي عشرية حمراء لأن الذي ميزها هي الدماء التي تسفك في أرض الشهداء كل يوم خلال العشرية الماضية، أصحاب هذه الفتاوى جددوا تشكلهم بمظاهر جديدة فأمسكوا بالجمعيات الدينية في المساجد وجلسوا على منابر الخطابة في مساجدنا التي هي 17 ألف مسجد، دون احتساب المصليات التي تصل إلى 21 ألف من المصليات والمساجد، تصوروا ماذا قد تنتج يوميا من الفتاوى المضرة بوحدة الشعب وبمرجعية الجزائر الدينية أمام القائلين بأن شأن الفتوى شأن خطير جدا في الجزائر لثلاثة أسباب لأنها تهدد المرجعية الدينية التي هي إحدى الأسس الأربعة للوحدة الوطنية، ثانيا لأنها تتكلم في شأن يضعك في أحد الفسطاطين إما فسطاط التكفير أو فسطاط السلم والأمان بين أفراد المجتمع الواحد، ثالثا لأن هذه الوضعية المتعلقة بالفتوى في الجزائر لم يتم تداركها بالطريقة الأمثل، أنا لا أعتقد بأن سياستنا في المجال الديني من خلال المؤسسات الموجودة الرسمية، التقليدية أو من خلال المؤسسات التعليمية أو من خلال الوجود المفروض علينا لبعض الدعاة المتكلمين باسم الدين. ما هي تخوفاتكم على الجزائر في مجال الفتوى ؟ ما نفعله اليوم من خلال كل هذه المجالات المتصلة بالفتوى والعقيدة اتصالا وثيقا لا أعتقد أنه سيخرجنا إلى بر الأمان بكل صراحة، أنا خائف على الجزائر من أمرين من أن سياساتنا التي نعتمدها في المجال الديني تغفل أمرا مهما وهو أرقام مرتفعة من الأمية ولا يخفى علينا أن الأمي حاليا ليس من لا يعرف الكتابة أو القراءة، أكاد أقول إننا في كثير من الأحيان أمام أمية صارخة تدل على حالة من التصحر العلمي عند من هم في الجامعة فكيف ببقية أفراد المجتمع الذين لم يدخلوا جامعة، هم يسألون أسئلة غريبة في القنوات الأجنبية حول شؤون الدين في الجزائر وهذا يدل على إفراط كبير في التعاطي مع الفتوى الآتية من الخارج وتفريط كبير من قبلنا نحن كنخب في مسألة الفتوى الدينية والسؤال الديني، وأنا متخوف من هذه الأمية الضاربة أطنابها وكيفية تعاملنا مع شأن الفتوى، ثانيا أنا متخوف من مؤسسة المسجد الكبير والذي من المفترض أن يكون زيتونة أو أزهر الجزائر أو جامعة القرويين الجزائريين يفترض أن يكون منطلقا لنهضة علمية كبيرة، لأن التخطيط لما سيكون عليه هذا المسجد غائب لحد الساعة ولا وجود لاستشارات النخب والعلماء في هذا المجال، أعتقد أن تسييره سيكون خطرا لو اندست مدرسة من المدارس المعادية للمرجعية الدينية داخل هذا المسجد الكبير فستكون كارثة على الجزائر بكل أبعادها، لو أننا تركنا هذه الجيوش التي تقبل على المسجد الكبير حرية التصرف في كثير من نشاطات المسجد مثلما يفعلون بالمساجد الأخرى حيث يتصدرون المنابر رغم أنهم لا يملكون من الرصيد العلمي ما يؤهلهم للكلام داخل أسرهم في شهر الفتوى والدين، كما أنني متخوف من كل هذا ومتخوف من أمر ثالث وهو أننا بحكم أوضاع اجتماعية واقتصادية صعبة جدا سيزيد جرح الجزائر عمقا من خلال التراخي في مجال الفتوى ولولا بعض الحواضر العلمية بتلمسان ومازونة وأدرار والمدية وقسنطينة وحتى غرداية التي تحاضر وتحافظ على الوحدة الدينية للجزائريين لوقعنا في مخاطر كبيرة جدا ولاندثر الكثير من حياة المرجعية الدينية الجزائرية. ما هي سبل وضع الشأن الديني في سكته الصحيحة حسبكم؟ – لي تصور لإصلاح الشأن الديني ولي تصور للخروج من الشأن الديني من هذه الوضعية لكن هو تصور لشخص يحسب نفسه من النخبة ويحسب نفسه فاعلا في المجال الديني، وكأستاذ جامعي متخصص في الدراسات والبحوث الإسلامية أعتقد أن المسألة تحتاج إلى وقفة إستراتيجية من قبل عدة أطراف لوضع الشأن الديني في السكة الصحيحة في مجال الدين. * ظهرت في الآونة الأخيرة بعض الفتاوى من بعض المحسوبين على رأس التيار السلفي تضلل كافة الأمة الإسلامية من صوفية وأشاعرة وتصفها بفرق الزيغ والضلال، بماذا تردون على هؤلاء؟ – هذا الكلام رددنا عليه في وقته منذ شهرين تقريبا ولكن كنت دائما متصديا لهذه الفتاوى وهذه المواقف عند طلبتي في الجامعة أفهمهم في صف الدراسات العليا خطورة الكلام التكفيري، أنا كنت دائما وأبدا أرد على هذه الفتاوى لكن بخلق وبعدم التهجم على الآخر إن أخطأوا هم فلا يجب أن نخطئ نحن يجب أن نرتفع بأنفسنا وبأقدارنا عن الدخول في المستوى الذي يتحدث به المخالف للسنة الذي يقدح في أعراض الناس وينطق بالبهتان في كل لحظة وحين، فهذا لا يهمنا خاصة من خلال فضاء الإنترنت العنكبوتي من هب ودب أصبح يكتب ولا نعرف من الذي يرد، لا وجود لردود علمية مكتوبة أو حلقات علمية تدار من خلال الإعلام المكتوب أو المسموع كل هذا لا يوجد وهذا التيار مستمر ولا نسميه سلفيا لأن السلف هم نحن مهما كانت درجة تدينه ومهما كانت سيرته في الشارع والسلف يهتدي بخير سلفه الصالحين وبالسلف من العلماء الصالحين لهذه الأمة ولا تستطيع أن تنكر عليه ذلك، أما أن تحتكر جماعة معينة هذا اللقب فهذه مغالطة كبرى ثم أن بعد ذلك هذه الجماعة يكون لها لباس خاص يوحدها فتتحول هذه الجماعة إلى طائفة. * ما هو الخطر الذي بات يهدد المجتمعات المعاصرة؟ – السلوك الطائفي أكبر خطر يهدد المجتمعات العصرية إذ يقال إن الولاياتالمتحدةالأمريكية وهي أكبر دولة مهددة من كثرة الطوائف بحيث بلغ عددها 30 ألف جمعية دينية على عظمة هذه الدولة من الجانب التكنولوجي والاقتصادي وحتى العسكري قوتها الضاربة لا تحتاج إلى شهادتي ولكنها تنخر من الداخل الطوائف والجمعيات الدينية، اليابان أيضا التي قد تكون أكبر دولة من حيث تعداد السكان بعد الصين هي أيضا مهددة من الطوائف الموجودة داخل المجتمع الهندي، والمسألة خطيرة جدا والتيار السلفي يجب أن يوضع عند حده ورموز هذا التيار يجب أن يخضعوا للمرجعية الدينية للشعب ولا يرون لأنفسهم مزية، فأحيانا يتكلمون عن إعادتهم لبعض الإرهابيين إلى الجبال إلى أحضان المجتمع ويغالطون الناس بهذا الكلام لأنهم هم من روجوا للناس عن هذه الأفكار، والسلفية العلمية هي نفسها السلفية الجهادية هما وجهان لعملة واحدة يجب أن يتقوا الله في هذا المجتمع فلا يتعالوا عليه ويحاربونه بأدوات فيها الكثير من المغالطة وسوء الأدب مع العلماء، هذا التيار أضر كثيرا بالسلوك الاجتماعي وشتت الكثير من الأسر وفرق المسلمين داخل المساجد، حتى أننا فقدنا صراحة لذة العبادة داخل المساجد للفرقة التي حصلت بين رواد بيت الله. * هل يصح احتكار مذهب "أهل السنة والجماعة" ووصف باقي المذاهب بالضالة المضللة بما في ذلك من شرخ للأمة التي تعاني أصلا من التشتت والتشرذم؟ – لا يصح أن نحتكر المجتمع باسم أهل الكتاب والسنة ولا يصح لا للذي يتحدث باسم المذهب المالكي أن يحتكر المذهب المالكي ولا من يتكلم عن العقيدة الأشعرية أن يحتكرها ولا من يتكلم باسم أي لون اجتهادي في الدين أن يحتكر هذا اللون، فكيف بهؤلاء الذين جاءونا ابتداء من الثمانينات وبدؤوا يغزون مساجدنا ثم بعد ذلك جامعاتنا وأنبه بأن الأثر الأكبر الذي يتهددنا هو من خلال البرامج الدينية الموجودة من التعليمي الابتدائي إلى الأساسي التي يجب أن يعاد فيها النظر بأمانة واستجابة لما يسمى الهوية الجزائرية التي يجب أن يكون الجانب الديني فيها جانبا يمثل أصالة هذا المجتمع وما يصبو إليه هذا المجتمع من آمال يحققها مستقبلا، فهذا الاحتكار ممنوع ولا يمكن لأي دجال أن يحتكر أي مجال علمي مهما كان تخصصه، حيث أن لكل الدارسين إسهاماتهم ونظرتهم ولكن حينما نأتي إلى الدين لابد أن على قدر كبير من التوافق أمام مقاصد هذا الدين ووحدة الأمة. كلمة ختامية قبل أن أختم أحب من خلال هذا الحوار أن أشكر أهل مازونة وأهل الظهرة بمازونة وكل الذين حضروا فعاليات تكريمي مؤخرا من خلال جمعية "برنوس الظهرة" وهي جمعية فاعلة ناشطة في المجتمع المدني إذ قامت بتكريم 12فردا من أعلام الجزائر والمساهمين في بناء الجزائر والمحبين للجزائر في دورات سابقة وكنت ال 13 الذي أكرم ببرنوس الظهرة كما يسمى الذي تم بحضور مشايخ الطرق الصوفية وأهل العلم وحفظة القرآن والمدنيين والعسكريين والأمنيين لهذه المناسبة الرائدة التي أجدد من خلال هذا المنبر شكري لهم، بل الشكر الجزيل لأهل مازونة ولجمعية برنوس الظهرة لأنني حقيقة لا أستطيع أن أوافيهم شكرهم مهما قلت أو فعلت. ثم إنني أقول إن المجتمع الجزائري كان يقدر شيخ المسجد أو طالب الزاوية فهو الذي يفصل في الخصومات وجمع الناس في الأعياد والمناسبات، وما نراه في وسائل الإعلام اليوم يشتت المشاهدين ويذبذبه في مجال الدين والأمانة التي استلمناها لا أتحدث على جانبها الديني فقط وإنما أيضا جانبها السياسي ليس من حق أي جزائري أن يسب وطنه عبر أي قناة أجنبية وليس من حق أي أحد أن يشكك في وطنية الآخر ولا يحق لأحد أن يحرم الأجيال الصاعدة نظرة وردية للغد من خلال الكثير من التصرفات التي نراها اليوم في مختلف مناحي الحياة، كما أحب أن أقول إنني فكرت مرارا في كتابة رسالة بعنوان "رسالة الأمل" بحيث لم أتشاءم يوما أنا أعيش بالأمل ورسالتي هي رسالة الأمل لغد أحسن لجميع شرائح أبناء الجزائر حيث أقول لهم إن وطننا سيكون كما كان دائما قبلة الأحرار وقبلة الأدوار الكبرى في هذا العالم. حاورته: سعيدة.ج