حاولت الإعلامية غنية سيد عثمان من خلال الفيلم الوثائقي الذي يحمل عنوان "فرانتز فانون العائد"، تقصّي الجانب النضالي والإنساني لصديق الثورة الجزائرية وأحد رجالها المخلصين، الذي راهن على دحر العدو وتحقيق الحرية والعدالة، وصار مثالا لاستلهام قضايا العرق والأمة والهجرة وغيرها، وصارت مفاهيمه مرجعيات عالمية في الانتصار للشعوب المستضعفة. عرضت غنية سيد عثمان خلال نزولها ضيفة على الفضاء الثقافي بشير منتوري، في إطار البرنامج الخاص بإحياء المناسبة الوطنية يوم الشهيد، الفيلم الوثائقي "فرانتز فانون العائد"، حيث تناولت فيه على مدى ساعة كاملة، أبرز المحطات الفاصلة من حياة الطبيب والمناضل والفيلسوف المارتينيكي الجزائري أثناء تواجده بالجزائر، عبر شهادات حية لكلّ من أوليفي فانون نجل الراحل البطل، وأساتذة جامعيين، باحثين، مثقفين، روائيين، صحافيين، مجاهدين، أطباء وأصدقاء عايشوه، بداية من تاريخ انضمامه إلى جبهة التحرير الوطني الجزائرية إلى جولاته الميدانية، ناهيك عن الوقوف على صدى أفكاره ومواقفه، والمراسلات الثورية والوثائق السرية التي جمعته بشخصيات وطنية مرموقة في الدولة، وما خلّفه من إصدارات على رأسها كتاب "معذّبو الأرض"، بشرة سوداء.. أقنعة بيضاء"، "العام الخامس للثورة الجزائرية". وقالت غنية سيد عثمان ل«الشعب"، إنّ هذا الوثائقي هو "وقفة أمام مآثر هذا الرجل العظيم الذي لن نفيه حقه، لاسيما بقية الشخوص المناضلة القديرة التي لا تدخل فقط في ما يعرف بأصدقاء الثورة، بل هي من خيرة من ضحّت بحياتها من أجل نصرة القضية الجزائرية العادلة"، وأضافت: "فرانتز فانون واحد ممّن آمنوا بالقضية الجزائرية وأحبوا التضحية من أجلها وسار في درب شرف الحرية"، فهذا المفكر أدرك مبكرا بشاعة الاستعمار الفرنسي في الجزائر، فقرر الوقوف إلى جانب الحقّ، وساعده في ذلك ما عاشه من عنصرية وتهميش من قبل بني جلدته، وكذا قيم الثورة الجزائرية المبنية على العدالة والمساواة والحقّ في العيش في كنف الحرية والاستقلال". ورصد الفيلم شهادات حية حول الراحل قدّمها كلّ من أوليفي فانون، الباحث في التاريخ رشيد خطاب، الدكتور محمد شكالي طبيب الأمراض العقلية بفرانس فانون، إلى جانب كلّ من الدكتور محمد بوداف طبيب الأمراض العقلية، خالد دحمان رئيس جمعية فرانس فانون، ليندة صياد أستاذة جامعية، الطبيب والكاتب مولود يبرير، يوسف فزاري أمين مصلحة المجاهدين لولاية الطارف، إضافة إلى شهادات مجاهدين وكتاب وتسجيلات أرشيفية بالصوت والصورة خاصة بالبروفيسور بيار شولي. جسّد شخصية المناضل فرانتز فانون شاب جزائري من جنوبنا الكبير يحمل ملامح شبيهة بالراحل البطل، حيث كان صامتا طوال 60 دقيقة ،لأنّ العمل مجملا لم يكن يستند إلى حوار، كما أشارت إليه غنية سيد عثمان خلال حديثها مع "الشعب"، حيث أوضحت أنها ارتأت أن تضع المتلقي أمام التاريخ عبر صوت المعلق الصحفي محمد معلم، الذي نجح في توظيف نبرة صوته في إيصال رسالة النضال لهذا العائد الذي استهل أول دقيقة من العمل بعبارة تستحق التوقف عندها طويلا، وهي "ساقني القدر الجميل إلى الجزائر"، لتتوالى المشاهد بعدها بداية من قدومه إلى العاصمة وهو يستند إلى شارع يحمل اسمه فرانتز فانون بتيليملي، إلى فترة توليه منصب طبيب في مستشفى الأمراض العقلية بالبليدة، حيث ما يزال شاهدا على لحظات تواجده بين أحضانه، وآخر مشهد من الفيلم تضمّن وقوف الراحل وهو يستمع إلى تلميذات متفاعلات مع الدرس في أحد أقسام ثانوية فرانتز فانون الواقعة ببلدية باب الواد.