تصفيات مونديال 2026/المجموعة 7/ الجولة 3): المنتخب الوطني سيلعب باللون الأبيض    كرة القدم: وزير الشباب والرياضة يعلن عن اتخاذ عدة اجراءات لفرض الانضباط داخل الملاعب    قمة إفريقيا - كوريا: فرصة من أجل تعزيز التعاون مع الجزائر بشكل أكبر    حنان حوفاني :القدرة الانتاجية لمصنع انتاج بلورات الانسولين بباتنة ستبلغ 1500كلغ سنويا    السيد بلعريبي يعاين أشغال إنجاز التجهيزات العمومية بالقطب الحضري "حوش الريح"    عرقاب يستقبل نوابا من المجلس الشعبي الوطني عن ولاية ميلة    يوم برلماني: الإشادة بالجهود الرامية الى تحديث وتطوير القدرات العسكرية للجيش الوطني الشعبي    صندوق النقد يثني على الجزائر    بداني يُطمئن الصيادين    اتفاقية بين مؤسسات جامعية وشركة تسيير مطار الجزائر    المجاهد تقصف اليمين الفرنسي    فلسطين.. من النكسة إلى الإبادة    الجيش يوقف 3 عناصر دعم للجماعات الإرهابية    سلطة ضبط السمعي البصري توضّح..    رئيس الفيفا يهنئ مولودية الجزائر    شرطة عين الدفلى تعالج 294 قضية إجرامية    العرباوي يترأس اجتماعاً للحكومة    أسعار كباش العيد محدد حسب الحجم – تتراوح بين 59 و90 ألف دج    مستغانم : الشرطة تعالج 744 قضية خلال ماي الماضي    ان صالح : مصالح أمن الولاية توقيف شخص بحوزته كمية من الذهب    انعقاد مؤتمر العمل الدولي بجنيف :الجزائر تشارك بداية من اليوم في الدورة    سهرات فنية في الطابع الشعبي بمختلف بلديات العاصمة    بعنوان 2024..الإعلان عن قائمة المشاريع السينمائية التي ستستفيد من الدعم العمومي    سفيرا إسبانيا وفلسطين يشيدان بجهود الجزائر    3.66 مليار دينار معاملات الجزائريين عن طريق الدفع الإلكتروني    "درع المتوسط 2024".. جاهزية ودقّة متناهية    شمال فلسطين .. جبهة ساخنة تزيد من متاعب نتنياهو    انتشال عشرات الشهداء والجرحى من وسط قطاع غزة    عدوانٌ آخر على الشعب الفلسطيني ومقدساته    نحو إنشاء منتدى حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي    أسعار الأضاحي تتراوح بين 59 و90 ألف دينار    تكوين حصري ومجاني لدى مصالح الجمارك    صالون دولي لخدمات الماء بداية من 10 جوان    آليات تسوية المنازعات في مجال الملكية الفكرية    مهرجان الأغنية القبائلية يكرم الفنان أكلي يحياتن    قسنطينة.. وضع 37 شخصا رهن الحبس المؤقت    "مسيرة الأعلام" عدوان غاشم على الفلسطينيين ومقدساتهم    مبابي يبحث عن النجمة المفقودة مع "الديوك"    تحقيق أفضل نتيجة ممكنة أمام "السياسي"    أولمبي الشلف أمام حتمية الفوز على شبيبة القبائل    "الخضر"يسعون لتحقيق الفوز للبقاء في الصدارة    جمعية "البدر" تكشف عن مشروع مركز أورام الأطفال بالبليدة    اللقى الأثرية لموقع إنسان تيغنيف تعود إلى 1.2 مليون سنة    التراث في حضرة الفخامة وعرفان لنضال الجزائرية    المهرجان الثقافي بقالمة يتواصل    المقاومة الثقافية في قصيدة « أنغام الجزائر »    حملة توعية ضد السمنة وسط الأطفال    تاجرا مهلوسات في قبضة الأمن    وزير الصحة يلتقي سفير كوبا    فضل العشر الأول من شهر ذي الحجة    من أراد الحج فليتعجّل    هيئة صحراوية تدعو الشركات الأجنبية إلى وقف نهب موارد الشعب الصحراوي والانسحاب من الإقليم المحتل    أول مصنع لإنتاج بلورات الأنسولين في إفريقيا    بحث محاور تعزيز التعاون الصحي بين الجزائر وكوبا    وصول ما يقارب 22200 حاج وحاجّة إلى مكة المكرمة    هذه أسباب تسلّط الجن على بني آدم..    مواقف تَرْبَويّة نبويّة مَعَ الشباب    لا تتبرّكوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرضى مخيّرون.. الموت في المستشفيات أو العيادات الخاصة!
بين مجانية العلاج والأسعار العشوائية وغياب الأطباء والإهمال
نشر في الشروق اليومي يوم 09 - 11 - 2018

بات الهروب من المستشفيات العمومية أمرا لا مفر منه بسبب الاكتظاظ وسوء الاستقبال وطول المواعيد الطبية، ما أرغم الكثير من المرضى الى التوجه للخواص، لكن هيهات حتى هذه الأخيرة لم تعد تستجيب للمطالب بل وأصبحت تنافس فوضى القطاع العمومي بإهانة المرضى الذين يشترون إذلالهم وعافيتهم بأموالهم، فلا معاملة طيبة ولا أسعار مضبوطة حتى أن انتظار موعد الكشف يأخذ ساعات من التسكع في الشوارع وبسلالم العمارات والعيادات أما الحجز فالقائمة تظبط قبل الفجر..!
أصبح الأطباء الخواص البديل الذي لا مفر منه للمرضى المغلوب على أمرهم طلبا للشفاء من أسقام أنهكتهم، أين تحولت الخدمات الطبية إلى "بزنسة" وتجارة مربحة نظير غياب اطر وقوانين تحدد التسعيرة، فكل مختص يفرض الثمن الذي يوافقه، وان كان الفارق بين طبيب وآخر يتجاوز المعقول، فكان لزاما وضع سُلما يستند إليه الأطباء ضمانا للشفافية مع التركيز على تنظيم المواعيد بشكل يليق بالتطور الذي تشهده مختلف وسائل التواصل الحديثة حتى لا يُهان أولئك الذين فرضت عليهم هشاشة صحتهم شراء الشفاء بتعب من نوع آخر وبكيفية غير لائقة! وان كانت الظاهرة تسري في القطاع الخاص بشكل سريع ومخيف بعدما انتقلت من اكبر المدن إلى أصغرها، فلا يجب وبالمقابل إنكار بعض الحالات الإنسانية للعيادات الخاصة التي مازالت محافظة على أسعارها الرمزية بل وتقدم حتى تخفيضات خلال مناسبات معينة كما تمنح خدمات مجانية للمعوزين.
مزاد في أسعار "لافيزيت"و"الكونترول" متقارب!
أسعار الفحوصات التي تختلف من طبيب إلى طبيب ومن اختصاص إلى آخر، باتت المشهد اليومي الذي يفرض على المرضى الذين يجدون أنفسهم مضطرين إلى الدفع مرغمين، هروبا من الإهمال والمعاملة السيئة بالمستشفيات العمومية، وفي هذا الشأن تؤكد سيدة في عقدها الثالث تنتظر مولودا لها، أنها متعبة من رحلة الذهاب والإياب إلى طبيبة النساء والتوليد حيث تضطرها هذه الأخيرة إلى ضبط مواعيد متقاربة من أجل مراقبة حالتها وطفلها معا الأمر الذي يجبرها دفع أموالا، في كل موعد حيث يتراوح الثمن ما بين ألفين إلى 3 آلاف دينار باختلاف الطبيبة وتنوع الوسائل المعتمدة من أجهزة الكشف ك"الايكوغرافي" التقليدي أو ذاك الذي يحمل تقنية عالية المشاهدة عن طريق الإبعاد..
طبيب الغدد والسكري هو الآخر يعرف توافدا كيرا للمرضى ما دفع التنافس بين الأطباء يبلغ ذروته حتى أن "الفيزيتا" تتطلب معاودة كل 3 أشهر حيث تشير كافة التصريحات أن الأسعار ارتفعت في ظرف عام ب500 دينار أي من 1500 إلى 2000 دج وهو ما وجده المرضى استنزافا وسرقة لأموالهم بسبق الإصرار والترصد خاصة منهم ذوي الدخل المحدود والفقراء الذين لا اختلاف بينهم وبين الفقراء في تكاليف العلاج، كما لا تختلف عيادات مرضى الجلد عن سابقاتها، بعدما تحولت هذه الأخيرة مطلبا ملحا لكلا الجنسين نظير التطور الحاصل في المجال ودواعي التجميل الذي تشهره مختلف وسائل الإعلام الحديثة حيث يجبر المريض في مثل هذه العيادات الخاصة دفع أكثر من 3000 دينار للكشف فقط أما في حالة استعمال أجهزة الليزر والمواد الكيمياوية خاصة منهم الذين ابتليت أجسامهم بأسقام مختلفة كالبقع البنية والوحمية، فضلا عن الشعر الزائد وغيرها. أما إذا تعلق الأمر بأشعة "السكانير" أو "أي ار م"، فالأمر لمن استطاع إليه سبيلا فلا تخفيضات ولا تسهيلات ولا فرق بين أصحاب الجيوب الفارغة والممتلئة أمام هذا الجهاز، فكلها تتطلب أموالا باهظة ومواعيد لكشوف متقاربة أين تتجاوز الأسعار 20 ألف دج.
الحجز بالقائمة فجرا.. وساعات انتظار بالسلالم طلبا للكشف
من المفارقات المضحكة المبكية، أن الصحة بالجزائر والتي تشترى بالأموال الباهظة بالعيادات الخاصة، لا تلعب الدور المنوط بها فأكثرها تتجرأ على إذلال مرضاها حتى ولو كانوا من ضمن أولئك الأوفياء خاصة إذا تعلق الأمر بالاختصاص الذي يعرف إقبالا كبيرا من طرف المرضى، وتشير بعض الشهادات التي استقتها "الشروق" على لسان بعض المرضى أثناء زيارة خاطفة لبعض العيادات، أن الأمر تعدى المعقول، لاسيما بالاختصاصات التي تعرف إقبالا شان القلب والشرايين، الغدد والسكر، الجلد، النساء والتوليد، العظام، طبب الأطفال، الأسنان وغيرها من الاختصاصات الأخرى، حيث يضطر هؤلاء إلى تدوين أسمائهم بقائمة يشرفون عليها وتعلق بباب العيادة فجرا حتى أن الذين يقطنون بعيدا يضطرون إلى قطع مسافات طويلة للالتحاق بمقر العيادة، وإن خالفهم الحظ ولم يصلوا مبكرا تضطرهم إدارة العيادة إلى العودة في يوم آخر، في حين تلجأ عيادات أخرى إلى ضبط مواعيد طويلة الأمد تمتد إلى غاية 3 و4 أشهر وتدون أسماء المعنيين، غير أن المريض يضطر الاتصال او التواجد على مستوى العيادة في نفس يوم الكشف بداية من السادسة والنصف أو السابعة مساءا. وان كانت اغلب العيادات لا تستوعب الكم الهائل من المرضى الذين يضطرون إلى الاصطفاف في السلالم وافتراش أرضية مداخلها لساعات في مشهد يتكرر يوميا، يشبه إلى حد كبير صور المعوزين الذين ينتظرون صرف الزكاة من طرف الأغنياء وكأنهم يتسولون، فإن العديد من الزيارات كشفت أن حتى الديكور والنظافة لا يولي لها الأطباء أهمية على الرغم من المداخيل التي "يسلبونها" قهرا من عند مرضاهم، فتجد بعض القاعات مظلمة وأخرى بطلاء قديم أكل عليه الدهر وشرب ولا يبعث بالراحة والطمأنينة في نفوس المرضى أما الكراسي فاغلبها نصف مكسورة ولا تستوعب عدد الحضور إلا القلة من العيادات التي بدا أصحابها يتفطنون للاستثمار بها كأطباء الأسنان بدرجة أكبر واختصاص الجلد لما يقدمه الاختصاص من مداخيل لا يستهان بها لأصحابها.
"المعريفة" تهزم مال قارون والطبيب آخر الملتحقين
لعل كل من اضطرته أوضاعه الصحية لزيارة العيادات الخاصة، له حكايته مع المرض وتطوراته فضلا عن المعاملة والخدمات التي تلقاها، وإن كان الاختلاف من منطقة لأخرى وبين مختلف العيادات، فإن كل التصريحات تؤكد أنه وبالرغم من "التبكار" لحجز أدوارهم واضطرارهم افتراش الأرض لساعات من الزمن، لا تستثن المحاباة و"المعريفة" هذا القطاع بل هزمت حتى أولئك الذين يدفعون المال ويجبرون الالتحاق بالعيادات مبكرا حتى أن كل الشكاوي تؤكد أن الممرضة أو المعنية بتسجيل أسماء المرضى تلجأ إلى الغش وتمرر أسماء لم تكن مسجلة من الأصل سوى لأنهم من معارفها أو أصدقائها وقريباتها، الأمر الذي يفجر أحيانا انزعاج المرضى أو حدوث مناوشات كلامية داخل العيادة.
رئيس عمادة الأطباء الجزائريين بقاط بركاني ل"الشروق":
فشل شبكة الصحة العمومية وتوزيع الأطباء سبب الاكتظاظ والفوضى
أرجع رئيس عمادة الأطباء الجزائريين وأخلاقيات المهنة، بقاط بركاني، الحالة الكارثية التي يشهدها القطاع الخاص للصحة من فوضى واكتظاظ بالعيادات إلى فشل شبكة الصحة العمومية التي يفترض أن تجلب أغلبية أو أكبر عدد من المرضى باعتبارها الجهة التي يفترض أن يعتمد عليها في نظامنا الصحي، متحديا أيا كان اخذ أي موعد لدى طبيب مختص بالمستشفيات، لا سيما الاختصاصات الأكثر طلبا كطب العيون مثلا بمستشفى مصطفى باشا أن يمنح له موعدا قبل 6 أشهر.
وقال بقاط في تصريح ل"الشروق"، إن مشكل العيادات لدى الأطباء الخواص مقرون بنقص الأطباء الأخصائيين بحيث لا يستطيع هؤلاء تلبية الطلب الكبير فضلا عن مشكل شبكة التوزيع، حيث تطرق المتحدث بالمناسبة الى الصيغة الجديدة التي كانت عمادة الأطباء قد طرحتها للجهات الوصية، وذلك حسب الاحتياجات وعدد السكان وباختلاف المدن والمناطق حيث منعت تثبيت أو الموافقة على تثبيت أي عيادة مثلا في اختصاص معين يكون عدد الأطباء أكثر من اللازم شان العاصمة كما أن هناك اختصاصات متشابهة كطب الجلد، وهو الاختصاص الأكثر طلبا شأن طب العيون اللذين يشهدان مشكل الاكتظاظ وتدوين القائمة منذ الصباح الباكر، واستطرد بقاط بالقول إن الدولة لما وضعت سياسة الصحة للجميع، فشلت وبالمقابل والدليل ما يحدث بالمستشفيات العمومية، وأعطى مثالا في الصدد بفرنسا التي تستقبل مستشفياتها العمومية حوالي 80 بالمئة من المرضى مقابل نفس النسبة التي تزور العيادات الخاصة بالجزائر وهو ما يبرهن – حسبه – بفشل المنظومة الصحية العمومية.
أما عن الأسعار فذكر المتحدث أنها غير مقننة وخاضعة للعرض والطلب، مضيفا أن الضمان الاجتماعي لم يتوافق مع عرض الأطباء، في حين تؤكد الوزارة الوصية أن الأسعار حرة شان مهنة المحاماة وهو ما خلق فوضى عارمة، في حين أرجع سبب زيارة المرضى لأكثر من 3 أطباء من أجل أخذ رأيهم حول الداء ونوعية الدواء خوفا من الأخطاء، فذكر بقاط أن الأمر متعلق بقلة التكوين وضعف الإمكانات والأجهزة حيث تعتمد الدول المتطورة على كل الوسائل الحديثة التي تساعد الطبيب على تحديد المرض في حينه والكشف عن كل كبيرة وصغيرة وبالتالي تحديد الدواء اللازم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.