الجزائر تنضم رسميا إلى الجمعية البرلمانية الدولية لرابطة دول جنوب شرق آسيا "آيبا" كعضو ملاحظ    بتكليف من رئيس الجمهورية, عطاف يحل بنيويورك للمشاركة في أشغال الشق رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة    المعرض العالمي بأوساكا : تواصل فعاليات الأبواب المفتوحة حول الاستراتيجية الوطنية لتطوير الطاقات المتجددة والهيدروجين    غوتيريش يؤكد على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار وإنهاء "المذبحة" في غزة    البرلمان العربي يرحب بتقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن الإبادة الجماعية في غزة    الخارجية الفلسطينية ترحب بقرار البرتغال الاعتراف بدولة فلسطين    بوغالي يترأس اجتماعاً    منصّة رقمية لوزارة الشباب    ناسدا ترافق الشباب    بوعمرة يؤكّد ضرورة التكوين المتواصل    "لن نستسلم.. والجزائر لن تتخلى أبدا عن الفلسطينيين"    التجند لإنجاح المهرجان الدولي للسياحة الصحراوية بتيممون    مدارس تطلب شهادة الميلاد رغم إلغائها    وزارة العدل تنظم ورشة تكوينية حول العملات المشفرة    انطلاق الدروس عبر الأرضيات التعليمية للتكوين المتواصل    التحضير لاجتماع اللجنة الاقتصادية الجزئرية - المجرية    مسودة قرار يطالب ترامب بالاعتراف بدولة فلسطين    شكوى ضد النظام المغربي لتواطئه في إبادة الشعب الفلسطيني    الجزائر حاضرة بستة مصارعين في موعد ليما    سجاتي على بعد خطوة من الذهب    "العميد" والكناري" نحو استعادة المجد الإفريقي    لقاء مع صنّاع المحتوى والمهتمين بالفضاء الرقمي    تسريع وتيرة إنجاز مشاريع الموارد المائية    برنامج خاص بالصحة المدرسية    القبض على سارقي محتويات مسكن    المطالبة باسترجاع وشراء المخطوطات الجزائرية الموجودة بالخارج    التعامل مع التراث كعنصر استراتيجي للتنمية    ألعاب القوى/ بطولة العالم (الوثب الثلاثي): ياسر تريكي يحرز المركز الرابع في النهائي    عماد هلالي: مخرج أفلام قصيرة يحرص على تقديم محتوى توعوي هادف    ولاية الجزائر: تكثيف جهود الصيانة والتطهير تحسبا لموسم الأمطار    فلاحة: تطور ملحوظ و آفاق واعدة لشعبة إنتاج التفاح بولايتي باتنة و خنشلة    وزارة التضامن الوطني: توحيد برامج التكفل بالأشخاص المصابين باضطراب طيف التوحد    وزير السكن: تقدم أشغال المركب الرياضي الجديد ببشار بنسبة 20 بالمائة    وزير الداخلية يشدد على تسريع إنجاز مشاريع المياه بولاية البليدة    فرنسا تشهد احتجاجات عارمة ضد السياسات الاقتصادية وتشديد أمني غير مسبوق    إطلاق برنامج "الأسرة المنتجة" لدعم الأسر ذات الدخل المحدود    إطلاق خدمة "تصديق" لتسهيل إجراءات اعتماد الوثائق الموجهة للاستعمال بالخارج    الجزائر تحتضن أولى جلسات التراث الثقافي في الوطن العربي بمشاركة الألكسو    المحاور ذات الأولوية للتكفل بانشغالات المواطن محور اجتماع سعيود بولاة الجمهورية    ألعاب القوى مونديال- 2025: الجزائري جمال سجاتي يتأهل إلى نهائي سباق ال800 متر    غزّة تحترق    "مغامرات إفتراضية", مسرحية جديدة لتحسيس الأطفال حول مخاطر العالم الافتراضي    سجّاتي ومولى يبلغان نصف نهائي ال800 متر    كرة القدم/ترتيب الفيفا: المنتخب الجزائري في المركز ال38 عالميا    هذا جديد الأطلس اللساني الجزائري    إقرار جملة من الإجراءات لضمان "خدمة نموذجية" للمريض    مهرجان عنابة يكرّم لخضر حمينة ويخاطب المستقبل    بجاية: العثور على 120 قطعة نقدية من العصور القديمة    تحية إلى صانعي الرجال وقائدي الأجيال..    يعكس التزام الدولة بضمان الأمن الدوائي الوطني    تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    حضور جزائري في سفينة النيل    صناعة صيدلانية : تنصيب أعضاء جهاز الرصد واليقظة لوفرة المواد الصيدلانية    أبو أيوب الأنصاري.. قصة رجل من الجنة    الإمام رمز للاجتماع والوحدة والألفة    تحوّل استراتيجي في مسار الأمن الصحّي    من أسماء الله الحسنى (المَلِك)    }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحضير للتحرير الثاني من الاستعمار الفرنسي
نشر في الشروق اليومي يوم 09 - 05 - 2020

من بين ما ينبغي الإسراع في استشرافه من تداعيات جائحة كورونا، وما تخفيه من انهيار مرتقب في النظام العالمي بشقيه السياسي والاقتصادي، واجب علينا استشراف طبيعة العلاقات المستقبلية مع المستعمِر القديم، الذي لم يستوعب – بعد مرور قرابة ستة عقود منذ توقيع اتفاقيات إيفيان واستعادة الجزائر سيادتها – مقدار الجروح التي خلّفها قرنٌ وثلث قرن من الاستعمار الاستيطاني البغيض، وجرائمه التي لا يطالها التقادم، لم تساعد السياسات النيوكلونيالية لجميع الحكومات الفرنسية المتعاقبة على طي صفحاتها، وتخفيف وطأتها على الذاكرة الجمعية للجزائريين.
الاستشراف يكون حتما على مستويات أربعة: سياسي، اقتصادي، وثقافي، وتاريخي، تختزن في مجملها تركة مثقلة بالصراعات والمواجهات المفتوحة، حالت دون بناء علاقات طبيعية بين البلدين والدولتين، على قدر من الندّية والاحترام المتبادل.
على المستوى السياسي، يُفترض أن نقطع حبل الرجاء من النُّخبة الفرنسية الحاكمة، التي ستبقى حبيسة الإرث الاستعماري، ولم تتقدم خطوة واحدة نحو التحرُّر من هذا الإرث طيلة ستة عقود، بل نراها تسير من السيئ إلى الأسوأ، تجترُّ في السر والعلانية مرارة فقدان الفردوس الجزائري، ويكفينا في هذا المقام أن نخرج فرنسا من جميع حسابات الربح والخسارة، فنتعامل معها في الحد الأدنى، كدولة معادية بالفطرة، لا يُؤتمن جانبها كيفما ما كان تغيُّر خطابها الرسمي المعلن المتلوِّن، حسب ما تمليه مصالحها.
فرنسا ليست أقل سوءا من الكيان الصهيوني بجميع المقاييس، خاصة وإنها ما تزال تمارس سياسة عدوانية على حدودنا في الغرب والشرق والجنوب، وتعيد نشر نفوذها الاستعماري في منطقة الساحل، في ما يشبه التطويق العسكري والأمني للجزائر، محاوِلة فصلنا عن بُعدنا الإفريقي، مع دعمها السياسي الدبلوماسي والعسكري المعلن للجارة المغرب في ملف الصحراء الغربية، الذي تتخذ منه بؤرة مستدامة للضغط السياسي، والأمني، والعسكري على الجزائر.
وأمامنا فرصة سانحة لمقارعة هذه العدوانية الفرنسية، في ما يُستشرف من تحوُّلات كبرى داخل الاتحاد الأوروبي، وتراجع متوقع لمستوى النفوذ الفرنسي في تحديد الاتحاد لعلاقاته مع العالم، ومع منطقة شمال إفريقيا، وتنامي الحضور الصيني والروسي، بل وبروز مؤشرات كثيرة عند بعض الدول الغربية مثل: إسبانيا، وإيطاليا، وحتى ألمانيا، نحو تحرير السياسة الأوروبية في المنطقة من الإملاء الفرنسي.
معركة المواجهة الأولى في المرحلة القادمة، تكون حتما في الساحة الاقتصادية، بالعمل على مراجعة علاقاتنا الاقتصادية مع هذا البلد، وفرض قدر من التوازن في ميزان المدفوعات معه، وحرمانه من كثير من الامتيازات التي مُنحت له في السابق دون مقابل، خاصة وأن التغييرات المتوقعة في منظومتنا الاقتصادية، سوف تساعد حتما على تقليص الحاجة إلى السوق الفرنسية، سواء من جهة صادراتنا من النفط والغاز، أو من جهة الحاجة إلى الصناعات والخدمات الفرنسية، التي لا تتمتّع بأي ميزة تنافسية، حتى مع نظيراتها الأوروبية.
غير أن المواجهة الموجعة لفرنسا، سوف تكون بلا شك في الساحة الثقافية، وعلى رأسها مراجعة المكانة الممنوحة بغير حق للفرنسية في منظومتنا التعليمية، وفي كثير من الإدارات التي نجح فيها "حزب فرنسا"- دون مقاومة – تُذكر، في تعطيل قوانين تعريب الإدارة والمحيط، ونجاحه الباهر في إعادة وضع اليد على المنظومة التعليمية في جميع أطوارها، وعلى الفضاء الثقافي والإعلامي.
وفي هذا السياق، أمامنا فرصة لا تعوَّض بمناسبة مراجعة الدستور، لإعادة تعضيد الهوية اللغوية للجزائر، ووضع قيد دستوري دائم، يمنع العابثين من صناعة "ضرّة" مستدامة للساننا العربي، مع إخضاع الانفتاح اللغوي المطلوب لمبدأ النجاعة، ولمنسوب الانتشار والتداول في الاقتصاد والعلوم.
كما أن التعديل الدستوري القادم، سوف يوفر لنا فرصة معالجة ملف الإرث الاستعماري، بتضمين إدانة دستورية واضحة للحقبة الاستعمارية ولجرائمها، تشكل في المستقبل مرجعية ضابطة لعملية إعادة كتاب تاريخ الحقبة الاستعمارية، والحاجة إلى تثبيت جرائمها التي لا تقبل التقادم، مع احتفاظ البلد بحق ملاحقة الدولة الفرنسية أمام المؤسسات القضائية الدولية، وتحرير جميع المبادرات المطالِبة بالتعويضات المادية والمعنية، لتعلم الأجيال القادمة أن بين الجزائر وفرنسا دينا مثقلا بأكثر من خمسة ملايين ونصف مليون ضحية، وخسائر مادية تقدر ب1700 إلى 2200 مليار دولار، تعادل الدخل القومي الخام لفرنسا اليوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.