مع انخفاض درجات الحرارة، وبداية حلول موسم الخريف، تبرز الإصابات بالأنفلونزا الموسمية، التي تحصد سنويا عشرات الضحايا، ويزداد خطرها بالنسبة إلى الفئات الهشة، من ذوي الأمراض المزمنة والمسنين والحوامل. وتثير الأنفلونزا الموسمية هذا العام مخاوف كثيرة ومضاعفة لدى عديد الجزائريين الذين باتوا في حيرة من أمرهم، في ظل انتشار فيروس كورونا، خاصة مع انعدام ثقافة التلقيح لدى غالبية المواطنين المشككين في فعاليته. وأكد البروفيسور سوكحال عبد الكريم، المختص في الأمراض التنفسية، عضو اللجنة العلمية لمتابعة ورصد تفشي فيروس كورونا، أن الوقاية من الأنفلونزا الموسمية مطلوبة بشكل كبير هذا الموسم، لأننا أمام خطر مضاعف إلى جانب خطر "كوفيد19". وأفاد سوكحال بأنّنا أمام أزمة وعي كبيرة وعميقة وذهنيات "تكفر" بالفيروسات والعلم، ما يتطلب تضافر الجهود والالتزام التام بتدابير الوقاية، داعيا إلى المحافظة على نفس إجراءات الوقاية الخاصة بالكوفيد ومنها غسل اليدين والتباعد بين الأفراد وارتداء الكمامة. ودعا المختص إلى ضرورة التلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية التي نملك لقاحها وعدم الخوف من الخضوع إلى لقاح "كوفيد19" في حال تسويقه، الأمر الذي لن يكون قبل نهاية عام 2021 بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية. لذا، فالأولى أن نأخذ بالعلاجات المتوفرة حاليا بدل تعليق الآمال على ما هو قيد التطوير. وطالب المختص بأهمية خضوع الأشخاص البالغين إلى التلقيح ضد السعال الديكي الذي يعتبر حماية إضافية للجزائريين من البكتيريا التي قد تسبّب لهم مضاعفات صحية، موضحا أن الأزيتروميسين المدمج في البروتوكول العلاجي ضد كورونا هو مضاد حيوي لعلاج السعال الديكي، كما أن الأطفال ملقحون به لأنه يندرج ضمن رزنامة التلقيحات الوطنية. بدوره، أوضح فتحي بن أشنهو، المختص في الصحة العمومية، أهمية انطلاق عمليات التحسيس والتوعية في هذه الفترة التي تسبق بداية تسجيل الإصابات بالأنفلونزا الموسمية، وعادة ما تكون مع نهاية أكتوبر، مفيدا بأن الفيروس ينشط بقوة من شهر أكتوبر إلى غاية أواخر مارس، لذا لا بد من تكثيف الالتزام بإجراءات الوقاية، خاصة للمسنين والمرضى المزمنين والأشخاص الذين يعانون أمراضا في الجهاز التنفسي، وخلافا للكوفيد، فإن الأطفال من أكثر الفئات المعرضة أيضا للإصابة. وأضاف بن أشنهو أنّ التلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية بات الآن ضرورة أكثر من أي وقت مضى لما له من أهمية في تعزيز مناعة جسم الأشخاص ولابد على السلطات من التحرك للتوعية خاصة في ظل الإحجام الكبير للمواطنين عن التلقيح، داعيا معهد الصحة العمومية ومديريات الوقاية وكذا مصالح الوباء والطب الوبائي إلى التحرك قبل تعقد الأمور. وتبدأ فعالية اللّقاح، حسب المختص، بعد أسبوعين إلى 3 أسابيع من الخضوع له، لذا، فكلما كان التلقيح مبكرا تفادينا مضاعفات الأنفلونزا. وفي سياق ذي صلة، أفاد فوزري درار، مدير معهد باستور الجزائر، بطرح مناقصة دولية لاقتناء 1.8 مليون جرعة من لقاح الأنفلونزا لهذا الموسم 2020/2021 سيتم الإعلان في الأيام القريبة عن الفائز بها. وحسب درار، فإن الكمية أولية قد تتبع بمكيات أخرى إذا استدعت الضرورة وسجلت الحاجة إلى كميات أكبر لتغطية الفئات المحتاجة لها، ويأتي هذا الإجراء حسب المسؤول لتفادي الكميات الإضافية غير المستهلكة قصد ترشيد الإنفاق والجرعات المطلوبة. وأعلن درار أنّ التلقيح يبقى الوسيلة الوحيدة لتفادي تعقيدات الأنفلونزا الموسمية لدى الفئات الهشة التي قد تؤدي بهم إلى الوفاة. واستوردت الجزائر الموسم الفارط 2.5 مليون جرعة وزعت على المراكز الصحية الجوارية والصيدليات، علما أنّ الأنفلونزا تسبب العام الماضي وإلى نهاية شهر فيفري في وفاة 20 جزائريا.