تحتدم المعارك على جبهات عدة من شمال سوريا إلى غربها، في حين وسّعت تركيا دائرة استهدافها مناطق تحت سيطرة الأكراد، مع انقضاء المهلة المحددة لوقف الأعمال العدائية أمس الجمعة وتبخّر الأوهام في شأن احتمال تطبيقها على الأرض. في الوقت ذاته، يبدو عقد جولة جديدة من المفاوضات السياسية بين الحكومة السورية والمعارضة في الموعد المحدد في 25 فبراير أمرا "غير واقعي"، على حد تعبير موفد الأممالمتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، ولكنه أشار إلى أنه سيرسل دعوات إلى مختلف الأطراف لحضور المحادثات في غضون 10 أيام، آملاً أن تُكلّل المحادثات بالنجاح إذا استمرت المساعدات الإنسانية، وإذا توصلنا إلى وقف إطلاق نار. ميدانيا، حققت "قوات سوريا الديموقراطية" بغطاءٍ جوي للتحالف الدولي تقدما ملحوظا على الأرض على حساب تنظيم "داعش" في محافظة الحسكة في شمال شرق سوريا، وأصبحت على بعد خمسة كيلومترات فقط شمال مدينة الشدادي، معقل "الدواعش"، في تلك المحافظة. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن "قوات سوريا الديمقراطية"، وهو تحالف فصائل عربية كردية، قطعت طريقين رئيسيين يستخدمهما عناصر "داعش" لنقل الإمدادات، الأولى تصل بين الشدادي ومدينة الموصل في العراق، والثانية تربطها بالرقة، معقل التنظيم في سوريا. وتمكنت أيضا من السيطرة على حقل كبيبة النفطي شمال شرق الشدادي إثر اشتباكات وغارات جوية نفذتها طائرات التحالف الدولي. وبدأت "قوات سوريا الديمقراطية" عملية عسكرية في ريف الحسكة الجنوبي فجر الثلاثاء الماضي على ثلاثة محاور. وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن إن "هذا التقدُّم السريع يعود إلى الغارات الكثيفة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن". ومنذ تأسيسها في 12 أكتوبر 2015، أثبتت "قوات سوريا الديمقراطية"، وأبرز مكوناتها "وحدات حماية الشعب الكردي"، فعالية في قتال تنظيم "داعش" ونجحت في طرده من مناطق عدة. على جبهة أخرى، في محافظة حلب (شمال)، حققت "قوات سوريا الديمقراطية" تقدما خلال الأيام الماضية على حساب فصائل إسلامية ومقاتلة مدعومة من أنقرة، ما أثار استياء الأخيرة التي بدأت السبت الماضي قصف مواقع سيطرة الأكراد في الريف الشمالي. ويسيطر الأكراد على ثلاثة أرباع الحدود السورية مع تركيا التي تخشى إقامة حكم ذاتي كردي على حدودها، ما قد يشجع أكراد تركيا على القيام بخطوة مماثلة. واستهدفت المدفعية التركية طوال الليلية قبل الماضية مواقع سيطرة الأكراد في قصف هو الأعنف منذ أسبوع. ووسعت تركيا هذه المرة من دائرة استهدافها، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان؛ إذ لم يقتصر القصف على مناطق سيطرت عليها "قوات سوريا الديمقراطية" حديثا على مقربة من الحدود التركية، بل تعداها إلى مناطق في ريف حلب الشمالي والشمالي الغربي التي يسميها الأكراد مقاطعة عفرين. وحذر حلف شمال الأطلسي تركيا أمس بعدم الاعتماد على الحصول على دعم منه في حالة حصلت مواجهة بينها وبين روسيا على خلفية النزاع السوري. وقال وزير خارجية لوكسمبورغ جان إسيربورن متحدثا باسم الأطلسي: "الحلف لن يسمح بجرِّه إلى تصعيد عسكري مع روسيا بسبب التوترات الأخيرة". وترافق المعارك في سوريا غارات للتحالف الدولي بقيادة واشنطن الداعم ل"قوات سوريا الديمقراطية"، وأخرى روسية تؤمّن غطاءً جويا للجيش السوري، لكن يستغلها الأكراد أيضا للتقدم على حساب الفصائل المعارِضة. وحقق الجيش السوري تقدما في ريف اللاذقية الشمالي، إذ سيطر الخميس على بلدة كنسبا، آخر معقل للفصائل الإسلامية المقاتلة في المنطقة. وتتيح السيطرة على كنسبا لقوات النظام التقدم نحو منطقة جسر الشغور في محافظة إدلب المجاورة التي تسيطر عليها الفصائلُ المقاتلة وبينها "جبهة النصرة" وإسلاميون، باستثناء بلدتين.