البنوك خيرتهم بين إرجاعها أو حجز ممتلكاتهم كريم حجوج أمرت وزارة المالية من خلال تعليمة جديدة وجهتها إلى مسؤولي البنك المركزي بالإسراع في اتخاذ جملة من الإجراءات الجديدة في حق المستثمرين ورجال الأعمال وكذا الصناعيين الذين رفضوا تسديد القروض التي استفادوا منها في وقت سابق، وجاء في هذه التعليمة الجديدة، التي وزعت على مختلف مديريات المؤسسات المصرفية عبر الوطن، توصية صريحة لكافة المسؤولين والمسيرين بضرورة مباشرة إجراءات قانونية في أقرب وقت ممكن قصد حجز الممتلكات المنقولة والقارة لجميع المستثمرين المتمردين والذين يتهربون من تسديد ما عليهم من قروض، حيث أضحت الأخيرة تشكل واحدة من المخاطر الاقتصادية الجديدة التي تهدد جميع المؤسسات المصرفية. قررت الحكومة، مجددا، فتح قضية المؤسسات المصرفية، التي فرضت عليها في وقت سابق إجراءات رقابة صارمة منذ فضيحتي بنك الخليفة والبنك الصناعي الجزائري، وما لحقها من تداعيات في الساحة الاقتصادية الوطنية انتهت بإصدار الحكومة قرارا يقضي بإغلاق أكثر من 5 مؤسسات مصرفية خاصة، وكذا رفض منح الاعتمادات لما يزيد على 17 بنكا أجنبيا تقدم أصحابه في وقت سابق بطلب السماح لهم بالنشاط على أرض الوطن. ورغم البحبوحة المالية التي تتمتع بها البنوك في الظرف الراهن، حيث كانت دوائر مالية رسمية قد أعلنت عن وجود سيولة مالية تناهز 1000 ألف مليار على مستوى جميع المؤسسات المصرفية عبر الوطن، إلا أن هذه الوضعية المريحة قابلها المسؤولون المركزيون بتدابير صارمة جديدة حسبما تكشف عنه التعليمة الجديدة لوزارة المالية التي وزعتها في الأيام القليلة المنقضية على جميع البنوك العمومية، بالنظر إلى الوضعية الحساسة التي يعرفها الاقتصاد الوطني، ومسلسل الفساد المستشري في العديد من المؤسسات العمومية. وتفيد مصادر مقربة من وزارة المالية أن القرار المذكور القاضي بمباشرة حجز ممتلكات رجال الأعمال والمستثمرين الذين يرفضون تسديد القروض التي استفادوا منها في وقت سابق جاء بعد سلسلة من الإعذارات التي وجهها مسؤولو مختلف المؤسسات المصرفية العمومية إلى أكثر من 3 آلاف مستثمر معني بصورة مباشرة بقضية الحال، وبعد انقضاء المهلة التي منحت لهم لإرجاع القروض وكذا الفوائد المترتبة عليها، إلا أن ذلك لم يقدم في الوضعية أي شيء يذكر. وتقدر جهات عارفة بحجم نشاط تمويل النشاطات الاستثمارية بالجزائر أن الحجم المالي الإجمالي للقروض الممنوحة وصل إلى غاية السداسي الثاني من سنة 2012 حوالي 5 آلاف مليار استثمرت جميعها في تمويل عديد المشاريع الاقتصادية على المستوى الوطني، وأخذ مجال الترقية العقارية النصيب الأوفر من هذه القروض. وكانت بعض البنوك العمومية قد باشرت هذه الحملة التي أمرت وزارة المالية بها منذ العام المنصرم عندما حركت ملفات قضائية على مستوى بعض محاكم الوطن ضد رجال الأعمال المتأخرين في تسديد القروض التي استفادوا منها، وهي الملفات التي انتهت بتجريد العديد منهم من ممتلكاتهم العقارية، كما زج بالبعض منهم في السجن كما هو الأمر النسبة للمدعو عبد الرحمن عاشور صاحب أكبر فضيحة هزت القطاع المصرفي العمومي. وعايش القطاع المصرفي في الجزائر، خلال السنوات الفارطة هزات عنيفة، بسبب الملفات الفضائحية العديدة التي فاحت روائحها من عديد المؤسسات المصرفية، خاصة بعدما تبين من خلال تحريات قامت بها مصالح الأمن أن عمليات القروض التي استفاد منها رجال أعمال على مستوى بعض ولايات الوطن، لم تكن تمثل سوى غطاء لممارسات مافياوية وهي الحقيقة التي تأكدت مع قضية 29 رجل أعمال الذين اتهموا بتهريب ما قيمته 900 مليون أورو إلى بعض البلدان الأوروبية بطريقة مخالفة لقانون الصرف والنقد في مطلع سنة 2009، علما أن جزءا كبيرا من هذه الأموال المهربة كانت عبارة عن قروض استفاد منها المتهمون في ذات قضية من لدن البنوك العمومية في وقت سابق. وتبقى مصالح الأمن على مستوى ولاية وهران تتحرى إلى حد الساعة، في خلفيات استفادة أحد أرباب المال المعروفين بشكل واسع بمنطقة الغرب الجزائري من قرض يزيد عن 500 مليار، من لدن مؤسسة بنكية عمومية، دون أن يقدم الضمانات الكافية، وهي قضية مرشحة لمعرفة مجموعة من التداعيات الجديدة على مسرح القطاع المصرفي بالجزائر، وتجر مسؤولين كبار إلى أروقة العدالة، مثلما تؤكده مصادر “البلاد"، بالنظر إلى التجاوزات الكبيرة والمخالفات الغامضة التي يحتويها ملف هذا المستثمر. وتتساءل العديد من الأوساط الاقتصادية المطلعة بحال الاستثمارات في الجزائر عن الدور الذي صارت تلعبه البنوك الأجنبية المعتمدة بأرض الوطن، حيث يعزف مسؤولوها رغم مرور أكثر 4 سنوات على اعتماد مؤسساتهم المصرفية علن الاستجابة لعمليات تمويل المشاريع الاقتصادية الضخمة، حيث يبقى مجال نشاطهم محدودا في تمويل القروض الاستهلاكية فقط، وهي النقطة التي تكون قد انتبهت إليها الحكومة لما أصدرت منذ سنتين تقريبا، أمرا يقضي بمنع قروض السيارات وحتى الاستهلاك والإبقاء فقط على القروض المتعلقة بالعقار.