وزير خارجية فرنسا برنار كوشنير الذي ''قلب الفيسة'' بعد أن تحول من اليسار إلى اليمين، تلزمه هذه الأيام ''كوش بيبي أو كوش كبار''، لكي يتوقف عن استفزاز الجزائريين، وهو استفزاز لا يشبهه إلا استفزاز المصريين بسبب تافه اسمه ''ماتش كورة''، جرى ما بين الذكورة وولّد حمّى لدى معشر الدجاج البشري في كلا البلدين. وعندما يرى كوشنير أن العلاقات لن تتحسن بين فرنساوالجزائر، طالما أن جيل الاستقلال ما يزال في الحكم، فإن هذا الكلام صحيح لا غبار عليه. ولا يدعو للنرفزة وحتى للرد عليه، فجيل الاستقلال هذا الذي حكم ويأبى أن يسلم المشعل كما يسميه إلا حين ينطفئ على ما يبدو، ليس فقط ''يفتعل'' مشاكل لفرنسا المستقلة في الخارج، وإنما يفبرك مشاكل لنا في الداخل، بدليل أن كثيرا من صراعاتهم التي تعود للخمسينات والستينات ما زالت تلقي بظلالها علينا إلى اليوم بدءا من أفكار آيت أحمد الزعيم في موضوع الجهوية المليحة، وحتى دخول المندسين الخونة مفاصل الحكم في السر والعلن. العلاقات بين الجزائروفرنسا ليس مطلوبا أن تتحسن كما يدعو كوشنير، لأنها في الأصل حسنة وجيدة و''غاية'' ولا ينقصها شيء، بالنظر إلى أن الفرنسيين وضعوا يدهم على كل خيرات البلاد ومقدراتها من باب تكوين جيل كامل من الجزائريين يتفنن في خدمتها اقتصادا وتجارة وثقافة، أكثر مما يتفنن سود جنوب الصحراء الذين يقولون عن الفرنسي إنه ''الباترون''، أي باترونهم أكثر من توقعات الفرنسيين أنفسهم الأكثر تفاؤلا! ولهذا، فإن ردة الفعل من جانبنا التي تأتي على شكل نرفزات لا تشبهها إلا نرفزات ''الكوارجية''، ذلك أن أصحابها أصيبوا بخيبة أمل بمجرد تصنيف الجزائريين، بما فيهم المسؤولين ضمن البلدان ال14 المطلوب إجراء ''سكانير العري'' على أجسادهم وجعلهم يمشون حفاة كأنهم أمام عملية تجنيد للعسكر! فهذا هو الأمر الوحيد المهم مع إضافة مطلب الاعتذار عن جرائم الاستعمار ولو ب ''الهدرة''، خاصة في ظل حجم الخدمات المجانية التي قدموها ل ''فافا'' والتي نعجز عن تقدريها بأي حساب! فهل جزاء الإحسان إلا النكران!