قررت بعثة المملكة المغربية الانسحاب من انتخابات اللجنة السياسية لحركة عدم الانحياز، التي تنعقد قمتها ال 66 بالجزائر، في خطوة رأى فيها الكثير من المراقبين هروبا من مواقف المنظمة حيال الاحتلال المغربي للصحراء المغربية، والمحاسبات التي يمكن أن تلاحق الرباط حول هذه المسألة، خصوصا وأن المنظمة تخشى من تطبيق المنظمة مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها، والذي ينطبق على الشعب الصحراوي الذي لطالما طالب بحقه في التحرر وإقامة دولة مستقلة وإنهاء الاحتلال المغربي المستمر منذ السبعينات، يضاف إليها استضافة الجزائر للقمة، والخلاف الذي نشأ بين الدولتين بعد الدعم الذي قدمته الجزائر إلى القضية الصحراوية خلال هذه المدة. ولكن المراقبين لا يرون في انسحاب المغرب من انتخابات اللجنة السياسية هروبا من إحراج المساءلة، لأن الدول المتضامنة مع الشعب الصحراوي وعلى رأسها الجزائر ستعمل على وضع مناقشة الوضع في الصحراء الغربية على رأس أولويات المنظمة خلال المرحلة المقبلة، وهو ما يجعل التحرك المغربي مجرد هروب إلى الأمام من دون جدوى، خصوصا في ظل الزخم الذي عرفته الجبهة المؤيدة للقضية الصحراوية، بين دول العالم الثالث التي تحول الكثير منها من تأييد المغرب في المحافل الدولية إلى أصوات تطالب بإنهاء احتلاله للصحراء الغربية، والمطالبة بمزيد من الإجراءات لضمان احترام حقوق الانسان هناك. كما يلاحظ أيضا في التمثيل المغربي خلال هذا المؤتمر الهام لدول حركة عدم الانحياز، ضعف التمثيل المغربي فيه، حيث اكتفت بوفد ضعيف المستوى يرأسه سفيرها بالجزائر، وكأنها تريد أن ترد على "العقاب الدبلوماسي" الذي تشنه الجزائر ضد الرباط منذ حادثة اقتحام القنصلية الجزائرية في الدار البيضاء وإهانة العلم الجزائري، حيث قررت الجزائر تخفيض مستوى تمثليها في كل النشاطات السياسية التي يحتضنها المغرب إلى أدنى مستوى، وظهر هذا القرار جليا خلال اجتماع وزراء خارجية دول المغرب العربي قبل أسابيع، حيث اكتفت الجزائر بوفد يرأسه موظف سام في وزارة الخارجية وليس الوزير رمطان لعمامرة. لكن يبدو أن الخطوة المغربية الهادفة للتقليل من قيمة الاجتماع الذي تحتضنه الجزائر، لم يؤت نتائجه المرجوة، خصوصا والحضور كان كبيرا ومن دول كثيرة عبر العالم وبمستويات تمثيل عالية، لاسيما من الدول المحورية في المنظمة، مثل مصر واندونيسيا وكوبا، وسعي الجزائر لجعله فرصة جديدة لخلق توازن في العلاقات الدولية في التطورات التي تعرفها العلاقات الدولية على خلفية النزاع الغربي الروسي حول العديد من الأزمات وخاصة في أكرانيا، مما أعاد إلى الأذهان التنافس الذي عرفته العلاقات الدولية خلال مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية التي عرفت ميلاد هذه المنظمة.