جرحى واعتقالات ومحاولات انتحار جماعي لأرباب عائلات عاشت أمس، ولاية عنابة على وقع موجة من الاحتجاجات العنيفة فجرها طالبو السكن الاجتماعي في أكثر من موقع للضغط على السلطات المحلية للإفراج عن القوائم السكنية للمواطنين المعنيين بالترحيل. وقد تحول مفترق طرق ضاحية ما قبل الميناء إلى مسرح لمواجهات عنيفة بين المتظاهرين وأفراد مكافحة الشغب، بعد أن أقدمت مجموعة من الشباب على قطع الطريق المحوري القريب من منشآت أمنية واقتصادية حساسة. واضطرت قوات الأمن للخروج ومواجهة المحتجين. وخلفت المواجهات حسب مصادر "البلاد"، ما لا يقل عن تسعة جرحى، في صفوف الشرطة والمتظاهرين، إلى جانب خسائر مادية في الممتلكات الشخصية، خاصة لدى أصحاب السيارات وبعض المحلات التجارية القريبة من موقع الأحداث. وعلمت "البلاد" من مصادر موثوقة، أن سلطات قطاع الاتصالات عمدت إلى تعطيل خدمة الرسائل القصيرة عبر الهاتف النقال ظهر أمس بعدما اكتشفت أن هناك توظيفاً سلبياً لهذه الخدمة، حيث بعث متظاهرون برسائل تحريضية عبر الهواتف تدعو إلى التظاهر في كل مكان دعماً للحركة الاحتجاجية لقاطني المدينة القديمة. هذه الحركة الاحتجاجية التي عرفت غلقا كليا لمدخل "الكور" باستعمال الحجارة والمتاريس مع إضرام النيران في العجلات المطاطية انطلاقا من مدخل ساحة الثورة بمدخل ما قبل الميناء وصولا إلى مشروع فندق الشيراطون الجاري إنجازه، وقد طالب المحتجون بضرورة تحرك السلطات المحلية للاستجابة لانشغالاتهم، على أمل الحصول على وعود جديدة تخص قوائم المستفيدين وعمليات الترحيل. وقد عرفت هذه الحركة الاحتجاجية قيام ثلاثة من أرباب العائلات بمحاولة انتحار جماعية، ملحين على ضرورة تلقي وعود رسمية وكتابية من والي الولاية بالنيابة تقضي بترحيلهم في أسرع وقت ممكن، لكن تدخل بعض المواطنين كان كافيا لإقناع الأشخاص الثلاثة بالعدول عن موقفهم. وقد تدخلت وحدات مكافحة الشغب التابعة لمصالح الأمن على جناح السرعة، وقامت بتطويق ساحة الثورة والشوارع الفرعية المؤدية لها، تحسبا لأي طارئ، رغم أن العشرات من سكان ضاحية "البلاص دارم" أقدموا على رشق عناصر الأمن بالحجارة، مما تسبب في مناوشات جانبية على مستوى بعض المسالك الفرعية، قبل أن تتطور الأوضاع، مما استوجب مطاردة وحدات الأمن للمحتجين وتفريقهم. وظل سكان "البلاص دارم" يطالبون بإدراجهم ضمن برنامج الترحيل الواسع الذي شرعت فيه السلطات المحلية لولاية عنابة منذ 2011، لأن تصدع جدران أغلب بنايات المدينة القديمة زاد من مخاوف السكان من سقوطها على رؤوسهم، باعتبار أن سكناتهم مهددة بالانهيار في أية لحظة، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء، لاسيما أن العديد من التشققات تجاوزت نسبتها 90 % حسب الدراسات الأخيرة التي أعدها الديوان البلدي لترميم المدينة القديمة.