تنفس القائمون على شؤون الرياضة ببلادنا الصعداء، بعد أن ظفر توفيق مخلوفي بميدالية ذهبية في نهائي سباقات ال1500 مبالألعاب الأولمبية 2012، بعدما أنقذهم من فضيحة العودة بخفي حنين من لندن، مانحًا لهم «ذهبية النجدة»، لتصبح الميدالية بمثابة الشجرة التي تغطّي الغابة، وستكون «الدليل المادي» الملموس على نجاح السياسة الرياضية في الجزائر، رغم كل الكوارث والأزمات وتراجع النتائج الرياضية في كل الاختصاصات، فضلا عن الإساءة إلى «سمعة الجزائر» بالفضائح، وآخرها تورط العدائين زهرة بوراس والعربي بورعدة في تعاطي المنشطات قبل هذا الأولمبياد، على أمل أن تثبت براءتهما. أما سرقة «لوازم رياضية» من متجر خاص من طرف لاعبتين في وفد كرة الطائرة الجزائرية، فقد اهتزت على وقعها الساحة الإعلامية والرياضية المحلية منها والأجنبية. ولا شك أن ميدالية توفيق مخلوفي هي «إنجاز باهر»، رغم انتكاسة كل رياضيي الوفد الجزائري، لكنه يبقى برأي المتابعين لشؤون الرياضة مجرد «ثمرة جهد فردي»، لا يعني بالضرورة نجاح السياسة الرياضية الجزائرية، ولا يعكس احترافية هؤلاء المسؤولين. سوف تتغنى كل هيئات الرياضة بصنيع البطل الأولمبي مخلوفي، وتنسب دون حياء هذا «التتويج الشخصي» إلى حسناتها وحصيلة أعمالها، دون أن تشعر بممارسة «السطو المكشوف» على تعب الآخرين، ما دام ذلك يغطّي على السياسة المفلسة التي تتعاطى مع واقع الشباب والرياضة كوسيلة وليس غاية تنصبّ عليها الجهود ويرشّد لأجلها التسيير، حتى لا يتحول القطاع إلى «فضاء مستباح» من طرف الانتهازيين والسماسرة الذين يتاجرون بجهود وعرق وأفراح وأموال الشباب الجزائري. إن هذا الفوز الذي صنعه النجم توفيق مخلوفي على قيمته الفردية، ما هو في الحقيقة إلا صورة أخرى للإخفاق والتعثر الوطني، الذي وجب أن يخز الضمائر الحية ويثير الإحساس بالمسؤولية على تطوير القطاع وتطهيره ومحاربة المفسدين ودعم الطاقات الشبانية الواعدة، في جزائر يبلغ تعداد سكانها قرابة 40 مليون نسمة، بنسبة شباب تجاوزت 70٪، لكنها تبقى قدرات معطلة، وقد تتحول لا سمح الله، إن طال بنا عهد «الزمن الرديء»، إلى قنابل موقوتة. إلى وقت قريب، كان «رهط الفشل» يعلق كل أسباب «الخسارة المزمنة» على مشجب المال والإمكانيات المادية، حتى أغدقت عليهم الدولة من ريوع النفط ما لذّ وطاب، لكن ذلك لم يستر سوءات الخلل الأعمق، فهل يتقبل عاقل أنه في حين تخرج دولة بحجم كينيا بثماني ميداليات، تحصد الجزائر وبشق الأنفس «ميدالية واحدة يتيمة»!! عثماني عبد الحميد جهات عدة تتقاسم مسؤولية تلك المشاكل بما في ذلك المواطنون، إذ إن 60٪ من الاستهلاك الكهربائي موجه لرفاهية المواطنين، على عكس الدول الأخرى التي تخصص فقط 30بالمائة، مع أن المخطط الوطني المعد في 2005 لم يدمج المكيفات الهوائية، والسلطات لم تتركنا نضع خططا للتوزيع، لذلك ليس في وسعنا أن نفعل أي شيء للمواطنين المحتجين، لا سيما أن الكهرباء يخطط لها لمدة سنوات وليس في ظرف زمني قياسي.»