مرت علينا منذ بضعة أيام، مناسبة اليوم العالمي لحماية المستهلك، هذه المناسبة التي تذكر كافة الجهات المعنية عليها من مهام ومسؤوليات تقوم بها من أجل حماية هذا المستهلك، لما تطرحه عليه من مواد غذائية - محلية أو مستوردة- وتطمئن هذا الأخير بأن هناك من يسهر على سلامته و تزويده بالجودة والنوعية في كل ما يستهلكه، لكن هل حققنا في الجزائر هذه الثقة بين المنتج و المستهلك ؟ محمد بن حاحة يحب معظم الجزائريون تناول طعاما طبيعيا وصحيا في قيمته الغذائية و في نظافته ، مع خلوّه من أي مسببات للأمراض الناتجة عن سوء التغذية من تسمم و غير ذلك، فمن المنطق أن الغذاء الطبيعي سابق لما يقدم الآن للمستهلك ، وحين كان هذا فيما مضى يأكل من كل ما تقدمه له الطبيعة، غذاء طبيعيا في ذاته وفي نكهته وفي الفوائد الناتجة عن تناوله، أما اليوم فقد طغت المواد الكيماوية على طعامه ، و تبدّل الكثير منها ، إذ لا الزيت بقي زيتا و لا اللحم لحما ، بل حتى الخضار والفواكه التي يقتصر البعض على تناولها لوحدها ظنا منهم أنها كل ما تبقى من غذاء طبيعي، لم تعد في حقيقتها طبيعية، إلا في شكلها بسبب ما يضاف لها من مواد كيماوية محسّنة للذوق ، و غير ذلك من أمور سامة قد تصبح مميتة مع مرور الوقت . من أجل معرفة آراء الناس حول هذا الموضوع، تنقلت "الجزائرالجديدة" في العاصمة ، فاستفسرت بعض المواطنين عن وجهة نظرهم بخصوص هذه الظاهرة. "الحاجة هجيرة"، 64 سنة تقول " نحن نشأنا على كل ما هو طبيعي، وأنا بدوري ربيت أبنائي على كل ما هو طبيعي ، ولقد ظهرت ثمرة ذلك على بنيتهم ، ولكن للأسف فهم لم يسعفهم الحظ في تربية أبنائهم بما هو طبيعي". وأما مصطفى،37 سنة، فيقول " كل ما نأكل الآن هو إما طبيعي تغير بعوامل خارجية ، كالتلوث و المواد الكيماوية المضافة له ، و إما هو اصطناعي محض ، ولا خير فيهما معا ". ويعبر "محمد"،27 سنة، عن حسرته على كل ما يقدم للمواطن الجزائري من سموم قائلا " ذات يوم أردت أن أقتصر في غذائي على كل ما هو طبيعي فأشرب حليب البقر و زبدته ، و أطبخ بزيت الزيتون ، وأكثر من الفواكه و الخضر، وأشتري خبز الشعير ، ولكني فهمت بعدها أن كل ما قد ذكرت ، إما أن يكون طبيعيا بثمن باهض لدرجة لا تتصور ، وإما ليس طبيعيا 100 بالمائة ، ففترت همتي واستسلمت للسموم كغيري من الناس". ولم يعد هناك من جملة ما يتناوله الجزائريون من أغذية ما هو طبيعي محض ، حتى الماء لم ينج من مخالطة الكيماويات له. ولقد صار المصنعون في زماننا هذا يضيفون مواد كيماوية غير مدروسة و غير مفحوصة مخبريا، لتقدم للمستهلك دون اهتمام بصحته، وكل يوم تضاف عشرات الأنواع من هذه المواد التي قد تتسبب في عدة أمراض ، من أخطرها السرطان إلى غيره من الأمراض، وزادت كميّاتها في أكلنا حتى فقد طعمه الطبيعي.