أصبح يشكل شراء المنزل وحتى استئجارها عائقا أمام الشباب الجزائريين الذين لم يهاجروا إلى بلاد الاغتراب لتأمين لقمة العيش، محاولين التأقلم مع الوضع الحالي، كل واحد وفق قدرته، كما بات الزواج مشروعا صعبا، وخطوة يحسب لها ألف حساب، فمن دون مساعدة الأهل أو التنازل عن الميراث، والقروض التي تهد حيل مقترضها، لا يمكن أي شاب أن يمتلك منزل ، بسبب الغلاء الفاحش في أسعار البيوت التي عجز الكثيرون عن تأمينها. حلم العيش بشقة أصابني بلعنة العنوسة من جهة تؤكد الشابة إلهام 35 سنة، فسخ خطوبتها أكثر من مرة، حيث رفض أهلها التنازل عن شرط السكن بمفردها، وهذا أمر غير متوافر لدى الغالبية العظمى من الشبان، إلا إذا كان أهل الشاب من الأثرياء، وبالتالي فهو يبحث عن البنت الثرية مثله، بحيث لا يمثل لهم الأمر مشكلة، أما فتيات الطبقة المتوسطة فهن ضحايا تقاليد بالية، حيث تنظر الأسر إلى الزيجات المماثلة في محيط العائلة والجيران والأقارب، ثم تعقد مقارنات بينها وتسعى لأن تكون زيجة ابنتها أفضل من هؤلاء جميعا،وفي الأخير يجدن بناتهم قد إصابتهن لعنة العنوسة. مجتمع لا يرحم وفي هذا الإطار يروي السيد عبد اللطيف من بلوزداد مشكلته قائلا:"خطبت أكثر من مرة، وكانت المشكلة الرئيسة تكمن في مواصفات بيت الزوجية، حيث نعاني نحن الشبان ضغوطا مزدوجة، إذ تحلم الفتاة بأن تعيش في شقة فاخرة أو حتى فيلا، مثلما ترى في الأفلام والمسلسلات العربية والأجنبية،أشعر حاليا بالإحباط النفسي والزهد، رغم رغبتي الشديدة بالزواج بحثا عن الاستقرار الأسري والنفسي، لكن ماذا أفعل في مجتمع لا يحترم إلا الوجاهة الاجتماعية. الشاب الجزائري مكتوب عليه أن يعيش في الشقاء الشاب الجزائري مظلوم ومكتوب عليه أن يعيش في شقاء دائم بحثا عن بيت بمواصفات ترضي العروس وأهلها الذين لا يبالون بالوجاهة الاجتماعية هذا ما أكده السيد هشام من الحميز :"رغم امتلاك الشاب هشام منزل، إلا أنه واجه تعنت أهل العروس في شروط السكن، يقول: "ورثت وأشقائي منزلا عن والدي، لكن أهل خطيبتي طلبوا بيت مستقل بعيد من أسرتي، ولأنني أحب ابنتهم تحملت ما يفوق طاقتي، ووافقت على استئجار بيت، لكنني فوجئت بهم يغالون في مواصفاتها، من حيث الموقع والمساحة والتشطيب وغيرها، وما أصابني بالذهول، موافقة خطيبتي على كل مطالب أهلها الظالمة، عندها أدركت أنها مريضة بالمظاهر الاجتماعية، مهما حملني هذا من مشقة وديون". ويتابع: «بعد هذا الموقف الصادم من خطيبتي وأهلها، قررت الزواج في بيتي الموجود في بيت والدي، حتى أعرف مدى حب خطيبتي لي، وجاءت المفاجأة المذهلة برفضها وتضامنها مع طلبات أهلها ففسخت الخطوبة، وقد عوضني الله خيرا، بأن تزوجت بمن رضيت بظروفي ونعيش اليوم سعيدين. العزوبية أرحم وأفضل يؤكد الشاب عبد الهادي 35 سنة من الجزائر العاصمة وبالتحديد القصبة العتيقة، تشاؤمه من كل شيء وخاصة الزواج، الذي بات بنظره حلما بعيد المنال، بسبب الأحلام الوردية وغير الواقعية للفتيات وتعنت أهلهن، الذين يتعاملون مع الشاب على أنه فريسة، ولا بد من الانتقام منه بالطلبات غير المنطقية، فيطلبون بيت شاسع وفخم، فضلا عن تجهيزاتها اللازمة، بدلا من الرفق والرحمة به، ولهذا يبدأ الشاب حياته وهو محبط وغير راغب بالزواج، بسبب المغالاة في الطلبات وعدم مراعاة ظروفه المادية الصعبة، كما أنه ليس لدي أمل في الزواج قبل سن الأربعين، في ظل الأسعار الجنونية لكل شيء، وبما أن راتبي كله لا يكفي لإيجار بيت متوسط الحال، أرى أن العزوبية أرحم وأفضل. أحلم بامتلاك سقف وأربعة جدران حمزة 40 سنة من الحراش متزوج ولديه ولدان، يعمل حمزة في مؤسسة ويتقاضى راتبا ثابتا، ويدفع منه إيجار البيت الذي يعيش فيه مع عائلته منذ 10 سنوات، ويلفت إلى أن معظم راتبه يدفع إيجارا للمنزل، ويقول: "عندما تقدمت لطلب يد زوجتي، اشترطت علي عائلتها أن أمتلك بيت، ولم يكن في مقدوري ذلك، لكنهم بعدما تأكدوا من حسن أخلاقي وافقوا على تزويجي ابنتهم، وكنت قد فرشت بيتي، كما أن حلمي أن أمتلك سقفا وأربعة جدران تؤويني مع عائلتي، ويتابع: "إلا أنني لم أفكر يوما بتغيير عملي لأنني أشعر بالسعادة حين أساعد الآخرين". أراهن على دراستي في شق طريقي نحو النجاح يقول الطالب منصف سنة ثانية دراسات عليا "سأفعل المستحيل حتى أكمل دراستي، لأنني لا أملك شيئا، فلعل شهادتي تنفعني مستقبلا، سواء في إيجاد عمل أو قد تشق لي طريقا في هذه الحياة، في سبيل تحقيق حلمي بشراء منزل، فهذا بمثابة حلم، أنتمي إلى أسرة مؤلفة من ثمانية أشخاص ونعيش كلنا في غرفتين في القصبة من دون أن نملك أي شيء آخر، فلا حل أمامي سوى التحصيل العلمي. أصبح الزواج حلما بالنسبة إلي أحمد شاب مقبل على الزواج، ويرى أن الأمور أصبحت أسوأ بكثير، بحيث بات الزواج حلما لأي شاب جزائري لا يملك منزلا، ويقول: "كنت أخطط للزواج وشراء منزل أستقر فيه، أما اليوم فأصبح الزواج حلما، لأنه مرتبط بالمنزل، فأول ما يطلبه أهل العروس هو المنزل، مما جعلني أعتكف عن الزواج، وعندما ألغيت فكرة شراء بيت، واستئجار بيت، وجدت أن إيجار منزل مؤلف من غرفة وصالون ومنافعهما يبلغ حوالي 30000دج، وهو ما يوازي مرتب الموظف عن شهر كامل، فاضطررت إلى إلغاء فكرة الزواج حتى إشعار آخر.