*- موسيقى حضرية كانت أداة مقاومة وتعبير عن الإقصاء والحرمان نظمت مكتبة شايب دزاير التابعة للمؤسسة الوطنية للاتصال النشر والإشهار"لاناب"، لقاء خاصا بموسيقى الطابع الشعبي، تحت عنوان "مساهمة في تاريخ الشعبي" نشطها المهتم بالتاريخ وعلم الاجتماع عبد المجيد مرداسي تلاه بيع بالإهداء لكتابه الموسوم "تاريخ الشعبي"، حضر اللقاء مجموعة من محبي هذا النوع من الموسيقى ورواد المكتبة الأوفياء والجمهور العريض عموما. تحدث مرداسي خلال اللقاء حول الطابع الشعبي في كل أبعاده ومتغيراته وأنواعه، وهو ليس بموسيقى قديمة تجاوزها الزمن. وأوضح مرداسي في تدخله أنه خلال أزمنة طويلة وخلال فترة الاحتلال كانت موسيقى الشعبي تمارس في كل نواحي البلاد تماما مثل الأندلسي، الملحون، المحجوز، الملوف، الحوزي، القبائلي وغيرها من الطبوع الكثيرة والمتنوعة. ومن خلال هذه الموسيقى يقول الباحث مرداسي كان المقصيون من أبناء الشعب الجزائري يعبرون عن معاناتهم وفاقتهم وكذا عن الحياة العامة في تلك الفترة، ومن خلال كتابه الذي وضعه يسعى مع قرائه لمقاسمة هذا الإقصاء. ومنذ صغره -يقول مرداسي- بدأ يهتم بموسيقى الشعبي وشيوعها وانتشارها، وهو في كتابه يحكي عن هذا السفر الجميل الذي امتد لعقود مع هذا الطابع الموسيقي. وفي شهادة حصل عليها من قبل الراحل محي الدين بشتارزي، جاء فيها أن محطة البت والإذاعة الفرنسية بالجزائر بدأت بت برامج بالعربية وبالقبائلية. ويرى مرداسي أن البرامج التي كانت تقدم باللغات المتحدث بها في البلاد، كانت مهمة أيضا مثلما كان حزب الشعب الجزائري "بي بي أ" الذي كان يطالب بالاستقلال التام عن فرنسا. وخلال بداية البث الإذاعي هذا أسندت الإدارة إلى شخصية معتبرة تمثلت في بودالي سفير الصحفي الشاعر، الذي قام بعد مدة بإدخال المجموعات الموسيقية المختلفة، حيث أسندت إدارة الاوركسترا الأندلسية إلى عبد الرزاق فخارجي، الشيخ نور الدين على الموسيقى القبائلية، والطابع البدوي إلى خليفي أحمد، والموسيقى العصرية إلى مصطفى إسكندراني، والموسيقى الشعبية إلى الحاج امحمد العنقا. ويؤكد مرداسي أن الشعبي هو موسيقى حضرية نشأت وبرزت حديثا في المدينة، ومن بين مؤسسيها، الحاج امحمد العنقا، مكرازة ومريزق..، كما أوضح أن للشعبي القدرة على المقاومة وكان بمثابة الرابط الاجتماعي بين الجزائريين معززا روح الانتماء الثقافي والحضاري. ومن بين فروع الشعبي –حسب المتدخل- المديح النبوي وأن النشأة الأولى للشعبي هي موسيقى الصنعة العاصمية الجزائرية، أحد فروع الموسيقى الأندلسية الثلاث. بعد الاستقلال كانت الاستمرارية مع الإذاعة والتلفزيون الجزائري والحماس السائد أيامها مع استرداد السيادة الوطنية وكان يرى إليه كتأميم للموسيقى الوطنية. كما كان التفكير -يقول مرداسي- منصبا بعد فترة من الاستقلال حول سؤال كبير متعلق بترقية أنواع الموسيقى الجزائرية. خلال القرن العشرين غير الجزائريون من منحى موسيقاهم ودخلوا ضمن ما يعرف بالمواجهة السياسية مع المحتل. وقال بأن الشعبي يغنى بالعربية كما يغنى بالقبائلية كما هو الشأن عند الشيخ الحسناوي. تساءل البعض في فترة النقاش، عن قلة النساء في الفن الشعبي وهل مرده إلى كون مجتمعنا محافظ، ورأت إحداهن بأنه بقي حكرا على عالم الفحولة. جدير بالذكر أنه عام 1946 عرف قرار تسمية "شعبي" على هذا النوع من الموسيقى نسبة إلى الكلاسيكي الأندلسي والبدوي والقبائلي والعصري. إنّ عبارة "شعبي" أيّ الموسيقى الشعبية قد انتشرت تسميتها بعد اندلاع حرب التحرير الوطني. أمّا بالنسبة للفترة المعاصرة، فإن الشيخ الحاج أمحمد العنقاء الذي نجح في إضفاء هيأة موحّدة للنوع الشعبي وهو جانب مرجعي إلى القيمة الأدبية والشعرية وتطبيق إيقاع ملائم للطاقة الحيوية للسكان الشباب في مجموعه، ومن الواضح أن مساهمة الأساتذة الآخرين لها أيضا فائدتها، ولنذكر على سبيل المثال الشيوخ مصطفى سعيدي الملقب بالشيخ الناظور والحاج مريزق وسعيد المداح ومحمد قبايلي وخليفة بلقاسم والحاج منوّر وتيجيني بن رازم ودحمان الحرّاشي ومحمد ماروكان وعلي مبروك والحسناوي وسليمان عازم وهم الذين يشكلون الجيل الأوّل. كما أننا نذكر بأن الشيوخ عمر العشاب والحاج حسن السعيد وبوجمعة العنقيس والهاشمي قروابي وحسيسن والطاهر بن أحمد ومعزوز بوعجاج وعمر مكرازة ومحمد زربوط إلى آخره هم من الجيل الثاني. أمّا الجيل الثالث فهو يتكون من عبد القادر شاعو وعمر الزاهي وعبد الرحمان القبي وكمال بورديب وعبد القادر قسوم وحسيسن سعدي وعبد القادر شرشم والشاذلي معمّر وابراهيم باي والحبيب بن الطاهر ومحمد طوبال ورشيد نوني وعمر بوجمية إلى آخره، أمّا الجيل الأخير الذي يبدأ من 1980 إلى يومنا هذا فهم عبد المجيد مسكود وعزيوز رايس ورضا دوماز وكمال مسعودي ونور الدين علام ونصر الدين قاليز ولمراوي محمد ومصطفى يانس وديدين كاروم إلى آخره. ويجب التانويه بالتجربة الناجحة التي قام بها الملحن محبوب باتي في السبعينات والتي أعاد النّظر في طريقة التلحين وفي محتوى الكلمات حيث أعطى نظرة جديدة لهذا النوع الشعبي الذي جمع العدد الكبير من الجماهير.