معرض التجارة البينية الافريقية: الجزائر مؤهلة لأن تكون منصة إقليمية للتصنيع وفضاء للاندماج الصناعي    القادة الأفارقة يشيدون بدور الجزائر في تجسيد التكامل الإفريقي    70% نسبة إدماج الآلات الثقيلة ونطمح ل30% في السيارات    ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي ب7,2% في 2024    الارتقاء بالشراكة تعزيزا للتكامل والتنمية في القارة    لا حلّ في الشرق الأوسط دون إقامة دولة فلسطينية    التجارة البينية الإفريقية: نجاح "يوم الجاليات" يبرز اهتمام رئيس الجمهورية بهذه الفئة    بداري يستقبل تانغ    شباب يزورون البرلمان    التجارة البينية الإفريقية : منصوري تبرز المرتكزات الأساسية للرؤية التي قدمها رئيس الجمهورية    مكتب ل الويبو بالجزائر    المنفي يبرز أهمية طبعة الجزائر    الداخلية تعتمد انتخاب منذر بودن أمينا عاما للأرندي    خطوة كبيرة نحو المونديال    بللو يستقبل مدير المنظمة العالمية للملكية الفكرية    استشهاد 75 فلسطينيا في القصف الصهيوني على قطاع غزة    نحو دخول جامعي ناجح بكل المقاييس    "المحاربون" يضعون قدما في المونديال    الجزائر تفرش بساطها السياحي لضيوفها من القارة    الحياة تعود مجددا إلى ساحة "19 أوت 1956"    تحضيرات مكثفة لتوفير آلاف الحقائب المدرسية بوهران    المجتمع الدولي مطالب بوقف إرهاب المستوطنين    تسليط الضوء على كنوز متحف "هيبون"    إيدير بن عيبوش يتوج بجائزة أفضل ممثل إفريقي    انتقاء بإتقان في مقام الضيوف    التجارة البينية الافريقية: رئيس الجمهورية يأمر بفتح خط جوي مباشر نحو نجامينا    مباريات تصفيات المونديال تربح ولا تلعب    منظمة الصحة العالمية: تجويع المدنيين في غزة جريمة حرب لا يمكن التسامح معها    وهران : رئيس جبهة المستقبل يدعو إلى تعزيز اللحمة الوطنية ودعم الإصلاحات    إدانة الاحتلال المغربي و تأكيد حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير    المهرجان الدولي للرقص المعاصر بالمسرح الوطني الجزائري: فلسطين ضيف شرف الطبعة ال13    التجارة البينية الإفريقية: "بصمات إفريقية", معرض جماعي يبرز إبداعات 18 فنانا تشكيليا من الجزائر وعدة بلدان أخرى    سينما: عرض 32 فيلما في الطبعة ال20 للقاءات السينمائية لبجاية    منطقة الريف: مواجهات عنيفة بين شباب الحسيمة و قوات المخزن    معرض التجارة البينية الإفريقية: حيداوي يؤكد رهان قطاعه على تعزيز العلاقات بين الشباب الإفريقي    أمطار رعدية مصحوبة بالبرد في عدة ولايات من الوطن يومي الجمعة والسبت    تصفيات كأس العالم 2026 / الجزائر-بوتسوانا (3-1) : "الخضر" يحققون الأهم ويقتربون من التأهل الى المونديال    تصفيات كأس العالم 2026 /الجولة 7 (المجموعة 7) : المنتخب الجزائري يفوز على بوتسوانا (3-1)    نحو تحيين مضامين البرامج التعليمية    قالها المغولي ويقولها نتنياهو.. والدهشة مستمرة!    الإبادة تتواصل بوحشية في غزّة    الفوز للاقتراب أكثر من المونديال    ملاكمة/ بطولة العالم-2025 : مشاركة الجزائر بأربعة رياضيين في موعد ليفربول    الاعتداء على فتاة من قبل شابين بدالي ابراهيم: ايداع أحد المتهمين رهن الحبس المؤقت    أسر جزائرية تحيي ليلة المولد النبوي الشريف    مداحي تترأس اجتماعاً تنسيقياً    هذه دعوة النبي الكريم لأمته في كل صلاة    تضع برنامجا يعكس الموروث الثقافي الجزائري وأبعاده الإفريقية    شراكة بين "صيدال" وشركة "أب في" الأمريكية    المدرب سيفكو يريد نقاط اللقاء لمحو آثار هزيمة مستغانم    الإعلان عن قائمة الوكالات المؤهلة    اجتماع عمل تقني بين قطاعي الصناعة الصيدلانية والصحة    النظام الوطني للتنظيم الصيدلاني: اجتماع عمل تقني بين قطاعي الصناعة الصيدلانية والصحة    نسج شراكات استراتيجية لتعزيز السيادة الصحية للقارة    الإسلام منح المرأة حقوقا وكرامة لم يمنحها أي قانونعبر التاريخ    المولد النبوي يوم الجمعة    يوم الجمعة الموافق ل 5 سبتمبر القادم    ذكرى المولد النبوي الشريف ستكون يوم الجمعة الموافق ل 5 سبتمبر القادم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين غيابين
القيم الجمالية والقيم السوقية
نشر في الجمهورية يوم 24 - 04 - 2017

القيم الجمالية قيم رمزية تستوطن الآداب والفنون وأساليب الوجود والسلوك الثقافي والإبداعي. في المجتمعات المتقدمة تشكل الحياة الثقافية جزء مهما من حياة الناس وبذلك ينشأ طلب على المنتجات الثقافية لتلبية حاجات اجتماعية تتناسب وقيم الحياة. وخارج نطاق النشاط الثقافي يتم إدراج الإبداع في تصميم الإنتاج الصناعي والتكنولوجي وفي تصميم المدن والمساكن والمحيط وفي الحياة اليومية. هكذا أصبحت القيم الثقافية والجمالية رصيدا اجتماعيا مشتركا للمجتمع المتقدم: تدخل في قواعد السلوك ومعايير الحداثة وأرضية تسمح بالعيش المشترك في ظل التنوع والاختلاف. أهم قيمة تحكم الجمال والإبداع هي الحرية. الحرية منبع كل القيم الجمالية والثقافية والخلقية. هي قاعدة للحياة النفسية والجمالية والنشاط الاقتصادي أيضا. الحرية قيمة كبرى تسمح للفرد المكتمل بتحقيق ذاته والتصرف "بحرية" في كل شيء ما عدا تجاوز قيمة الحرية ذاتها.
الشعر مصدر الأحلام الكبرى التي تغذي الفنون المعاصرة مثل السينما التي تبسط الأحلام وتجعلها في متناول غير الشعراء. أو قل تجعل كل الناس شعراء. هوليوود هي منبع الحلم الأمريكي وراعية روح التفوق. "حرب النجوم" كان فلما قبل أن يصبح مشروعا فضائيا ترعاه المؤسسة العسكرية الصناعية وقبل أن يتحول إلى واقع يعيشه العالم بأسره في القرن الحادي والعشرين.
في المجتمعات المتخلفة نوع من النفور من القيم الثقافية باعتبارها رمزا للتخلف. القيمة الكبرى في فضاء التخلف تتمثل في القيمة العظمى للمركانتيلية: المال في شكله المعدني السائل القابل للإنفاق والتصرف. أصبحت القيم التجارية هي القيمة المطلقة المحددة لكل القيم الأخرى بما فيها القيم الجمالية. هذه الطفرة لها سبب يعود إلى الوفرة المالية في بلدان خالية من الثقافة بل مضادة للثقافة والإبداع.
مر على الثقافة والفنون في بلادنا زمان كانت فيه مسيسة إلى درجة أنه لا وجود للثقافة والإبداع خارج الأجهزة الرسمية: الحزب والدولة. كان المسؤول الحزبي يتحكم في جموع المبدعين ويحدد لهم ما يجوز وما لا يجوز قوله. تغدق المؤسسة أموالها على الأنشطة التي تراها ضرورية-هي عادة أنشطة دعائية- وتمنعها عن غيرها مهما كانت قيمتها الإبداعية. معاييرها سياسية أو "براغماتية" لا علاقة لها بالقيم الجمالية. ما أن انتهى ذلك الزمن حتى استحوذت فئات أخرى على الفضاء الثقافي لإخضاعه للقيم الرائجة : قيم السوق.
تم تسليع القيم الجمالية إلى درجة أن لم يعد للثقافة من وجود خارج الوجود التجاري. لكن السوق فارغة وكل سلعها مستوردة: المنتجات الاقتصادية والقيم الجمالية والمنتجات الثقافية: كلها سلع تستورد بالجملة وتباع في أسواق التجزئة.
وفي غمرة هذا التحول ضاعت معايير التقييم الجمالية: المعرفة والخبرة والكفاءة أو الذوق وحلت محلها قيمة واحدة: قيمة السوق. المعيار الوحيد الصالح هو أن تكون للقيم الجمالية قيمة سوقية في السوق الوطنية ولا سيما في السوق الدولية.
هكذا أصبحت المبيعات مثلا معيارا لتقييم الإنتاج الثقافي.مبيعات الأسطوانات الموسيقية مؤشرا للنجومية. مبيعات الكتاب معيار للإبداع الأدبي . في صالون الكتاب رأينا الأدباء يبيعون "منتجاتهم" يوميا ويفاخر بعضهم بعضا بما حققوه من مبيعات. بعضهم أصبح يقوم بعمل مندوب تجاري للناشر وأنه بحضوره -وهو النجم- يمارس ضغطا على الزبون يعاقب عليه القانون في حالة السلع الأخرى باعتباره ممارسة غير مشروعة: أخذ صورة مقابل شراء الكتاب: فالبيع المشروط غير مشروع . هذا الناشر الذي جند المؤلف في عملية البيع لم ينظم طيلة العام نشاطا ثقافيا أو محاضرة للقاء بين المؤلف والقراء أو لمناقشة أفكاره. بعض الناشرين أصبحوا هم أنفسهم مؤلفين "يبيعون بالتوقيع" في الصالون متباهين بأرقام المبيعات.
تسليع القيم الجمالية هذا سمح بالتخلي عن إنتاج كل القيم الأخرى واستيرادها باعتبارها سلعا : حدث ذلك حتى مع المنتجات التي تحمل قيما ثقافية: المأكولات والملابس والأثاث المنزلي والمسكن والمسجد والمصنع والجامعة والبرنامج الدراسي والكتاب والمصحف والقميص والمنتوج التكنولوجي. بل المبدعون ومنتجو القيم الثقافية أنفسهم يتم استيرادهم من الخارج. بمن فيهم أبناء البلد. في البلد المتخلف الفاقد لمعاييره الجمالية والثقافية لا يعترف بالمثقف والفنان والشاعر والكاتب والباحث والأستاذ والخبير إلا إذا مر بالسوق الدولية. إذ عليه أن يهاجر ويثبت نفسه لدى الآخرين ثم يتم "استيراده " بالعملة الصعبة على انه (خبير دولي).
القيم الجمالية والثقافية والمبدعون ومنتجو الثقافة والقيم كلها أصبحت سلعا تشترى أو تستورد أو يستقدم الأجانب لإنجازها في بلادنا: هناك خراب كبير يعمم باعتباره تنمية والأدهى أن يتم ذلك بإشراف مؤسسات رسمية.
عناق
منذ ثلاثين سنة
أحاول أن أعانقك
لكن أذرع العالم لا تكفي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.