تنعقد منتصف الشهر الجاري القمّة العربية الافريقية التي تحتضن فعالياتها عمّان و تشارك فيها الجزائرالتي تلعب دورا محوريا في تجسيد التعاون بين العالم العربي و القارة الافريقية من خلال عديد البرامج . و بتوالي السنوات يتأكد جليا حجم التحديات التي تواجهها دول العالم دون استثناء و لكن بحجم متفاوت في المجال الاقتصادي تبعا للبنية التحتية التي تتوفر عليها كل واحدة ، و مما لا يدع مجالا للشك أنّ لإفريقيا كل مقومات الاقتصاد الوازن الذي يصنع الفارق في السوق العالمي بل و يتحكم في الموازنات الصناعية و المالية و هو ما يجلب اهتمام الوطن العربي إليها شأنه في ذلك شأن القوى الكبرى في العالم مثل الولاياتالمتحدة و روسيا و الصين و فرنسا و تركيا و البرازيل ، و رغم ذلك لا يساهم الاقتصاد الإفريقي المنتج ( و لا نتكلم عن الموارد الطبيعية الخام ) في الاقتصاد العالمي إلّا بنسبة ضئيلة، و من ثمة يجد أكثرَ من سؤال نفسه جديرا بأن يُطرح : ماذا ينقص افريقيا من أجل اندماج اقتصادي على الأقل يؤمِّن الغذاء لسكانها. الجزائر التي تسعى دوما إلى تقريب وجهات نظر بين الأفارقة و العرب ضمن استراتيجيات الدبلوماسية الاقتصادية و تحث دول القارة على ضرورة استغلال شبابها و البنية التحتية وإدماجها مع التكنولوجيا لتوفير الأمن الصناعي و الغذائي و أيضا تنويع بيئة العمل و حركية التجارة البينية و المربحة لجميع بلدان القارة و الوطن العربي و التي يتوفر بعضها على الثروة و لكن يفتقد للتكنولوجيا و أيضا فتح باب التبادل على نطاق واسع. و لا يتوقف البعد الاستراتيجي للمشروع الجزائري لعلاقة وطيدة بين افريقيا و العالم العربي عند هذا الحد بل يتعداه إلى إمكانية مناقشة فرص التعاون الدولي مع القارة السمراء ، الاستثمار في افريقيا عبر بوابة الجزائر تسعى إليه دول العالم العربي و هو ما يدفع ببلادنا إلى لعب دور محوري كقوة اقتصادية تصنع الفارق و لا يتوقف عند الشعار لأن أفريقا محكومة اليوم بهاجس الوقت و ما أمضته في تشتيت قوتها الاقتصادية و طاقتها البشرية يعد بعشرات السنين و لابد أن يتوقف «تنزيف» السمراء . الجزائر عازمة على تنويع اقتصادها اعتمادا على شراكة افريقية و عربية وعلى هذه المجموعتين أن تمسك بزمام قوتها و تأكيد التحول الهيكلي . و لا يزال نموذج الحكومة الجزائرية لبناء قاعدة من المؤسسات الصغيرة و المتوسطة متنافسة و متينة يلهم عديد الدول الافريقية و تعتزم الجزائر أيضا توسيع الاصلاحات و الانخراط في مقاربة افريقية تماشيا مع الأهداف التي صارت استراتيجيات و تكثيف التعاون مع الجميع ، فالجزائر تمثل قوة اقتصادية بهياكل قاعدية و استثمارية . و لعل ما يزيد في تأكيد نيّة الجزائر ببعدها الافريقي و العربي عملها الدؤوب من أجل المجموعتين معا للوصول إلى قوّة اقتصادية .