أولمبياد المهن 2025... منصة وطنية لترقية الكفاءات التقنية ودعم الشباب    تعاون جزائري–فيتنامي على أعتاب مرحلة جديدة بفضل زيارات رفيعة المستوى واتفاقات مرتقبة    مذكرة تفاهم جزائرية–بريطانية لتعزيز قدرات الشرطة في التحليل المتقدم للبصمات الإلكترونية    مدير المدرسة العليا للذكاء الاصطناعي: الجزائر تسرّع تنفيذ استراتيجيتها الوطنية بدعم البنى التحتية والكفاءات    تعزيز التعاون الجزائري–القطري في مجالات العمل والضمان الاجتماعي    "حرب الشتاء" بلا مغيث في غزة : غرق عشرات الخيام في مواصي خان يونس بمياه الأمطار    سوريا : إصابة امرأة بانفجار منزل بدمشق وسط استنفار أمني    كولومبيا : اقتناء طائرات حربية سويدية بقيمة 4,3 مليار دولار    تكريم الفائزين في الطبعة الخامسة من المسابقة الأدبية الوطنية "أم سهام" للقصة القصيرة    انطلاق الطبعة الثامنة للملتقى الوطني للقراءة ببسكرة تحت شعار "القراءة وعي يصنع التغيير"    الدولة الجزائرية اجتماعية بامتياز ..؟ !    إخماد 50 حريقا نهائيا في عدة ولايات    ضرورة اعتماد سياسة حديثة وإنشاء ملاجئ للحيوانات الضالة    خنشلة : فرقة التفويضات القضائية و فرقة البحث و التدخل تنظم عملية شرطية و توقف شخصين مبحوث عنهما    والي باتنة يفتح صدره لها وأول اهتماماته"دار الصحافة "    بريد الجزائر يحذر زبائنه من تلاعب المحتالين    شركة الخطوط الجوية الجزائرية تستلم أول طائرة لها ضمن برنامج تجديد أسطولها    العمل على تشجيع الاستثمار واستكمال عملية تصنيف مواقع التوسع السياحي    افتتاح الطبعة الأولى لجائزة وادي ريغ الوطنية للأدب والتاريخ    السيدة بن دودة تشرف على افتتاح المهرجان الدولي للفيلم القصير    الجزائر ستظل شريكا فاعلا في الجهود الدولية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية    تكامل جزائري- أممي للحفاظ على سيادة ليبيا    حركة تنموية استثنائية بولايات الجنوب    هكذا تمارس "الخدمات الإلكترونية".. والحبس للمتلاعبين بالمعطيات الشخصية    حنون تستنفر الشباب للمشاركة في الاستحقاقات القادمة    ضمان استدامة الخدمات الحيوية    إقبال كبير على محلات بيع الأعشاب لتفادي أمراض الشتاء    ارتفاع نسبة اكتشاف حالات السرطان    عروض فرنسية وألمانية للمهاجم أمين شياخة    خدمة قضايا المجتمع وتحسين جودة الحياة    اكتشفت سليماني ومحرز وهذا سر تعلقي بالجزائر    الترجي التونسي يدعم بلايلي ويؤكد بقاءه مع الفريق    يوم تكويني حول الخدمات النفسية في الأزمات والكوارث    فيانسو يرسم جسور الإبداع السينمائي    بحث سبل بناء منظومة متكاملة    ملامح جيل يتشكّل في تيميمون    طوارئ لإخماد حرائق الغابات بعشر ولايات    هل تُبعث لجنة الفصل في الطلبات مُجدّدا؟    الجزائر تحتضن المؤتمر الإفريقي للمؤسسات الناشئة    وزير الري يشدد من توقرت على نجاعة التسيير والرقمنة لتحسين الخدمة العمومية للمياه    فوز معنوي.. ومكاسب بالجملة    تتويج كينيا بالمراتب الأولى للسباق    دعوة إلى تعزيز حملات التوعية والكشف المبكر    20 صحفيا في البرلمان الأوروبي لإسماع صوت الصحراء الغربية    المسؤولية التاريخية لإسبانيا تشمل منطقة شمال إفريقيا بكاملها    إعلان قيام دولة فلسطين في الجزائر تتويج لنضال شعبها    إبراز قدرات الجزائر ودورها في تعزيز الإنتاج الصيدلاني قاريا    غلق مؤقت وجزئي لحركة المرور بالعاصمة    بلمهدي يزور معرض الحج    بحث سبل تعزيز التعاون الجزائري-الأردني    بلمهدي يُوقّع اتفاقية الحج للموسم المقبل    الطبعة الرابعة لنصف مراطون "الزعاطشة" ببسكرة    عبد الرحمان بن عوف .. الغني الشاكر    غنى النفس .. تاج على رؤوس المتعففين    فتاوى : واجب من وقع في الغيبة دون انتباه وإرادة    دعاء في جوف الليل يفتح لك أبواب الرزق    مؤسسة Ooredoo تبرم شراكةً رسميةً مع نادي مولودية وهران    تحذيرات نبوية من فتن اخر الزمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمة أدب
نشر في الجمهورية يوم 17 - 09 - 2018

تثير الارتياب والشك. إنها جامعة لكثير من الأخلاط. ما كتب من شعر ونثر فهو أدب، القصص والروايات والحكايات هي أدب، الأقسام والهيئات والمعاهد التي تدرس النصوص التي يقال عنها إنها أدبية فهي أقسام ومعاهد أدب. صارت هذه الكلمة لكثرة ما حملت خالية من المعنى أو مفضوحة المعاني. لقد أسيئ استعمالها في مجال الثقافة العربية وبعيدا عن حجج طه حسين في كتابه في الأدب الجاهلي حيث يسوق لنا اشتقاق كلمة أدب ومفهومها، فقد جمعت بين كثير من المتناقضات وصارت كلمة ذات وجوه متعددة، تارة تعني الأخلاق وتارة أخرى تفيد معنى العلم وتارة ثالثة ما يقرأ من قصص وأشعار.
لا شك أن عصرا معقدا مثل عصرنا راكم الشبهة حول هذه الكلمة بخاصة لما انتشرت الكتابة عبر وسائط متعددة ودخلت هيئات بعيدة عن عالم الأدب في مجال التسويق والنشر والجوائز والهبات وغيرها. يتعلق الأمر بكلمة أدب، الكلمة العالم أو الوجود. إنها ليست شيئا محضا، بل هي عالم متعدد العناصر في هيئة متماسكة يستحيل الفصل بينها. إنها تعني النشاط الفني والجمالي القائم بذاته. الكلمة التي صارت زخما كبيرا عبر الكتابة والتداول والتلقي ثم تحولت إلى عنوان الثقافة التي تملك عناصر التأثير وقوة التحولات. ليست فقط كلمات تكتب وتنشر، بل الأدب ظاهرة عظيمة ونادرة. أي من النادر أن نحصل على ما يسمى بالأدب داخل كل ثقافة، لأن هذه الكلمة قوية الحضور في المجتمع والدولة والهيئات وأكثر حضورا في الإنسان. هذه القدرة المتحولة التي تملكها كلمة أدب تحكمها طبيعة خاصة، وهي لا تنتمي للفعل العضلي الذي نسميه الكتابة، بالمعنى الذي يفهمه السوق وعموم الكُتاب. لأن الكتابة تأتي بعد حدث الوجود، والتجربة هي أساس هذه الكلمة، وكما قال جيل دولوز ليست الرواية هي حكاية قصة حب أو موت جدة بمرض السرطان أو حالة حرب عابرة، الرواية ككتابة مظهر ثقافي يتجاوز الكاتب إلى الوجود. تتحول الكلمات إلى شخوص وحيوات وعوالم. اللغة في مثل هذه الكتابة تقوم في الحد الذي يفصل بين الكلام والصمت، وبين العقل والجنون، وبين الموت والحياة. هذا كلام نستوعبه لفيلسوف انتقل من عالم ودخل عالم الأدب وجاور الكتابة بروح متحولة ثائرة وغريبة بعيدا عن الهالات التي تحيط بالكلمة كما ذكرنا من قبل: النشر والتوزيع والجوائز والملتقيات والندوات، هذه أمور تقع على الحاشية ولا معنى لها في مقابل ما تعنيه الكلمة حينما تصير وجودا موازيا. ضاعت كلمة أدب حينما اتسعت دائرة القيم التي تحكمها، القيم التي أنتجتها السلطة والمجتمع والمؤسسات. الأدب كفاعلية يتعارض مع القيم الحدية التي تؤسس للأقواس والفواصل. إن قيم الأدب هي قيم الإنسان تتغير وتتحول لأنها تنتسب لطبيعة الأشياء في هذا الوجود. لكن المشكلة هي كيف تأسست هذه القيم التي حاصرت كلمة أدب؟ نبدأ بأسوأ هذه القيم تلك التي أنتجها النقد كسلطة ومؤسسة باسم * الجودة والرداءة*، أتساءل من موقعي: الجودة والرداءة بالقياس إلى ماذا؟ في غالب الأحيان كان النقد ينتج هذه القيم بعيدا عن مسمى الأدب مما يدل على أن فاعلية الأدب ظلت في حقيقتها غائبة عن النظر العام. والذي ساد كان يمثل تشويها لفعل الكتابة الحقيقي. المشكلة في هذه القيم أنها تقيم في ذهن الناقد وليست موجودة في موقع الأدب. الناقد هو الذي يجعل الأدب يتكلم عن نفسه (هذه حالة مثالية نادرة ولكنها موجودة ) وهذه السلطة سلطة القيم هي التي نقلت كلمة أدب إلى موقعها الخاص حيث التعميمات التي تغطي على الحقائق. لم تكتف سلطة النقد على التعمية من خلال إنتاج خطاب قيْمي بعيد عن جوهر الأدب، بل أحاطت الأدب بصورة أو بهالة غير حقيقية بدافع من معرفة واهمة. لأن التحليل يقول بأن كثيرا من الأدب الذي قاوم سلطة النقد كان يقع في جهة الرداءة، حيث أُلبِس صورة أو صورا ليست له: السرقات الشعرية، خلل النظم، هلهلة الألفاظ، بُعْدُ الاستعارة ... ولكن المقاومة العنيفة التي خاضها النص الجديد وهذا ينطبق على نصوص من الجاهلية أيضا كسّرت هذه الهالة عن طريق ثورة ضد القيم السائدة، أهمها قيمتي الجودة والرداءة. من الممكن قراءة الأدب في شكله المؤسس بعيدا عن إملاءات النقد، هناك مؤسسة خفية كانت سائدة أهم من النقد هي الرواية والشرح. كان دور بعض الشراح والرواة مهما بخاصة ما يتعلق بالشعر القديم، وأيضا كل شعر تتوفر فيه تلك الكلمات الصعبة. كان الشرح يتبنى موقفا مرآويا، يحاول أن يقرب الصورة ويجلي المعنى من دون تدخل قيمي في طبيعة الشعر الذي يشرحه. القيم النقدية هي تعبير عن قيم شرعية وأخلاقية، أتحدث عن قيم الجودة والرداءة، القوة والضعف، الجمال والقبح. هذا جزء من السلطة الأخلاقية التي كانت سائدة في أذهان النقاد، ولكن هناك حالات فردية تشبه ثورة السورياليين بدأت تنتج في حساسية جديدة وإدراك مختلف للأدب. ظاهرة ابن جني أو عبد القاهر الجرجاني مثلا حين اهتمت بالبنية: بنية الشعر أو اللغة بشكل عام ملفتة للانتباه وتعطي انطباعا بأن مدارك الشعر مختلفة ومنفتحة على المتعدد والمختلف. هناك حالات خروج عن النظام: نظام النقد أو نظام المعرفة السائد، وحالة الخروج هي تعبير عن حياة مّا ناشئة هي التي تعطي استمرارية للعناصر. أغلب النقد كان يتجه نحو التعميمات واختزال الحقائق أو المظاهر الأدبية، فهو يبحث في الشأن الأدبي بذهنية منطقية محدودة (محدودة بالقياس إلى احتمالات الدراسة ) الفائض الذي أنتجه النقد لا يمثل حالة صحية كما يعتقد الكثيرون، ولكن يكرس هيمنة المؤسسة التي تؤمن بذاتها أكثر مما تؤمن بالأدب. هذا الفائض الذي عبر عن نفسه بعناوين كثيرة * كتب السرقات، التعريفات، ونقد الكلام، والموازين، الطبقات*. هناك سؤال أساسي يتعلق بمجموع هذه الأفكار، وهو ما الذي ترتب عن مثل هذا التناول مع الأجيال اللاحقة؟ أقصد كيف انتهت إلينا كلمة أدب؟ الذي أراه هو أن السلطة والثقافة السائدة والمعرفة المهيمنة بقيت على حالها، فقط غيرت من بعض لسانها وعدلت من قامتها، ولكن الذهنية بقيت هي هي، ذهنية الهيمنة على الكتابة وتوجيه الأدب وفق قدرية مهينة بدل خلق حالة عظيمة من الكتابة تكون هي المقياس للإنسان والمجتمع والعالم الذي نعيش فيه.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.