قال بفضل أدائها في مجال الإبداع وإنشاء المؤسسات،كمال بداري: جامعة بجاية أنشأت 200 مشروع اقتصادي وحققت 20 براءة اختراع    بعد إتمام إنجاز المركز الوطني الجزائري للخدمات الرقمية: سيساهم في تعزيز السيادة الرقمية وتحقيق الاستقلال التكنولوجي    سوناطراك تتعاون مع أوكيو    جراء الاحتلال الصهيوني المتواصل على قطاع غزة: ارتفاع عدد ضحايا العدوان إلى 34 ألفا و356 شهيدا    عقب انسحاب القوات الاسرائلية من مناطق في غزة: فرنسا تدعو إلى إجراء تحقيق في المقابر الجماعية المكتشفة    الأقصى في مرمى التدنيس    حكومة الاحتلال فوق القانون الدولي    غزّة ستعلّم جيلا جديدا    الشباب يبلغ نهائي الكأس    بونجاح يتوّج وبراهيمي وبن يطو يتألقان    خلافان يؤخّران إعلان انتقال مبابي    انطلاق مهرجان الجزائر للرياضات    رصد 7.91 مليار دينار لقطاع الشباب والرياضة    صنهاجي يؤكّد أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي    الأمير عبد القادر موضوع ملتقى وطني    باحثون يؤكدون ضرورة الإسراع في تسجيل التراث اللامادي الجزائري    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    هذا آخر أجل لاستصدار تأشيرات الحج    "العميد" يواجه بارادو وعينه على الاقتراب من اللّقب    أمن دائرة عين الطويلة توقيف شخص متورط القذف عبر الفايسبوك    سيدي بلعباس : المصلحة الولائية للأمن العمومي إحصاء 1515 مخالفة مرورية خلال مارس    المدرب أرني سلوت مرشح بقوّة لخلافة كلوب    الرابطة تشدّد على ضرورة احترام موعد انطلاق المباريات    جامعة "عباس لغرور" بخنشلة: ملتقى وطني للمخطوطات في طبعته "الثالثة"    خنشلة..توقّع إنتاج مليون قنطار من الحبوب    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    رفيق قيطان يقرر الرحيل عن الدوري البرتغالي    مشروع "بلدنا" لإنتاج الحليب المجفف: المرحلة الأولى للإنتاج ستبدأ خلال 2026    بطولة العالم للكامبو: الجزائر تحرز أربع ميداليات منها ذهبيتان في اليوم الأول    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: حضور لافت في العرض الشرفي الأول للجمهور لفيلم "بن مهيدي"    أحزاب نفتقدها حتى خارج السرب..!؟    هلاك 44 شخصا وإصابة 197 آخرين بجروح    حوالي 42 ألف مسجل للحصول على بطاقة المقاول الذاتي    حج 2024 :استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    الجزائر العاصمة.. انفجار للغاز بمسكن بحي المالحة يخلف 22 جريحا    معسكر.. انطلاق المسابقة الوطنية الثانية للصيد الرياضي والترفيهي بالقصبة بسد الشرفة    الفريق أول السعيد شنقريحة يترأس أشغال الدورة ال17 للمجلس التوجيهي للمدرسة العليا الحربية    المهرجان الوطني "سيرتا شو" تكريما للفنان عنتر هلال    من 15 ماي إلى 31 ديسمبر المقبل : الإعلان عن رزنامة المعارض الوطنية للكتاب    اجتماع لتقييم السنة الأولى من الاستثمار المحلي في إنتاج العلامات العالمية في مجال الملابس الجاهزة    بحث فرص التعاون بين سونلغاز والوكالة الفرنسية للتنمية    رئيس الجمهورية يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    السفير بن جامع بمجلس الأمن: مجموعة A3+ تعرب عن "انشغالها" إزاء الوضعية السائدة في سوريا    شهداء وجرحى مع استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة لليوم ال 202 على التوالي    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: فيلم "بنك الأهداف" يفتتح العروض السينمائية لبرنامج "تحيا فلسطين"    إستفادة جميع ولايات الوطن من خمسة هياكل صحية على الأقل منذ سنة 2021    السيد بوغالي يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    حج 2024: آخر أجل لاستصدار التأشيرات سيكون في 29 أبريل الجاري    نحو إنشاء بوابة إلكترونية لقطاع النقل: الحكومة تدرس تمويل اقتناء السكنات في الجنوب والهضاب    شلغوم العيد بميلة: حجز 635 كلغ من اللحوم الفاسدة وتوقيف 7 أشخاص    السفير الفلسطيني بعد استقباله من طرف رئيس الجمهورية: فلسطين ستنال عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة بفضل الجزائر    خلال اليوم الثاني من زيارته للناحية العسكرية الثالثة: الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي    رئيس الجمهورية يترأس مراسم تقديم أوراق اعتماد أربعة سفراء جدد    فتح صناديق كتب العلامة بن باديس بجامع الجزائر    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسرح الذي يبحث عن جمهوره يجده
نشر في الجمهورية يوم 05 - 02 - 2019

دعوت صديقا لي يوما لمرافقتي إلى المسرح لمشاهدة عرض مسرحي ، فعلت هذا و أنا أعلم جيدا أن صديقي ليس من المرتادين على المسارح و لا حتى من المولعين بأبي الفنون. و أكثر من هذا ، فإنه لا يستطيع أن يبقى أكثر من نصف ساعة داخل قاعة يمنع فيها التدخين.
لكنه و رغم كل هذه الفوارق الشاسعة بينه و بين المسرح لم يجرأ صديقي على رفض دعوتي و قبل من دون إلحاح مني على مرافقتي ، ليس حبا في المسرح و لكن في الصداقة التي تجمعنا. عند ولوجنا إلى قاعة العروض لاحظت صديقي مرتبكا و يمشي بخطوات متثاقلة و كأنه يقتحم فضاء غريبا عنه و لا يعرف أين ستنتهي به هذه المغامرة المجهولة العواقب. و لولا تقديسه للصداقة التي بيننا لكان اعتذر لي و غادر المبنى بلا رجعة. لكنني و تفاديا لهذا الاحتمال الوارد جدا وقوعه ، استبقت صديقي إلى أحد الكراسي و عرضت عليه أن يجلس بجنبي، ففعل بدون أدنى تحمس، جلس إلى جنبي و حدق في ثم أبدى رغبة كبيرة في النهوض مجددا و قال لي :
- أتظن أنه يمكنني أن أدخن سيجارة بالبهو قبل بداية العرض؟ لا يمكنك ذلك.. لأن العرض المسرحي سيبدأ بعد أقل من خمس دقائق .. قلت لصديقي. و كم كانت الحسرة البادية على وجه صديقي كبيرة و هو يسند ظهره من جديد إلى الكرسي الذي كان على وشك مغادرته، لكن هذه المرة من دون أن يخفي خيبة أمله. نظر صديقي إلى ساعته و كأنه بدأ يعد الدقائق الخمس، ثم صرف نظره عن ساعته و راح يتأمل في الجمهور الذي اكتظت به القاعة كما اعتادت على ذلك في كل عرض عام لمسرحية.
فسألني صديقي : كم مقعد تحويه القاعة؟ لست متأكدا من ذلك لكن أظن أنه يقارب ال800 مقعد.. قلت. يبدو أن المسرحية جميلة لكي يحضرها جمهور بهذا الحجم ..قال صديقي. أتمنى أن تعجبك.. قلت. لم يرد علي صديقي و راح يتأمل في أشكال الزخرفة التي تزين جدران قاعة العروض، و ما هي إلا لحظات حتى انطفأت الأنوار معلنة بداية العرض المسرحي، فقفز صديقي مندهشا و نظر إلي مجددا، فقلت له بصوت خافت : سيبدأ العرض. لكن التغير الجذري الذي طرأ على وجه صديقي ما إن انطفأت أنوار القاعة جعلني أنشغل بتتبع حركاته حتى أنني أهملت متابعة العرض المسرحي بصفة منتظمة، و هذا في محاولة لقراءة ملامحه و هو يتابع بشغف وشوق كبيرين أطوار هذا العرض التي لم يكن مهتما به قبل دقائق معدودات فقط. و على مدار أكثر من ساعة كان صديقي يتتبع العرض المسرحي بكل حواسه ، يتجاوب مع كل موقف، يضحك، يبكي، يصفق، يشارك في العرض بردود أفعاله على مختلف أحداث المسرحية، و يرد في بعض الأحيان على تساؤلات الممثلين. و أكثر من هذا تعلقه بالعرض المسرحي أنساه إدمانه المفرط على السيجارة. و عند انتهاء العرض المسرحي قام صديقي الذي كان تائها و متثاقل الخطى في بادئ الأمر بحماسة المحب الوفي يصفق و يهنئ الممثلين ، و لم يتوقف عن التصفيق حتى بعد أن غادر الممثلون الخشبة ليعودوا بعدها تحت تصفيقات صديقي التي كان لها دويا يميزها عن تصفيقات الآخرين. ثم نظر إلي و قال لي : إنها أجمل مسرحية شاهدتها في حياتي.. فابتسمت و قلت في نفسي بل هي الأولى في حياتك.. لم يتوقف صديقي عن الحديث عن العرض المسرحي حتى بعد ساعات من مغادرتنا للمسرح ، و لقد أذهلني مستوى الفهم الذي أبداه و هو يحلل أطوارها و يبدي رأيه في حبكتها، و في أداء الممثلين. كان يتحدث بلسان الأستاذ العارف و أنا أستمع إليه بآذان التلميذ المتعطش، ليقول لي في الأخير أظنني أنني اكتشفت أن لدي ميولا للكتابة المسرحية ، و سوف أتفرغ لها. وقفت مذهولا أمام هذا التصريح القوي، و تساءلت في قرار نفسي كيف حدث هذا؟ نعم لقد حدث، لا أخفي أنني كنت أصبو من وراء دعوتي لصديقي مشاهدة العرض المسرحي أن أغير موقفه من المسرح و لو بالشيء القليل، و لقد حدث. لكن حجم الحدث فاق كل التطلعات ، نعم عندما يستجيب المسرح لاهتمامات المشاهد و يبحث سبل إدراك متطلباته و رغباته ، و يسلك طريق الوصول إلى خصوصياته، فيجد المشاهد في المسرح المعبر الوحيد عن انشغالاته، و الناطق الأوحد باسمه، عندها تتأسس علاقة وطيدة بينهما يستحيل فكها ما دام الفاعلان وفيان لبعضهما البعض. هذا ما وجده صديقي خلال مشاهدته للعرض المسرحي ، فحوله هذا الاكتشاف من مجرد مشاهد غير مهتم إلى واحد من الجمهور الخاص و الوفي للمسرح، و ربما إلى أحد الفاعلين في الحركة المسرحية مستقبلا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.