كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن أزمة اقتصادية في بلادنا ، بالتزامن مع فعاليات الحراك الشعبي الذي دخل هذا الأسبوع جمعته الواحدة والعشرين ، وعلى خلفية ما يشهده المشهد السياسي من جدل و دعوة للحوار تثير الكثير من التحفظات والغموض والقلق من المستقبل في ظل وضع سياسي لا يزال يراوح مكانه في انتظار متغيرات جديدة والخروج بحلول دستورية للأزمة الراهنة مع تطعيمها بحلول سياسية تستجيب لمطالب الحراك الشعبي، حيث جاء تصريح وزير المالية محمد لوكال حول انخفاض احتياطات الصرف لبلادنا خلال أربعة أشهر بمبلغ قيمته 28،7 مليار دولار التي كانت تقدر ب 88،79 مليار دولار في نهاية عام 2018، لتنخفض في نهاية شهر أفريل 2019 إلى 6،72 مليار دولار، ليؤكد على تأثير الوضعية الخاصة التي تعيشها الجزائر على الاقتصاد، وهو أمر طبيعي نظرا للتغيرات الجذرية التي يشهدها القطاع بعد تورط رجال الدولة والسياسة ورجال الأعمال في قضايا فساد كبرى،و تأثير ذلك على الفضاء الاقتصادي بعدما زج في السجن برجال والأعمال الذين كانوا يحتكرون مجمل النشاط الاقتصادي. وفي انتظار أن تعيد الدولة ترتيب بيتها من جديد في المجال الاقتصادي، يظل طبيعيا جدا أن ترتفع النفقات إلى أن يوضع قطار الإقلاع الاقتصادي على سكته، كما أنه لا يجب أن نغفل أو نتجاهل أهمية الحرب المعلنة على الفساد ومثول الفاسدين أمام قضاة التحقيق و السعي إلى استرجاع أموال الشعب المسروقة وتأثيرها على هذا الجانب، فالجزائر تمر اليوم بمرحلة جد حساسة بفتحها قضايا الفساد الضخمة إن لم نقل العملاقة المتشعبة الأطراف، ومع ذلك فإن المطلوب اليوم بالتوازي مع محاربة الفساد، هو الإسراع في التوصل إلى مخرج للانسداد السياسي والاستجابة لمطالب الحراك الشعبي والوصول بالبلاد إلى مرحلة الاستقرار والهدوء لتكون الانطلاقة الحقيقية للاقتصاد و التنمية الشاملة على غرار القطاعات الأخرى من أجل مواجهة تحديات الأزمة العالمية، وخروج الجزائر بسلام ومنتصرة من هذا الوضع الاستثنائي في الوقت ذاته نحو آفاق جديدة ومستقبل أفضل للجزائر وشعبها.