يقول المثل الشعبي ((الحذر يغلب القدر)) وما حدث في ملعب 20اوت بالجزائر العاصمة مساء الخميس الماضي من تدافع بين الجمهور الراغب في حضور حفل المغني سولكينغ وسقوط خمسة قتلى وحوالي مائة جريح كان باستطاعة المنظمين تفاديه لو اتخذوا الاحتياطات والإجراءات اللازمة خاصة وان هذا الحفل جاء في ظروف استثنائية تمر بها بلادنا. حيث الحراك الشعبي مازال يملأ شوارع العاصمة كل جمعة والحرب على الفساد قائمة على قدم وساق ورموز الفساد تتساقط تباعا والتهديدات والمخاطر موجودة كما أن اختيار هذا الملعب الصغير لاحتضان حفل جماهيري كبير لم يكن مناسبا فالبداية . لم تكن موفقة أصلا وإذا أضفنا إليها الأخطاء التنظيمية تكون النتائج سلبية وحسب المعلومات فقد بيعت 30 ألف تذكرة دخول لملعب سعته 20 ألف مقعد فقط وكان يجب بيع 18 ألف أو 19 ألف تذكرة فقط لاحتمال دخول أشخاص بلا تذاكر مجاملة أو خلسة كما كان يجب فتح أبواب الملعب قبل موعد الحفل بأربع ساعات أو أكثر كما يحدث في مقابلات كرة القدم لتفادي الازدحام لكن ذلك لم يحدث وقد سمحوا للأطفال بالدخول في حفل كبير مما يشكل خطرا عليهم وتبين أن بعض الأولياء لم يكونوا على علم بذهاب أبنائهم إلى الحفل وهذا تقصير منهم أيضا ولم يعلموا إلا بعد وقوع الكارثة التي نتمنى ألا تتكرر مرة أخرى سواء في الحفلات والتجمعات أو المقابلات الرياضية وأن يلتزم المنظمون بتطبيق القانون وأخذ الاحتياطات اللازمة وأن تسند مسؤولية التنظيم لأشخاص لهم الخبرة والدراية والتكوين والتدريب الخاص فأرواح المواطنين غالية وهناك من لهم الخبرة في التأطير والتنظيم وقد سبق لبلادنا تنظيم تظاهرات رياضية وثقافية وفنية كبيرة مثل مهرجان الثقافات الأفريقية والعاب البحر الأبيض المتوسط وكاس أفريقيا لكرة القدم والألعاب الأفريقية وعرفت نجاحا كبيرا كما أنها كانت تحتضن كل سنة حفلات فنية يحضرها آلاف المتفرجين في القاعة البيضاوية وملعب 5 جويلية وفي تيمقاد وأماكن أخرى دون أن يحدث خلل في التنظيم . وكان يجب الاستفادة من ذلك بدل المجازفة وهناك محترفون في تنظيم التظاهرات الرياضية والثقافية والفنية يمكن الاستعانة بهم والاستفادة منهم إن كنا غير قادرين على التنظيم المحكم بدل المغامرة بحياة الناس وتحويل حفل غنائي ترفيهي إلى مأساة أدت إلى إقالة مدير ديوان حقوق المؤلف والحقوق المجاورة (أوندا) واستقالة وزيرة الثقافة وفتح تحقيق قضائي وما ينجم عنه من إجراءات عقابية وكل ذلك كنا في غنى عنه لو تصرفنا بحكمة ويقظة وتوخينا الحيطة والحذر وتنظيم حفل غنائي لمطرب معروف يستغرق عدة ساعات فقط ليس بالأمر الصعب الذي يتطلب جهودا خارقة ولا يفوتنا أن نشير إلى مسؤولية الذين تسببوا في هذا الازدحام القاتل فلو صبروا وانتظموا لما وقع ما وقع وبإمكاننا اخذ الدرس من ملايين المواطنين الذين يخرجون كل جمعة إلى الشوارع والساحات للمشاركة في الحراك الشعبي السلمي دون أن يحدث ما يعكر تلك المسيرات من عنف أو ازدحام أو اصطدام .