تعتبر وهران مدينة ثقافية بامتياز ، بحكم موقعها الجغرافي و جمالها و طابعها المعماري المميز ، و انفتاحها على ثقافات عدة ، هي نتاج رواسب الحضارات التي تعاقبت عليها عبر العصور و الأزمنة ، فهي بذلك تملك من المؤهلات ، ما يجعلها قطبا فنيا و مركز اشعاع ثقافي دون منازع ، لكن هذا الأمر بات صعب المنال ويشبه الحلم الذي يستحيل أن يتحقق ، ما لم تمنح الثقافة لأهلها الحقيقيين وليس أولئك المتطفلين عليها... الذين كانوا سببا في ركودها وتدهورها وتردي أوضاعها و جمودها ، الذي بات يخيم على المشهد الثقافي بوهران على مدار السنة... نوادي ثقافية مهمتها الأساسية التكوين تتوفر ولاية وهران على الكثير من المراكز الثقافية المنتشرة عبر تراب الولاية ، و قد بلغ عددها حسب آخر الاحصائيات التي تم استقاؤها من مصدرها ال 41 مركزا ثقافيا ، فهذا الرقم يتضمن المراكز التي تزاول نشاطها الطبيعي ، و نشاطات أخرى خارج اختصاص الثقافة ، و ما تبقى هي عبارة عن دراسات و مشاريع لبناء مراكز ثقافية جديدة ، والأمر يتعلق هنا بالدراسة الخاصة بانجاز مركز متعدد الخدمات ببطيوة ، وهناك مركز وقصر للثقافة ببئر الجير في طور التحضير ، وكذا مشروع إنجاز مركب ثقافي في طور الانجاز بوادي تليلات ، فضلا عن تسجيل مشروع لتشييد دار للثقافة بعين الترك ، في حين فإن المركز الثقافي المتواجد بالعنصر ، كان يأوي منكوبي فيضانات 2007. كشفت السيدة لكباد فتيحة، مندوبة الثقافة ببلدية ، أن مدينة وهران تضم 10 مراكز ثقافية ، منها مركز نهال سليمان الكائن بحي البدر، المتخصص في التكوين في الإعلام الآلي والأشغال اليدوية و الخياطة والحلاقة، كما يسهر هذا المركز الحيوي و النشيط على منح دروس تدعيمية في اللغات الأجنبية ، وهناك المركز الثقافي " قدور دوحيزب " المتواجد بحي الغوالم، و مركز عبد القادر نواري بحي محيي الدين الذي يتميز بالتكوين في فن التزيين ، و مركز صغير بن علي بحي الضاية الذي يعتبر من بين المراكز النشطة بوهران ، ثم مركز المقري و مركز عبد المومن بحي "شو بو" ، و مركز بن يحيى زهرة الكائن بحي بوعمامة ، ثم مركز حمو بوتليليس بسيدي البشير ، في حين هناك مركزين بوسط المدينة هما مركز ابن تاشفين و مركز ابن محرز الوهراني ، الوحيد المتخصص في التكوين المسرحي و الموسيقي، و هي تعمل حسب ما تيسر لها من إمكانيات ، وهو ما جعلها لا ترقى إلى مستوى المراكز الحقيقة ... فضاءات لاحتضان نشاطات الجمعيات كما أوضحت السيدة لكباد ، أن كل هذه المراكز الثقافية ، علاوة على مهمتها الأساسية التي تعتبر التكوين ، تساهم أيضا في إحياء مختلف الأعياد و المناسبات الوطنية و الدينية ، و تنظيم نشاطات فنية موجهة للأطفال المنخرطين فيها أو حتى تلاميذ المؤسسات التربوية ، لا سيما خلال العطل الدراسية ، سواء داخل هذه المراكز أو في الساحات العمومية ، الهدف من رائها تقول المتحدثة ، هو خلق متنفس آخر للطفل و كسر الروتين لديه ، و كذا الحرص على إشراكه في النشاط الثقافي و الفني ، و في هذا السياق كشفت المتحدثة عن تنظيم معرض برواق ديوان رئيس البلدية بشارع الصومام و آخر بالميدياتاك إحتفاء بذكرى اندلاع ثورة التحرير المجيدة في الفاتح من نوفمبر المقبل ، يشارك فيها عدد من الفنانين التشكيليين و بعض المصورين الفوتوغرافيين... وخلال جولة استطلاعية عبر بعض المراكز الثقافية ، تبين أنها عبارة عن نواد ثقافية تعنى بالتكوين ، و فضاءات مفتوحة لاحتضان نشاطات الجمعيات الثقافية و الفنية ليس إلا ، و هي بذلك لا تختلف عما تقوم به دور الشباب التابعة لقطاع الشباب و الرياضة ، فكلاهما يقوم بنفس المهمة و الدور... يقول بلعباس عبد الرحيم ، المسؤول البيداغوجي و رئيس مركز أو بالأحرى النادي الثقافي ابن تاشفين ، أن نشاطهم يرتكز أساسا على التكوين في الخياطة و الحلاقة و فن التزيين بالزهور ، و كذا التصوير الفوتوغرافي ، وتنظيم البواب المفتوحة ، و معارض المتخرجين بعد ستة أشهر من التكوين.. قصر الثقافة..النقطة السوداء إن الحديث عن المركز الثقافي الحقيقي ، بوصفه المنارة التي تضيء المدينة ، يقتضي بالضرورة الحديث عن قصر الثقافة "زدور إبراهيم بلقاسم " التابع لقطاع الثقافة ، الذي كان في قديم الزمان ، مركز إشعاع ثقافي بامتياز ، بكل ما تحمله هذه الكلمة من مفهوم حقيقي و معنى مجازي ، حيث كان قبلة للنخبة و المثقفين و الفنانين ... يكفي الوقوف أمام هذا المبنى اليوم ، الذي تحول إلى وكر منذ ما يزيد عن ال 15 سنة ، لتفهم واجهة الثقافة بعاصمة الغرب الجزائري !! فترميم هذا الصرح أو بالأحرى "الصرخ" سيبقى نقطة سوداء في تاريخ كل المسؤولين المتعاقبين على قطاع الثقافة ، الذين لم يتمكنوا من نفض الغبار عليه رغم الميزانيات التي رصدت له ، باعتبار أن مشروع ترميمه لا يزال يراوح مكانه منذ عقد ونصف من الزمن ... إلى متى سيظل هذا المبنى يعاني الاهمال و النسيان ، و أبوابه موصدة ب " الكادنة " في وجه المثقفين و الفنانين ؟ دون استغلال هذا الفضاء الفسيح الذي بات يندب حاله...!