وزير الاتصال ينوه بالتجاوب الكبير للصحافيين مع مسعى استحداث جبهة إعلامية وطنية موحدة    بوغالي: تاريخ الجزائر مصدر فخر    يوم دراسي للتعريف بمعهد الأدلة الجنائية وعلم الإجرام    الخميس عطلة مدفوعة الأجر    سونلغاز تؤكّد تقديم كل التسهيلات    تكريم أفضل المنصات الرقمية في الجزائر    ورشة تشاورية حول إعداد مدونة المهن البيئية في الجزائر    ربيقة: على جيل اليوم التحلي بإرادة رجال نوفمبر    الجوع القاتل يجتاح غزّة    الائتلاف العالمي لنصرة القدس وفلسطين يجدد رفضه لجميع أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني    كوبا: مجموعة من المحاضرات بجامعة "بينار دي ريو" حول كفاح الشعب الصحراوي ضد الاحتلال المغربي    تطبيع الجريمة الإسرائيلية في غزة    وفد وزاري هام يتنقّل إلى وهران    الجزائر قطعت أشواطا هامّة    أكثر من 50 ألف إصابة جديدة بالسرطان سنويًا في الجزائر: دعوات لتعزيز الوقاية والكشف المبكر    تعزيز الإجراءات الوقائية وترقية الترسانة القانونية    مزيان يدعو الإعلام العربي إلى ترقية المضامين    ندوة علمية بالعاصمة حول مخطوط "كتاب القانون في الطب" لابن سينا    صفية بنت عبد المطلب.. العمّة المجاهدة    محكمة العدل الدولية: انطلاق جلسات لمساءلة الكيان الصهيوني بشأن التزاماته تجاه المنظمات الأممية في فلسطين    بطولة افريقيا للمحليين/غامبيا-الجزائر: المنتخب الوطني يجري حصة تدريبية بسيدي موسى    الدورة الثانية لبكالوريا الفنون: انطلاق الاختبارات التطبيقية    وزارة الصحة: لقاء تنسيقي لتقييم أداء القطاع    كأس الكونفدرالية: شباب قسنطينة يفوز أمام بركان (1-0) ويغادر المنافسة    عن مسيرة الفنان محمد زينات : العرض الشرفي للوثائقي زينات.. الجزائر والسعادة    جناح الجزائر بالمعرض العالمي أوساكا باليابان : أسبوع الابتكار المشترك للثقافات من أجل المستقبل    متحدث باسم حماس: لا بديل لغزة إلا المسجد الأقصى والتحرير الكامل لفلسطين    لضمان التموين المنتظم للسوق الوطنية.. تسليم وثائق التوطين البنكي لعدد من المستوردين    رئيس الجمهورية يعزّي عائلات ضحايا حادثة وهران    الجزائر فاعل رئيسي في دعم التعاون الإفريقي    الجنوب.. مشاريع استراتيجية ببعد إقليمي    بداية العد التنازلي لامتحاني "البيام" و"لباك"    شكرا لك كيليا.. تتويجك الجديد فخر للجزائر    بحث التعاون بين الجزائر والهند في الصناعة الصيدلانية    وفد من اليتيمات المتفوّقات بمقر المجلس الشعبي الوطني    الذكاء الاصطناعي والتراث موضوع أيام تكوينية    ملف مفصل يُرفع إلى الجهات الوصية    وصول باخرتين من الأضاحي المستوردة إلى ميناءي سكيكدة وجن جن    مولودية وهران تتنفس    رئيس تونس يُقدّر الجزائر    الجمباز الفني/كأس العالم (مرحلة القاهرة): تتويج الجزائرية كايليا نمور بذهبية اختصاصي جهاز مختلف الارتفاعات    الطبعة الرابعة للصالون الدولي "عنابة سياحة" من 8 إلى 10 مايو المقبل    جيجل: وصول باخرة محملة بأزيد من 10 آلاف رأس غنم قادمة من رومانيا بميناء جن جن    انطلاق أشغال الاجتماعات الدورية للمنسقين الإذاعيين والتلفزيونيين ومهندسي الاتصال العرب بالجزائر العاصمة    تطرقنا إلى السيناريوهات العملية لإنتاج النظائر المشعة محليا    بدء عملية الحجز الالكتروني بفنادق مكة المكرمة    التنسيق لمكافحة التقليد والممارسات غير الشرعية    دينو توبمولر يدافع عن شايبي    منتخب المصارعة بخطى التتويج في البطولة الإفريقية    انطلاق الحجز الإلكتروني لغرف فنادق مكة المكرمة    جاهزية تامة لتنظيم موسم حج 2025    عدسة توّثق جمال تراث جانت بشقيه المادي وغير المادي    حج 2025 : إطلاق برنامج تكويني لفائدة أعضاء الأفواج التنظيمية للبعثة الجزائرية    الجزائر حاضرة في موعد القاهرة    هذه مقاصد سورة النازعات ..    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخطأ المنهجي والمعرفي في كتاب «الحضور التداولي في المسرح الأمازيغي الجزائري» لأسماء حمبلي.
مساهمة
نشر في الجمهورية يوم 07 - 12 - 2019

بادرة في غاية الأهمية قام بها المسرح الجهوي لأم البواقي بدعمه لإصدار بعض الكتب الأكاديمية التي تتناول بالبحث الأعمالَ المقدمة من قبله خلال السنوات الفارطة. هكذا نجد المسرحَ قد أصدر كتابا بعنوان «الحضور التداولي في المسرح الأمازيغي الجزائري» ، وقد احتفى المسرحُ بصدور الكتاب قبل أسابيع قليلة في مقره بحضور مؤلفته ونخبة مثقفة من المهتمين. يهمنا في هذا المقال أن نُطلع القارئَ على مضامين الكتاب ومجمل ما وضعته الكاتبة فيه.
بداية فإنّ كتابا يقترب من 400 صفحة يتخذ من خمس مسرحيات عيّنة للبحث، مشروع محفّز للقراءة ومشجع، فما أقلّ الدراسات التي تنجز حول المسرح خاصة الذي يقدم في السنوات الأخيرة، لكن هذا الكتاب يختار المنهج التداولي للدراسة،ومن لا يعرف قيمة التداولية ، فيقول عنه باتريس بافي «سلة قمامة اللغة»، وهو منهج إذا لم يسبب الغثيان فإنه سيؤدي إلى الدوار على الأقل،انظر معجم المسرح» تر: ميشال خطار. ص» 411 «، ولا يمكن أن تقدم التداولية جديدا ولا أن تفتح مستغلقا ولا أن تفكك خطابا ولا أن تُأوّل مضمرا، وقد يستخدمها طالب في بداية رحلته العلمية فيفيد منها تجربة، لكنه إذا كان حصيفا لا يمكن أن يعود إليها بعد خبرة ومعرفة ، فإن عاد فإنه سيطبقها في دراسة مصغرة لا في كتاب مطوّل، و التداولية كما تعبر الباحثة نفسها « تجيب عن أسئلة مثل: من كاتب أو قائل الخطاب؟، لمن كتب أو قيل؟ ومتى، أين» ( ص 14) وها أوضح هشاشة هذا المنهج وأقل فائدته.
ومع ذلك فلا يمكن أن نفرض على باحث منهجا يختاره، فما دام متاحا كمنهج فإنّ بإمكان أي دارس ملم بأدوات بحثه أن يختار ما شاء من المناهج شرط أن يجمع عدته ويتهيأ،ولقد أنجز الباحث الجزائري عمر بلخير كتابه «تحليل الخطاب المسرحي في ضوء النظرية التداولية عن منشورات الاختلاف 2003 ، واختار 5 مسرحيات، كما فعلت الكاتبة ولكنه أجاد الاختيار وأجاد البحث بلغة رصينة وقدرة على استيعاب المفاهيم وتطبيقها ،وقد عادت الباحثة إلى هذا الكتاب ولو بشكل خاطف ولو أنها سارت على خطاه بالجدية ذاتها والنزاهة أيضا لظهر لنا كتاب ذا فائدة كبيرة.
إذن ليست التداولية نفسها هي المشكلة ولكن التمكن من الدرس التداولي هو المعضلة التي دخلت المؤلفة بحرها ، لكنها غرقت وأغرقتنا معها في تفاصيل ولُقطٍ. هل يمكن أن تشرح لنا المؤلفة سبب التوسع الشديد في السرد النظري بينما التطبيق ظهر بتعميم مخلٍّ؟ ، كما تقول المؤلفة : «العربي بولبينة بسعة معرفته واطلاعه على الثقافات يُكسب مصداقية العبارات المكونة لنصه المسرحي لدى الجمهور والمتلقين بما يؤدي لتداوله» ( ص 78 ، ثم في الصفحة الموالية « : لقد أتقن العربي بولبينة تخيّر الشخصيات المناسبة التي تمثّل القوى المتعارضة من الداخل ومن الخارج..) وغنيٌّ عن البيان أنّ الدرس الأكاديمي يعلمنا أن نتخفف من هذه الأحكام الجزافية التي تفقد البحث مصداقيته وتحوله إلى منشور دعائي رخيص لا يستحق ثمن الحبر الذي كتب به.
وفي ص 301 أظهر الجمهور إعجابا كبيرا بشخصية «العياشي» التي أداها الممثل البارع، (...) وليس أدلّ على ذلك من تصفير الجمهور ، والتصفير عند الجمهور دلالة عدم رضا لكنه يتحول عند بعض المتلقين غير العارفين إلى سبيل لإظهار الإعجاب ، ولعل الباحثة لا تفرق بين التصفيق الذي يبيّن الإعجاب والتصفير الذي يدل على الرفض.
انظر مقالي: صفّق يا غاشي في صحيفة الجمهورية) ومناداته لهذا «الفنان القدير» باسمه» ثم بعدها بسطرين فقط تقول عن الممثل نفسه «ومثال ذلك ما فعله «النجم» (...). ، هل يمكن لبحث يتمكن من أدواته النقدية ويضع نفسه على مسافة من الخطاب المسرحي وممثليه أن يقبل بهذه التوصيفات؟، هل يستخدم الأكاديميُّ توصيف «الفنان القدير» و»النجم» في البحث؟ ،وهل يمكن أصلا أن نعتبر ممثلا في بداية الثلاثينات لم يقدم إلا أدوار معدودة «فنانا قديرا»؟ ،(سبق وأن قدمتُ قراءات نقدية عن عروض شارك فيها هذا الممثل واستنتجت بالأمثلة والقرائن أنه ممثل عادي على رغم موهبته يمكن أن يتم تعويضه بالعديد من الممثلين الأكثر كفاءة)، يمكن إعطاء أمثلة كثيرة على الناقد المتمرّس الذي يبتعد عن مثل هذه المبالغات التي تضر الممثل أكثر مما تنفعه، ويمكن هنا الاستشهاد بالناقد السوري د. رياض عصمت وهو يكتب عن تجربة المصرييْن محمد صبحي ولينين الرملي (وهما العَلَمان العربيان المعروفان في المسرح) فلا يصفهما برُبع ما وصفت به باحثتنا الشاب!! وعلى الناقد أن يعرف أن مثل هذه التوصيفات والمجاملات الشاذة قد تسيء للممثل أكثر مما تنفعه إذا فهم أنها حقيقية. والكثير من شباب المسرح يغتر بمجرد أن يقول لهم أحدهم هذا فلا يشتغلون على موهبتهم ولا يحاولون التعلم ما دامت مثل هذه الشهادة قد قيلت بحقهم.
ثم فلننظر إلى هذا التحليل في الجملة والفقرة التاليتين : «استعمل الممثلون الثلاثة أجسادهم بشكل يتوائم (هكذا كتبتها المؤلفة) وما يعبّرون به عن توجهاتهم الفكرية» ( ص 81 « ، لو عادت المؤلفة لما كتبته أوبرسفيلد عن الجسد لاستثمرته استثمارا رائعا) وهذه الفقرة: «وقد كانت ملابس عمي الطيب مناسبة للأفعال الدرامية التي أداها خاصة تلك التي تعلقت بسرده لمشاركته المزعومة في ثورة التحرير الجزائرية والتي يضطر (كتبتها المؤلفة هكذا) في سرد وقائعها التي حدثت معه» (ص 110). هل يمكن اعتبار العبارة الأولى المقتطفة تحليلا للجسد واستعمالاته في العرض ومدى خدمته للدور؟ وهل يمكن اعتبار الفقرة تحليلا للملابس وقيمتها ضمن النظرية التداولية؟ إنّ أي تلميذ في طور المتوسطة يمتلك القدرة على صياغة جمل مثل هذه وأفضل منها دون حاجة إلى تداولية السيدة المؤلفة ولا إلى ملابس عمي الطيب وما كنا لنجد أخطاء في اللغة والنحو كالتي رأيناها في المثالين!! .
..يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.