أحدثت الجائحة شرخا كبيرا في الهرم التجاري وأفقدته توازنه فانهارت كفة الأرباح وتضاعفت الديون وتباينت أرقام سلم المبيعات بين الصعود تارة والنزول تارة أخرى باختلاف النشاطات التجارية التي تلقى إقبالا في السوق الوطنية . وان كانت الوضعية الوبائية قد ألحقت أضرارا جسمانية ثقيلة منذ سنة تقريبا بظهور أول حالة في وهران شهر مارس 2020 ،فان الوضع الاستثنائي قد فرض على الجميع إجراءات بين الحجر الصحي الصارم والغلق الإلزامي للهياكل الخدماتية إلى توقف النشاط لعدة شهور بشكل إستعجالي، مع التباين الملحوظ في المدة حسب طبيعة كل نشاط وحسب الضرورة الملحة التي تعتمد على عاملي الاحتكاك و الخطر قبل التشديد في البرنامج الوقائي والشروع في تجسيده والردع في حالة عدم الامتثال. لم تمح عودة الحياة للمبادلات التجارية واستئناف النشاط من جديد نذوب الجائحة بعد ولم تستطع لحد الآن ترميم ما خلفته الأزمة الوبائية والحجر الصحي من آثار طيلة الأشهر السابقة، فبعد مرور قرابة 6 أشهر على تخفيف البرنامج الصحي الوقائي لم يطرأ أي تغيير على التبادلات التجارية التي أضحت معلولة بفعل المتغيرات ذات الضغط العالي . نعلم جميعا أن الوضعية الصحية الاستثنائية لها انعكاسات خطيرة على المدى القصير و الطويل وهو ما تؤكده الحركة المحدودة بالمحلات والهياكل الخدماتية والتي أضحت شبه فارغة ، لاسيما محلات بيع الملابس الجاهزة مقارنة بالمواسم السابقة بعد الترخيص بفتحها . فضلنا أن نعود من جديد لنفس الموضوع وسلطنا اهتمامنا هذه المرة على محلات بيع الملابس الجاهزة كعينة عن الممارسات التجارية المتضررة من الجائحة لتكون تحت مجهر ملف "الجمهورية "اليوم والذي خصصناه لتأثير الجائحة على النشاط التجاري اكتفينا في جولتنا الاستطلاعية بمحلات وسط مدينة وهران على اعتبار انها تستقطب اكبر عدد من الزبائن في المناسبات الدينية والمواسم العادية حتى نحصر حجم الخسائر التي تكبدتها هذه الاخيرة قبل وبعد الغلق وما لفت انتباهنا تلك اللافتات الإشهارية التي أعلنت "الصولد" قبل موعده الرسمي بألوان و أرقام بارزة تغري الناظر قبل الزبون بكامل المحلات وبدون استثناء حتى وإن كان هذا الخيار بنسب متفاوتة ما بين 20 و50 بالمائة وبما أن محلات بيع ملابس النساء والأطفال تمثل اكبر نسبة فقد وقع اختيارنا على هاتين النقطتين، بعدما لجأ أصحابها إلى الحل البديل للتخلص من البضاعة المكدسة والرفع من كفة المبيعات التي لم تعد قادرة على احترام معيار العرض والطلب. وحسب صاحب محل بيع ملابس الرضع والأطفال ينشط في هذا الاختصاص منذ اكثر من 25سنة فان الوضع الاستثنائي دفع بالتجار لتقديم عروض لم يسبق الإعلان عنها لعلهم ينقدون تجارتهم من الإفلاس عن طريق رفوف خاصة لبيع كل ما تبقى من سلع السنة المنصرمة بتخفيضات أقل بكثير من السعر المحدد من قبل وفي بعض الاحيان تتجاوز النصف. من جهته لم يخف امين الذي يزاول تجارة بيع ملابس النساء الجاهزة منذ 18سنة بشارع الامير عبد القادر حجم الخسائر التي دفعته إلى غلق محله الثاني بعدما تجاوزت مصاريف الكراء وأجرة العامل 40مليون سنتيم في 4 أشهر، وقد تتضاعف هذه القيمة بالنسبة لتجار آخرين ينشطون في نفس المجال مع ارتفاع عدد العمال وتكلفة الكراء، أما فيما يخص الفئة الثالثة فقد فقدت السيطرة تماما لدرجة أنها لم تتمكن من تسوية وضعيتها المالية ودفع ثمن طلبياتها المستوردة من تركيا وفرنسا .