خيانة المخزن للقضية الفلسطينية تتواصل عبراستضافة منتدى صهيوني    معرض التجارة البينية الإفريقية : وفد افريقي يزور حديقة التجارب بالجزائرالعاصمة    :المهرجان الثقافي الدولي للسينما امدغاسن: ورشات تكوينية لفائدة 50 شابا من هواة الفن السابع    العدوان الصهيوني: البرلمان الأوروبي يعتمد قرارا حول الوضع الإنساني في قطاع غزة    معرض التجارة البينية الإفريقية بالجزائر: طبعة ناجحة بامتياز و تسجيل أرقام قياسية    بيئة: السيدة جيلالي تؤكد على تنفيذ برامج لإعادة تأهيل المناطق المتضررة من الحرائق    وفد صيني في زيارة لعدة مصالح تابعة للحماية المدنية على مستوى ولاية الجزائر    البرلمان بغرفتيه يفتتح دورته البرلمانية العادية (2025 -2026) الإثنين المقبل    ملكية فكرية: الويبو تطلق برنامج تدريبي عن بعد مفتوح للجزائريين    مراد يستقبل نائب وزير تسيير الطوارئ لجمهورية الصين الشعبية    حج 2026: برايك يشرف على افتتاح أشغال لجنة مراجعة دفاتر الشروط لموسم الحج المقبل    وزارة الداخلية تنجز دراسة ميدانية حول ترقية الديمقراطية التشاركية على المستوى المحلي    تنظيم الطبعة ال27 من الأسبوع الوطني للقرآن الكريم ببومرداس ابتداء من الاثنين المقبل    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 64718 شهيد و 163859 مصاب    اختتام معرض التجارة البينية الإفريقية: إشادة بالنجاح الباهر وترسيخ دور الجزائر في تحقيق النهضة الاقتصادية القارية    سوناطراك: حشيشي يبحث بميلانو تعزيز الشراكات مع كبريات شركات الطاقة العالمية    هالاند يسجّل خماسية    شيري الجزائر تراهن على التصدير    هذا جديد جامعة ورقلة    بللو يزور أوقروت    ثعالبي يلتقي ماتسوزو    رسالة أبو تريكة إلى أمّة محمّد    ممتنّون للرئيس تبون.. طبعة الجزائر فاقت التوقّعات    وفد برلماني يشارك في ذكرى تأسيس كوريا الشعبية الديمقراطية    الأمين العام الجديد للمحكمة الدستورية يؤدي اليمين القانونية    "الحلاقة الشعبية".. خبيرة نفسانية بدون شهادة    استلام دار الصناعة التقليدية بقسنطينة قريبا    حملة لتنظيف المؤسّسات التربوية السبت المقبل    القضاء على إرهابيين اثنين وآخر يسلّم نفسه بأدرار    تعاون جزائري-صيني في البحوث الزراعية    الجزائر تدعو إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الأممي    "الجزائر قطب اقتصادي فعّال داخل الاتحاد الإفريقي    جريمة الاحتلال الصهيوني في الدوحة تؤكد أنه عصابات إرهابية    عزوز عقيل يواصل إشعال الشموع    تكريم مرتقب للفنّانة الرّاحلة حسنة البشارية    "صنع في الجزائر" يبهر الأفارقة جودة وسعرا    "أغانٍ خالدة" لشويتن ضمن الأنطولوجيا الإفريقية    معرض التجارة البينية الافريقية: تتويج جناح زامبيا بلقب أفضل جناح خلال التظاهرة    مكانة مرموقة للجزائر إفريقياً    كرة اليد (البطولة الأفريقية لأقل من 17 سنة إناث) : الكشف عن البرنامج الكامل للمباريات    تهديدات بالقتل بسبب الكسكس!    عقود تصدير بمئات الملايين من الدولارات بين شركات جزائرية وإفريقية    بوغالي يدعو من القاهرة إلى جعل الاتحاد البرلماني العربي منصة لتعزيز التكامل بين الدول الأعضاء    سجود الشُكْر في السيرة النبوية الشريفة    فتاوى : زكاة المال المحجوز لدى البنك    عثمان بن عفان .. ذو النورين    حملة تنظيف واسعة للمؤسسات التربوية بالعاصمة السبت المقبل استعدادا للدخول المدرسي    شراكة جزائرية- نيجيرية في مجال الأدوية ب100 مليون دولار    جمباز: الجزائرية كيليا نمور تشارك في ثلاث محطات كبرى في نهاية 2025    التأهّل إلى المونديال يتأجّل    درّاج جزائري يتألق في تونس    التأهل إلى المونديال يتأجل وبيتكوفيتش يثير الحيرة    قطاع الصيدلة سيشهد توقيع عقود بقيمة 400 مليون دولار    عقود ب400 مليون دولار في الصناعات الصيدلانية    "الخضر" على بعد خطوة من مونديال 2026    هذه دعوة النبي الكريم لأمته في كل صلاة    شراكة بين "صيدال" وشركة "أب في" الأمريكية    الإسلام منح المرأة حقوقا وكرامة لم يمنحها أي قانونعبر التاريخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رأي: المرأة العربية ضحية ربيع لم يزهر بعد
نشر في الجمهورية يوم 08 - 03 - 2013

نتيجة صادمة يخرج بها كل من يتابع أوضاع النساء في البلدان العربية بعد أكثر من عامين على الثورات. فأوضاع المرأة باتت أسوأ رغم أنها شاركت بقوة في الاحتجاجات والمظاهرات لقلب أنظمة الحكم الفاسدة. ودفعت النساء ثمناً باهظاً، إقصاء وتهميشاً وقتلاً وترملاً وفقداً، وفي بعض الاحيان تعرضت للاغتصاب والعنف وعانت من تراجع مستوى الحريات النسوية. وهذه الحالة تخالف الآمال التي عقدتها النسوة لتحسين أوضاعهن، بل على العكس تماماً حيث تراجعت مكانتهن وأوضاعهن، وبتن في واقع اجتماعي مضطرب هن ضحاياه في المقام الأول. بين المكرمة الملكية وسخط رجال الدين والمجتمع المحافظ... كان قرار العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز من الأخبار السارة النادرة للمرأة في البلدان العربية، فقد قرر الملك تعيين خُمس أعضاء مجلس الشورى من النساء، وبالفعل تم اختيار ثلاثين إمرأة للمجلس، الذي لا يملك سلطات تشريعية أو قدرة على المحاسبة، لكن هجوما لاذعا شنه رجال الدين على القرار الملكي، الذي تضمن أيضا تخصيص أماكن لجلوس النساء، واماكن لخروجهن. وفي مواقع التواصل الاجتماعي تم توجيه اتهامات باطلة كاذبة ومشينة لأكاديميات وجامعيات سعوديات لمجرد اختيارهن في عضوية مجلس الشورى ما يعكس الطبيعة الذكورية لهذا المجتمع، وصعوبات التغلب على وصاية رجال الدين السلفيين الذين مازالوا يفتون بمنع قيادة المرأة للسيارة وغير ذلك من الفتاوى التي لا تمت إلى الحداثة بصلة ويخالف بعضها تعاليم الإسلام الوسطي المعتدل. ومما لا شك فيه أن مشاركة المرأة في مجلس الشورى، واشراكها في التصويت في الانتخابات البلدية القادمة خطوة إلى الأمام لكنها مازالت بحاجة إلى خطوات كثيرة لدعمها، وكذلك الى عمل دؤوب للتخفيف من دور المؤسسة الدينية في المملكة. وفي الأردن، وبمناسبة الاحتفالات بذكرى عيد المرأة العالمي هذا العام، أكدت الدكتورة آمنة خصاونة مديرة مركز الأميرة بسمة لدراسات المرأة الأردنية على أهمية العمل الدؤوب لتذليل كافة الصعوبات التي تقف أمام الارتقاء بوضع المرأة في كافة المجالات. وأشارت إلى أن نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل لا تتعدى (14.7) في المائة وهي النسبة الأدنى في المنطقة في حين أن مشاركة المرأة في الحياة السياسية ما زالت خجولة وأن (15) مقعدا من مقاعد مجلس النواب خصصت ضمن كوتا، وأوضحت أنه لم تفز من النساء، تنافسيا، سوى ثلاث مرشحات رغم وجود النساء الكفؤات في صفوف المرشحات مما يشير الى درجة تأثير الثقافة المجتمعية على عدم تكافؤ الفرص أمام المرأة. الكويت عودة خجولة للمرأة إلى مجلس الأمة ... في الانتخابات الكويتية نهاية العام الماضي عادت 3 نساء إلى قبة مجلس الأمة.العدد يمثل ستة في المائة فقط من عدد أعضاء المجلس الذي لم يكن في عداده في انتخابات فبراير/شباط 2012 أي إمرأة. ومن المؤكد أن أوضاع المرأة في الكويت تعد الأفضل خليجيا حيث أنها تشارك في الانتخابات منذ العام 2005 ترشيحا وانتخابا. ودخلت المرأة الكويتية أول مرة تحت قبة البرلمان في العام 2009 بأربع نساء أي ثمانية في المائة من عدد الأعضاء. برلمانات الربيع بتمثيل نسائي متواضع وجاءت الانتخابات في مصر وتونس وليبيا ببرلمانات غالبيتها من الرجال، في ظل سيطرة الإسلاميين، أيضاً، أحزاباً ومستقلين، على المشهد السياسي غير آبهين بالمشاركة الفعالة للمرأة في نضالهم لجعل انتصار أفكارهم و"ثوراتهم" أمراً ممكن التحقيق. وتعطي ليبيا بعد الثورة مثالاً صارخاً لتهميش المرأة، وحسب ما جاء في المادة الأولى من قانون الانتخابات فإن "المؤتمر الوطني العام (الجمعية التأسيسية) سيتألف من 200 عضو يختارون بطريق الانتخاب الحر المباشر على أن يخصص للنساء عدد من المقاعد بنسبة عشرة بالمائة إلا إذا لم يتقدم من المرشحات ما يستكمل هذه النسبة". ووفق هذا القانون جاءت نسبة تمثيل النساء متدنية إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن النساء في ليبيا يمثلن أكثر من نصف السكان، ولم يجر تمثيلهن إلا بعشرين مقعداً كدليل واضح على مدى تهميش دور المرأة الليبية التي دفعت ثمناً كبيراً في معركة الإطاحة بحكم القذافي وعائلته. سحل وسوء فهم لدور النساء وفي مصر تؤكد الناشطات وجود "تهميش وحط لشأن المرأة في مصر بعد الثورة". أما أثناء الثورة فكان من الطبيعي أن نجد المصريات من مختلف التوجهات والشرائح الاجتماعية يسرن في التظاهرات ويقفن في الميادين وينلن من السحل والضرب ما ناله ثوار 25 يناير من نظام الرئيس المخلوع مبارك. لكن الصورة تغيرت بعد النصر، وبات من الممكن تمييز غياب النسوة عن الاحتفالات الذكورية بالانتصار. بل إن الأمر وصل إلى حد أن الإخوان والسلفيين في السويس، كانوا يحتفلون منتشين بفوزهم في المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية بينما كانت قوات الجيش تضرب وتسحل المتظاهرات المصريات في شارع القصر العيني. وهؤلاء الذين يريدون مجتمعاً لا مكان للنساء في فضائه العام هم أنفسهم من أقاموا الدنيا ولم يقعدوها عندما نشرت الشابة علياء المهدي صورها العارية على مدونتها، فيما لم يحرك معظمهم ساكناً حين عرّى جنود الجيش المتظاهرة السلمية وسحلوها في الشارع. السياسة والعمل ممنوعان عن النساء ولا يخفي السلفيون أفكارهم الغريبة حول فهمهم لدور النساء، وقد كان السلفي والمرشح السابق للرئاسة حازم أبو إسماعيل واضحاً في تصريحاته الخاصة بمنع المرأة من العمل والسياسة، وأكد المتحدث الرسمي باسم حزب أبو اسماعيل أن "حزب النور يسعى إلى الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة والتعاون مع مؤسسة الأزهر في كل القضايا الدينية"، وطبعاً لدواع انتخابية كون النساء شكلن النسبة الأكبر بين المقترعين في مصر. ولم يخرج الشيخ أبو اسحاق الحويني – أحد رموز الحركة السلفية – عن السياق نفسه حين قال إن الجهل "فاشٍ" في النساء، ثم عاد ليقول إن وجه المرأة كفرجها؟ وربما لهذا السبب وضع حزب النور السلفي وردة حمراء بدلاً من صور مرشحاته لعضوية مجلس الشعب، في مشهد يذكر المصريات بمن يمارس وأداً رمزياً للنساء. وخاضت الناشطات المصريات معركة مع النواب الإسلاميين، في مجلس الشعب المنحل، والذين يطالبون بإلغاء قوانين مثل قانون الخلع الذي يتيح للزوجة الحصول على الطلاق أمام المحكمة إذا ردت للزوج ما أعطاها من مال ومهر أو هبة. ومعركة ضد محاولات نواب لتعديل قانون الحضانة الذي سمح للنساء بحضانة أطفالهن حتى سن الخامسة عشرة. طبقتان للنساء والرجال وتتخوف الناشطات المصريات من أن السماح بارتداء النقاب داخل الجامعات المصرية يعد أول خطوة على طريق "خلق مجتمع ثنائي الطبقية للنساء والرجال ما يعني أن نرى غدا حافلات مخصصة للنساء وأخرى للرجال وبعد غد جامعات للإناث وأخرى للذكور!". ويلقين باللوم على بعض النائبات التابعات للتيار السلفي في مجلس الشعب المصري المنحل حيث تنادي إحداهن بزواج الفتيات في سن الرابعة عشرة ويتناسين أنهن معنيات بالدفاع عن حقوق بنات جنسهن اللواتي يخشين من التمييز وضياع الحقوق، بعدما خرجن في الثورة للمطالبة بحقوق مواطنة كاملة، وليس بحقوق جزئية أو نسوية فقط. وكانت مصر قد قررت للنساء حصة نسبتها 12 في المئة من مقاعد البرلمان لكن القانون ألغي ومثلت النساء لاحقاً بأقل من ثلاثة في المئة من المقاعد، وهو تمثيل لا يعكس الوضع الحقيقي للنساء في مصر وتاريخهن وكفاحهن وثقافتهن وتعليمهن. تكامل مع الرجل لا مساواة وفي تونس، البلد الذي كانت فيه الحقوق الاجتماعية الخاصة بالمرأة محدَّدة بوضوح قبل الثورة،لا ترد في مسودة الدستور الجديد مادة حول "المساواة" بين الرجل والمرأة، بل فقط حول "التكامل" بينهما. وتفيد هذه المادة بأنَّ الدولة تضمن دور المرأة باعتبارها "شريكة للرجل في بناء الوطن" ويتكامل دورها داخل الأسرة. وبالإضافة إلى ذلك تضمن الدولة تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل والقضاء على كلِّ أشكال العنف ضدّ المرأة. وتقول الناشطات التونسيات إن حزب النهضة الحاكم في تونس هو من يقف وراء هذه المادة المثيرة للجدل وغضب النساء. ويقلن إنه عندما انطلقت الثورة في نهاية العام 2010 وأدَّت في النهاية إلى تغيير النظام، كان الرجال والنساء يخرجون سوية إلى الشوارع في مظاهرات من أجل حقوق جميع التونسيين وليس فقط حقوق المرأة، ويتهمن حزب النهضة الإسلامي بمحاولة الحدّ منها. وعلى الرغم من إقرار المادة لا يعطي حزب النهضة موقفاً واضحا من فهمه لدور المرأة في مجتمع ما بعد الثورة ويقول مسؤولون فيه إن لا فرق بين "المساواة" و"دور التكامل" بين الرجل والمرأة، مع تفضيلهم لمصطلح التكامل: "يختلف دور الرجل والمرأة في داخل الأسرة عن وظائفهما في داخل المجتمع والحياة الاقتصادية والسياسية". نائبات إسلاميات لا تهمهن حقوق المرأة ورغم ذلك حقَّق حزب النهضة أكبر المكاسب في الانتخابات النيابية من خلال تساوي عدد المرشَّحين والمرشَّحات في قوائمه الانتخابية، ونتيجة لذلك فإنَّ نصف النائبات تقريباً من الإسلاميين. لكن المخيب للأمل التزام معظم نائبات حزب النهضة بنهج حزبهن المحافظ في كلِّ ما يتعلق بقضايا المرأة. وتقول الناشطة التونسية راضية نصراوي: "منذ أن أصبح لدينا أحزاب لا تعمل من أجل المساواة التامة بين الرجل والمرأة صار لا بد لنا من القول إن هذه المعركة لم تحسم بعد". وتضرب الناشطات مثالاً على النفوذ المتنامي للسلفيين في المجتمع التونسي وهو كيف عطلت مجموعة من الشبان السلفيين خلال الشتاء ولأسابيع طويلة الدروس في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في مدينة منوبة، الضاحية الغربية للعاصمة تونس، مطالبين بتخصيص قاعة للصلاة داخل الكلية، وأن يُسمح للطالبات المنقبات بإجراء الامتحانات دون الكشف عن وجوههن. وإلى اليوم لا تزال هذه المجموعة ترابط في الكلية دون إيجاد أي حل. وترصد الناشطات غياب النساء عن مقاعد الحكومات بعد الثورة "في الحكومة الأولى والثانية (بعد فرار بن علي) لم تكن هناك سوى امرأة في كل منهما وعقب الانتخابات لم يتجاوز عدد النساء اثنتين في الحكومة. بالنسبة لنا نحن النساء هذه تطورات كارثية". وفي هذا السياق تقول الباحثة إيزوبل كولمان بأن عام 2011 هو عام المرأة العربية بامتياز "ففي الأيام الأولى للثورة التي اندلعت في تونس كانت النساء في الصفوف الأمامية للمظاهرات، يقدن المظاهرات، ويكتبن المدونات بحماس، ويغطين الثورة كصحافيات ويقمن بشن حملات على الشبكات الاجتماعية، ويعملن على رعاية المصابين". ولكن ذلك صار من ذكريات الماضي". وفي سورية دم النساء يسيل من بين السبعين ألفاً الذين يتحدث الإعلام العالمي والعربي عن سقوطهم جراء الصراع الدموي في سورية تفيد الأرقام أن 4500 امرأة فقدن حياتهن، وأن 17 ألف امرأة فقدن أزواجهن، ناهيك عن غياب الأرقام الدقيقة لمن فقدن أبناءهن وبناتهن، أو عن اللواتي اضطرتهن الأوضاع الصعبة للعيش بعيداً عن بيوتهن، سواء في ملاجئ داخلية أو مخيمات نزوح خارجية. ويبدو من العبث الحديث عن معاناة النسوة ممن يعشن أوضاعاً مأساوية بفعل استمرار الحرب في بلادهن. وتفيد التقارير عن وجود حالات اغتصاب للنساء في أتون الحرب الدائرة، وعن حالات تجنيدهن للقتال على جبهات القتال وهو أمر يفاخر به قطبا الموالاة والمعارضة لحكم الرئيس بشار الأسد. "الربيع العربي" وتغيير نحو الأسوأ وترسم الناشطات في مجال حقوق الإنسان صورة قاتمة لحال المرأة العربية بعد الثورات. وبحسب آرائهن فلقد استطاع الربيع العربي أن يحدث تغييرات في المجتمع العربي ويغيره سياسياً كما حصل في تونس ومصر وليبيا واليمن. أما عن التغيير الاجتماعي فيما يخص واقع المرأة فلم يأت، برأيهن، نحو الأحسن بل للأسوأ وللوراء. فالحكام "الإسلاميون الجدد" يقومون بتنفيذ برامجهم الداعية إلى جلوس المرأة في البيت وغير ذلك من الأفكار التي تؤدي لتراجع دور المرأة وتهميشها والوقوف أمام مشاركتها في الحياة العامة بعد أن خاضت نضالاً مريراً من أجل إثبات حقوقها.
 وأخيرا فإن تحسين أوضاع النساء في البلدان العربي يعد ضمانة من أجل تطوير المجتمعات ونهضتها العلمية والاقتصادية والسياسية، فمع ارتفاع مستوى التعليم بين النساء، والدور الكبير الذي قمن به في الثورات ضد المستبدين، من الاجحاف استمرار النظر إلى المرأة مواطنا من الدرجة الثانية رغم أنهن دفعن ضريبة كبيرة في
مجتمعاتهن. ولن يزهر ربيع العرب دون إعطاء نصف المجتمع الناعم حقوقه، وهي حقوق تستحقها المرأة العربية بجدارة. سامر الياس (المقالة تعبر عن راي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)
http://arabic.rt.com/analytics/69313/ :روسيا اليومنتيجة صادمة يخرج بها كل من يتابع أوضاع النساء في البلدان العربية بعد أكثر من عامين على الثورات. فأوضاع المرأة باتت أسوأ رغم أنها شاركت بقوة في الاحتجاجات والمظاهرات لقلب أنظمة الحكم الفاسدة. ودفعت النساء ثمناً باهظاً، إقصاء وتهميشاً وقتلاً وترملاً وفقداً، وفي بعض الاحيان تعرضت للاغتصاب والعنف وعانت من تراجع مستوى الحريات النسوية. وهذه الحالة تخالف الآمال التي عقدتها النسوة لتحسين أوضاعهن، بل على العكس تماماً حيث تراجعت مكانتهن وأوضاعهن، وبتن في واقع اجتماعي مضطرب هن ضحاياه في المقام الأول. بين المكرمة الملكية وسخط رجال الدين والمجتمع المحافظ... كان قرار العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز من الأخبار السارة النادرة للمرأة في البلدان العربية، فقد قرر الملك تعيين خُمس أعضاء مجلس الشورى من النساء، وبالفعل تم اختيار ثلاثين إمرأة للمجلس، الذي لا يملك سلطات تشريعية أو قدرة على المحاسبة، لكن هجوما لاذعا شنه رجال الدين على القرار الملكي، الذي تضمن أيضا تخصيص أماكن لجلوس النساء، واماكن لخروجهن. وفي مواقع التواصل الاجتماعي تم توجيه اتهامات باطلة كاذبة ومشينة لأكاديميات وجامعيات سعوديات لمجرد اختيارهن في عضوية مجلس الشورى ما يعكس الطبيعة الذكورية لهذا المجتمع، وصعوبات التغلب على وصاية رجال الدين السلفيين الذين مازالوا يفتون بمنع قيادة المرأة للسيارة وغير ذلك من الفتاوى التي لا تمت إلى الحداثة بصلة ويخالف بعضها تعاليم الإسلام الوسطي المعتدل. ومما لا شك فيه أن مشاركة المرأة في مجلس الشورى، واشراكها في التصويت في الانتخابات البلدية القادمة خطوة إلى الأمام لكنها مازالت بحاجة إلى خطوات كثيرة لدعمها، وكذلك الى عمل دؤوب للتخفيف من دور المؤسسة الدينية في المملكة. وفي الأردن، وبمناسبة الاحتفالات بذكرى عيد المرأة العالمي هذا العام، أكدت الدكتورة آمنة خصاونة مديرة مركز الأميرة بسمة لدراسات المرأة الأردنية على أهمية العمل الدؤوب لتذليل كافة الصعوبات التي تقف أمام الارتقاء بوضع المرأة في كافة المجالات. وأشارت إلى أن نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل لا تتعدى (14.7) في المائة وهي النسبة الأدنى في المنطقة في حين أن مشاركة المرأة في الحياة السياسية ما زالت خجولة وأن (15) مقعدا من مقاعد مجلس النواب خصصت ضمن كوتا، وأوضحت أنه لم تفز من النساء، تنافسيا، سوى ثلاث مرشحات رغم وجود النساء الكفؤات في صفوف المرشحات مما يشير الى درجة تأثير الثقافة المجتمعية على عدم تكافؤ الفرص أمام المرأة. الكويت عودة خجولة للمرأة إلى مجلس الأمة ... في الانتخابات الكويتية نهاية العام الماضي عادت 3 نساء إلى قبة مجلس الأمة.العدد يمثل ستة في المائة فقط من عدد أعضاء المجلس الذي لم يكن في عداده في انتخابات فبراير/شباط 2012 أي إمرأة. ومن المؤكد أن أوضاع المرأة في الكويت تعد الأفضل خليجيا حيث أنها تشارك في الانتخابات منذ العام 2005 ترشيحا وانتخابا. ودخلت المرأة الكويتية أول مرة تحت قبة البرلمان في العام 2009 بأربع نساء أي ثمانية في المائة من عدد الأعضاء. برلمانات الربيع بتمثيل نسائي متواضع وجاءت الانتخابات في مصر وتونس وليبيا ببرلمانات غالبيتها من الرجال، في ظل سيطرة الإسلاميين، أيضاً، أحزاباً ومستقلين، على المشهد السياسي غير آبهين بالمشاركة الفعالة للمرأة في نضالهم لجعل انتصار أفكارهم و"ثوراتهم" أمراً ممكن التحقيق. وتعطي ليبيا بعد الثورة مثالاً صارخاً لتهميش المرأة، وحسب ما جاء في المادة الأولى من قانون الانتخابات فإن "المؤتمر الوطني العام (الجمعية التأسيسية) سيتألف من 200 عضو يختارون بطريق الانتخاب الحر المباشر على أن يخصص للنساء عدد من المقاعد بنسبة عشرة بالمائة إلا إذا لم يتقدم من المرشحات ما يستكمل هذه النسبة". ووفق هذا القانون جاءت نسبة تمثيل النساء متدنية إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن النساء في ليبيا يمثلن أكثر من نصف السكان، ولم يجر تمثيلهن إلا بعشرين مقعداً كدليل واضح على مدى تهميش دور المرأة الليبية التي دفعت ثمناً كبيراً في معركة الإطاحة بحكم القذافي وعائلته. سحل وسوء فهم لدور النساء وفي مصر تؤكد الناشطات وجود "تهميش وحط لشأن المرأة في مصر بعد الثورة". أما أثناء الثورة فكان من الطبيعي أن نجد المصريات من مختلف التوجهات والشرائح الاجتماعية يسرن في التظاهرات ويقفن في الميادين وينلن من السحل والضرب ما ناله ثوار 25 يناير من نظام الرئيس المخلوع مبارك. لكن الصورة تغيرت بعد النصر، وبات من الممكن تمييز غياب النسوة عن الاحتفالات الذكورية بالانتصار. بل إن الأمر وصل إلى حد أن الإخوان والسلفيين في السويس، كانوا يحتفلون منتشين بفوزهم في المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية بينما كانت قوات الجيش تضرب وتسحل المتظاهرات المصريات في شارع القصر العيني. وهؤلاء الذين يريدون مجتمعاً لا مكان للنساء في فضائه العام هم أنفسهم من أقاموا الدنيا ولم يقعدوها عندما نشرت الشابة علياء المهدي صورها العارية على مدونتها، فيما لم يحرك معظمهم ساكناً حين عرّى جنود الجيش المتظاهرة السلمية وسحلوها في الشارع. السياسة والعمل ممنوعان عن النساء ولا يخفي السلفيون أفكارهم الغريبة حول فهمهم لدور النساء، وقد كان السلفي والمرشح السابق للرئاسة حازم أبو إسماعيل واضحاً في تصريحاته الخاصة بمنع المرأة من العمل والسياسة، وأكد المتحدث الرسمي باسم حزب أبو اسماعيل أن "حزب النور يسعى إلى الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة والتعاون مع مؤسسة الأزهر في كل القضايا الدينية"، وطبعاً لدواع انتخابية كون النساء شكلن النسبة الأكبر بين المقترعين في مصر. ولم يخرج الشيخ أبو اسحاق الحويني – أحد رموز الحركة السلفية – عن السياق نفسه حين قال إن الجهل "فاشٍ" في النساء، ثم عاد ليقول إن وجه المرأة كفرجها؟ وربما لهذا السبب وضع حزب النور السلفي وردة حمراء بدلاً من صور مرشحاته لعضوية مجلس الشعب، في مشهد يذكر المصريات بمن يمارس وأداً رمزياً للنساء. وخاضت الناشطات المصريات معركة مع النواب الإسلاميين، في مجلس الشعب المنحل، والذين يطالبون بإلغاء قوانين مثل قانون الخلع الذي يتيح للزوجة الحصول على الطلاق أمام المحكمة إذا ردت للزوج ما أعطاها من مال ومهر أو هبة. ومعركة ضد محاولات نواب لتعديل قانون الحضانة الذي سمح للنساء بحضانة أطفالهن حتى سن الخامسة عشرة. طبقتان للنساء والرجال وتتخوف الناشطات المصريات من أن السماح بارتداء النقاب داخل الجامعات المصرية يعد أول خطوة على طريق "خلق مجتمع ثنائي الطبقية للنساء والرجال ما يعني أن نرى غدا حافلات مخصصة للنساء وأخرى للرجال وبعد غد جامعات للإناث وأخرى للذكور!". ويلقين باللوم على بعض النائبات التابعات للتيار السلفي في مجلس الشعب المصري المنحل حيث تنادي إحداهن بزواج الفتيات في سن الرابعة عشرة ويتناسين أنهن معنيات بالدفاع عن حقوق بنات جنسهن اللواتي يخشين من التمييز وضياع الحقوق، بعدما خرجن في الثورة للمطالبة بحقوق مواطنة كاملة، وليس بحقوق جزئية أو نسوية فقط. وكانت مصر قد قررت للنساء حصة نسبتها 12 في المئة من مقاعد البرلمان لكن القانون ألغي ومثلت النساء لاحقاً بأقل من ثلاثة في المئة من المقاعد، وهو تمثيل لا يعكس الوضع الحقيقي للنساء في مصر وتاريخهن وكفاحهن وثقافتهن وتعليمهن. تكامل مع الرجل لا مساواة وفي تونس، البلد الذي كانت فيه الحقوق الاجتماعية الخاصة بالمرأة محدَّدة بوضوح قبل الثورة،لا ترد في مسودة الدستور الجديد مادة حول "المساواة" بين الرجل والمرأة، بل فقط حول "التكامل" بينهما. وتفيد هذه المادة بأنَّ الدولة تضمن دور المرأة باعتبارها "شريكة للرجل في بناء الوطن" ويتكامل دورها داخل الأسرة. وبالإضافة إلى ذلك تضمن الدولة تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل والقضاء على كلِّ أشكال العنف ضدّ المرأة. وتقول الناشطات التونسيات إن حزب النهضة الحاكم في تونس هو من يقف وراء هذه المادة المثيرة للجدل وغضب النساء. ويقلن إنه عندما انطلقت الثورة في نهاية العام 2010 وأدَّت في النهاية إلى تغيير النظام، كان الرجال والنساء يخرجون سوية إلى الشوارع في مظاهرات من أجل حقوق جميع التونسيين وليس فقط حقوق المرأة، ويتهمن حزب النهضة الإسلامي بمحاولة الحدّ منها. وعلى الرغم من إقرار المادة لا يعطي حزب النهضة موقفاً واضحا من فهمه لدور المرأة في مجتمع ما بعد الثورة ويقول مسؤولون فيه إن لا فرق بين "المساواة" و"دور التكامل" بين الرجل والمرأة، مع تفضيلهم لمصطلح التكامل: "يختلف دور الرجل والمرأة في داخل الأسرة عن وظائفهما في داخل المجتمع والحياة الاقتصادية والسياسية". نائبات إسلاميات لا تهمهن حقوق المرأة ورغم ذلك حقَّق حزب النهضة أكبر المكاسب في الانتخابات النيابية من خلال تساوي عدد المرشَّحين والمرشَّحات في قوائمه الانتخابية، ونتيجة لذلك فإنَّ نصف النائبات تقريباً من الإسلاميين. لكن المخيب للأمل التزام معظم نائبات حزب النهضة بنهج حزبهن المحافظ في كلِّ ما يتعلق بقضايا المرأة. وتقول الناشطة التونسية راضية نصراوي: "منذ أن أصبح لدينا أحزاب لا تعمل من أجل المساواة التامة بين الرجل والمرأة صار لا بد لنا من القول إن هذه المعركة لم تحسم بعد". وتضرب الناشطات مثالاً على النفوذ المتنامي للسلفيين في المجتمع التونسي وهو كيف عطلت مجموعة من الشبان السلفيين خلال الشتاء ولأسابيع طويلة الدروس في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في مدينة منوبة، الضاحية الغربية للعاصمة تونس، مطالبين بتخصيص قاعة للصلاة داخل الكلية، وأن يُسمح للطالبات المنقبات بإجراء الامتحانات دون الكشف عن وجوههن. وإلى اليوم لا تزال هذه المجموعة ترابط في الكلية دون إيجاد أي حل. وترصد الناشطات غياب النساء عن مقاعد الحكومات بعد الثورة "في الحكومة الأولى والثانية (بعد فرار بن علي) لم تكن هناك سوى امرأة في كل منهما وعقب الانتخابات لم يتجاوز عدد النساء اثنتين في الحكومة. بالنسبة لنا نحن النساء هذه تطورات كارثية". وفي هذا السياق تقول الباحثة إيزوبل كولمان بأن عام 2011 هو عام المرأة العربية بامتياز "ففي الأيام الأولى للثورة التي اندلعت في تونس كانت النساء في الصفوف الأمامية للمظاهرات، يقدن المظاهرات، ويكتبن المدونات بحماس، ويغطين الثورة كصحافيات ويقمن بشن حملات على الشبكات الاجتماعية، ويعملن على رعاية المصابين". ولكن ذلك صار من ذكريات الماضي". وفي سورية دم النساء يسيل من بين السبعين ألفاً الذين يتحدث الإعلام العالمي والعربي عن سقوطهم جراء الصراع الدموي في سورية تفيد الأرقام أن 4500 امرأة فقدن حياتهن، وأن 17 ألف امرأة فقدن أزواجهن، ناهيك عن غياب الأرقام الدقيقة لمن فقدن أبناءهن وبناتهن، أو عن اللواتي اضطرتهن الأوضاع الصعبة للعيش بعيداً عن بيوتهن، سواء في ملاجئ داخلية أو مخيمات نزوح خارجية. ويبدو من العبث الحديث عن معاناة النسوة ممن يعشن أوضاعاً مأساوية بفعل استمرار الحرب في بلادهن. وتفيد التقارير عن وجود حالات اغتصاب للنساء في أتون الحرب الدائرة، وعن حالات تجنيدهن للقتال على جبهات القتال وهو أمر يفاخر به قطبا الموالاة والمعارضة لحكم الرئيس بشار الأسد. "الربيع العربي" وتغيير نحو الأسوأ وترسم الناشطات في مجال حقوق الإنسان صورة قاتمة لحال المرأة العربية بعد الثورات. وبحسب آرائهن فلقد استطاع الربيع العربي أن يحدث تغييرات في المجتمع العربي ويغيره سياسياً كما حصل في تونس ومصر وليبيا واليمن. أما عن التغيير الاجتماعي فيما يخص واقع المرأة فلم يأت، برأيهن، نحو الأحسن بل للأسوأ وللوراء. فالحكام "الإسلاميون الجدد" يقومون بتنفيذ برامجهم الداعية إلى جلوس المرأة في البيت وغير ذلك من الأفكار التي تؤدي لتراجع دور المرأة وتهميشها والوقوف أمام مشاركتها في الحياة العامة بعد أن خاضت نضالاً مريراً من أجل إثبات حقوقها.
 وأخيرا فإن تحسين أوضاع النساء في البلدان العربي يعد ضمانة من أجل تطوير المجتمعات ونهضتها العلمية والاقتصادية والسياسية، فمع ارتفاع مستوى التعليم بين النساء، والدور الكبير الذي قمن به في الثورات ضد المستبدين، من الاجحاف استمرار النظر إلى المرأة مواطنا من
الدرجة الثانية رغم أنهن دفعن ضريبة كبيرة في مجتمعاتهن. ولن يزهر ربيع العرب دون إعطاء نصف المجتمع الناعم حقوقه، وهي حقوق تستحقها المرأة العربية بجدارة. سامر الياس (المقالة تعبر عن راي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)
http://arabic.rt.com/analytics/69313/ :روسيا اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.