تأكيد على "أهمية تعزيز أواصر التعاون البرلماني بين البلدين"    توقيف 9 عناصر دعم للجماعات الإرهابية خلال أسبوع    ضرورة العمل من أجل إحياء دور الدبلوماسية في حل الأزمات    الميزان التجاري سجل فائضا قدره 8ر26 مليار دولار    فلسطين: استشهاد 10 فلسطينيين بقطاع غزة    الجزائر تشارك في دورتين حول تنفيذ الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد    بكالوريا 2025: إدانة عدة أشخاص بالحبس لتورطهم في الغش ونشر مواضيع وأجوبة الامتحانات    إجراءات جديدة للوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب    الجزائر ترغب في الانضمام للتحالف الإفريقي للهيدروجين    تلغي رحلات خطوطها من وإلى العاصمة الأردنية    الجزائر تعتمد استراتيجية سيادية في الأمن السيبراني    دفع 800 مليار تعويضات خلال 5 سنوات    الجامعات الجزائرية تحتل المراتب الأولى مغاربيا    ما يرتكبه الكيان الصهيوني جريمة حرب يجب توثيقها    خامنئي يرد على ترامب ويحذّره من عواقب التدخل    وفاة 3 أشخاص وإصابة 211 آخرين بجروح    حديقة التسلية "حبيباس لاند" إضافة نوعية ل"الباهية"    توتنهام الإنجليزي وأنتويرب البلجيكي يتنافسان على زرقان    مانشستر يونايتد الإنجليزي يخطّط لضم هشام بوداوي    وهران: تخرج الدفعة ال 55 للطلبة الضباط والضباط المتربصين بالمدرسة العليا للطيران بطفراوي    نادي سطاوالي يجرّد اتحاد الجزائر من اللقب ويحقق الثنائية    موهبة تعطي "عديم القيمة" نبضا جديدا    وكالات السياحة والسفر تضبط برامج عطلة الصيف    عنابة تحتفي بالطفولة والهوية    بجاية تحتضن ملتقى وطنيا حول المسرح الأمازيغي للهواة    متيجة من عل تسبي العالم    "تارزيفت"... تعبير عن حفاوة الاستقبال    الرابطة الأولى موبيليس : الرابطة تكشف عن توقيت اجراء مقابلات الجولة ال 30 والاخيرة    تعديل قانون استغلال الشواطئ يرمي إلى جعل السياحة رافعة للتنوع الاقتصادي    فعل الخيرات .. زكريا عليه السلام نموذجا    فتاوى : الهبة لبعض الأولاد دون البعض    وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ    في الذكرى ال69 لاستشهاده..تسيط الضوء على بطولات الشهيد الرمز أحمد زبانة    جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة..استشهاد 144 فلسطينيا وإصابة 560 خلال 24 ساعة    لتثمين البحث العلمي وحماية ذاكرة المؤسسات والأمة ..تأكيد على أهمية التعاون بين الجامعات والمديرية العامة للأرشيف الوطني    لجنة صحراوية تناشد المنتظم الدولي الضغط على المغرب لاحترام حقوق الإنسان    قسنطينة: الطبعة ال11 للمهرجان الدولي للإنشاد من 25 إلى 30 يونيو    إيران: ما يرتكبه الكيان الصهيوني جريمة حرب يجب توثيقها    كأس إفريقيا سيدات 2024: المنتخب الجزائري يواصل تحضيراته بوهران    المصادقة على حصيلة سوناطراك    تعارف الحضارات محور ملتقى دولي بالجزائر    مرّاد يستقبل المخرج السعيد عولمي    عُمان ضيف شرف الطبعة ال56    الخضر يتوّجون    الأمم المتحدة تحذر من تأثير الذكاء الاصطناعي على تزايد خطاب الكراهية عالميا    هذه أسباب زيادة الخير والبركة في البيت    التلاحم بين الشعب الفلسطيني و المقاومة الباسلة لا تكسره المؤامرات    خطّة عمل لتوفير أفضل ظروف الاصطياف    تدشين مصنع لإنتاج الأدوية القابلة للحقن    تتويجا للإصلاحات الهيكلية العميقة التي بادرت بها الدولة    بومرداس : توقيف سائق شاحنة قام بمناورات خطيرة    موجة حر وأمطار رعدية    الرابطة الاولى "موبيليس": شباب بلوزداد يفتك الوصافة من شبيبة القبائل, و الصراع متواصل على البقاء بين ترجي مستغانم و نجم مقرة    لا حلول لأزمة الشرق الأوسط إلا بالدبلوماسية والتزام حسن الجوار    السيد سايحي يشرف على تنصيب اللجنة الوطنية لأخلاقيات الصحة    الجزائر/الأردن: تدشين مصنع لإنتاج الأدوية القابلة للحقن تابع ل "حكمة فارما الجزائر"    مرتبة ثانية لسجاتي    الحماية الاجتماعية مبدأ مكفول قانونا لكل جزائري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إفطار بالخيمة وسهر مع آلة الڤومبري
نفحات من الجنوب
نشر في الجمهورية يوم 18 - 08 - 2010

من أبرز شيمهم الكرم وحسن الضيافة ويمكن القول أيضا أنهم من أكثر الأشخاص المتمسكين بالعادات والتقاليد التي هي في الحقيقة جزء منهم ومن حياتهم البسيطة التي يعيشونها في قلب الجنوب الجزائري والتي استهوت الكثير من السياح الأجانب الذين ذهلوا بنمط عيشهم وكرمهم حيث قدموا صورة جيدة عن الشعب الجزائري المضياف واستقبلوا الزوار بطريقة تقليدية مغرية تعمل بين ثناياها أسمى العادات الشعبية والتراثية لمنطقة الجنوب .
ولأن شهر رمضان هو الضيف الأكثر أهمية في بيت كل مواطن جزائري فإن أهل الجنوب يعدون من السباقين الأوائل للترحاب به واستقباله أحسن إستقبال لتبدأ الإستعددات بأسبوعين قبل دخول هذا الشهر الكريم من خلال شراء ما يتطلبه هذا الأخير من مواد غذائية كما يقومون بإقتناء الماشية حتى يذبحونها ليلة الشك ويستغنون عن شراء اللحوم الطازجة والمجمدة بل بالعكس فهم يروا أن هذا التصرف لا يليق بضيف عزيز مثل رمضان بل يجب إسالة الدماء وذبح الماشية وهذه عادة قديمة لدى أهل الجنوب ولايستطعون الإقلاع عنها مهما إختلفت الأزمنة والعصور والأهم من ذلك فإن اللحم مادة أساسية في هذه المنطقة كونهم يعتمدون على شواءها بكثرة على الجمر لتكون لها نكهة خاصة ومميزة خصوصا في شهر رمضان الذي تكثر فيه الشهوات لتذوق ألذ الأطعمة بعد ساعات من الصيام المضنية خصوصا في فصل الصيف الذي تشتد حرارته بقوة في منطقة الجنوب أين تصل درجة الحرارة لأعلى النسب وتخلق ركودا كبيرا لدى العاملين بالدرجة الأولى
ومن التحضيرات أيضا نذكر بناء خيم خاصة للإفطار وكذا للسهرات الرمضانية التي لن تحلو دون وجود الشاي والعزف على »آلة الڤومبري « الموسيقية وغالبا ما يتم تشييد هذه الخيم في قلب الصحراء ووسط كثبان الرمال الذهبية لبلادنا الحبيبة لتزين هذه الأخيرة بأجمل الزاربي المنسوجة باليد والأفرشة التقليدية التي تصنعها النسوة بأنفسهم قبل دخول شهر رمضان لتكون جاهزة للفرش داخل هذه الخيم التي تعير بدورها عن التراث العريق للصحراء الجزائرية وتقاليدها سكانها الأصيلة التي توالتها الأجيال منذ زمن وبقيت راسخة في قلوب وعقول أهل الجنوب.
خبز يحضر تحت الرمال للإفطار
إن تقاليد سكان الجنوب ثرية جدا وإذا ذكرنا البعض منها فلأنها لفتت الإنتباه وشدت الأعين لغرابتها أو ربما لإنفرادها عن باقي العادات الأخرى ومن أهمها نذكر تحضير »الخبز« الذي يعتبر مادة غذائية أساسية على مائدة الإفطار أين تقوم ربة العائلة بالنهوض باكرا لخلط الدقيق مع الماء والملح وتشكيل رغيف كبير جدا يصعب على أية إمرأة حملها ماعدا المرأة الجنوبية التي تتقن تحضير هذا الرغيف فتحمله بحرص شديد وتدفنه وسط الرمال ثم تغطيه بذرات الرمال الذهبية وتتركه ساعات حتى ينضج أين تلعب حرارة الشمس ودورها في طهي هذا الخبز حتى يستوى في الوقت الذي تذهب فيه هذه المرأة الصحراوية لحلب الماعز قصد الحصول عل القليل من حليب الإفطار ثم تضعه ب »الڤربة« حتى يحافظ على البرودة لغاية موعد الفطور.
أما عن الأكلات الرمضانية فهي كثيرة حيث تحضر المرأة »الحريرة« المعمولة بتشيشة المرمز أو القمح لكن دون وضع الطماطم الحمراء بل يترك الحساء أبيضا ليتكفل الرجل بعملية الشواء الخاصة باللحم حيث يقوم بشوائه على الجمر قبل موعد الإفطار بفترة قصيرة حتى يبقى ساخنا ومحافظا على ذوقه الشهي حيث يقدم هذا الأخير في طبق مع قطعة من البصل للتخفيف من حدة هذا اللحم المشوي أما عن التمور فيقوم رب العائلة بإحظارها جاهزة بعد أن يتم قطفها من الزخيل وتباع بأسعار معقولة لأن الصحراء هي بلد التمور.
وإضافة إلى هذا كله فهناك طبق آخر يحضره بكثرة أهل الجنوب في رمضان يتم فيه خلط الخبز المحضر تحت الرمال مع حساء محضر بالخضر حيث يتم أكل هذا الطبق باليد وليس بالملعقة وهي من العادات التي يتصف بها أهل الجنوب عند الأكل.
وعلى هذا الأساس تحضر المائدة في إنتظار موعد رفع آدان الإفطار وبعد أن يعلن المؤدن عن ذلك يتقدم الرجال لأكل التمر والحليب ثم يتجهون إلى المسجد لأداء صلاة المغرب هناك في الوقت الذي تصلي فيه النسوة في المنزل تنتظرن أزواجهن حتى يعدن من المسجد ليلتف الجميع حول المائدة ويبدأون في أكل »الحريرة« فقط دون أكل الأطباق الأخرى التي يتركونها بعد أداء صلاة التراويح وهذاأيضا جزء من عاداتهم في شهر الصيام.
وبعد الإنتهاء من الصلاة يلتف الصائمون من جديد حول المائدة ويهتمون في أكل ما تبقى من أكلات ومضانية وبعد ذلك ترفع المائدة ويطالب الرجال بوضع صينية القهوة مع الحلويات التقليدية التي تصنعها زوجاتهم في النهار...
سهرات رمضانية تحت الخيمة لشرب الشاي
لا يحلو أي شيء بعد الإفطار سوى السهر والسمر تحت الخيمة الصحراوية التي أعدت قبل دخول رمضان بأيام أين يلتقي خيرة الرجال بعد يوم طويل من الصيام وليتسامروا ويمضوا أوقاتا طيبة تتخللها أحاديث طريفة في جو عائلي وأخوي جميل يبعث الغبطة في قلوب أبناء الصحراء ويخلق شعورا بالمحبة والإمتنان لشهر رمضان الذي وحّد القلوب وجميع الأحباب وخلق فرصة لتشييد هذه الخيمة وسط الرمال مما يجعلها فرصة حقيقية لإعطاء الصورة الجيدة عن تقاليد أهل الجنوب وعاداتهم الجميلة في هذا الشهر الفضيل.
وفور إلتقاء الجميع وإلتحاقهم بالخيمة يقوم أحد الصحراويين بتحضير الشاي الذي وصلت أصداؤه خارج الجزائر بعد أن أعجب بمذاقه السياح وأحبوا طريقة تحضيره الفريدة من نوعها خصوصا أن أول شيء يقدم للسياح هو الشاي الذي يحضر على الجمر في إبريق يزينه السواد الناجم عن إحتراق حبات الجمر.
وفي إنتظار تقديم الشاي يغتنم المجتمعون فرصة هذا اللقاء للإستمتاع بأنغام العود من خلال عزف أحد الموسيقيين بالمنطقة على هذه الآلة أو آلة »الڤومبري« التقليدية لتنبعث ألحان صحراوية مئة بالمئة من عمق الجنوب وتغنى بعض الأغاني الدينية التي تحكي قصة النبي عليه الصلاة والسلام وأخرى حول شهر رمضان المبارك وكيف دخل كضيف عزيز علينا وغيرها من الأغاني الدينية التي تشرح الصدر.
والحديث عن شرب الشاي له شأن آخر فبعد أن يستوي الشاي على الجمر يقوم أحدهم بتحضير الصينية التي تضم عددا كبيرا من الكؤوس حيث يقوم هذا الأخير بتصنيفها على أساس حلقة دائرية ويحمل الإبريق عاليا ليبدأ في إفراغ الشاي من مسافة بعيدة وإحترافية كبيرة بل مذهلة تجعلك تنساق وراء هذه الطريقة وكيف يتحكم الساقي في صب الشاي دون فلت الإبريق أو سكبه على الصينية فالخطأ دائما مستبعد والهدف محدود وهذا بالفعل من جماليات عادات الصحراويين الذين تألقوا بشدة في هذا الشهر الكريم وحافظوا على مبادئهم وعاداتهم بكل إعتزاز وفخر فما أجمل هذه الحياة البسيطة لأهل الجنوب وما أكرم هؤلاء الأشخاص الذين لا زالوا متمسكين بحضارتهم العريقة وتقاليدهم التي أذهلت السياح وصارت جزء لا يتجزأ من السياحة الوطنية لبلادنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.