تعديل الدستور ليس الغاية في حد ذاتها و لكن الوسيلة التي تحقق الانتقال الديمقراطي بعد أن التزم الرئيس بالوعد الذي قطعه على نفسه في 2011 بأن تعرف أسمى وثيقة في الدولة مراجعة جذرية تحقق للدولة و الشعب مزيدا من الأهداف و تصون ما تحقق من مكاسب . و أن كان التصويت على مشروع القانون الأحد الماضي بالمصادقة عليه جملة و تفصيلا و بنسبة الأغلبية المريحة فالتعديل لا يتوقف هنا بل كانت المصادقة الخطوة الأولى في مراحل تمكين الدولة من وثيقة هي بمثابة ورقة الطريق التي تستشرف المستقبل. و هذا ما يستشف من خلال الرسالة التي بعث بها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة للمجتمعين في البرلمان عقب المصادقة التي شرحت المشروع الذي صار قانونا و ما يتبع ذلك من خطوات تستلزم آليات تطبيق مرنة و جهود مؤسسات الدولة و كافة سلطاتها في سبيل تقوية الوحدة الوطنية و بناء الدولة المدنية التي تستجمع الشرعية من الشعب السيد. و متابعة لحرص الرئيس من أجل الوصول بالوثيقة إلى بر الأمان و تجد الطريق نحو التطبيق بحذافيره مع ما يتطلبه ذلك من آليات جديدة و مراجعة للمنظومة القانونية اتبع الرئيس مشروعه بإنشاء خلية متابعة من أجل التطبيق يسهر على سيرها و يتابع مقترحاتها و تقدم له ما تراه مناسبا من أجل التطبيق حسب الأحكام المتضمنة في الوثيقة الدستورية . كما لم تخف رسالة الرئيس التأكيد على أولوية إعادة ترتيب الأولويات خاصة بعد التراجع الرهيب لأسعار البترول في السوق العالمية و دون المساس بالمكاسب الاجتماعية للشعب الجزائري و هذا ما تضمنه الدستور الجديد بالحديث عن مسؤولية الدولة في توفير العيش للمواطن و توفير مجانية التعليم العمومي و السكن للفئات المحرومة و الصحة و الاستغلال الرشيد للموارد الدولة و التي تدعمت بمادة جديدة أضيفت للمادة 17 في هذا المجال . سن قوانين جديدة تتماشى مع أحكام الدستور و لعل المرحلة القادمة لما بعد تبني الدستور الجديد تكمن في سن القوانين العضوية و أولها المنظم للغرفتين و العلاقة بينهما و تطبيق أحكام الدستور التي تبدأ بضرورة مراجعة المنظومة القانونية مع ما يتماشى مع الدستور الجديد مثلا قانون تنظيم الانتخابات كي ينسجم مع ما جاء في المادة 73 من الدستور و الترشح لرئاسة الجمهورية و تكيف الأحزاب مع الأحكام الجديدة و مراجعة القانون الداخلي للبرلمان من أجل تنظيمه أكثر ومراجعة قانون الاجراءت الجزائية لتطبيق مبدأ التقاضي على درجتين و تبني حقوق المجتمع و بالتالي هناك عديد القوانين التي يجب إعادة النظر فيها كاملة و وضعها على نفس مسار الدستور و هذا ما يعني أن مؤسسات الدولة يجب أن تتكيف مع المهام الجديدة التي رصدتها لها الوثيقة الجديدة في سبيل الرقي بالأداء المؤسساتي و نقل المجتمع إلى مرحلة البناء و الانتاج كما أن هناك قوانين جديدة ستصدر لإثراء قوانين الملكية العامة التي هي للمجموعة الوطنية و التأكيد أن الدولة تتحمل مسؤولية المحافظة على الموارد الطبيعية مثل المياه و الأراضي الفلاحية و كيفية المحافظة عليها ، ناهيك عن التأكيد على الحفاظ على المكتسبات الأمنية و منها السلم و المصالحة الوطنية اللذين تبناهما الشعب في 2005 . و من القوانين الواجب إعادة النظر فيها تلك المتعلقة بالمؤسسات المنتخبة سواء الوطنية أو المحلية و إعطاؤها مهام جديدة منها تحقيق العدالة الاجتماعية و معالجة التفاوت في التنمية الجهوية و المساهمة في تحقيق اقتصاد متنوع و منتج. و هذا كله ما ستسهر عليه الخلية التي تكمن أهميتها في أنها متصلة بالرئيس مباشرة و تقدم تقاريرها له و يتابعها شخصيا و الخلية ليست هيئة إدارية و لا لجنة و ستقوم بترتيب الأولويات و التنبيه إلى عديد الأمور مهمتها مؤقتة و لا يمكن أن يحل المجلس الدستوري محلها . بعد المصادقة يفتح باب القوانين العضوية