ووري الثرى ظهيرة أمس بمقبرة عين البيضاءبوهران، الفنان القدير وأحد أعمدة الأغنية الوهرانية قنديل الصنهاجي، عن عمر ناهز ال84 عاما، في أجواء مفعمة بالحزن والأسى على فقدان قامة كبيرة من قامات الإبداع الأصيل والفن الملتزم ببلادنا، وهذا بحضور العديد من الوجوه الفنية وأصدقاء الفقيد، الذين أبوا إلا أن يلقوا النظرة الأخيرة على جثمان المرحوم عمي قنديل، الذي أنار بصوته الجهوري وحنجرته الدافئة، سماء الأغنية الوهرانية و«الرايوية" لعدة عقود. وأكد بالمناسبة الفنان والمطرب الوهراني المعروف بارودي بخدة ل«الجمهورية" على هامش مراسم تشييع جنازة الفقيد، أن الراحل كان بالفعل قامة كبيرة، ويعد من الأوائل الذين غنوا ما يسمى ب«الراي" النظيف... وعمي قنديل لمن لا يعرفه، مجاهد وفنان قدير، حيث خلّف وراءه مشوارا فنيا حافلا وغنيا بالإصدارات والإبداع، ضف إلى ذلك أنه كان إنسانا طيبا ومتخلقا وكريما، ويتميز بقدرته الفائقة على الحفظ وترديد العديد من القصائد القديمة، مشيرا إلى أن جميع الفنانين كانوا يحبونه ويقدرونه، حيث كان مطربا مشهورا ويملك شعبية كبيرة في الساحة الفنية، إذ كان كلما يصعد على خشبة الركح يلهب الجمهور الحاضر ويصنع الفرجة في نفوس عشاقه ومحبيه. من جهته صرح الفنان و«المايسترو" باي بكاي أن المرحوم كان بمثابه شقيقه الكبير، حيث يعد من الأوائل الذين أدوا الأغنية البدوية "المعصرنة" باستخدام الآلات التقليدية كالكمنجة والأكورديون، مضيفا أنه اشتغل معه في الكثير من الأعمال التراثية وحتى المعادة، زيادة على أنه كان يملك ذاكرة قوية ويحفظ الكثير من القصائد والأغاني، على غرار "بيا ضاق المور" و«راني محير"...إلخ، دون أن ننسى أن الفقيد كان إنسانا متواضعا ومتسامحا.. صراحة "هذه خسارة كبيرة للفن في بلادنا، مع العلم أنني قمت معه بالعديد من الجولات في مختلف أنحاء الوطن، حيث كان يملك قوة صوتية خارقة، ويمتاز بأخلاق سامية، وكانت البسمة لا تفارق محياه، لذا نقولها وهذه شهادة للتاريخ أن عمي قنديل كان رجلا متواضعا وغير مادي بل ولا يحب حتى الأضواء والبروز الإعلامي. تجدر الإشارة إلى أن الفنان قنديل الصنهاجي، يعتبر من بين أبرز المطربين الذين ساهموا في الحفاظ على التراث الوهراني وترقيته، حيث اشتهر بالعديد من الأغاني والوصلات الفنية، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر «كمان كمان» فضلا عن امتلاكه رصيدا كبيرا من المقاطع الموسيقية المستلهمة من التراث الشعبي الجزائري، لفطاحل الشعر الملحون، على غرار الشيخ الخالدي والهاشمي بن سمير، ولد بلخير وغيرهم. زيادة على مشاركته في إحياء العديد من الحفلات والأعراس طيلة مشواره الفني الحافل. يذكر أن المرحوم وزيادة على اشتغاله فنانا ومطربا كان يعمل سائقا بمؤسّسة النقل الحضري لمدينة وهران قبل إحالته على التقاعد.