وزير الاتصال: رئيس الجمهورية منح الإعلام الوطني الدعم الذي يستحقه    المغرب أصبح مجرد ضيعة ملكية يأكل فيها القوي الضعيف    تكريم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون خلال نهائي كأس الجزائر 2025    ألعاب القوى/ الملتقى شرق ليون : تألق الجزائريين حراك (رجال) وأونيس (سيدات)    الحل الوحيد للقضية الصحراوية هو تنظيم استفتاء تقرير المصير    المغرب يستنجد بورقة الاستثمارات في الصحراء الغربية للقفز على حق الصحراويين في تقرير المصير    جامعة الجلفة: مناقشة 70 مذكرة تخرج في إطار مشروع مؤسسة اقتصادية    رئيس الجمهورية يترأس حفل استقبال بمناسبة الذكرى ال63 للاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية    "سوقرال" تطلق تطبيق "طاكسي سايف" لطلب سيارات الأجرة المعتمدة    شعيب كوسة ومولود عكروف وكوثر فراحتية يتوّجون في مهرجان شعر الشباب بمستغانم    جانت : "سبيبا".. طقس احتفالي يقاوم النسيان ويروي بطولات أسلاف الطوارق    تأمينات: ارتفاع رقم الأعمال بأزيد من 13 بالمائة خلال الثلاثي الأول    بتكليف من رئيس الجمهورية, السيد عطاف يحل بسنغافورة في زيارة رسمية    أم البواقي : جمع أزيد من 700 ألف قنطار من الحبوب منذ بداية حملة الحصاد و الدرس    معسكر: افتتاح اللقاء الوطني السابع للفنون التشكيلية    طبق الفول التقليدي .. سيد المائدة الغرداوية في يوم عاشوراء    كهرباء: وضع حيز الخدمة عدة منشات جديدة بالعاصمة لتعزيز شبكة التوزيع    جانت : آليات الحفاظ على قصيدة "سبيبا" موضوع لقاء اكاديمي وعلمي    نهائي كأس الجزائر لكرة القدم 2025/ اتحاد الجزائر- شباب بلوزداد (2-0): الاتحاد يفتك الكأس التاسعة عن جدارة و استحقاق    كرة القدم/ نهائي كأس الجزائر-2025 / اتحاد الجزائر- شباب بلوزداد (2-0) : البطاقة الفنية    رئيس الجمهورية يترأس حفل استقبال بالنادي الوطني للجيش على شرف إطارات سامية في الجيش    ذكرى استقلال الجزائر مبعث فخر لشعب أبي    نادي سوسطارة يتوّج بالتاسعة    من الانتصار إلى التجلّي والوحدة والائتلاف    ندرك حجم مسؤولية خدمة وطننا وصون سيادته    حق الصحراوين في تقرير المصير لا يمكن التنازل عنه    "حماس" تعلن جاهزيتها للبدء في مفاوضات وقف إطلاق النّار    عهد متجدّد ومسؤولية مستمرة لبناء وطن قوي    الجزائر تحتضن منتدى لترقية التجارة والاستثمار بين الإفريقيين    ارتفاع حصة الجزائر ب12 ألف برميل يوميا    عرض العصائر والمياه المعدنية لأشعة الشمس "سم قاتل"    صدور "خراطة من الاحتلال إلى الاستقلال"    الذكرى ال 63 لاسترجاع السيادة الوطنية : الجزائر تعزز أمنها المائي بمشاريع استراتيجية    السيد بوغالي : ذكرى عيد استقلال الجزائر مبعث فخر لشعب أبي    توقرت: قطاع الصحة يتدعم بعيادة طبية نموذجية متعددة الخدمات    دعوة صريحة للإبادة الجماعية    اهتمام إسباني بضم رامز زروقي    59 حالة وفاة غرقا بالشواطئ والمجمّعات المائية    الشرطة الإسبانية تضبط 15 طنا من الحشيش مصدرها المغرب    تدشين مشاريع تنموية هامة وإطلاق أخرى    تكريم المتفوقين وحث على البعد الأكاديمي العالي في التكوين    "الكاف" تحتفي بمجيد بوقرة قبل موعد "الشان"    شرطة الجلفة توقف مروّجين للمخدرات    اختتام مشروع باورفورماد بوهران    المجلس الأعلى للغة العربية ينظم احتفائية    سورة الاستجابة.. كنز من فوق سبع سماوات    هذه تفاصيل هدنة ترامب في غزّة    نصاب الزكاة لهذا العام قدر بمليون و ستمائة و خمسة عشر ألف دينار جزائري    المشاريع السكنية أصبحت تُنجز في غضون سنة واحدة فقط    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 57012 شهيدا و134592 مصابا    أخبار اليوم تُهنّئ وتحتجب    كرة اليد/كأس الجزائر (سيدات)..نادي بومرداس- نادي الأبيار: نهائي واعد بين عملاقي الكرة الصغيرة النسوية    630 مليار دينار مصاريف صندوق التأمينات الاجتماعية    الكشف المبكر عن السكري عند الأطفال ضروريٌّ    فتاوى : حكم تلف البضاعة أثناء الشحن والتعويض عليها    الدعاء وصال المحبين.. ومناجاة العاشقين    تنصيب لجنة تحضير المؤتمر الإفريقي للصناعة الصيدلانية    الجزائر تستعد لاحتضان أول مؤتمر وزاري إفريقي حول الصناعة الصيدلانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التغييرات المناخية… الأسوأ لا يزال في الطريق
نشر في الحياة العربية يوم 29 - 08 - 2021

للتخفيف من تداعيات مشكلة ضخمة مثل التغييرات المناخية، علينا أن نبدي انفتاحاً على الأفكار الكبيرة. وقد توافرت واحدة من هذه الأفكار منذ تسعينات القرن الماضي، ومع هذا ربما لم تعد جاهزة للتطبيق سوى الآن بعدما بلغت وقت الذروة. وتدور هذه الفكرة حول إصدار مخصصات كربون قابلة للتداول ليس فقط للشركات (كما هو الحال في أنظمة الحد الأقصى والاتجار الحالية)، وإنما لنا جميعاً على نحو فردي.
من حيث الجوهر، يتبع هذا النوع من التقنين المرن المنطق نفسه، سواء جرى تطبيقه على المنبع في الصناعة، كما هو الحال في نظام تداول الانبعاثات داخل الاتحاد الأوروبي، أو في المراحل النهائية على كل مستهلك على حدة. من جهتهم، يحدد صانعو السياسة سقفاً لمجمل كمية الانبعاثات الكربونية المسموح بها ويعملون على تخفيضها بمرور الوقت. وبعد ذلك، يوزعون تصاريح مجانية لانبعاث الكربون، والتي يمكن للأفراد شراؤها أو بيعها في وقت لاحق.
وعلى غرار ضرائب الكربون، تحدد هذه الشهادات سعراً واضحاً للانبعاثات التي تعد بطبيعتها غير مرئية، وهي سبب ما يسميه الاقتصاديون بالعوامل الخارجية، أي ظاهرة الاحتباس الحراري. وعلى عكس الضرائب، تسمح التصاريح القابلة للتداول باستهداف أكثر دقة للحوافز.
وتبعاً لهذا النظام، فإن أولئك الذين يتسببون في تلويث أقل من مخصصاتهم يمكنهم جني أموال إضافية، بينما يجب أن يدفع أولئك الذين يحتاجون إلى المزيد من الشهادات أموالاً مقابل ذلك. وفي هذا الإطار، سيصبح لدى الجميع حافز لأن يصبحوا أكثر خضرة.
ويكمن أحد الجوانب الإيجابية لهذه الآلية في الحرية التي تتركها للناس للاستجابة كما يحلو لهم، وهذا تحديداً السبب وراء أن أنصار التوجهات الاقتصادية الليبرالية مثلي يفضلون منذ فترة طويلة أنظمة الحد الأقصى والتجارة على السياسات الأخرى؛ مثل الإعانات الحكومية لبعض التقنيات أو حظر البعض الآخر. في الواقع، بوجه عام تعمل الأسواق على نحو أفضل عن التخطيط المركزي، ويمكن حتى توسيع نطاقها دولياً.
ومع ذلك، فإنه حتى الآن، يتركز اهتمامنا على أنظمة الحد الأقصى والتجارة الأولية مثل أنظمة الاتحاد الأوروبي، التي تعد الأكبر على مستوى العالم والتي من المقرر أن تشهد مزيداً من التوسيع. الواضح أن مثل هذه المخططات تتسم بالتعقيد؛ لذا من الأفضل ألا تجري إدارتها من قبل المستهلكين، وإنما من قبل مهنيين – مثل المديرين التنفيذيين في شركات الكهرباء أو صناعة الإسمنت والصلب.
على النقيض، نجد أنه فيما يتعلق بالأنظمة المرتبطة بالأفراد، فإن المتاعب والمشاحنات يمكن أن تقضي على الأمر برمته. جدير بالذكر في هذا الصدد، أنه قرابة عام 2008، درست المملكة المتحدة فكرة مخصصات الكربون الشخصية. وحال إقرارها، كانت هذه المخصصات محدودة للغاية، ولا ترصد سوى انبعاثات المستهلكين المنزلية من الكهرباء والتدفئة.
ومع ذلك، ظلت التفاصيل معقدة، وتتطلب أنواعاً جديدة من «حسابات» الكربون ببطاقات بلاستيكية وما إلى ذلك. وبدا واضحا أن الناس ما كانوا ليقبلوا بالنظام، وجرى إسقاط الفكرة في هدوء.
حسناً، لقد تغير الكثير في العام الماضي أو نحو ذلك. ومثلما كتب فرانشيسكو فوسو نيريني وتينا فوسيت ويايل باراغ وبول إكينز – الباحثون الذين دخلت جامعاتهم في السويد وبريطانيا وإسرائيل في تعاون – في كتابهم «استدامة الطبيعة»، فإن بدلات الكربون الشخصية تستحق الآن إعادة النظر فيها.
من بين الأسباب الداعية لذلك، أننا أصبحنا اليوم أكثر وعياً بالتغييرات المناخية باعتبارها تهديداً وجودياً، بفضل جهود حركات مثل «فرايدايز فور فيوتشر» (أيام الجمعة من أجل المستقبل)، وكذلك حرائق الغابات التي اشتعلت هذا الصيف وموجات الحر الحارق والفيضانات المفاجئة. وبذلك، لم يعد هناك أدنى شك في أن التغييرات المناخية الجاني، وأن الأسوأ عن ذلك بكثير لا يزال في الطريق إلينا، ويتطلب استجابة أكبر منا.
ويتمثل سبب آخر في أن الوباء وتوجهات حديثة أخرى بدلت علاقتنا بالتكنولوجيا. على سبيل المثال، اعتدنا هذه الأيام على استخدام هواتفنا الذكية كأداة لمكافحة الفيروس، مع استخدام المزيد من الأشخاص في المزيد من الأماكن تطبيقات الهواتف الذكية لتتبع الأشخاص الذين يتفاعلون معهم أو إثبات حصولهم على التطعيم.
كما يحرص الكثيرون على تتبع صحتهم وتغذيتهم وممارسة الرياضة والتسوق وطلب الطعام وعقد الصفقات والتسوق باستخدام الهاتف الذكي. وعليه، ستكون مخصصات الكربون مجرد تطبيق إضافي واحد جديد على الهاتف. وإذا جرى تصميم النظام الفردي على نحو جيد، سيصبح من الممكن الوصول إلى المستهلكين بطريقة ليست بسيطة فحسب، بل وممتعة أيضاً. وسيصبح في استطاعة الناس استخدام هواتفهم لتسليم وشراء وبيع بدلاتهم. وفي إطار ذلك، سيكتشفون أيضاً – بمساعدة الذكاء الصناعي وراء الكواليس – أين يتسببون في القدر الأكبر من الانبعاثات.
في الوقت الحالي، من الصعب للغاية معرفة أين ومتى وكيف نتسبب في التلوث في خضم حياتنا اليومية. نحن نعلم بشكل مبهم أنه يتعين علينا تقليل معدلات السفر بالطائرة والقيادة، وأن نمشي ونركب الدراجة أكثر، ونأكل كميات أقل من اللحوم والمزيد من الخضراوات وما إلى ذلك. ورغم ذلك، لم نتمكن من البدء في تحديد الكيفية المثلى لتشغيل غسالة الأطباق لتقليل التلوث، أو كيفية ترتيب مهامنا اليومية لتوفير الوقود، أو كيفية مقارنة البصمة الكربونية للمنتجات المختلفة.
من جهته، أخبرني فوسو نيريني، المؤلف الرئيسي للدراسة سالفة الذكر، أن هذا التأثير «المعرفي» قد يكون أكبر ميزة لبدلات الكربون الشخصية والقائمة على التطبيقات؛ لأنها تشجعنا وتمكننا من تغيير سلوكنا والتعرف على الطريقة المثلى لإدارة ميزانيات الكربون الخاصة بنا.
ورغم ذلك، لا يزال أمام صانعي السياسات الكثير من العمل. وتتمثل إحدى المشكلات في كيفية ملاءمة نظام مخصص جديد مع مخططات السداد والتداول الحالية. إذا كان مرفق الطاقة لديك قد اشترى بالفعل التصاريح الخاصة به وحدد سعرها في فاتورة الكهرباء الخاصة بك، ستشعر أنك تتعرض لضغوط مضاعفة إذا كان عليك التنازل عن بدل آخر لتشغيل الأضواء.
من الناحية العملية، بطبيعة الحال، تمزج السياسة العامة باستمرار بين إجراءات المنبع والمصب لضبط الحوافز في جميع جنبات الاقتصاد. كما تخضع أرباح الشركة، على سبيل المثال، لضريبة مزدوجة، أولاً في ضرائب الشركات، ثم مرة أخرى في الضرائب الفردية على أرباح الأسهم.
أما التحدي الأكبر فسيكون اجتماعياً وسياسياً. من حيث المبدأ، يجب أن تساعد البدلات الشخصية في الحد من عدم المساواة لأن الفقراء يميلون إلى إطلاق انبعاثات كربونية أقل من الأغنياء، الأمر الذي قد يوفر للأشخاص ذوي الدخل المنخفض سبيلاً لجني الأموال. ومع ذلك، قد يحتاج الأشخاص في المناطق الريفية، الذين يقودون السيارات لمسافات أطول، إلى تصاريح إضافية.
من ناحية أخرى، لن تكون كل دولة مستعدة ثقافياً بالدرجة ذاتها لمثل هذا الأمر؛ ذلك أن الاستقطاب أدى بالفعل إلى تقسيم المجتمعات من الولايات المتحدة إلى البرازيل وبولندا. ويشعر بعض الأميركيين الآن أن المسائل المتعلقة بما إذا كان يجب ارتداء قناع لحماية الوجه أو الحصول على لقاح أو الاعتراف بأن التغييرات المناخية من صنع الإنسان، تتعلق في جوهرها بالهوية أو الولاء للحزب، وليس العلم والمنطق السليم.
حتى ذلك الحين، لن تكون كل دولة مستعدة ثقافياً. فقد أدى الاستقطاب بالفعل إلى تقسيم المجتمعات من الولايات المتحدة إلى البرازيل وبولندا. ويشعر بعض الأميركيين الآن أن الأسئلة حول ما إذا كان يجب ارتداء قناع أو الحصول على لقاح أو الاعتراف بتغير المناخ من صنع الإنسان مسائل تتعلق بالهوية أو الولاء للحزب وليس العلم والفطرة السليمة.
وربما تؤدي إضافة مستوى جديد من التدخل الحكومي، بغض النظر عن مدى منطقيته، إلى اندلاع أعمال شغب تتضاءل بجانبها احتجاجات السترات الصفراء في فرنسا عام 2018. ومع ذلك، لا ينبغي أن يمنع ذلك بعض البلدان الشجاعة والمبتكرة من أن تصبح رائدة على هذا الصعيد.
وعليه، فإن المجتمعات المتماسكة ذات الثقة العالية نسبياً بين المواطنين، وبين المواطنين وحكوماتهم، هم المرشحون الواضحون. وهنا، يقفز إلى الذهن أسماء مثل نيوزيلندا أو آيسلندا وربما سنغافورة. وكما هو الحال مع معظم الخطوات الكبرى، يجب على شخص ما القيام بذلك أولاً – وهنا يكمن الجزء الأصعب.

الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.