يستحضر الجزائريون، اليوم، الذكرى ال67 لمعركة سوق أهراس الكبرى، التي اندلعت بوادي الشوك يوم 26 أفريل 1958، باعتبارها إحدى أعظم ملاحم جيش التحرير الوطني خلال ثورة التحرير المجيدة. معركة بحجم وطن تُعدّ معركة سوق أهراس واحدة من أكثر معارك الثورة الجزائرية شراسة، حيث امتزجت دماء المجاهدين الأبطال القادمين من مختلف ولايات الوطن في ساحة قتال امتدت على مساحة تفوق خمسين كيلومتراً مربعاً. وقد استمر القتال أسبوعاً كاملاً، واجه فيه المجاهدون ترسانة الاستعمار الفرنسي الثقيلة التي سخّرت الفيالق والمدفعية وسلاح الجو والمظليين. قافلة السلاح وميدان النار وبحسب الباحث في التاريخ، جمال ورتي، أستاذ جامعة "محمد الشريف مساعدية" بسوق أهراس، فقد اندلعت المعركة إثر رصد القوات الفرنسية لقافلة أسلحة انطلقت من سوق الأربعاء بتونس في محاولة لاختراق خط موريس المكهرب والوصول إلى المنطقة الشرقية للجزائر. تحركت القوات الاستعمارية بقوات ضخمة نحو أعالي جبل بوصالح بالزعرورية، قرب جبال وادي الشوك، لتتحول المنطقة إلى مسرح لواحدة من أضخم المعارك في حرب التحرير. وامتد القتال إلى مناطق حمام النبائل والدهوارة بقالمة. دماء الشهداء تكتب المجد رغم استشهاد 639 مجاهداً من خيرة أبناء الجزائر، إلا أن قوات جيش التحرير الوطني تمكنت من إلحاق خسائر فادحة بالعدو. وتمكن المجاهدون، مستفيدين من خبرتهم بالميدان الجغرافي، من تحييد سلاح الجو الفرنسي عبر تكتيك القتال المتلاحم. كما سقط خلال المعركة النقيب الفرنسي "بومون"، أحد أبرز ضباط سلاح المظليين. ونجحت الكتيبة التي ضمت الملازم آيت مهدي سي مقران في إيصال السلاح إلى الولاية الثالثة التاريخية. ترسانة استعمارية بلا جدوى سخرت فرنسا سبعة فيالق وكتيبة من اللفيف الأجنبي، بأكثر من أربعة آلاف جندي، مستخدمة أسلوب حرق الغابات للإنارة ليلاً وطائرات عمودية لإنزال المظليين. ورغم ذلك، اصطدمت بإرادة فولاذية لقوات جيش التحرير الوطني، التي تمكنت من الصمود والعبور. دروس في التضحية والوحدة الوطنية وأكد الأمين الولائي للمنظمة الوطنية للمجاهدين، العربي أوذاينية، أنّ معركة سوق أهراس الكبرى ستظل رمزاً خالداً لصمود المجاهدين وإرادتهم الصلبة، داعياً الشباب الجزائري إلى الاقتداء بتضحيات أولئك الأبطال. من جانبه، اعتبر المجاهد أحمد شوشان (88 سنة) أن المعركة كانت شاهدة على صمود أسطوري حول ضعف الإمكانيات إلى قوة إرادة لا تقهر، مضيفاً أنها شكّلت محطة مفصلية عززت مكانة الثورة الجزائرية على الصعيدين السياسي والعسكري عالمياً.