قال محمّد المأمون القاسميّ الحسنيّ، عميد جامع الجزائر؛ إنّنا في جامع الجزائر، ومن خلال مجلسه العلميّ، نحرص على الجمع بين المصداقية الشرعية، والخبرة والانضباط العلميّ. وبإمكان" الجامع " أن يحتضن ملتقيات علمية، تجمع علماء الشريعة وعلماء الفلك؛ ويسعى في غاياته إلى تقريب الآراء، وبلورة تصوّر يكون قاعدة لاجتهاد جماعيّ، في مشروع التقويم الهجريّ الموحّد، الذي نعقد عليه الآمال.. ذكر هذا خلال ندوة علميّة، حول موضوع: "التّقويم الهجريّ"، عقدت بالمركز الثقافي لجامع الجزائر؛ ونشّط فعالياتها أربعة باحثين، قدّموا عروضهم تمثلت في "التّقويم الإسلامي.. نشأته وعناصره وأنواعه"، "ويسألونك عن الأهلة"، "إثبات الشهور الهلالية ومشكلة التّوقيت الإسلاميّ"، "لما الشّك دائما؟". وأكد محمّد المأمون القاسميّ الحسنيّ يقول أن الحديث عن التقويم الهجري حديث عن آيات الله في الكون. حديث عن القمر الذي قدّره الله منازل، ليعلم الناس عدد السنين والحساب. حديث عن مواقيت الشعائر الدينية، التي فرضها الله على عباده: الصلاة، والزكاة، والصوم، والحجّ. فالتقويم الهجري ليس مجرّد تقويم زمني، بل هو وعاء شعائريّ وحضاريّ، يربط المسلم بزمانه، ويدخله فسيح صلب شعائره إنّها الهوّية، والوظيفة الرمزية وليس من السهل أن نفقد بوصلة التاريخ الهجري، ثمّ نرجوأن تبقى شعائر الدين مهيمنة على وجدان الأمّة، وأضاف يؤكد أنّ الزّمن في الإسلام قيمة وإنّ التاريخ الهجري ليس ترفا فقهيا، بل هومكوّن من الوحدة والسيادة الرمزية للأمّة. وحين نهمل التاريخ الهجريّ، فإنّنا نهمل جزءا من شخصيتنا وحين نحييه ونثبّته في الخطاب الديني، وفي مناهج الدراسة، وفي الإدارة ومؤسّسات الدولة، فإنّنا لا نعيد الاعتبار لهذا التاريخ، فقط، بل نعيد الوعي بمكاننا في هذا الزمن". وذكّر العميد، في كلمته الافتتاحية، بارتباطه الشخصي بموضوع التقويم الهجري، واهتمامه به، من خلال تجربته في بداية السبعينيات من القرن الماضي، صحبة الأستاذ مولود قاسم، رحمه الله، الذي أولى عناية كبرى لإبراز التاريخ الهجري؛ وسعى لاعتماد تقويم إسلاميّ موحّد، غايته توحيد أوائل الشهور العربية، ومن ثمّ توحيد الأعياد والمواسم الدينية؛ واعتبر ذلك من مظاهر وحدة الأمّة، التي ننشدها جميعا. وقد تحقّق مسعاه في أوّل مؤتمر لوزراء الشؤون الإسلامية والأوقاف، عقد في الكويت، خلال شهر يناير سنة ثلاث وسبعين، حضره فقهاء وخبراء في الفلك؛ وانتهى بقرار اعتمد تقويما يجمع بين العمل بالحساب في تحديد رؤية الهلال، وإمكانات رؤيته في العالم، وقاعدته: مكث الهلال في الأفق، بعد الاقتران، حيث يكون في درجة زاوية، لا تقلّ عن ثماني درجات. وشكّل المؤتمر لجنة من الدول الإسلامية التي بها مراصد فلكية، ومنها الجزائر، مهمّتها تقديم تقرير سنويّ، يحدّد أوائل الشهور القمرية، وفق القاعدة المعتمدة.