يعارض المحامي والنائب مصطفى بوشاشي مقترح تطبيق حكم الإعدام على قتلة الأطفال في الجزائر، مبررا ذلك أن القضاء الجزائري قد يقع في أخطاء لا يستطيع تصليحها مطلقا. حوار: مهدية أريور كما استبعد استدعاء العدالة لشكيب خليل المتهم في قضايا الفساد بسوناطراك وقال أن النيابة العامة "تحاكم الحوت الصغير فقط"، أما عن تعديل الدستور، فقد أوضح بوشاشي في مقابلة مع "الحياة" العربية" انه جاء في وقت غير ملائم ولا يخدم مصالح الشعب. -لجنة الشؤون القانونية بالبرلمان ناقشت مشروع مهنة المحاماة ما هي التفاصيل الواردة في المشروع وما هي النقاط المختلف فيها؟ اللجنة قٌدم لها مشروع قانون المحاماة وهي بصدد الاستماع إلى الأطراف والخبراء الذين يمكنهم تقديم توضيحات للجنة حول هذا المشروع ، و بما أني عضو في اللجنة التي ستدرس القانون أقول إن هذه الأخيرة سيدة في قراراتها وستعمل على أن يكون القانون لفائدة المهنة ويرمي إلى تكريس سيادة القانون بالدرجة الأولى . -هل تؤيد حكم الإعدام في حق قتلة الأطفال وهل تراه حلا لتطويق الجريمة ؟ كمحامي وكمناضل حقوقي أرفض تطبيق قانون الإعدام في الجزائر لعدة أسباب أراها كافية لإلغائه تماما، أولها الدراسات والتجارب التي خاضتها الدول في هذا الموضوع والتي توصلت إلى أن عقوبة الإعدام ليست وسيلة فعالة لردع الجريمة ومثال عن ذلك تجربة الاتحاد الأوروبي تؤكد ذلك، كما حدث أيضا في الولاياتالمتحدةالأمريكية وخصوصا ولاية تكساس المشهورة بتنفيذ حكم الإعدام في حق المجرمين، حيث نجم عنها تضاعف رهيب لمستوى الجريمة خصوصا بهذه الولاية بالرغم من أنها تطبقه على عكس ما يحدث في الولاياتالأمريكية الأخرى حيث يلاحظ فيها انخفاض نسبة الجريمة بصفة ملفتة والسبب يعود إلى إلغاء حكم الإعدام بها . والسبب الثاني وهو الأخطر لأن تنفيذ حكم الإعدام قد يجعل السلطة القضائية تقع في الأخطاء لا يمكن التراجع عنها بما أنها ليست سلطة مستقلة وتخضع لأهواء السلطات الأخرى وبالتالي لا يعول عليها بما أنها تخضع للنظام السياسي ولا يمكن لها أن تصدر حكما وتكون عادلة. وبما أن قطاع العدالة في الجزائر لا يملك الوسائل البشرية والمادية للقيام بتحقيقات علمية كافية بحيث نصل إلى الحقيقة الكاملة أو إلى المجرمين الحقيقيين، فقد يظلم أشخاص في قضايا لم يرتكبوها، وأنا كمحامي رافعت في قضايا متعلقة بالقتل والجرائم الكبرى وفي التحقيق لا تؤخذ ابسط الأشياء كالبصمات وتحاليل "adn" فلا يمكن الوصول إلى الجاني الحقيقي في جرائم من هذا الصنف دون تحقيق معمق . وهناك سبب آخر يمنع تنفيذ هذا الحكم في الجزائر بما أن الجزائر تنتمي إلى 140 دولة التي ألغت حكم الإعدام وقامت بالتصويت على تجميده بالجمعية العامة. كما أن تطبيق عقوبة الإعدام في التشريع الجزائري ذو طبعة سياسية حتى وصفه في القانون الجزائري هو الترهيب السياسي أكثر منه القضاء على الظاهرة الإجرامية . - هل تعتقدون أن العدالة ستستدعي المتورطين الحقيقيين في فضيحة سوناطراك ومن بينهم شكيب خليل خاصة وأن العدالة في مفترق الطرق وفي حالة تستدعي تبييض صورتها أمام الرأي العام ؟ إن قضايا الفساد التي انتشرت في الجزائر بشكل رهيب في العشر سنوات الماضية يتابع فيها الحوت الصغير دون الحوت الكبير، الذي هو في أمان وأنا أحمل مسؤولية ذلك للنيابة العامة.. وان قضية الخليفة خير مثال عن ذلك، وفي هذا السياق أثمن مجهودات الصحافة التي كشفت المستور وكتبت عن قضايا وقطاعات مختلفة انتشر فيها الفساد لكنني أستغرب سياسة النيابة العامة التي لا تحرك ساكنا أمام هذه الممارسات التي قد تؤدي بالشركة إلى الإفلاس. وفي الأخير أقول بأن جهاز القضاء لا يملك رهبة في متابعة المسؤولين الحقيقيين. -كيف تتابعون الحراك القائم الجنوب بمنطقة ألا تعتقدون أن هناك تقصير في حقهم ؟ كحقوقي وكمناضل في حزب جبهة القوى الاشتراكية انتقلت باستمرار إلى الجنوب الجزائري وتابعت الحراك القائم هناك مؤخرا ، واعتبر القضية رمزية وآخر اجتماع لنا مع الكتلة البرلمانية للحزب عقد في الجنوب وتوقفنا خلال الاجتماع عند الأحداث التي تعرفها الصحراء الجزائرية واهتمامنا بالأوضاع السائدة هناك ليس وليد الساعة واعتبرنا دائما بأن الجنوب وشباب الجنوب يحتاجون إلى تنمية حقيقية وبأن مطالبهم في العيش حياة كريمة مشروعة، كما أنني تنقلت شخصيا إلى تمنراست وورقلة والتقيت بالمواطنين هناك واستمعت إلى انشغالاتهم ووقفت على الإجحاف الذي يعيشه شبابنا هناك والواقع المعاش هناك يستدعي تنمية كبيرة في جميع القطاعات ويتعدى الحصول على عمل ومسكن فقط، وأطالب الحكومة بالإسراع في اتخاذ قرارات هامة وعليها أن تضع برامج تنمية شاملة لفائدة أبناء الجنوب حتى تخلق توازنا بين الشمال والجنوب . هل أنت مع تعديل الدستور وما هي التعديلات التي تتوقع إدراجها فيه ؟ التوقيت الذي جاء فيه تعديل الدستور لا أراه مناسبا، لأن الطريقة التي تقرر من خلالها تعديله لن تؤدي إلى أي إصلاحات، كما أن التغيير هذا لن يعبر على تطلعات الشعب وإنما هذا التعديل الذي سيمس الدستور سيكون تعبيرا عن توازنات داخل النظام السياسي لا غير، بالإضافة إلى أنه يرمي إلى تكريس النظام التسلطي واستمراره على رأس السلطة وتجربة ال15 سنة الماضية أثبتت أن وعود الإصلاح في كافة المجالات كالعدالة والتربية والإدارة خصوصا هذه الأخيرة والتي تعرف فسادا رهيبا على كل المستويات لم يظهر إلى حد الساعة، بالإضافة إلى أن المشاورات التي قامت بها الحكومة في هذا الصدد نجهل تماما مضمونها وما هي إلا سياسة لتمرير أطروحات النظام لإقامة إصلاحات لا نلمسها على أرض الواقع .