هذه المرة إبليس قرر أن يقوم بجولة شيطانية عبر كل الولايات والمدن، وقد كانت خنشلة أولى محطاته، اَسَرَ لي أنه لم يزرها منذ قرن ..فكانت الصاعقة، لم يعرف كيف يتصرف معها … كل التقارير كانت ترفع إليه عبر وكلائه، تقول إنها على أحسن ما يرام، ولكن لما وقف على حالها المأساوي تفاجأ كثيرا، هذه الولاية التاريخية من المفروض أن تكون جوهرة الجزائر لنضالها الكبير ولدورها وتضحياتها في سبيل الاستقلال، أصبحت "دوارا كبيرا" … طرقاتها مهترئة، التنمية غائبة، علامات الغبن تبدو على محيا سكانها … هنا قاطعته، وقلت، "يا لعين لن أصدقك … لن يكون حالها بهذا السوء" … ضحك إبليس، وقال: بإمكانك أن تزورها وترى بأم عينك، لقد زرت بلدياتها ودوائرها من أولاد رشاش، إلى بوحمامة، إلى ششار وعين طويلة، تازكاغت، كلها تتشابه في البؤس والحرمان … وأني سررت بزيارة المطار والسكة الحديدية التي كانت شغالة إبان الاستعمار… ولكنها اختفت اليوم ولم يعد لها وجود، قلت له "لن أصدقك هذه المرة، هل تقول أن المدينة جردت من المطار والسكة الحديدية بعد الاستقلال ؟؟؟ " أجابني يا سي عموري… لماذا لا تريد أن تصدقني، اسمع هذه، لقد أمرت أعواني بزرع الفتنة بين السكان، بتذكيرهم بالعروشية التي دائما تفرقهم، وبهذا انتقمت لنفسي ممن تسبب في إطلاق أول رصاصة معلنا بداية الثورة.